احتفالات العراق بوفاة الخميني.. يا أمة ضحكت من نفاقها وهوانها الأمم..! - صور
2012-06-05 :: داود البصري ::

في موسم الانهيار والتداعي العراقي, وفي زمن الحرامية واللصوص من مختلف الاحكام والأشكال والألوان, وفي عصر الفتنة الطائفية والتخلف الفكري وسيادة أهل الشهادات المزورة من رجال الأحزاب الطائفية العميلة, لم يعد غريبا ولا مفاجئا أن نرى العجب العجاب, وأن تكون الخيانة الوطنية والقومية مجالا للفخر والادعاء, وأن يتحول العراق العربي المعبر عن الأصالة الفكرية والحضارية والقومية للأمة العربية لمعبر ومنفذ مهم من معابر ومنافذ الفكر الصفوي الصهيوني العنصري المتخلف, وأن يتم الاحتفال العلني الفاضح برموز وقيادات وأسماء غريبة بالكامل عن التراث الكفاحي والنضالي للشعب العراقي بعد أن تحولت الدولة العراقية للأسف بكل مفاصلها لملحق تافه لبيت الولي الايراني الفقيه.
ففي عز أزمة الوجود الوطني العراقي وحيث يشتهر سيف التقسيم والتشظي والفناء العراقي بيد زمرة من العملاء والمتخلفين الذين سمحت لهم الظروف الدولية المريضة بالظهور والتعملق بعد تقزم تاريخي مشهود, شهدنا تسابقا غريبا ومحموما ومريضا بين الأحزاب الطائفية السائدة في العراق بنهجها الصفوي الحاقد وروحها الشعوبية المريضة وبدلالة أفكارها المتخلفة والرجعية والعدمية بالاحتفال بذكرى وفاة الزعيم الايراني الراحل ومؤسس جمهورية الولي الفقيه الاستبدادي الخميني, فحزب »الدعوة« الحاكم, وهو حزب ايراني النشأة والولاء وبريطاني الدعم والمساندة, قد أقام احتفالات كبيرة بهذه المناسبة في مدينة النجف مع التبرع باطلاق تصريحات حول الدور القيادي التاريخي الكبير للخميني صدرت من عدد من قيادات ذلك الحزب التافه الذي حولته ظروف مابعد الاحتلالين الأميركي والايراني للعراق لحزب قائد ورائد رغم تهافته!
وكذلك فعل »حزب المجلس الأعلى للثورة الايرانية في العراق« »جماعة الحكيم« وأقام سرادقه الاحتفالية بتلك المناسبة, وغني عن الذكر بأن المجلس منذ بدايته وحتى اليوم هو مؤسسة ايرانية مرتبطة بمجلس الوزراء الايراني ومع ذلك فهو يشارك في حكم العراق! وتلك وأيم الله ظاهرة لايوجد مايشابهها في العالم بأسره!
ولعل التسابق الأحمق في تمجيد زعيم غريب عن العراقيين ولايمت لهم بصلة ولايتحدث بلغتهم, بل كان جزءا لايتجزأ من المأساة الكبرى التي أحاقت بهم خلال ثمانينات القرن الماضي هي واحدة من أبشع ظواهر المتناقضات في الحياة السياسية العراقية, كما أنها مؤشر خطر لحالة الاندثار الوطني العراقية وللموقف السلبي والعدمي لقطاع كبير من العراقيين, وهم يشاركون في تزييف وسرقة وتحريف التراث النضالي والكفاحي للشعب العراقي ويمكنون حفنة من العملاء والمندسين والطائفيين وأهل المشروع الصفوي من التحكم في رقابهم وقيادتهم على شكل قطيع نحو نهايات مؤسفة.
لا أدري لماذا تصمت غالبية الشعب العراقي وتشارك في تمجيد زعيم لدولة مجاورة لم يرد الجميل للشعب الذي احتضنه وحماه طيلة أربعة عشر عاما من اللجوء والهرب من نظام الشاه الراحل فكان رد الجميل للعراقيين هو اطلاق مدافع آيات الله التي هدمت المدن العراقية وزرعت الموت والخراب في حياة العراقيين, وساهمت في تقتيل آلاف الشباب العراقي على جبهات الموت الذي تحول لحالة عبثية مأساوية بعد اصرار الخميني بعد انسحاب الجيش العراقي من الأراضي الايرانية عام 1982 على استكمال الحرب وعدم التوقف حتى »فتح كربلاء« واقامة الجمهورية الاسلامية في العراق! وهي المهمة التي لم يستطع الخميني تحقيقها الا بعد رحيله بأربعة عشر عاما وعن طريق »الشيطان الأكبر« أي الولايات المتحدة، التي غيرت قواعد اللعبة وحيث ازاحت أحذية »المارينز« الثقيلة الغبار عن مجاميع التافهين والتنابلة من عملاء النظام الايراني القدماء المهزومين وتسليمهم السلطة في العراق, وحيث يشارك الأميركيون والايرانيون في ادارة اللعبة السياسية المريضة في العراق في واحدة من أكبر سخريات التاريخ..!
لا أدري حقيقة كيف يرضى الضمير الوطني العراقي تغييب العقل وتخليد ذكرى زعيم ايراني قومي متعصب ساهم في تقتيل العراقيين وتحطيم حياتهم »وركب رأسه« من أجل استمرار حرب عبثية دامت بعد الانسحاب العراقي لأكثر من ستة أعوام كلفت العراقيين والايرانيين وشعوب المنطقة الشيء الكثير وانتهت بتجرعه لكأس السم كما قال لتابعه رفسنجاني وهو يوافق على قرار وقف اطلاق النار 598 لعام 1988 ؟!
أي مهزلة تلك التي يعيشها الشعب العراقي والتي جعلت من جماهير العراق مجرد نعاج في خدمة ذكرى زعيم قومي ايراني لم يعرف يوما باحترامه للشعب الذي حماه وضمه بين ذراعيه ليرد الجميل بالقذائف وحمم الموت ومشاريع جاهزة للتخريب والدمار. مؤسفة للغاية حال العراقيين والأكثر أسفا منها موقف الجماعات السياسية العراقية الغريب والمنافق والذي يؤشر على البداية الحقيقية لاندثار العراق... فيا أمة ضحكت من نفاقها وهوانها الأمم.. ولاحول ولاقوة الا بالله... !!