عندما قال النَّبي صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّم فِي أُسَارَى بَدْرٍ : (( لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتنى ، لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ ) ، فهو صلى الله عليه وسلم يقول ذلك عن المطعم بن عدي ، وهو مشرك ، مات على عبادة الأصنام ، لكنه كان رجلا ذا خلق كريم : فهو (صلى الله عليه وسلم) يشيد بذلك بناء عاليا للأخلاق ، يبين فيه أن صاحب الأخلاق الكريمة يستحق احت...رامه وتقديره وقبول شفاعته في أمر جليل (وهو فكاك أسرى الحرب) ، لأخلاقه الكريمه ، رغم كونه كافرا مشركا !!
وهذا يعني أن صاحب الخلق اللئيم ، ولو كان مسلما ، فليس مسلم الأخلاق ، ولربما رُدت شفاعته ؛ للؤم خلقه . بخلاف المشرك ذي الأخلاق الكريمة ، كالمطعم بن عدي ، فضلا عن المسلم الموحد المبتدع ذي الأخلاق الكريمة ؟!!
وكما تناقل الناس كلمة القائل عن بلاد المسلمين : رأيت مسلمين ولم أر إسلاما ، فربما رأينا أهل سنة في عموم عقائدهم ، ولكن أخلاقهم ليست أخلاق أهل السنة !!
رأيت مسلمين ولم أر إسلاما ، رأيت أهل السنة ولم أر السنة ، رأيت شيعة ولم أر تشيعا صادقا ، رأيت سلفيين ولم أر السلفية ، رأيت صوفيين ولم أر التصوف ، رأيت متكلمين ولم أسمع كلاما ، رأيت علماء ولم أر علما ، رأيت مفتين ولم أر فتوى ، رأيت شبابا ولم أر همة الشباب ، رأيت حجابا ولم أر مناضلات عن الحجاب ، رأيت دعاة فضيلة ولم أر الفضيلة ، رأيت شعراء وأدباء ولم أر شعرا ولا أدبا ، رأيت أمراء للمؤمنين لكني لم أر... عمر بن عبدالعزيز ، ولن أقول : عمر بن الخطاب ، رأيت وزراء لكني لم أر رجاء بن حيوة ، رأيت قادة عسكريين لكني لم أر المهلب أو قتيبة ، ولن أقول خالد بن الوليد . رأيت دولا ولم أر فيها وطنا .....
لا شك أن مثل هذه العبارات المتشائمة ، ليس المقصود بها التعميم ، ولا إشاعة روح اليأس ، ولكن المراد منها بيان أن تردي حال الأمة يرجع لأسباب عديدة من وجوه الضعف الشديد والتخلف البعيد والتقصير الكبير ، منها ما تذكره هذه العبارات وأمثالها