هذه كلمات منقولة تعبر عن الشهر الذي مرت به أمي رحمها الله أومررت أنا به
11جويلية 2012 يستحيل نسيانه فقد رحلت فيه أمي وفي عام 2005من نفس الشهر فقدت فيه والدي رحمه الله
في وداع الروح
أماه قد أذِن الرحيلُ تَصَبَّري، وببعض نفس،
وببعض جسم أبقاه الداء العضال تجلّدي.
هذا ما ردّدتْ نفسي لما كنتُ أراقبُ عينيكِ الصفراء ببريقِ الموت..
تختلسين من قواكِ المشلولة بهما إليّ نظرةَ المبهوت .. نظرةَ الفاقدِ والمفقود.
في الليل المريض ..
ليل المستشفى ..
صمته المجرد من الهناء..
الساكنِ بصلابة العلل ..
هوائه المشحون بالأسقام..
في سودائه المنبعثة من الأكباد العليلة والكِلى المعطلة،
راقبتُك أماه .. ملياً .. طويلاً وقد قَصَد الدهرُ منك فأقعدك ..
وأشار السقامُ إليك فألقاك .. جثةً .. جسداً .. مائدةً للداء المميت.
ومِنْ هذا الذي زار، كان لنا ولك كل يوم باقة جديدة من الآلام؛ كريم يوزر الأوزار.
وأنظر إليك كل قليل متهيباً؛ هل نِمتِ فيُسَرّى عني، أم عاودك الألم!
أنظر إليك أماه .. يا لوحةَ السقام ..
ترسمُك الساعاتُ اللاسعات؛ لوحة الموت .. على فراش الموت..
المتحرك بالكهرباء!
والأنابيبُ .... منك وإليك .. قيودُ الحياة القاتلة،
نسقيها بماء المهارة، نزرعها في جسمك .. والله يريدك عنده!
ما الذي اعتلج في قلبك - ذلك الحصن المنيع - عندما علمت أنك عما قليل ستفارقينا وجسدك وبيتك والأرض لتقفي بين يدي ديّان السماوات والأرض؟!
ماذا كنت تقولين في غَمَرات الموت النَهِمة التي ابتلعت من عمرك شهرا كاملا؟!
أي عالم ذلك الذي عِشتِ فيه مكبّلة بلا طعام،
وموج الألم يلتطم،
والأرواح الإنسية تَفِدُ إليك مودعة باكية ..
والأرواح الملكوتية تحيطك بما لا ندري، فتقولين ما لا نفهم!
وتسكتين إذا تطفلنا على أسرار البرزخ!
والموت البطيء يزحف إليك .. رويدا .. رويدا ..
بِلا قانون .. أو بِلا قانونٍ نَعرِفْ
أو كأنه المَوْجُ الرجّاعُ .. يجيء ويؤوب حتى وقت طوفانه.
يُعلي بِجَوقَته لحنَ الموتِ الجليلِ .. ثم يهبِطُ بقلوبِ النّاظرينَ إليكِ .. فتهبط أنفاسك وتتباعد ..
ويهبط إيقاع الوجود إلى ما يشبه العدم ...
حتى إذا ما شَهَقْتِ وَحنى رأسَكِ السُكوتُ مبتسِمَةً بالراحة،
خَرِسَ الكَونُ وسَكَن كل شيء ..........
وجهك ميتةٍ أماه .. في حضن الألوهية؛ هو تسليم طفلٍ يعلوه حنوطُ الجلال، جلالِ البرزخِ سرِّ القدوس.
كذا طيفُكِ الآن عندي أيتها الروح، طائر يرنّق بالسر في عالم السر،
بعد أن دمغ جسمك بدمغته حيةَ وميتة، فطفحت من وجهك نورا يعرفه من عرفك.
خذي أيتها الروح هيكلي المتهالك
انزعي إليك نفسي البالية
بددي بالحق كياني المهلهل
دعيني أكون بعدك أي شيء إلا .. أنا.
وإن تشائي ..فسأعود إلى الطعام والشراب وأُنس البشر ..
أعود إلى نصيبي من عالَم الشهادة .. إلى حين.
وداعا أيتها الروح
منقوووول للأمانة
اللهم اغفر لأمي واجعل قبرها روضة من رياض الجنان ، اللهم أنزل على قبرها الضياء والنور ، اللهم انقلها من مراتع الدود وظلمة اللحود إلى جناتك جنات الخلود ، اللهم آنس وحدتها ، واجمعها مع أبي وسائر المسلمين في جنات النعيم مع النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم
لاتبخلوا على الوالدة و الوالد بدعواتكم لهما بالرحمة