الرد على اسامة العتيبي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الرد على اسامة العتيبي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-06-19, 09:16   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
adnan17
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










B11 الرد على اسامة العتيبي

الرد على اسامة العتيبي أبي عبد الله مسعود
بسم الله الرحمن الرحيم




إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذه رسالة أكتبها إلى كل عاقل من السلفيين، اختلط دمه وعظمه ولحمه بالكتاب والسنة على منهج السلف الصالح.
أكتبها إلى كل عاقل يؤمن بأن العصمة إنما هي في الكتاب والسنة وليس في أقوال الرجال.
أكتبها إلى كل عاقل يعلم أن المولاة والمعاداة على الخطأ من صفات أهل البدع والأهواء لا من صفات أهل السنة والجماعة.
أكتبها إلى كل عاقل يعتقد أن التسليم للعالم في كل شيء هو من جنس قول الصوفية كن بين يدي العالم كالميت بين يدي مغسله.
كتبت هذه الرسالة بعد سماعي لذالكم الشريط الذي قام فيه السائل وهو عضو في فرع جمعية آفاق، بسؤال طالب علم ــ ولعلي بوصفي له بذلك أكون مبالغا ــ اسمه أسامة العتيبي الذي لم يُعرف بالعلم، وإنما عُرف بالوقيعة في العلماء وطلاب العلم، فسُئل هذا الأخير عن رسالة كتبتها حوت كلام إمام من أئمة أهل السنة في الزمن الحاضر ألا وهو الشيخ الألباني رحمه الله تعالى، في مسائل عدة منهجية، خالف فيها الشيخ ربيعا، لأجل أن يتأنى طلاب العلم، والمقلدة الذين لم يعرفوا ما قاله الشيخ الألباني في الحكم على المخالف، فسمعت ما لا ينبغي أن يَصدر من العامة فضلا عن من هو محسوب على أهل السنة.
ففي هذه الرسالة التي سميتها: إلى كل عاقل، بيان لما حواه ذالكم الشريط من الباطل، ولم أُبيِّن كل شئ، وقد اجتهدت قدر المستطاع في أن أبتعد عن الكلام الذي لا يليق، لأن الغاية هي تبليغ الحق.
والآن مع البيان:
يقول السائل: " قد وضعوا لها إعلانا في منتدى كلِّ السلفيين وفرحوا بها ".
قلت: لم أضع الإعلان، بل وضعه غيري، وهل هذا دليل على الباطل، أم أن الرجال يعرفون بالحق؟!!
قال السائل: " الرجل عندنا يتظاهر بالسلفية من قديم، وكان يطعن خفية في الشيخ ربيع، بارك الله فيكم، لما واجهناه، قال لا أطعن، عدّة مرات واجهه بعض الإخوة، واليوم يكتبها ببنانه".
أقول: قال عليه الصلاة والسلام : "رأيت الليلة رجلين أتياني قالا لي الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب الكذبة تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة" أخرجه البخاري من حديث سمرة بن جندب ( رقم 5745 ) يا أيها السائل: تحكم عليّ بأني أتظاهر بالسلفية من قديم، ألا تتقي الله تعالى في نفسك، فإنك محاسب ومقبل على الله تعالى، من الذي كان يناقش الإخوان من المرحلة الثانوية ألم أبين حال محمد الغزالي وأناقش الأستاذ حول الأشعرية، وفي الجامعة أيضا ؟ ألم أكن أناقش الأساتذة في ما يخالف منهج السلف حتى يسكت بعضهم وقد كُنتَ أنت ممن يَلتزم الصمت في ذلك الوقت، ألم أتكلم في مسجد الحي الجامعي بالقبة الذي كان الإخوان المسلمون هم القائمون عليه، وكنتُ أول من فعل ذلك، وأول من تكلم في مسجدهم على الملأ في سيد قطب، حتى هُددت في ذلك الزمن واسأل جمال الشلفي عن ذلك، بل وإخواننا جميعا ممن كانوا معنا، أمَّا أنت فكنت تتنقل بين الغرف لشرب القهوة. يا أيها السائل اتق الله وكن مع الصادقين.
أما قولك جالسناه، متى كان ذلك يا أيها السائل؟ أنا لم ألتق معك منذ مدة، تتجاوز السنة. " { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }[ الشُّعَراء : 227 ]"
أما قولك " قال لا أطعن، عدّة مرات واجهه بعض الإخوة، واليوم يكتبها ببنانه" نعم قلت أنا لا أطعن، وإلى اليوم أقول لا أطعن، وإذا كانت عندك التخطئة تساوي الطعن، فأقول إذًا عليك أن تبكيَ على السنين التي قضيتها في الجامعة، وسيأتي زيادة بيان إن شاء الله.
قال السائل:" كتب مقدمة سيِّئة جدا، والخاتمة أسوأ، وباقي الرسالة أظن لا حاجة لنا بأن نذكر ما بداخل الرسالة".
قلت: يا أيها السائل لماذا لا يهمُّك ما بداخل الرسالة، هل معنى ذلك أنه لا يهمُّك أن تعرف الحق، ولا حاجة لك به، وإنما همُّك البحث عن السقطات؟!!!
اعلم أن المقدمة لم تُكتب إلا بعد كتابة المضمون، إذ هي أول ما يقرأ وآخر ما يكتب، وكذلك الخاتمة، فالمضمون هو الذي ساعد على كتابة المقدمة وكذلك الخاتمة، فلو كنتَ ممن يحب معرفة الحق لبيَّنت ما في المضمون من الباطل حينها ستسقط المقدمة، وتسقط أيضا الخاتمة.
ثم أقول لك ولغيرك أنا على استعداد على حذف المقدمة وكذلك الخاتمة، بشرط أن تقرؤوا المضمون وأن تبينوا الحق بدليله.
ولما واجهتُ بعضهم بهذا القول، سكت، فقلت له: هل تقرؤها إذاً ؟ فقال لي لا أقرؤها، فعلمت أن الهوى هو المسيِّر لهم لا العلم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال أسامة العتيبي: ( بعد أن ذكر مجمل ما تُعالجه الرسالة قال ): " وهذا الكلام الذي ذكره هذا الشخص يدل على أنه رجل سوء، ويدل على أنه إنسان لم يعرف منهج السلف، ولم يعرف حقيقة منهج سيد قطب، ولا عرف حقا منهج الأيمة العلماء الذين ذكرهم"
قلت: لماذا يدل على أنه رجل سوء ؟ ألأنه خالفك وبيّن أن هناك خلافا في كثير من القضايا بين أئمة أهل السنة؟
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم
أما كوني قد لا أعرف منهج السلف، وقد لا أعرف حقيقة منهج سيد قطب، فهذا لا يعاب به المرء لأنه ما من عالم، فضلا عن طالب علم إلا وتخفى عليه أمور، وقد قال الشيخ مقبل رحمه الله عن نفسه: أجهل وأعلم، أصيب وأخطئ، وهكذا غيره، لكن المشكلة هي في من يتكلم في ما لا يعلم، وأنا والحمد لله تكلمت بعلم، ومن ادعى غير ذلك فعليه بالبرهان.
أما قوله: "ولا عرف حقا منهج الأئمة العلماء الذين ذكرهم"، والجواب عن هذا من وجهين:
الوجه الأول: هب أني لا أعرف ذلك، فقد ذكرت لك كلاما منقولا بحروفه، وكما قال عليه السلام: "رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" أخرجه أحمد وغيره وهو في الصحيحة برقم (404) وأطلب منك البيان والشرح بشرط أن لا تقع في البتر، كما فعلت في مسألة قراءة كتب أهل البدع، وأن لا تحمِّل الكلام ما لا يحتمل كما فعلت في مسألة خبر الآحاد.
والوجه الثاني: إن كنتُ لا أُدرك منهج العلماء الذين ذكرتهم، فهل كذلك طلابهم وتلاميذهم لا يدركون ذلك؟! ولو لم أجد إلا كلام الشيخ عبد المحسن العباد لكفى، إذ هو عالم ويعرف ما كان عليه ابن باز، والشيخ ربيع من تلاميذه، ومع ذلك فقد بيّن أن ابن باز لم يكن على طريقة الشيخ ربيع، وهكذا طلاب الشيخ الألباني قالوا إن الشيخ الألباني لم يكن هكذا، وما ذكرته في الرسالة كاف لكل عاقل، وهكذا طلاب الشيخ ابن عثيمين قالوا بالاختلاف.
يقول الشيخ عبد المحسن العباد في رسالته ومرة أخرى رفقا أهل السنة بأهل السنة (ص4، 5): "ولكن من المؤسف ـــ بعد وفاة الشيخين ـــ [ أي ابن باز والعثيمين ] اتّجه بعض هذه الفئة إلى النيل من بعض إخوانهم من أهل السنة، الدّاعين إلى التمسك بما كان عليه سلف الأمة من داخل البلاد وخارجها.
وكان من حقهم عليهم أن يقبلوا إحسانهم ويشدوا أُزرهم عليه، ويسدِّدوهم فيما حصل منهم من خطأ ـــ إذا ثبت أنه خطأ! ــ ثم لا يَشغلون أنفسهم بعمارة مجالسهم بذكرهم! والتحذير منهم! بل يشتغلون بالعلم ـــ اطِّلاعا وتعليما ودعوة ـــ وهذا هو المنهج القويم للصلاح والإصلاح الذي كان عليه شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز ــــ إمام أهل السنة والجماعة في هذا العصر ـــ رحمه الله ــــ "
ويقول حفظه الله في رسالته الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع وبيان خطرها (4/262) المطبوعة في كتب ورسائل عبد المحسن بن حمد العباد البدر: " إنَّ منهج الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ يختلف عن منهج التلميذ الجارح ومَن يشبهه؛ لأنَّ منهج الشيخ يتَّسم بالرِّفق واللِّين والحرص على استفادة المنصوح والأخذ بيده إلى طريق السلامة، وأمَّا الجارحُ ومَن يشبهه فيتَّسمُ بالشدَّة والتنفير والتحذير، وكثيرون مِن الذين جرحهم في أشرطته كان يُثني عليهم الشيخ عبد العزيز ويدعو لهم ويحثُّهم على الدعوة وتعليم الناس، ويَحثُّ على الاستفادة منهم والأخذ عنهم".
وقال حفظه الله (4/262 ،263): متعقبا قول بعضهم: "وأنا في الحقيقة قد قرأتُ الرسالةَ [ أي رفقا أهل السنة بأهل السنة للشيخ العباد ]، وعرفت موقفَ أهل السنَّة منها، ولعلَّكم رأيتم الردودَ من بعض العلماء والمشايخ، وما أظنُّ الردودَ تقف عند ذلك، إنَّما هناك مَن سَيَرُدُّ أيضاً " فقال الشيخ عبد المحسن: " فالجواب: أنَّ أهل السنَّة الذين عناهم هم الذين يختلف منهجهم عن منهج الشيخ عبد العزيز ـ رحمه الله ـ الذي أشرتُ إليه قريباً، وهو بهذا الكلام يستنهض هِمَمَ مَن لم يعرفهم للنيل من الرسالة بعد أن استنهض هِمَم مَن يعرفهم، وأنا في الحقيقة لَم أعرض رمحاً، وإنَّما عرضتُ نصحاً لم يقبله الجارحُ ومَن يشبهه؛ لأنَّ النصحَ للمنصوح يشبه الدواءَ للمريض، ومن المرضى مَن يستعمل الدواء وإن كان مُرًّا؛ لِمَا يُؤَمِّله من فائدة، ومن المنصوحين من يصدُّه الهوى عن النصح لا يقبله، بل ويُحذِّر منه، وأسأل الله للجميع التوفيق والهدايةَ والسلامةَ من كيد الشيطان ومكره ".
قال أسامة: "ومن يطالع هذه الرسالة ، وما عنون به من عناوين، جانبية وهي أمامي الآن، يدرك أن الرجل متخبط، ولا يفرق بين الكلام العام، وبين الكلام الخاص، وبين المسائل التي زل فيها العالم، والتي تراجع عن تللك الزلة".
قلت: قولك "ولا يفرق بين الكلام العام، وبين الكلام الخاص"، اعلم يا أسامة أن الشيخ ربيعا يرى أن حمل العام على الخاص خاص بالكتاب والسنة، وأن كلام العلماء لا تجري عليهم هذه القاعدة، كما ذكرت ذلك في الرسالة، فهل نفهم من كلامك هذا أنك قد تراجعت عن قاعدة الشيخ ربيع؟! وأرجو أن يكون الجواب بالإيجاب، فإن كان كذلك فأنت واحد ممن يخالف الشيخ ربيعا، فلماذا أُلام إذًا وقد ذكرت من يخالفه من كبار العلماء في العصر الحاضر؟!!
وإن كنت تصحح قاعدة الشيخ ربيع وتراها هي الحق وغيرها باطل، فلماذا تستدل بالباطل اليوم، أم أن هذه هي عادتك وسيرتك؟!!
وقولك: "وبين المسائل التي زل فيها العالم، والتي تراجع عن تللك الزلة" وهذا من الكلام المجمل، فلم تذكر ولا مسألة واحدة تَراجَع عنها كلٍّ من العالمين.
قال أسامة: "والشيخ الألباني رحمه الله تعالى بنفسه، يبين كذب هذا الشخص وضلاله، فإن شيخنا الألباني رحمه الله تعالى قد زكى الشيخ ربيعا، وبيّن رحمه الله تعالى أنه يسير على نفس الشق الذي يسير عليه الشيخ ربيع، كلاهما يسيران على شق واحد، وبين رحمه الله تعالى أن الشيخ ربيعا معه العلم ومعه الحجة ومعه البرهان، وأن الذين يردون عليه ليس معهم العلم، وذكر أن معارضي الشيخ ربيعا أحد رجلين إما جاهل فيعلم، وإما صاحب هوى فمرة قال نعوذ بالله من شره، ومرة قال فنسأل الله عز وجل أن يقصم ظهره".
قلت: اعلم يا أسامة، أن التزكية لا تعني العصمة، وأن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، ومع ذلك فأقول ما قاله الشيخ عبد المحسن العباد في رسالة الحث (4/258 ، 259): "ولو ساغ امتحان الناس بشخص في هذا الزمان لمعرفة مَن يكون من أهل السنَّة أو غيرهم بهذا الامتحان، لكان الأحقَّ والأولى بذلك شيخ الإسلام ومفتي الدنيا وإمام أهل السنَّة في زمانه شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المتوفى في 27 من شهر المحرم عام 1420هـ، رحمه الله وغفر له وأجزل له المثوبة، الذي عرفه الخاصُّ والعام بسعة علمه وكثرة نفعه وصدقه ورِفقه وشفقته وحرصه على هداية الناس وتسديدهم، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً؛ فقد كان ذا منهج فذٍّ في الدعوة إلى الله وتعليم الناس الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، يتَّسم بالرِّفق واللِّين في نصحه وردوده الكثيرة على غيره، منهج سديد يقوِّم أهلَ السنَّة ولا يُقاومهم، وينهض بهم ولا يُناهضهم، ويَسْمو بهم ولا يسِمُهم، منهج يجمع ولا يُفرِّق، ويلمُّ ولا يمزِّق، ويُسدِّد ولا يبدد، ويُيسِّر ولا يُعسِّر، وما أحوج المشتغلين بالعلم وطلبته إلى سلوك هذا المسلك القويم والمنهج العظيم؛ لِمَا فيه من جلب الخير للمسلمين ودفع الضَّرر عنهم.
والواجب على الأتباع والمتبوعين الذين وقعوا في ذلك الامتحان أن يتخلَّصوا من هذا المسلك الذي فرَّق أهلَ السنَّة وعادى بعضُهم بعضاً بسببه، وذلك بأن يترك الأتباعُ الامتحان وكلَّ ما يترتَّب عليه من بُغض وهجر وتقاطع، وأن يكونوا إخوةً متآلفين متعاونين على البرِّ والتقوى، وأن يتبرَّأ المتبوعون من هذه الطريقة التي توبعوا عليها، ويُعلنوا براءتَهم منها ومِن عمل مَن يقع فيها، وبذلك يسلم الأتباع من هذا البلاء والمتبوعون من تبعة التسبُّب بهذا الامتحان وما يترتَّبُ عليه من أضرار تعود عليهم وعلى غيرهم".
والجواب عن أسامة يكون من أوجه:
الوجه الأول: أن المسائل التي وقع فيها الخلاف كانت بعد وفاة الألباني، ولم أجد عاقلا فضلا عن طالب علم أو عالم ينسب لميت ما حدث بعد موته، ويقول عنه أن يرضاه ويقرّه.
الوجه الثاني: ما ذكرتُه عن الألباني رحمه الله يُبيِّن أن منهج الشيخ ربيع الأخير قد خالف فيه الألباني، والدليل ما ذكرته في الرسالة من جهة، ومن جهة أخرى ما قاله الشيخ عبد المحسن العباد نفسه عن كتابات الشيخ ربيع القديمة فقد وصفها بالعلم أيضا، لكن ذكر أن الكتابات الأخيرة هي بعيدة عن ذلك، ولم ينصح بها، فحال الشيخ الألباني مع الشيخ ربيع كحال الشيخ العباد مع الشيخ ربيع.
قال الشيخ عبد المحسن العباد في نصيحته للشيخ ربيع كما في رسالته رفقا أهل السنة بأهل السنة ( 6/287 ، 288 ): " سبق أن سمعت منكم قديما كلمة، وهي أنكم انشغلتم عن الاشتغال بالقرآن وتدبُّر معانيه بالاشتغال بالحديث ورجاله، وأقول: أنتم الآن اشتغلتم عن القرآن والحديث بالكلام في بعض أهل السنة وغيرهم، مما شغلكم عن الاشتغال بعلم الكتاب والسنة، فقلّ إنتاجكم العلمي في الآونة الأخيرة نتيجة لذلك، ولا شك أن مقاومة من ليسوا من أهل السنة ومن يحصل منهم إثارة الفتن والتقليل من شأن العلماء بزعم عدم فقههم للواقع هو في محله، ولكن الذي ليس في محله الاتجاه إلى تتبع أخطاء من هم من أهل السنة والنيل منهم لعدم موافقتهم لكم في بعض الآراء، فمثل هؤلاء لا ينبغي كثرة الاشتغال بها وتكرارها وجعلها حديث المجالس، ثم عند المناقشة فيها يحصل منكم الغضب وارتفاع الصوت، فإن ذلك ـــ بالإضافة إلى ما فيه من محذور ـ فيه تأثير على صحتكم ".
الوجه الثالث: أذكرك يا أسامة بقاعدة من قواعد أهل السنة وهي: أن أهل السنة يقولون ما لهم وما عليهم، أما أهل البدع فلا يقولون إلا ما لهم، لماذا لم تذكر ما انتقده الشيخ الألباني على الشيخ ربيع من كتب؟ هذا ينافي أدب العلم، وخلق أهل السنة، ولقد أحسن من قال:
فإن كنت تدرى فتلك مصيبة وإن كنت لا تدرى فالمصيبة أعظم
وإليك البيان: من جملة الكتب التي انتقدها الشيخ الألباني على الشيخ ربيع، كتاب "صد عدوان الملحدين وحكم الاستعانة على قتالهم بغير المسلمين " ، فقد انتقد الرسالة في السلسلة الضعيفة، وكذلك في بعض أشرطته.
والكتاب الثاني: الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، فقد انتقد الألباني رحمه الله الآثار المترتبة على ذلك، فقال رحمه الله في سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الأول القسم الثاني ص 932: "وأما ما أثاره بعض إخواننا الدعاة من التفريق بين الطائفة المنصورة والفرقة الناجية فهو رأي له، لا أراه بعيدا عن الصواب... -إلى أن قال-... فبين الطائفة والفرقة عموم وخصوص ظاهران، ولكني مع ذلك لا أرى كبير فائدة من الأخذ والرد في هذه القضية حرصا على الدعوة ووحدة الكلمة " كما ذكرت ذلك في الرسالة.
فهاهو الألباني نفسه ينتقد بعض كتابات الشيخ ربيع، فلما الحيف والظلم؟!!!
الوجه الرابع: اعلم يا أسامة أن الشيخ الألباني رحمه الله تعالى أثنى على الكتب التي يَرد فيها الشيخ ربيع على أهل الأهواء والبدع، أما الكتب التي يرد فيها على أهل السنة فلم أجد في كلام الشيخ الألباني ما يدل على ذلك، و لا أظنك تجد ذلك أيضا.
قال أسامة: "الواقع بلسان الشيخ الألباني خلاف ما قاله هذا الكاذب".
قلت: سيدرك القارئ المنصف والباحث عن الحق، من هو الأولى بهذا الحكم.
قال أسامة: "ولا يبعد أن يكون الرجل من الإخوان المفلسين الذين تستروا بلباس السلفية".
أقول قد تقدم ما يبين وهاء هذه الظنون، نسأل الله أن يميتنا على منهج الصحابة، آمين. لكن عليك أن تنصح السائل الذي يعمل تحت جمعية لا تحمل شعار أهل السنة، بل شعارها يخالف منهج أهل السنة والجماعة.
ثم إن إطلاق مثل هذه الألقاب على أهل السنة هي من باب التنفير، وهذا منهج الإخوان المسلمين، فإذا أرادوا أن يشوِّهوا ما عليه أهل السنة من الحق، نبزوهم بتلك الألقاب، لكن { وَاللَّهُ مِن وَرَآئِهِم مُّحِيطُ }[ البُرُوج : 20 ].
وقال أسامة: "ما هي السلفية التي كانت تنتشر في الجزائر في هذا الوقت؟ (ثم ذكر سلفية ابن حاج ثم قال) أنتم أضبط للتاريخ في قصة الجزائر".
قلت: ما دمت لا تعرف، فلِماذا تتكلم عن واقع أنت لم تُعايشه، ولم تعرفه ؟ لكنّه كما قال عليه السلام: "إذا لم تستحي فاصنع ما شئت" أخرجه البخاري ( 3296)، اعلم يا أسامة أني قلت في أواخر التسعينات، أي بعد سنة 1997، كان فيه انتشار للسلفية، خاصة بعد أن بيّن الشيخ الألباني المفاسد المنجرة على الخروج على الحكام، ونصح من كان في الجبال بالنزول، وكذلك فعل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى، فليس في هذا الوقت نشاط لا لعلي بن حاج ولا لعباس مدني.
قال أسامة : "والذين كانوا يوجِّهون هذه السلفية ويصححون مسارها هم العلماء وعلى رأسهم الشيخ ربيع. هو له الأثر البالغ في السلفية بالجزائر في تعديل المسار وتصحيح الحال، وعلى نفس الطريقة الألباني".
قلت: بل الذي كان على رأسها هو الشيخ الألباني رحمه الله، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى، وأهل الجزائر مدينون لهم بذلك، ولم يُعرف الشيخ ربيع عند الجزائريين إلا بسبب تزكية الشيخ الألباني له، أما الشيخ الألباني فزكاه علمه عندهم.
قال أسامة: " هو يقول: 2002 وفيه مغالطة لأن هناك من قبل 2002 كان لعدنان عرعور دور الفساد".
قلت: ليتك تسكت عما لا تعلم، فقد فضحت نفسك، وعلى نفسها جنت براقش، فإن عدنان عرعور جاء إلى الجزائر في سنة 1991، أو 1992، ولم يكن له نشاط يُذكر في الجزائر في السنوات الأخيرة، ولم يفتتن به الجزائريون، ولا حدثت فتنة في صفوف أهل السنة بسببه، واسأل أهل الجزائر فهم أهل البيت وأدرى بما فيه.
قال أسامة: "ثم استبان للشيخ الألباني حال هذا الرجل الكذاب المتلاعب".
قلت: أين ذكر ذلك الألباني رحمه الله ؟ ولعلك سألته بعد موته فأجابك!!! وإلى الله المشتكي، على كلٍّ أحيل القارئ الكريم على أشرطة الشيخ الألباني رحمه الله ليعلم الحق، فما عليك أخي إلا أن تبحث في برنامج أهل الحديث، وتكتب عدنان، أو عرعور، واسمع بماذا يجيب الألباني رحمه الله.
قال أسامة: "قوله: إن أول فتنة هي فتنة الشيخ ربيع مع أبي الحسن هذا كذب، هذا افتراء بل هناك فتنة عبد الرحمن عبد الخالق، وقبلها فتنة بلحاج،.."
قلت: أنا أتكلم عن الجزائر، ولا أتكلم عن الكويت يا مسكين، ليس في ذلك الزمن الذي ذكرته فتنة بين السَّلفيين في الجزائر بسبب عبد الرحمن عبد الخالق، ولا بسبب علي بن حاج فافهم، وكن مع الصادقين.
قال أسامة: "وتسمية الفتنة بأنها فتنة الشيخ ربيع هذا من الباطل والزور، بل هي فتنة المأربي".
قلت: من الذي قام بالتحذير أولا ؟ أليس الشيخ ربيع، فكيف أنسب الفتنة لمن فُتن، ولا أنسبها لمن فَتن، ثم إذا تدبرت في ما مضى وما في الحاضر ولا أظنك تفعل، ستجد أن الشيخ ربيعا هو من يقوم بالجرح أولا، ثم يُلزم غيره بمتابعته ثانيا، وإلا كان المخالف عنده ليس بسلفي، لقد جرح عدنان ثم جرح المغراوي ثم أبا الحسن، ثم فالحا الحربي ثم الحجوري ثم الحلبي والقائمة مفتوحة، ففي كل مرة نجد أن هناك طرفا واحدا، ألا وهو الشيخ ربيع، فلمن تنسب الفتنة إذًا؟!!!!
قال أسامة: " كلما سقط شخص قام شخص ينصره فيسقط خلفه، لأنهم ينصرون الهوى والبدعة ".
قلت: وهل نصرة الشيخ العباد لهم تعتبر كذلك من نصرة الهوى والبدعة، أم أن الطعن فيه جائز؟!!!
وهل سقط الشيخ العباد بنصرته لهم ؟!!!!
قال أسامة: "سقط المغراوي".
قلت: المغراوي سقط في غير بلده، أما في بلده المغرب فقد سألت عنه لما زرت المغرب قبل سنتين ـــ وكنت يومها على منهج الشدة على المخالف ـــ فما وجدت إلا الثناء الحسن عنه، بل قال لي بعضهم هو عالم المغرب، وكلمته عندهم مسموعة، إلا القليل منهم، فأين السقوط؟!!! ولا يظنّن ظان أنِّي قد اتصلت به، فإنّي لم أره ولم يرني.
قال أسامة: "فالخلاصة: أن هذا الكتاب كتاب فتنة وكذب وافتراء وتلبيس".
قلت: رمتني بدائها وانسلت، فهو كتاب فتنة عند أهل الباطل، أما عند أهل الحق فهو كتاب ــــ بإذن الله تعالى ــــ يفرح به أهل الإتباع، أما أهل التقليد فقد يحزنهم.
قال أسامة: " أما بالإجمال ( أي الرد على الرسالة ) فهو ببيان موقف الشيخ الألباني رحمه الله من ردود الشيخ ربيع، ومن كتابات الشيخ ربيع التي حذر فيها من عدنان وحذر فيها قبل ذلك من عبد الرحمن عبد الخالق وحذر فيها من علي بن حاج وعباس مدني".وقال: " فالشيخ الألباني رحمه الله أثنى على كتاباته تلك، وأنه يسير معه على خط واحد".
قلت: قد تقدم البيان، وأن الشيخ الألباني رحمه الله قد انتقد بعض كتابات الشيخ ربيع.
قال أسامة: "وتفصيل ما فيه فمثلا هو عَنون بقوله أهل البدع وإن أصابوا لا يستفاد منهم والجواب عليه، يعني أن الشيخ ربيعا يقول: أن أهل البدع وإن أصابوا لا يستفاد منهم ثم إنه أراد أن يجيب بدعواه هذه الفكرة، أو هذه الدعوى التي ادعاها على شيخنا الشيخ ربيع، حفظه الله فإنه قال حفظه الله:" القاعدة الثانية عندهم: ...فتحذر الناس منه"
قلت: قوله: "هذه الدعوى التي ادعاها "، كلام لا صلة له بالواقع، ومن راجع ما نقلته عن الشيخ ربيع يدرك الفرق الواضح بين الجوابين.
قال أسامة: " طبعا كلام الشيخ ربيع كلام سلفي دلّت عليه نصوص الكتاب والسنة "
قلت: وهل كلام الشيخ الألباني رحمه الله ليس بالكلام السّلفي؟ فمثل هذا الكلام على طريقة أسامة إنما هو طعن مبطّن، لكنّه عند الله تجتمع الخصوم.
قال أسامة: "والنبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وجد معه بعض كتب أهل الكتاب فقال أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب، ثم قال لو موسى حيا ما وسعه إلا إتباعي"
قلت: قال عليه السلام: "من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين" أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه ( 1/ 8 )، يا أسامة عليك أن تتأكد من صحة الحديث قبل أن تستدل به، ثم عليك أن تنظر في فقهه بعد ذلك إن كنت أهلا لذلك، وإلا فأرح العباد من الأغلوطات.
اعلم يا أسامة أن هذا الحديث ضعيف لا تقوم به حجة، وخذ هذا التخريج المختصر الذي لن تجده عند جماعتك التي تدّعي الذبّ عن السنة:
الحديث أخرجه أحمد في مسنده (3/387 رقم15195) وغيره من طريق: مُجَالِد عَنِ الشعبي عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ..." قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/174): "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار وفيه مجالد بن سعيد ضعفه أحمد ويحيى بن سعيد وغيرهما" قال ابن كثير في البداية والنهاية (2/133) عن رواية أحمد: "تفرد به أحمد و إسناده على شرط مسلم" قلت لم ينفرد به الإمام أحمد بل شاركه غيره ومنهم ابن أبي شيبة (5/312) والموضع لا يحتمل البسط، وإن يسر الله فسأتكلم عنه بشيء من البسط في مقام آخر، وقول الإمام ابن كثير على شرط مسلم، فيه نظر بيِّن، لأن مجالد لم يرو له مسلم في الأصول، بل روى له مقرونا مع غيره.
ومجالد مع ضعفه، فروايته عن الشعبي أضعف، فقد كان ابن مهدي لا يروي عنه عن الشعبي وقيس ابن أبي حازم، كما في التاريخ الكبير (8/9)، وهذه الرواية هي عن الشعبي، ومما قيل في مجالد ما حكاه عمرو بن علي قال: "سمعت يحيى بن سعيد يقول لعبيد الله أين تذهب؟ قال أذهب إلى وهب بن جرير أكتب السيرة ـــ يعني عن أبيه عن مجالد ـــ قال: تكتب كذبا كثيرا، لو شئت أن يجعلها لك مجالد كلها عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله فعل" كما في سير أعلام النبلاء (6/286)، وقال ابن عدي في الكامل في الضعفاء (6/422): " وعامة ما يرويه غير محفوظ ".
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (13/325): "هذا حديث غريب ومجالد ضعيف الحديث" وقال الحافظ في الإصابة في تمييز الصحابة (4/30) :" قال البخاري قال مجالد عن الشعبي عن جابر إن عمر أتى بكتاب ولا يصح".
وأخرج الحديث أبو يعلى والعقيلي في الضعفاء من طريق علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق عن خليفة بن قيس عن خالد بن عرفطة قال كنت جالسا عند عمر رضي الله عنه..." قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/173): " رواه أبو يعلى وفيه عبد الرحمن بن إسحق ضعفه أحمد وجماعة " قال ابن كثير في تفسيره (2/468): "وهذا حديث غريب من هذا الوجه وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطى" وعبد الرحمن هذا قال فيه الإمام أحمد: "ليس بشيء منكر الحديث" كما في الكامل في الضعفاء (4/304). وفيه أيضا خليفة بن قيس قال البخاري في التاريخ الكبير (3/192): " خليفة بن قيس مولى خالد بن عرفطة حليف بني زهرة عن خالد بن عرفطة يُعد في الكوفيين لم يصح حديثه روى عنه عبد الرحمن". وقال أيضا في الضعفاء (1/41): "لم يصح حديثه وفي حديثه نظر" والبخاري رحمه الله يشير إلى هذا الحديث.
تنبيه: وقع تصحيف في اسم خليفة في الكامل في الضعفاء (3/28) فقال: "خالد بن قيس كوفي مولى خالد بن عرفطة لم يصح حديثه عن خالد بن عرفطة" وإنما هو خليفة لا خالد، وقال ابن عدي :" وخالد بن قيس هذا ليس له رواية إلا عن مولاه خالد بن عرفطة ولا أعلم يروي عنه غير عبد الرحمن بن إسحاق هذا وليس له من الحديث ما يتبين أنه صدوق أو كاذب".
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه (6/113) وأحمد من طريقه في مسنده (3/470) من طريق الثوري عن جابر عن الشعبي عن عبد الله بن ثابت الحديث بنحوه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/173): "رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن فيه جابرا الجعفي وهو ضعيف" وقال أيضا : " أتهم بالكذب "
قال البخاري في التاريخ الكبير (5/39): "عبد الله بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قاله جابر عن الشعبي ولم يصح".
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه (6/112،113): " عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة أن عمر بن الخطاب مر برجل يقرأ كتابا سمعه ساعة فاستحسنه فقال للرجل أتكتب من هذا الكتاب قال نعم فاشترى أديما لنفسه ثم جاء به إليه فنسخه في بطنه وظهره ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقرأه عليه وجعل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلون فضرب رجل من الأنصار بيده الكتاب وقال ثكلتك أمك يا بن الخطاب ألا ترى إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اليوم وأنت تقرأ هذا الكتاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك إنما بعثت فاتحا وخاتما وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه واختصر لي الحديث اختصارا فلا يهلكنكم المتهوكون " قال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (6/35): "منقطع".
وأخرج الروياني في مسنده (1/175) من طريق: " عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة حدثني مشرح بن هاعان المعافري أنه سمع عقبة بن عامر يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو كان فيكم موسى فاتبعتموه وعصيتموني لدخلتم النار". قال ابن أبي حاتم في علل الحديث (2/150 رقم 1945): " سمعت أبي وحدثنا عن يحيى بن عثمان بن صالح المصري عن أبيه عن ابن لهيعة عن أبي عشانة حي بن يؤمن عن عقبة بن عامر الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان فيكم موسى بن عمران وعصيتموني دخلتم النار قال أبي هذا حديث كذب قال أبو محمد أبو عشانة ثقة ".
وأخرج الطبراني في الكبير كما مجمع الزوائد (1/174) عن أبي الدرداء بنحو ما تقدم من رواية جابر باختصار وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الكبير وفيه أبو عامر القاسم بن محمد الأسدي ولم أر من ترجمه وبقية رجاله موثقون". قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة تحت رقم(3207) قول الهيثمي:".. وثقوا".ففيه إشارة- كما عرفت ذلك منه بالاستقراء- إلى أن أحد رواته في توثيقه نظر؛ وإنما هو أبو حبيبة الطائي؛ فإنه لم يوثقه غير ابن حبان (5/577)، ولا يعرف له راو غير أبي إسحاق هذا- وهو السبيعي-, فهو في عداد المجهولين، ولذلك أشار الذهبي- كعادته أيضاً في "الكاشف "- إلى تمريض توثيقه بقوله فيه:"وُثِّق "!ولذا؛ قال الحافظ فيه:"مقبول ".يعني عند المتابعة، ولم يوثقه"
قال الدارقطني في العلل الواردة في الأحاديث النبوية (2/98،99،100): "وسئل عن حديث جابر عن عمر أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب من التوراة فغضب وقال لقد أتيتكم بها بيضاء نقية، لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني.
فقال: حدّث به محمد بن بشير الكندي عن هشيم عن مجالد عن الشعبي عن جابر عن عمر وخالفه غير واحد من أصحاب هشيم منهم عثمان بن أبي شيبة وعلي بن مسلم وسعيد بن المعلى وغيرهم فرووه عن هشيم عن مجالد عن الشعبي عن جابر أن عمر جاء النبي صلى الله عليه وسلم وخالفهم جابر الجعفي فرواه الثوري عنه عن الضبعي عن عبد الله بن يزيد الأنصاري أن عمر جاء النبي صلى الله عليه وسلم وقيل فيه عن الثوري عن جابر عن الشعبي عن عبد الله بن ثابت الأنصاري أن عمر جاء النبي صلى الله عليه وسلم وقال مسلمة بن جعفر عن عمرو بن قيس عن جابر عن الشعبي عن عمر وقال يحيى بن أبي زائدة حدثني أبي وحريث عن عامر الشعبي عن ثابت الأنصاري وغيره والله أعلم بالصواب"
وهذا الاختلاف جعل حافظ المغرب ابن عبد البر يحكم عليه بالاضطراب، قال ابن الأثير في أسد الغابة (3/189): " قال أبو عمر أيضا: روى الشعبي حديثاً آخر في قراءة كُتُب أهل الكتاب حديثه مضطرب فيه " هذا من جهة الحكم. قال أسامة: " فنهى النبي عليه السلام عن قراءة كتب أهل الكتاب وهي كتب سماوية في الأصل، أي هي كتب الله أنزلها الله مثل القرآن الكريم لكن تلك حرفت ودخل فيها الباطل مع الحق والتبس، لكن لا نردها تكذيبا ولا نصدقها بل نتوقف، فما كان من حق لا نرده، وما كان من باطل نرده، وما كان محتملا وليس صريحا في الحق أو في الباطل فنسكت عنه".
قلت: أما من جهة الفقه، اعلم يا أسامة أن قياس كتب أهل البدع على كتب أهل الكتاب قياس مع الفارق، ولعل الذي جعلك تسلك هذا المسلك هو ظنُّك أن الجامع بين الحكمين هو كون كلٍّ منهما يشتمل على الحق والباطل، فاقتضى ذلك التساوي في الحكم، وهذا فيه نظر بيِّن لا ينبغي لمن يتصدر الحكم على الناس أن يقع فيه، وبيانه بالآتي:
اعلم يا أسامة أن كتب أهل الكتاب اشتملت على عدة معان:
الأول: أن الكتب سماوية، القارئ فيها يظن أنها من عند الله، وليس ذلك موجود في كتب أهل البدع، فالقارئ فيها يُقرُّ أنها من عند مؤلفيها، وأنها اشتملت على الحق والباطل ابتداء. وإلحاق أحدهما بالآخر فيه نوع تحكم، لأنه ليس من باب القياس الأولوي، ولا من باب القياس المماثل.
الثاني: كتب أهل الكتاب هي بيان لدينهم الذي هم عليه، أما كتب أهل البدع فليست كلها في بيان اعتقاداتهم، وما هم عليه، بل فيها هذا وهذا، والقياس والحال هكذا يوجب عليك أن تلحق ما كان في تأسيس مذهبهم الذي يخالف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، لا تعميم الحكم.
الثالث: قد أجاز النبي عليه السلام التحديث عن بني إسرائيل ونهى عن التصديق، أو التكذيب، ولم يقل ما أخذتموه مشافهة فحدثوا به، وما كان في كتبهم فلا تطّلعوا عليه، بل ذكر حكما عاما، وهذا الذي فهمه عبد الله بن عمرو، فقد ظفر في الشام بحمل جمل من كتب أهل الكتاب فكان ينظر فيها ويحدث منها، فالقياس يوجب عليك والحالة هذه جواز التحديث عن أهل البدع ولو في أصول دينهم، وأنت لا تقول به، فما هذا التناقض ؟!!
الرابع: في زمن النبوة نهى عليه السلام عن كتابة السنة، لأجل أن لا تختلط بالقرآن، وكذلك فعل عمر بن الخطاب، فمن باب أولى كتب أهل الكتاب، وهذه العلة قد زالت اليوم، فالقرآن والسنة محفوظان، ولا يختلط هذا بهذا ولله الحمد والمنة.
الخامس: إن موقف جمهور الصحابة من كتب أهل الكتاب، وذلك بعدم النظر فيها، كان فيه خيرا كثيرا على الأمة الإسلامية، وخاصة اليوم ونحن نسمع ما يتكلم به الحداثيون، والمستشرقون، من كون الإسلام إنما هو خليط من اليهودية والنصرانية، فموقف جمهور الصحابة من كتب أهل الكتاب يدفع هذه الشبهة ويدحضها ولله الحمد والمنة، أما كتب أهل البدع فلا تصل إلى هذا الحد.
وقد ذكر ابن عبد البر أن المشكلة في كتب أهل الكتاب الشكُّ في نصوصها، وإذا تيقن المرء من صحة ما فيها جاز له قراءتها، قال في التمهيد (14/387): "ومن صح عنده شيء من التوراة بنقل مثل ابن سلام وغيره من أحبار اليهود الذين أسلموا جاز له أن يقرأه ويعمل بما فيه إن لم يكن مخالفا لما في شريعتنا، من كتابنا وسنة نبينا ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ ألا ترى إلى قول عمر بن الخطاب حين قال لكعب إن كنت تعلم أنها التوراة التي أنزلها الله على موسى بن عمران بطور سيناء فاقرأها آناء الليل وآناء النهار"
وإذا أجرينا هذه العلة في كتب أهل البدع، فالحكم هو أنه إذا عَلِم القارئ سلامة بعض كتب أهل البدع من الباطل، أو قُل استطاع أن يميز بين الحق والباطل جاز له وإلا فلا، سواء كان في مقام الاستفادة، أو في مقام الرد، ولما سئل الشيخ الألباني رحمه الله عن قراءة كتب الغزالي فأجاب بقوله: " يمكن ولا يُمكن، وقال للسائل: بالنسبة لك فلا يمكن، بالنسبة لغيرك يمكن، لأنّ الذي له أن يقرأ كتب الغزالي ينبغي أن يكون عالما بالكتاب والسنة حتى لا ينحرف مع الغزالي المنحرف". كما في سلسلة الهدى والنور شريط ( رقم 591 ) ولم يفرِّق رحمه الله تعالى بين مقام الاستفادة ومقام الرد، وسيأتي بيان ما في كلام أسامة من التمويه، إذ زعم أن هذا هو كلام الشيخ ربيع.
قال أسامة: "أحمد رحمه الله نفسه كان ينهى عن القراءة في كتب أهل الرأي،.. فهل نقول الإمام أحمد مخالف لمنهج الألباني".
قلت: وما العيب في ذلك إذا قلتَ أن منهج الألباني في هذه المسألة يخالف الإمام أحمد ؟ لا أظن عاقلا فضلا عن طالب علم فضلا عن عالم يستوحش من ذلك، والإمام أحمد سئل عن موطأ مالك، وجامع سفيان، فقال للسائل، دع هذا وعليك بالأثر، فهل أنت وغيرك ممن هم على شاكلتك تمنعون من قراءة موطأ مالك، أو على الأقل لا تنصحون بقراءة موطأ مالك كما هو قول الإمام أحمد ؟! فإن كان الجواب بالسّلب كما هو الظن بكم فهل نقول أن الإمام أحمد يخالف منهج أسامة ؟!!! أما إن كانت الأخرى فأقول حينها: لقد آن لمسعود أن يمدّ رجليه.
قال أسامة : "طيب ما هو الرد الذي جاء به هذا الرجل،.. يقول الشيخ الألباني رحمه الله" المسؤولية عن نشر أشرطة.. [ثم نقل كلام الإمام الألباني رحمه الله، ثم قال]: "طيب الجواب الآن الذي قاله الشيخ ربيع من قبل كما قال أن هؤلاء يطالبون بقراءة كتب أهل البدع والمفكرين... والاستفادة من كتب أهل البدع، فهذا الذي ذكره الشيخ ربيع وأثاره بأن كتب أهل البدع، لماذا تسمى بذلك لأنها تدعوا إلى البدع، ومثل الشيخ ربيع بكتب أبي حامد الغزالي.قلت: لقد هزلَتْ حتى بدا مِن هزالها كلاها وحتى سامها كلّ مفلِسِ
أقول: أولا: اعلم يا أسامة، أن الشيخ ربيعا يرى عدم جواز تأويل كلام العالم المحتمل، فما بالك بالنص، ويرى أن تأويل كلام العالم وحمله على غير ظاهره أصل من أصول أهل البدع، وعملا بذلك فحكم الشيخ ربيع فيك هو أنك مبتدع، لأنك وقعت في بدعة ظاهرة، ولا يحتاج الأمر إلى إقامة الحجة، كما بينته في الرسالة.
ثانيا: على التسليم، فإن كلام الشيخ نص في الباب، وليس من الظاهر في شئ، يدل عليه كلامه، وعمل أتباعه، أما كلامه فقد نقلتُ في الرسالة أنه قال: " القاعدة الثانية عندهم: نقرأ كتب أهل البدع، أو كتب المفكرين، فما كان حسنا أخذناه، وما كان باطلا تركناه،!.. لا تقرأ في كتب أهل البدع لتستفيد". ومعناه واضح فذكر كتب المفكرين وكتب أهل البدع، ثم حكم حكما عاما وقال لا تقرأ لتستفيد، أما قول أسامة: " فهذا الذي ذكره الشيخ ربيع وأثاره بأن كتب أهل البدع، لماذا تسمى بذلك لأنها تدعوا إلى البدع "فهذا التعريف لم أجد من ذكره من العقلاء فضلا عن غيرهم، فكتب أهل البدع سُمِّيت بذلك عند أسامة لأنها تدعوا إلى البدع، وما كانت كتبهم في غير البدع فلا تسمى كتب أهل البدع، فبماذا تسمى إذاً ؟ هل تسمِّيها يا أسامة بكتب أهل الحق، أو كتب تدعوا إلى الحق ؟ يا أسامة لا أظنك تدرك خطورة هذا الكلام، ولا أظنك ستبقى من القائلين به.
ومما يدل على أن الشيخ ربيعا يرى العموم، هو ما ذكرته في الرسالة بعد هذا الموضع، فقد ذكرت أن أهل البدع لا يُقال فيهم علماء عند الشيخ ربيع، فهل تجيز يا أسامة القراءة للجهال؟!!!
كذلك ذكرت بعدها قول الشيخ ربيع من أن الدعاة من أهل البدع كذابون، فالذي يؤلف في تأصيل عقائدهم هذا داعية إلى البدعة، وهو في ذلك كاذب، فهل معنى ذلك أنك تجيز القراءة للكذّابين يا أسامة؟!!! وهذا الترتيب مقصود في الرسالة ولله الحمد والمنة.
هذه المصطلحات ينبغي مراعاتها عند ذكر كلام الشيخ ربيع، وليس هذا من باب التأويل، بل هي اصطلاحات كاصطلاح كل أهل فن في فنهم، ليس من الواجب ذكر مرادهم من الاصطلاح في كل موضع. وبهذا ستعرف اللغز الذي قد يحير كل عاقل، وهو رمي المخالفين بالجهل، ورميهم بالكذب، ولو كان المخالف قد زُكِّي من طرف الشيخ ربيع قبل ذلك، فيُوصف بعدها بالجهل، ويُوصف بالكذب ولو لم نعلم عنه كذبة واحدة.
فهذا التقرير يُبيِّن بإذن الله ما في كلامك من المرواغة واللعب بالألفاظ.
أما من الناحية العملية، فاسأل يا أسامة عن تصرِّف المقلدين من أتباعك، تجدهم ينكرون على كل من قرأ في كتب أهل البدع ولو في غير بِدعهم، بل وصل الأمر بالأتباع إلى أن يحذروا من حضور دروس من لم يُحذِّر من فلان وفلان، كما نقل ذلك الشيخ عبد المحسن العباد في رسالته الحث على إتباع السنة (4/260) المطبوع ضمن كتب ورسائل عبد المحسن بن حمد العباد البدر.
قال أسامة:"وعلّل أيضا أن هذا المنهج وهو ترك كتب أهل الكلام فيه إخماد وإهمال لأهل البدع وإخماد لفتنتهم هذا تعليل الشيخ ربيع".
قلت: في هذا التعليل ردّ على تأويلك يا أسامة، فأهل البدع تترك قراءة كتبهم كلية عند الشيخ ربيع، لأجل إهمالهم، وفي نظر الشيخ ربيع أنّ القراءة لهم ولو في غير الكتب المؤصِّلة للبدع تكريم لهم، وثناء عليهم في مجال معين، وهذا نوع من الموازنة عنده.
قال أسامة: " انظروا إلى تعليل الألباني فإنه قال: أن لا يكون فيه دعاية لمنهج يخالف منهج السلف الصالح ومعروف أن كتب المفكرين هؤلاء كتب سيد قطب،.. كتب هؤلاء كلها دعاية لمنهج يخالف منهج السلف فهذا يتوافق مع قول الشيخ ربيع. قال الشيخ الألباني ثانيا:..." فلنطبق القاعدة نجد أن كلام الألباني يتوافق مع كلام الشيخ ربيع، ولا تضاد بينهما".
قلت: قد تبين مما تقدم، أن الاختلاف واقع، ومثل هذا الجمع لا يرضاه الشيخ ربيع، وأنه من ذر الرماد في العيون.
قال أسامة:" وهذه المسألة وهي مسألة الكتب التي صنفها المبتدعة وليس فيها دعاية لمنهجهم وإنما هي كتب مثل كتاب ابن رشد في الفقه، كتاب في الحديث في المصطلح مثل كتب السيوطي هذا الذي يتحدث عنه الشيخ الألباني..."
قلت: أما ابن رشد فهم اثنان، الأول الجد، والثاني الحفيد، فالجد كان على منهج أهل السنة والجماعة، وأما الحفيد فهو على منهج المتكلِّمين على تفاوت بينهم، أما السيوطي فلا أعلم عالما من علماء الإسلام وصفه بكونه مبتدعا، هو أشعري ولا شك في ذلك، لكن لا أعلم إماما من أئمة السنة بدّعه عينا، وقولك هذا ترجمة للمنهج الذي تسير عليه يا أسامة.
وقولك: "هذا الذي يتحدث عنه الألباني"، فالألباني لم يَصف السيوطي بأنه مبتدع، ولا علمت أنه وصف ابن رشد الحفيد بذلك، أما التفصيل فهو مذكور في الرسالة ولله الحمد والمنة.
قال أسامة: "لكن الشيخ ربيعا حفظه الله إنما يتكلم عن كتب أهل البدع التي يؤلفها لنصرة بدعتهم، وكذلك حتى ولو لم يكن نصرة للبدعة ما دام أن الرجل معروف بأنه مبتدع، فلذلك نهجر كتبه من أجل حماية الناس من منهجه لإخماد فكرة له، فهذا المقصد الذي ذكره الشيخ ربيع".
قلت: الآن رجعت إلى عقلك يا أسامة، هذا هو قول الشيخ ربيع، لا التأويل الأول الذي ذكرته.
قال أسامة: "هل الشيخ الألباني وصف القول الأول بأنه بدعة، الذي يقول بعدم الاستفادة منه، هذا السؤال مطروح.. لذلك ما وجه المخالفة بين الشيخ ربيع والشيخ الألباني هل لاختلاف الرأي، فالعلماء ما زالوا يختلفون في المسائل، في مسائل خلافية عديدة فقهية أو حديثية..."
قلت: الجواب عن هذا يسير عند المنصفين والعقلاء، ولو أنك استفسرت عما لا تعلم وعرفت قدرك كان خيرا لك يا أسامة.
والجواب هو ما نقلته عن الشيخ ربيع قبل هذا الفصل، وكما قلت فإن الترتيب مقصود، ذكرت في مبحث: الدراسة على المبتدعة: قول الشيخ ربيع: "هذا الذي يتردد على مبتدع، أو يأخذ عن مبتدع، أو يقرأ في كتاب أهل البدع، انصحه، فإن قبل وإلا فألحقه بأهل البدع، هذا عمل السلف"، أدركت الآن الفرق يا أسامة، الشيخ ربيع يرى أن من لم يستجب لنصح من أمره بترك القراءة في كتاب أهل البدع، أن حكمه أن يكون من أهل البدع، فهمت.
أصمك سوء فهمك عن خطابي وأعماك الضلال عن اهتدائي
قال أسامة: "وهل هذا الترجيح يلزم منه أن يكون الشيخ الألباني يحارب توجهات الشيخ ربيع، أو يخالف منهج الشيخ ربيع، هذا لا يقوله إلا جاهل".
قلت: كما قيل: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود
تقدم أن الاختلاف إنما يكمن في الإلحاق، هذا من جهة، والوجه الثاني الاختلاف في المقلد، فالذي يأخذ بقول الشيخ الألباني فهو في نظر الشيخ ربيع مخطئ ينصح وإلا ألحق بأهل البدع، ولذلك لما كلّمني بعضهم، وهو من الرؤوس في بلدي، فقال لي: قول الشيخ الألباني ألا تراه خطأ ؟ فقلت له ليست المشكلة في كون الصواب مع من، المشكلة في المقلِّد للشيخ الألباني ما حاله، وما حكمه عند الشيخ ربيع؟ فسكت ولم يتكلم ببنت شفه، فاتق الله يا أسامة وكن مع الصادقين.
قال أسامة: " إذن كلام الشيخ الألباني توافق مع كلام الشيخ ربيع في أصله وفي تعليله، بقي الخلاف هل يستفاد من ما ليس فيه بدع ، من ما لا يكون فيه ترويج لبدعة، هذا مجال الاجتهاد ومجال النظر ولا شك أن كلام الشيخ ربيع أحوط، لكن لا تضاد بينهما في المنهج، ولا في التوجه..."
قلت: قد تقدم بيان قول الشيخ ربيع، والكشف عن موضع الاختلاف، وكما قال الشاعر:
قد تُنكرُ العين ضوء الشمس من رمَد وينكر الفم طعم الماء من سَقَمِ.
قال أسامة: "أما الحديث الذي يغلب على ظننا ثبوته فهنا غلبة الظن، والظن الغالب يقين عند أهل العلم. فكلام الألباني لا يتعارض مع كلام الشيخ ربيع".
قلت: من هم أهل العلم هؤلاء الذين لا يفرِّقون بين غلبة الظن، واليقين؟ ولقد حذّر الشوكاني وغيره من قول بعضهم هذا قول أهل التحقيق، وهذا قول العقلاء وما أشبه ذلك من العبارات العَرِيّة عن الدليل والبرهان، بل قال قبله الإمام أحمد: من ادعى الإجماع فهو كاذب، وما يدريك لعل الناس قد اختلفوا.
قال أسامة: "لذلك سمى الله تعالى هذا الظن في القرآن وهو يقين كما قال تعالى: (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ)".[ الحاقة ]
قلت: أولا اختلف المفسرون في المراد بالظن هنا، وأهل السنة كما تقدم ينقلون ما لهم وما عليهم، خلافا لأهل البدع فلا ينقلون إلا ما لهم، يقول الألوسي في تفسيره ( 29/47،48 ): " وجوز أن يكون الظن على حقيقته على أن يكون المراد من حسابه ما حصل له من الحساب اليسير فإن ذلك مما لا يقين له به، وإنما ظنه ورجحه لمزيد وثوقه برحمة الله تعالى عز وجل، ولعل ذلك عند الموت، فقد دلت الأخبار على أن اللائق بحال المؤمن حينئذ غلبة الرجاء وحسن الظن، وأما قبله فاستواء الرجاء والخوف وعليه يظهر جداً وقوع هذه الجملة موقع التعليل لما تشعر به الجملة الأولى من حسن الحال، فكأنه قيل إني على ما يحسن من الأحوال أو إني فرح مسرور لأني ظننت بربي سبحانه أن يحاسبني حساباً يسيراً وقد حاسبني كذلك فالله تعالى عند ظن عبده به"
أما السلف فاعلم يا أسامة: أن مجاهد قال: "كل ظن في القرآن يقين" كما في تفسير الطبري (1/262)، وقال قتادة "ما كان من ظن الآخرة فهو علم" كما في المصدر السابق أيضا(29/60).
فالظن في القرآن وفي الآخرة يحمل على اليقين، أما في غير هذا فالأصل أنه خلاف اليقين، وقد يحمل على اليقين وذلك بحسب السياق، والشيخ الألباني رحمه الله تعالى قد قال في رسالته: الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام (صـ18): "والحق الذي نراه ونعتقده أن كل حديث آحادي صحيح تلقته الأمة بالقبول من غير نكير منها عليه، أو طعن فيه، فإنه يفيد العلم واليقين، سواء كان في أحد الصحيحين، أو في غيرهما. وأما ما تنازعت الأمة فيه، فصححه بعض العلماء وضعفه آخرون: فإنما يفيد عند من صححه الظن الغالب فحسب، والله أعلم".
فقد جمع الشيخ الألباني رحمه الله تعالى بين اللفظين، فما فائدة التقسيم إذا حملنا كلمة الظن على اليقين ؟ فكأن الشيخ الألباني رحمه الله فسر الماء بالماء بعد جهد جهيد.
الشيخ الألباني رحمه الله تعالى ذكر الذي يدل على اليقين، ثم تكلم عن ما يدل على الظن الغالب، والتغاير في اللفظ في الموضع الواحد يدل على التغاير في المعنى، لذلك أدعوك إلى أن تحترم العقل البشري يا أسامة، فإن العلم وسائله متوفرة ولله الحمد والمنة، ولقد جمعني مجلس ببعض الجزائريين في المغرب، وهو ممن يقيم في فرنسا، وكان على منهج الشيخ ربيع بل ومن المتصدرين في قضايا الحكم على المخالف، ثم رجع إلى ما كان عليه الأيمة، فقال لي: أيظن هؤلاء أن العلم غير منتشر، اليوم الحمد لله اتضح كل شيء"، وهكذا الكثير من أهل السنة في الخارج.
قال أسامة: "فالظن الغالب يطلق عليه يقين عند أهل العلم، إنما إفادة الظن أي احتمال الخطأ عند أهل الكلام والفلسفة غير موجود هنا".
قلت: العلماء يعرفون الظن بقولهم: الظن خلاف اليقين، وقد يستعمل بمعنى اليقين وهو [ أي الظن ] الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض كما في معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة للجيزاني ( ص 82 ). فهذا هو الأصل، والاستثناء إنما يؤكد القاعدة ولا يبطلها، وليس هذا مما اختص به أهل الكلام.
قال أسامة: "أما الظن الغالب الذي يبنى عليه الاعتقاد وتبنى عليه الأحكام الذي هو ضرب من ضروب اليقين والعلم فهذا يتوافق مع كلام أهل السنة في أن خبر الآحاد الصحيح يفيد اليقين ويفيد العلم فليس هناك تضاد بين كلام الألباني وكلام الشيخ ربيع". وقال: "أعلاها العلم ثم الظن الغالب وهو داخل في العلم أيضا على الصحيح، لأن الشيخ مثلا القاضي لما يحكم على شخص بالزنا بشهادة أربع شهود هذا آحاد أربع شهود آحاد وليس متواترا ومع ذلك يقتله ويعتقد صدقه في فعل وأنه حق".
قلت: أترك الجواب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال كما في مجموع الفتاوى (29/43، 44): "وسبب الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء مع وجود الاختلاف في قول كل منهما أن العالم قد فعل ما أُمر به من حسن القصد والاجتهاد وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قام عنده دليله وإن لم يكن مطابقا، لكن اعتقادا ليس بيقيني، كما يؤمر الحاكم بتصديق الشاهدين ذوي العدل وإن كانا في الباطن قد أخطآ أو كذبا وكما يؤمر المفتى بتصديق المخبر العدل الضابط أو باتباع الظاهر فيعتقد ما دل عليه ذلك وإن لم يكن ذلك الاعتقاد مطابقا، فالاعتقاد المطلوب هو الذي يغلب على الظن مما يؤمر به العباد وإن كان قد يكون غير مطابق وإن لم يكونوا مأمورين في الباطن باعتقاد غير مطابق قط.
فإذا اعتقد العالم اعتقادين متناقضين في قضية أو قضيتين مع قصده للحق واتباعه لما أمر باتباعه من الكتاب والحكمة، عذر بما لم يعلمه وهو الخطأ المرفوع عنا بخلاف أصحاب الأهواء فإنهم [إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ ] [النجم: من الآية23] ويجزمون بما يقولونه بالظن والهوىجزما لا يقبل النقيض مع عدم العلم بجزمه فيعتقدون ما لم يؤمروا باعتقاده لا باطنا ولا ظاهرا ويقصدون ما لم يؤمروا بقصده ويجتهدون اجتهادا لم يؤمروا به فلم يصدر عنهم من الاجتهاد والقصد ما يقتضي مغفرة ما لم يعلموه فكانوا ظالمين شبيها بالمغضوب عليهم أو جاهلين شبيها بالضالين.
فالمجتهد الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرض سوى الحق وقد سلك طريقه وأما متبع الهوى المحض فهو من يعلم الحق ويعاند عنه وثَمّ قسم آخر وهو غالب الناس وهو أن يكون له هوى فيه شبهة فتجتمع الشهوة والشبهة ولهذا جاء في حديث مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات.
فالمجتهد المحض مغفور له ومأجور وصاحب الهوى المحض مستوجب للعذاب وأما المجتهد الاجتهاد المركب من شبهة وهوى فهو مسيء وهم في ذلك على درجات بحسب ما يغلب وبحسب الحسنات الماحية ".
فهذا الكلام الواضح البين الداحض لقول كل متخرّص كاف بإذن الله، ولا أظن أني بحاجة إلى شرحه وتفسيره، فرحمه الله وأسكنه جنة الفردوس آمين.
قال أسامة: " إذًا هذه نماذج من هذا الكتاب من ما يبين أن هذا الرجل جاهل جهلا مركبا".
قلت: قد تبين مما تقدم من هو الأولى بهذا الحكم.
قال أسامة: "ما ذكرته لكم إن شاء الله كاف في بيان كذب وجهل هذا الرجل وأنه مبتدع منحرف".
قلت: الحكم من غير إقامة الحجة، دليل على ما جاء في الرسالة من الحق، وأن هذه الصفة من خصائص المنهج الذي تدعو إليه يا أسامة.
قال أسامة: "ولكن أختم بقوله باتهامه للشيخ ربيع بأنه عنده تكفير وتبديع".
قلت: ليعلم القارئ الكريم أني لم أطعن في الشيخ ربيع، وإنما تكلمت عن المنهج الذي يدعو إليه، ولو لم أجد إلا مثالا واحدا لكفى، وهو أسامة نفسه فقد ترجم منهج الشيخ ربيع فبدّع من غير إقامة الحجة، فأين الاتهام ؟ وإذا قلت أن هذا المنهج خطأ أو ضلال فليس معنى ذلك أن الشيخ ربيعا هو ضال، ذلك لأنه ليس كل من وقع في البدعة وقعت البدعة عليه، وليس كل من وقع في الضلال وقع الضلال عليه، وليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، ولا يفهم أحد من رسالتي أني أطعن في الشيخ ربيع إلا مريض القلب.
وقد يكون الكلام فيه شدة، نعم وذلك لأجل أني كنت في هذا المنهج أكثر من تسع سنوات، عرفته، وعرفت ما جرّ على الأمة من مفاسد، وكنت أنا من جملة المتضرِّرين من هذا المنهج، لقد ذهبت إلى موريطانيا مرتين لأجل طلب العلم، ففي الأولى وجدت في تلك الأيام الكلام في أبي الحسن، وكنت من جملة من يتكلم فيه، غفر الله لي وتجاوز عني بمنه وكرمه، لكن المؤسف أن كل من يتردد على مبتدع لأجل طلب العلم يُجرح ويحذر منه، فلم أطلب في تلك المرحلة شيء فبقيت مدة، ثم خرجت من موريطانيا، وهكذا إخواننا ممن أعرفهم كانوا كذلك، وقد التقيت ببعضهم في الجزائر بعدها فكان كلٌّ منهم نادم على ما مضى، بسبب هذا المنهج، وتَركِنا ما قرره الأئمة، المبني على الأدلة، أما اليوم فأنا لا أريد لإخواني أن تضيع زهرة شبابهم في القيل والقال، وغيرها مما لا يتسع المقام لذكره، والسعيد من وعظ بغيره.
قال أسامة: "لكن الباطل هو التكفير بغير حق والتبديع بالباطل يعني بغير حق هذا هو المذموم".
قلت: نعم هذا هو الذي نحذّر منه، لقد أجاز الشيخ ربيع لطالب العلم أن يُبدع، وأن يُكفر وما عليه إلا أن يذكر الآية والحديث وقول العالم، كما ذكرت ذلك في الرسالة، أليس في هذا تبديع بغير حق، وتكفير بغير حق ؟ لأن الطالب ليس كالعالم، بل وليس العلماء في درجة واحدة، كما قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
قال أسامة: قوله: أن هذا المنهج يجمع بين التكفير والتبديع قول خاطئ، فليس خطورة منهج سيد قطب لأنه عنده تكفير وتبديع".
قلت: قولي أخطر من منهج سيد قطب، بناء على أن سيد قطب لا يفتتن به أهل السنة ولله الحمد والمنة، بخلاف خطأ العالم الذي هو من أهل السنة، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فيالفتاوى الكبرى (3/229): " فإن فتوى من مفت في الحلال والحرام برأي يخالف السنة أضر عليهم من أهل الأهواء وقد ذكر هذا المعنى الإمام أحمد وغيره فإن مذاهب أهل الأهواء قد اشتهرت الأحاديث التي تردها واستفاضت، وأهل الأهواء مقموعون في الأمر الغالب عند الخاصة والعامة، بخلاف الفتيا فإن أدلتها من السنة قد لا يعرفها إلا الأفراد ولا يميز ضعيفها في الغالب إلا الخاصة وقد ينتصب للفتيا والقضاء ممن يخالفها كثير".
فمن هذا الباب كان الكلام الذي ذكرته، فإن خطأ الشيخ ربيع أضر من خطأ سيد قطب.
قال أسامة: "أما زعمه أن هذا التكفير والتبديع أخطر من منهج سيد قطب ما وجه الخطورة في ذلك؟"
قلت: كان عليك أن تسأل قبل أن تتكلم، فإنما شفاء العي السؤال يا أسامة، وجه الخطورة يا أسامة في كون السني يُبدَّعُ بالبدعة الواضحة من غير إقامة للحجة، وجه الخطورة يا أسامة في كون السنِّي يُبدّع بالبدعة غير الواضحة إذا نصحه المخالف ولم يقبل قوله، وجه الخطورة يا أسامة في كون طالب العلم له أن يكفر، وجه الخطورة يا أسامة في كون الذين يَصِلهم كلام العلماء ولو من غير إزالة للشبهات، وفهموه فهم كفار إذا وقعوا في ما هو كفر، اقرأ الرسالة يا أسامة بعين الإنصاف ولا تقرأها بعين الإجحاف.
قال أسامة: "فكيف يكون منهج السلف أخطر من منهج سيد قطب هذا كلام فاشل فاسد".
قلت: كما قال القائل:
عين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
لو كان منهج السلف هكذا، لما خرج الناس من السلفية سُخطا فيها وكرها لها يا أسامة، فإن الحق وإن كان ثقيلا على النفوس، إلا أن النفوس تحبه وتحترمه، لكننا رأينا من يخرج من السلفية من العامة قبل الخاصة بسبب ما يرونه من المخالفات للكتاب والسنة، لقد دخلوا في السلفية لاعتقادهم أنه لا حمية إلا للكتاب والسنة، ولا إتباع إلا لهما على فهم الصحابة والتابعين بإحسان، لكن وجدوا التقليد والحزبية، ولي أعناق النصوص، والاعتقاد ثم الاستدلال، لقد وجدوا التفرق والاختلاف بعد أن ظنوا أنهم مع جماعة الألفة والاتفاق، لقد وجدوا البحث عن الأخطاء، وكشف العورات بعد أن كانوا يظنون أنهم سيجدون الستر على الإخوان، وحب الهداية للثقلين، لقد وجدوا الكيل بمكيالين بعد أن كانوا يظنون أنهم أهل عدل وإنصاف.
يا أسامة إلى متى لا ترعوي أنت وأمثالك، إن الإسلام فيه الرحمة، وفيه الاطمئنان، وفيه الراحة والسعادة في الدنيا والآخرة، لقد وجد أتباع المنهج الذي تدعو إليه الحيرة والشك والاضطراب، ألهذه الدرجة يكون منهج السلف؟!!!
قال أسامة: "لكن إن زعم أن الشيخ الألباني والشيخ ربيع يكفر من لا يستحق التكفير أو يبدع من لا يستحق التبديع فقد أخطأ وضل وزل"
قلت: أما الشيخ الألباني فلم نجد أنه ألزم الناس باجتهاده في التبديع أو التكفير!!! وهذا من أهم الفروق بين الشيخين.
قال أسامة: "لأن ربيعا إنما يبدع من دلت الأدلة على تبديعه، والشيخ ربيع يكفر من كفره الله ورسوله".
قلت: لقد أنطقك الله الحق يا أسامة، بكلامك هذا تشهد للشيخ ربيع بالعصمة، يا أسامة إن الشيخ ربيعا كغيره من العلماء يصيب ويخطئ، يعلم ويجهل كما قال الشيخ مقبل رحمه الله تعالى، فالشيخ ربيع ليس بمعصوم، إنما العصمة للأنبياء، قولك يُكفر من كفره الله ورسوله، هل في ظنه هو أم في حقيقة الحال ؟ فإن قلت في ظنه، وأنه ليس بوحي من السماء، فمعنى ذلك أنه قد يخطئ، فلماذا يُلزَم الناس بإتباعه يا أسامة ؟
وإن قلت في حقيقة الحال والواقع فقد ناديت على نفسك بالهلاك، وشهدت على عقلك بالجنون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
قال أسامة: " الشيخ [ أي الألباني ] بدّع محمد نسيب الرفاعي وهذا محفوظ في كتب الألباني ما يحتاج إلى تلاعب وتلبس كما فعل هذا الكاتب".
قلت: أين قال ذلك يا أسامة ؟ فكتب الشيخ الألباني محفوظة مطبوعة، ولا أظن أن لك نسخة خاصة من دون العالمين.
والدعاوى إن لم تكن عليها بينات أصحابها أدعياء.
لكن خذ أخي القارئ هذا النص من الشيخ الألباني الذي أثبت فيه انتساب نسيب الرفاعي للسلفية:
قال الشيخ رحمه الله في الضعيفة (12/348): "والأول ( أي نسيب الرفاعي) منهما أنا من أعرف الناس به؛ فقد عاش في الدعوة السلفية عشرات السنين ، وكان يحضر دروسي في حلب وغيرها ، واستفاد منها ما شاء الله تعالى إلا هذا العلم ! [ أي علم الحديث ]وكتابه هذا المختصر [ أي اختصار تفسير ابن كثير ] أكبر دليل على ذلك".
بل من إنصاف الشيخ الألباني رحمه الله أنه نصح ببعض رسائله، ففي السلسلة الضعيفة (2/37) قال: "وللأستاذ نسيب الرفاعي رسالة نافعة في تأييد ذلك اسمها "أوضح البيان فيما ثبت في السنة في قيام رمضان " فننصح بالاطلاع عليها من شاء الوقوف على الحقيقة"
ثم لو نُسلِّم بالتبديع، فأين ألزم الشيخ الألباني رحمه الله الناس بذلك ؟ لا أظنك تجده ولا في الأحلام.
قال أسامة: "وكفّر حسن السقاف عينا".
قلت: وهل ألزم الناس بذلك؟! وهل هجر الناس وبدّعهم لأجل أنهم لم يتابعوه في الحكم؟!!
قال أسامة: " فالألباني عنده تكفير وتبديع، وقال عن سفر الحوالي لأنهم سرورية والسرورية خارجية عصرية فوصف منهج سفر الحوالي بأنه منهج الخوارج فكيف يقول أنه ما عنده تبديع"
قلت: هذه هي المشكلة يا أسامة، إنك لا تفرق بين التعريف والبيان وبين الحكم على الأشخاص، وقد تكلمت في الرسالة عن هذا في الحاشية رقم (1)، وبينت أن هذا خطأ فمن انتسب إلى طائفة فلا يحكم عليه بأنه مبتدع من غير إقامة للحجة، قال شيخ الإسلام في درء التعارض (1/273): "والأقوال إذا حكيت عن قائلها أو نسبت الطوائف إلى متبوعها فإنما ذاك على سبيل التعريف والبيان وأما المدح والذم والموالاة والمعاداة فعلى الأسماء المذكورة في القرآن العزيز كاسم المسلم والكافر والمؤمن والمنافق والبر والفاجر والصادق والكاذب والمصلح والمفسد وأمثال ذلك وكون القول صوابا أو خطأ يعرف بالأدلة الدالة على ذلك المعلومة بالعقل والسمع".
ويقول الشيخ عبيد الجابري: "كلمة إخواني يعني أنه يرى رأي الإخوان، أو على مسلك الإخوان، وقد يكون جاهلا بهذا المسلك، ولو بيُّن له لتركه، ليس هنا تبديع، لكن كلمة مبتدع معناه أنه قامت عليه الحجة، أبى النصيحة، نُصح فأبى أن ينتصح، فقامت عليه الحجة وهناك يسمى مبتدعا ضالا". من شريط أسئلة منهجية فقهية عبر إذاعة الدروس السلفية، 12/5/1423.
عليك أن تدرك هذا الأصل يا أسامة، ولتتق الله في نفسك.
قال أسامة: "والألباني من أشهر الناس كلاما في التبديع وقد بدع أهل الأهواء تكلم عن الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ قال عنهم صوفية عصرية، وقال عنهم من الفرق الهالكة".
قلت: تقدم البيان، وأن التعريف والبيان لا يلزم منه التبديع.
قال أسامة: " فلذلك منهج ربيع هو نفسه منهج الألباني رحمه الله، أصولهم واحدة تقريراتهم واحدة لكن قد يزل العالم زلة والعالم الآخر يرد عليه بالعلم والبرهان هذا موجود وقد يختلفون في مسائل خلافية التي هي من مسائل الاجتهاد".
قلت: الإشكال يا أسامة ولا أظنك تفهم، هي في عقد الولاء والبراء على الخطأ، وأرجو أن تفهم هذا أنت وجماعتك.
قال أسامة: " أما المسائل الخلافية فهذا راجح ومرجوح فيجب إتباع الدليل وإتباع الراجح ولا أحتج بالخلاف وأميع القضية ".
قلت: وهذا قولنا، لكنه كذلك لا ينبغي عقد الولاء والبراء على ذلك، لأنك مهما ادعيت الراجح في المسألة، فقد يكون الراجح في نهاية المطاف مع مخالفك السني، فقد تبني الحكم على دليل هو ضعيف عند غيرك، وأقرب مثال على ذلك ما تقدم من استدلالك بحديث عمر، وقد ضعفه البخاري وغيره.
وما حال المقلد إذا لم يقل بقولك ؟ لا أرى إلا أنك تُبدِّعه يا أسامة، وهاك كلام شيخ الإسلام لعلك تؤوب إلى رشدك، قال رحمه الله في الفتاوى الكبرى (2/240): "وأما من كان عاجزا عن معرفة ما أمر الله به ورسوله وقد اتبع فيها من هو من أهل العلم والدين ولم يتبين له أن قول غيره أرجح من قوله فهو محمود مثاب لا يُذم على ذلك ولا يُعاقب".
قال أسامة: "وقال الألباني: ما رأيت له خطأ علميا أبداً ".
قلت: قد انتقد الشيخ الألباني الشيخ ربيعا في غير ما مسألة، بل انتقد كتابه "صد عدوان الملحدين وحكم الاستعانة على قتالهم بغير المسلمين " فلماذا لم تذكر هذا ؟!! وقد تقدم البيان ولله الحمد والمنة.
قال أسامة: "والنوع الثاني من الناس الذي هو من العامة أو من الذين لا يحسنون بيان الحق لمثل هذا فمثل هؤلاء يعطونه مثل هذا الرد الذي تكلمت به، وينصحونه بأن يتوب إلى الله عز وجل وأن يعود عن ما هو عليه من البدع ".
قلت: هل يفهم من قولك أن شريطك هذا يقيم الحجة على الناس ؟ ولقد أحسن من قال:
يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
وقد بينتُ في رسالتي الأجوبة الألبانية أن الحجة لا تقوم بذلك، كما قال ابن القيم:
والجهل داء قاتل وشفـــــــــاؤه أمران في التركيب متفقـــــــــــــان
نص من القرآن أو من سنة وطبيب ذاك العالم الرباني
وأما قولك " يعود عن ما هو عليه من البدع" فهل بيان موقف الشيخ الألباني رحمه الله تعالى من بعض المسائل المنهجية من البدع ؟!!!
قال السائل: فزيادة في الفائدة أخبركم أن ... أبا أسامة...وهم يرون رأيكم فيه هذا الرجل أكثر من ذلك "
قلت: ما الذي أكثر من ذلك ؟ لم يبق إلا التكفير يا أيها السائل، فهل الأمر كذلك؟!! وأقول للفائدة أيضا: لقد أخبرني بعض تلاميذ أبي أسامة، بأن أبا أسامة لم يحكم بالتبديع، فنعوذ بالله من الكذب وسوء الأخلاق.
هذا آخر ما تم التعليق عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.








 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
الرد على اسامة العتيبي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:09

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc