المقاومة باتت عيباً.. والمقاومون إرهابيين...

[حمزة القالمي]

خلف القناع: المقاومة باتت عيباً.. والمقاومون إرهابيين...
سنن التاريخ لا تتبدل، والوقائع هي نفسها تتكرر تقريباً من جيل إلى جيل.
في كتاب التاريخ الكثير الكثير من الأحداث، ولكن هناك شخصيات لا يمكن أن تمر عليها دون تذكر محطات مهمة من حياتها، من هذه الشخصيات جمال عبد الناصر "البكباشي" الذي خرج من رحم الامة، أو على حد قول الشاعر المشاكس أحمد فؤاد نجم "دا مننا".
في تاريخ جمال عبد الناصر محطات أبرزها ما يتعلق بمساندة الثوار في العالم العربي وتحديدا ثورة الجزائر، التي قيل عنها الكثير، وكتب عنه أحد مفاتيح العلاقة بين مصر وجمال عبد الناصر وبين الثوار وهو احد مؤسسي جهاز الاستخبارات المصرية فتحي الديب.
يروي فتحي في كتابه "عبد الناصر وثورة الجزائر" قصصاً لا يمل القارئ المتابع من محاولة فك رموز "وثائقها" التي كانت تحمل في بعض الاحيان أرقاماً لعدد الطلقات والمسدسات التي تم "تهريبها" وتسليمها للثوار عبر قنوات تهريب خاصة وعبر حدود عربية لأكثر من بلد.
ما يلفت هنا، ليس شراء الاسلحة من السوق السوداء، وليس القنوات التي كانت تفتح مع بعض المناصب العليا في الدولة "المهربة عبرها"، والتي كانت تصل في بعض الاحيان إلى تحت "أنف كبير الدولة"، وهو لا يعلم بها.
اللافت أن جمال عبد الناصر وفي إحدى "التهريبات" قرر بنفسه أن يستخدم إحدى قطع أسطول مصر الحربي للقيام بهذه المهمة، والتي شكلت وقتها، واحدة من الاسباب التي أقامت منها الدولة المعتدية على السيادة والحرية والاستقلال لعالمنا العربي ذريعة لقطع العلاقات والتمهيد لضرب مصر.
واللافت أكثر هو حرص عبد الناصر على تأمين سلامة وصول الأسلحة إلى أيدي "المقاومين"..
بالحرف يقول فتحي الديب بعد عرض الحاجات الملحة للثوار:
"وقرر وبلا تردد استخدام إحدى قطع أسطولنا البحري لنقل الكميه اللازمة لدعم قدرات المكافحين، واتصل فوراً بالصاغ عبد الحكيم عامر لاصدار أوامره إلى قائد السلاح البحري اللواء سليمان عزت ليقوم باعداد المطلوب، وليتفق معي على أسلوب وطريقة التنفيذ، مخاطراً بما سيترتب على كشف العملية من آثار على العلاقات الفرنسية المصرية، مركزاً على أهمية التحضير الجيد والسري لضمان وصول السلاح بصرف النظر عما ستتحمله مصر من نتائج، كما كلف الصاغ عبد الحكيم عامر بصرف كل احتياجات الجزائر من السلاح والذخيرة من مخازن السلاح المصري".
للتاريخ وللعبرة ندعو كل من له عقل وقلب وإحساس ويشعر بحاجة شِعب أبي طالب الجديد، أن يسأل ماذا فعل المقاومون المعتقلون في "مصر اليوم" غير هذا..
من اللحم الحي، ومن حواضر ما تم جمعه من عتاد لوجستي خرج هؤلاء الانفار.. ليس بإحدى قطع أسطول دولة عربية، ولا من مستودعات سلاح دولة عربية.. من مال الفقراء الذين يدفعونه عن طيب خاطر لأن الإيثار هو ان تقدم ما تحتاجه إلى من يحتاجه اكثر منك..
أفيقوا يا سادة قبل ان تصبح المقاومة عيباً يعيّر به فاعله، ويصبح المقاومون إرهابيين.. و"قطاع طرق".
ولا تنسوا ان "الدالّ على الخير كفاعله"... أما "النذل" فالتاريخ سيحكم عليه عاجلاً..