المفتش المالي الأول المنشق: النظام لن يصمد طويلاً وميزانية الجيش ستنفد بعد شهرين

[تواتي 17]

المختصر / محمود سليمان الحاج أحمد المفتش المالي الأول بالجهاز المركزي للرقابة المالية بمجلس الوزراء السوري والمفتش المالي بوزارة الدفاع السورية، والذي أعلن انشقاقه عن نظام بشار الأسد وقد جاء إلي مصر كمواطن سوري باحثا عن حماية لبلاده، حسب قوله.
وعلي مدار عشرة أشهر علي بداية الثورة السورية رأي بعينيه ممارسات النظام السوري من قمع ووحشية وقتل ضد الشعب السوري، وكان أيضا شاهدا على اجتماعات قادة الجيش السوري وهم مصرون علي الاستمرار في القمع والقتل للمتظاهرين الأحرار.
وفي حوار خاص مع "بوابة الأهرام" يتحدث المفتش المالي الأول بوزارة الدفاع السورية عن الجيش السوري وميزانيته ومن يدعمه وهل سيصمد بشار كثيرا أم لا، وأي مصير سيلاقيه بشار في النهاية.
*لماذا لجأت لمصر تحديدا؟
كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يقول عن سوريا أنها قلب العروبة وفي سوريا نقول أن مصر هي أم العروبة،أيضا الشعب المصري قريب من الشعب السوري في اخلاقه وعاداته ، وكنت علي مدار العشرةأشهر الماضية أرقب غير راض.
أساليب القمع والقتل والوحشية التي يتعرض لها الشعب السوري ، ولم أفكر في الانشقاق قبل هذه الفترة حيث إنني كنت أتوقع أن يتوقف كل هذا وأن يرضخ بشار لمطالب شعبه، وكان يجب أن يصل كل هذا إلي العالم من خلال وسائل الإعلام العالمية من هنا من مصر ، خصوصا وأن الإعلام والصحافة في سوريا تفرض عليهم المخابرات السورية سيطرتها، ولا يجرؤ أحد علي التفوه بما يشين النظام ، وقد تحدثت مثلا إلي جريدة يابانية عن سيارات الإسعاف المحملة بمسلحين و التي يدفع بها النظام السوري إلي قلب المظاهرات ليس لإسعاف الجرحي والمصابين بل لقتلهم،وعندما علم الصحفي الياباني ذلك تأثر بشدة لأن اليابان كانت قد أهدت هذه السيارات للشعب السوري كمساعدات طبية في حين أن النظام السوري يستخدمها لقتل المتظاهرين .
*ذكرت أيضا أن المخابرات هي التي تدير الدولة السورية الأن، وهروبك من سوريا
كمنشق، كان يمكن كشفها بسهولة خصوصا وأنت صاحب منصب حساس.. ألست معي في ذلك ؟
من الطبيعي أن الشك كان يحوم حولي، ولكن لماذا لم يخطر في بالهم أنني سوف انشق ؟ ذلك لأنني كنت أشغل منصبا كبيرا وأتقاضي راتبا كبيرا ومن وجهة نظرهم ماذا يضيرني في البقاء ،لذا وحينما قررت الانشقاق تحججت بأنني سأقدم أوراق اعتماد ابني للجامعة بالقاهرة وبعد تداولات مع رؤسائي وافقوا وجئت إلي مصر بتأشيرة رسمية،وبعد أسبوع من مجيئي أعلنت إنشقاقي.
*هل حدثت بينك وبين المسئولين بالسفارة السورية أو الجهات المصرية أي لقاءات ؟
أنا مواطن سوري جئت كسائح ولست لاجئا سياسيا ولم يحدث بيني وبين السفارة السورية أي لقاءات ولم تخاطبني أيضا السلطات المصرية.
*ألا تخشي من تعقب المخابرات السورية لك وتصفيتك ؟
أثق تماما في الأمن المصري ولا أخشي من الموت لأنني مؤمن

*لكل ثورة أجندات خاصة بأطرافها ماهي أجندة الثورة السورية ؟
ما يحدث من ثورات الآن في البلاد العربية هي ثورات شعوب وليست انقلابات ، وتتفق الثورات العربية في أجندتها وهي الحرية أولا ثم العدالة الاجتماعية والعيش بكرامة.
*بصفتك المفتش المالي الأول بوزارة الدفاع السورية كم كانت تبلغ
موازنة الجيش السوري بالنسبة لموازنة الدولة ؟
تبلغ ميزانية الجيش السوري حوالي 35%من موازنة الدولة وهي نسبة كبيرة وكانت عبئا علي الاقتصاد السوري ، فنفقات الجيش السوري كبيرة جدا كان يمكن استثمارها في تطوير التعليم ، المرافق ، أو المساهمة في رفع مستوي الدخل للفرد السوري.
*هل يوجد فسادا ماليا بالجيش السوري ؟
نعم متمثلا في الرواتب الكبيرة للضباط الذين كانوا ينفقون علي أنفسهم ببذخ.
*هل كنت تجرؤ علي مقاومة هذا الفساد من خلال موقعك ؟
إطلاقا لم أكن أستطع وعندما كنت ألمح مجرد التلميح كانت تأتيني التوجيهات المتوعدة ،
*وما هو الوضع الراهن لميزانية الجيش ؟
نضبت موازنة الجيش السوري ولم يتبق امامها سوي شهرين ، حسب البيانات والأرقام التي كانت تحت يدي داخل وزارة الدفاع السورية ولولا الدعم الخارجي للجيش السوري لسقط النظام بعد فترة وجيزة .
*ذكرت أن هناك دولا تدعم الجيش السوري ماليا منها إيران والعراق.. تري ماهي دوافعهم الحقيقية وراء هذا الدعم ؟و إلي متي سيستمر دعمهم؟
هناك أجندة إيرانية وعداء تاريخي بين العرب والفرس وهو ليس بجديد و هناك بالطبع الخلفية الطائفية العلوية وهي عامل قوي لدعم إيران لسوريا، بالنسبة للتمويل الإيراني للنظام السوري فإنه لن يستمر طويلا، فإيران أيضا تعاني من عقوبات اقتصادية وأيضا العراق لن تقدم تمويلا ماليا أكثر مما قدمت حتي رجال الأعمال الذين يضخون ملايين الدولات حتي ينقذوا اليرة السورية من الإنهيار لن يستمروا كثيرا في ذلك .
*إذا سقط النظام السوري هل يمكن أن يحدث بسوريا ما حدث بالعراق من انقسامات بين السنة والشيعة ؟
الشيعة في العراق يحققون أجندة إيرانية خلفيتها سياسية وليست دينية ، السوريين أغلبية متسامحة متدينون وغير دمويين ولا يمكن أن يحدث بسوريا كما حدث بالعراق، وإيران هي من تغذي هذه المخاوف لدي العرب وهي من تعزز الطائفية أيضا.
*علي خلفية ما حدث مع الثورة المصرية كان الجيش مع الشعب لماذا لا نجد المثل في سوريا ؟
الجيش في سوريا عقائدي وعقيدته هي أن الجيش خلق لحماية القائد وحزب البعث وبما ان الثورة ضد القائد وحزب البعث فإن الجيش ضدها،وهي عقيدة فاسدة، ويجب أن يكون الجيش حاميا للشعب ، أيضا تربي الجيش السوري علي منطق العبودية والسخرة لذلك هم قساة القلب مع شعبهم ، وهم أيضا منتفعون ببقاء النظام ،
*الاجتماعات التي كانت تعقد بوزارة الدفاع ماذا كان يدور فيها ؟
أهم ما كانوا يتفقون عليه هو الاستمرار علي القتل والقمع ووصف المتظاهرون بأنهم مجموعة من العصابات تغذيها مؤامرة خارجية.

*ومع ذلك فإن هناك عددا كبيرا من العسكريين الذين أعلنوا انشقاقهم عن الجيش ولجأوا إلي لبنان ؟ّ
نعم لم ينشق من الجيش سوي الشرفاء المؤمنين ولو اتيح الإنشقاق للجيش لانشق عدد كبير منه.
*ولكن عموما يقال أن بشار لديه قبول معقول لدي البعض من الشعب السوري ؟
أبدا ومن يذهبون إلي ساحة الأمويين لتأييده ماهم إلا موظفون يأخذون بـ(الباصات ) ويتم تصويرهم رغما عنهم.
*ذكر بشار الأسد في خطابه الرابع الثلاثاء الماضي أن الثورة السورية تدعمها مؤامرة خارجية مارأيك في قوله ؟
أي مؤامرة تلك التي يتحدث عنها فكيف ومتي حدثت ، هل حدثت عندما خرج الناس يطالبون بحريتهم؟ ! حينما بدأ يصفهم بأنهم عصابات مسلحة ، وإذا كان هذا صحيحا فمتي خلقت العصابات المسلحة وكيف دربت؟. والمخابرات السورية كما أخبرتك لا تمر من بين يدها صغيرة او كبيرة ، فالعصابات المسلحة هي شبييحته أما الشعب السوري المسالم هو الذي قام بثورته بحثا عن الحرية والكرامة، ولا توجد اي مؤامرة خارجية وهو طبعا يتهم بهذه المؤامرة دول الخليج وهم أشرف منه.
* ما هو تحليلك لخطابه عموما ؟
خطابه الرابع كان ضعيفا،وهو تكرار لخطاباته السابقة لم يقدم فيه شيئا جديدا ، حاول إثبات أنه العربي الوحيد والعرب الباقون فهم مستعربون.
المصدر: بوابةالأهرام