II-2- اتفاقات المنظمة الناتجة عن جولة أورجواي و مؤتمر مراكش:
II- 2-1-اتفاقيات حول السلع المصنعة:
من أهم ما توصلت عليه جولة أورجواي في مجال السلع المصنعة هو تعدد أشكال التنازلات الجمركية المتبادلة, و التي قد تأخذ شكل التحرير الكامل في قطاع سلعي معين, بمعنى إعفاء هذا القطاع كلية من الرسوم الجمركية أو تخفيضها بالنسب التي تحددها الدولة في جداول التزاماتها, و التي تم الاتفاق عليها, و فيما يلي محصلة التنازلات التي تقدمت بها الدول المشاركة في المفاوضات:
1- خفض تعريفات السلع المصنعة في الدول الصناعية من متوسط 6.3% إلى 3.7% أي بنسبة خفض 40% , و كذا مضاعفة الجزء من وارداتها من السلع الصناعية الذي يدخل إلى أسواقها .
2- تقليص حجم شريحة الواردات التي تدخل أسواق الدول الصناعية بتعريفة 15% فأكثر من 7% إلى 5% من إجمالي الواردات في حين تخفض من 9% إلى 5% بالنسبة للدول النامية.
3- رفع نسبة الربط للتعريفة من السلع المصنعة من 87% إلى 99% في الدول الصناعية, و من 21% إلـى 73% في الدول النامية, و من 83% إلـى 98% للإقتصادات المتحولة.
4- خفض التعريفة الجمركية على 64% من إجمالي الواردات الدول المتقدمة, و 46% من إجمالي خطوط التعريفة في الدول النامية.
5- إلتزام الدول المتقدمة بخفض تعريفاتها ب 40% على الأسماك و المنتوجات و الملابس و الجلود و المطاط الأحذية, و معدات النقل, و نسبة 60% على الاحتساب و الورق و عجائن الورق و الماكينات اليدوية.
6- إلتزام الدول الصناعية بتوزيع التعريفات على السلع الصناعية بشرط أن لا تتجاوز الواردات الخاضعة لرسوم تزيد عن 15% بنسبة 27% فيما يتعلق بالمنسوجات, 11% بالنسبة للواردات الجلود و المطاط و الأحذية و معدات السفر.
II-2-2-اتفاقات الزراعة:
جعلت البلدان الصناعية كل أصناف المنتجات الزراعية مشمولة بالرسوم الخاضعة للتقييد, و سوف تخفض القيود الحالية للرسوم الجمركية في خلال 6أعوام بنسبة 36% في المتوسط باستخدام الرسوم الجمركية لعام 1988-86 , وقد تحولت القيود الكمية إلى رسوم جمركية يتم تخفيضها بنفس النسبة, و مع ذلك فإنه من المتوقع أن تكون التخفيضات الحقيقية قليلة, و يرجع ذلك بصفة رئيسية إلى أن الرسوم الجمركية المقيدة الجديدة أعلى من المعدلات الحقيقية.
كما أسفرت نتائج المباحثات حول الزراعة عن وضع إطار للإصلاح طويل الأجل للتجارة في المنتجات الزراعية يستهدف إنشاء نظام التجارة في المنتجات الزراعية يستند إلى قوى السوق ، و أنه من الضروري الشروع في عملية الإصلاح من خلال التفاوض حول الإلتزامات المتعلقة بالدعم و الحماية, و من خلال وضع قواعد و أنظمة معززة و أكثر فعالية للجات.
كما أجازت المادة 19 من الإتفاقية العامة للتجارة و التعريفات لأعضائها باتخاذ إجراءات وقائية بهدف حماية صناعة محلية من الآثار الناجمة عن الزيادة الغير المتوقعة في الواردات من منتج معين, و التي تسبب أضرار جسيمة للصناعة.
و في نطاق تنفيذ تلك المادة, يضع الإتفاق خطراً ضد ما يطلق عليه إجراءات المنطقة الرمادية, حيث ينص الإتفاق على أن لا يقوم العضو بفرض أية قيود اختيارية, أو ترتيبات خاصة بنظم السوق أو أية إجراءات أخرى متشابهة من شأنها تقيد الصادرات أو الواردات. كما يؤكد الاتفاق الذي تم التوصل إليه على آلية مراجعة السياسة التجارية, و تشجيع هذه الآلية على مزيد من الشفافية فيما يتعلق بإعداد السياسة التجارية الوطنية.
-3-2-II اتفاقية الإجراءات الصحية و النباتية:
فالإتفاق حول هذه الإجراءات و المرتبطة بصحة الإنسان و الحيوان و النبات, جاء كجزء مكمل لاتفاقية الزراعة, و ذلك للعلاقة القوية بين المنتجات الزراعية عموما و الغذائية على وجه الخصوص و موضوع الصحة.
و بصفة عامة فالاتفاقية تعطي الحق لأي دولة عضو للقيام بإجراءات الكفيلة بحماية صحة الإنسان و الحيوان و النبات, بشرط أن لا يساء استخدام هذه الإجراءات لأغراض معيقة للتجارة كالأغراض الحمائية, و تتضمن الاتفاقية مجموعة من القواعد و المبادئ و الأحكام التي تحكم عملية اللجوء إلى إتخاذ الإجراءات الصحية, بما يحول أمام تحولها إلى إجراءات معيقة للتجارة, و بما يحصر آثارها السلبية في هذا الإطار في أضيق الحدود.
و تسهيلا لتحقيق لتجانس و الإرتقاء بمستوى الحماية الصحية, وافقت الدول الأعضاء على تسهيل سبل تقديم المساعدات الفنية للدول الأخرى و خاصة النامية و الأقل نمواً, كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة تدابير حماية صحة الإنسان و الحيوان و النبات. و قد حصلت البلدان النامية علة معاملة تفضيلية بهذا الشأن تمثل بفترة إمهال لمدة عامين من تاريخ إنشاء المنظمة قبل الإلتزام بتطبيق أحكام و مبادئ هذه الإتفاقية التي تمتد إلى خمس سنوات للدول الأقل نمواً.
-4-2-II اتفاقية الملابس و المنسوجات:
لم يكن قطاع المنسوجات و الملابس حتى جولة الأورجواي تخضع لأحكام "الجات", و في عام 1962 خضعت تجارة المنسوجات و الملابس لاتفاقية خاصة عرفت باسم "اتفاقية الألـيـاف المتعددة MFA" "Multi Fiber Agreement", و قد مثلت هذه الاتفاقية صورة من صور التمييز من قبل الدول الصناعية المتقدمة ضد صادرات البلدان النامية من المنسوجات و الملابس التي تمتلك الميزة النسبية لإنتاجها بدرجة معقولة, و على ضوء هذه الإتفاقية كان تم تحديد حصص تصدير لكل دولة مصدرة و حصص استيراد لكل دولة مستوردة, و لا يجوز تجاوز هذه الحصص, و قد كان هذا النظام يمثل قيدا كميا صارما على قدرات البلدان النامية في التوسع في صناعاتها, و بالتالي صادراتها من المنسوجات و الملابس.
و نصت هذه الإتفاقية على دمج هذا القطاع في "الجات" خلال فترة عشر سنوات, و ذلك على أربع خطوات, تبدأ الخطوة الأولى فور دخول الإتفاقية حيز التنفيذ في 1995/01/01, و ذلك بدمج منتجات مختارة من قائمة متفق عليها, بحيث تشكل نسبة %16 من الحجم الكلي للواردات من المنسوجات و الملابس في سنـة 1990؛ و تشمل الخطوة الثانية دمج منتجات تشكل ما لا يقل عن %17 من حجم الواردات خلال السنوات الثلاث من 1998-1995.
أما الخطوة الثالثة فتزداد النسبة التي يتم دمجها من واردات المنسوجات و الملابس إلى %18 على أن يتم هذا الدمج خلال السنوات الربع من 2002إلى-1998 و بذلك تبقى نسبة %49 من الواردات سوف يجري دمجها في "الجات".
و في الخطوة الرابعة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة المتبقية (2005-2002) يتم بصورة موازية مع عملية الإدماج المشار إليها أعلاه تحقيق زيادة مستمرة في الحصص الكمية المفروضة على بعض منتجات المنسوجات و الملابس التي تضل خاضعة لقيود المقررة في اتفاقية الألياف, المتعددة "MFA", و تتم هذه الزيادة بنسب %27, %25, %16 على التوالي, و سيؤدي هذا الأمر بزيادة حجم الحصص المسموح بها بتصديرها إلى أسواق الدول بصورة تصاعدية إلى الدرجة التي تؤدي إلغائه, و بأن تكف عن أن تكون قيداً.
-5-2-II اتفاقية التجارة في الخدمات:
كان إدراج التجارة في الإتفاق إنعكاسا لأهميتها الكبيرة, من تحرير التجارة, و قد شمل الإتفاق العام لتجارة الخدمات عددا من الإلتزامات, فطبقا لشرط الدولة الأولى بالرعاية, فإنه تحظر المعاملة التمييزية في مواجهة مقدمي الخدمات الأجانب. كما يشير هذا الفصل إلى ضرورة الإعلان عن جميع القوانين و النصوص التي تعمل على تيسير زيادة مشاركة الدول النامية في تجارة الخدمات العالمية, و الوصول إلى قنوات توزيع و شبكات المعلومات, إلا أن النصوص تسمح بفرض قيود في حالة وجود صعوبات في ميزان المدفوعات, و حيثما تفرض هذه القيود فينبغي أن لا تكون تمييزية و أن لا تضر الأطراف الآخرين, و أن لا تكون ذات طبيعة مؤقتة.
كما أن هناك نصوص خاصة بالنفاذ في الأسواق و المعاملة الوطنية و هذه لا تمثل إلتزامات عامة, لكنها عبارة عن ارتباطات تتضمنها في جداول الإلتزامات الوطنية, في هذا الإطار فإن المقصود من النفاد إلى الأسواق الإلغاء التدريجي للقيود الموضوعة على مقدمي الخدمات أو على إجمالي قيمة المعاملات الخدمية أو على إجمالي عدد عمليات الخدمة أو الأفراد المستخدمين, كذلك الإلغاء التدريجي للقيود التي تتناول الكيان القانوني أو المشروعات المشتركة التي تقدم الخدمة, أو أية قيود على رأس المال الأجنبي يتعلق بالمستويات القصوى للمشاركة الأجنبية. أما بالنسبة للمعاملة الوطنية فهو يلزم –من حيث المبدأ- بمعاملة متساوية بمقدمي الخدمات الأجانب أو المحللين و حينما تعدل الإلتزامات أو يتم التراجع عنها ينبغي إجراء مفاوضات مع الأطراف ذات المصلحة للإتفاق على الأداة التعويضية, و في حالة عدم الوصول إلى إتفاق يتم إقرار التعويض عن طريق التحكيم.
-6-2-II اتفاقية حقوق الملكية الفكرية:
يحدد الإتفاق المعني بالتجارة المتصلة بالخدمات بحقوق الملكية الفكرية (بما في ذلك براءة الإختراع, التصميمات الصناعية و العلامات التجارية, و الإشارات الجغرافية, و حقوق النشر...). كما أنه يطبق مبادئ المعاملة الوطنية و الدولة الأكثر رعاية في هذا المجال, و من المتوقع أن يعزز الإتفاق الذي يتم تنفيذه خلال عام واحد بالنسبة للبلدان الصناعية أحد عشر عاما بالنسبة للاقتصاديات النامية, و التي تمر بمرحلة انتقال أنشطة البحث و التنمية و أن يزيد من الاستثمارات.
و يتناول هذا الفصل التزامات حكومات الدول الأعضاء فيما يتعلق بحماية حقوق الملكية الفكرية, كما يتناول كذلك الأسس التي يمكن الاستناد إليها في إثبات الأضرار, وحتى السلطات القضائية في اتخاذ إجراءات قوية و فعالة دون تأجيل من شأنه إلحاق الضرر بصاحب الحق.
قد يؤدي بعض الإجراءات الخاصة بالاستثمار إلى تقييد و تشويه التجارة, لذا فقد اتفق على عدم الأخذ بإجراءات من هذا النوع و التي من شانها الحد من حرية التجارة أو التناقض على مبدأ تعميم المعاملة الوطنية, أو قد تؤدي إلى قيود كمية تتعارض و مبادئ الجات, و لضمان مراعاة ذلك, تم وضع قائمة إيضاحية مرفقة بالإتفاق, تتضمن إجراءات الإستثمار المتصلة بالتجارة التجارة, و التي يجب العمل على إلغائها في غضون سنتين بالنسبة للدول المتقدمة, و خمس سنوات بالنسبة للدول الأقل نمواً, مع إنشاء لجنة تتولى هذه المهمة.
7-2-II- اتفاقيات أو قواعد تنظيم التجارة الدولية:
أ- مكافحة الإغراق:
تكفل المادة السادسة من الإتفاقية العامة للتعريفات و التجارة حق الأطراف المتعاقدة في وضع إجراءات لمكافحة الإغراق توجه ضد الواردات, التي تكون أسعارها أقل من قيمتها العادية (القيمة السائدة في السوق المحلية و الدول المصدرة), و أن تكون الإغراق تسبب في الإضرار بالصناعة المحلية في الدولة المستوردة, و لتطبيق هذه المادة, اشترط الإتفاق ضرورة أن تقوم الدولة المستوردة بإثبات علاقة بين الواردات محل الإغراق و الضرر الواقع عن صناعاتها المحلية, و تجدر الإشارة إلى أن من التعديلات الهامة التي شملتها الإتفاق النص على إجراءات مكافحة الإغراق بعد خمس سنوات من تاريخ تطبيقها.
ب- الإتفاق حول تقدير الرسوم الجمركية:
منح الإتفاق الحق في طلب المزيد من المعلومات الإضافية, فلا يتم تحديد قيمة الرسوم الجمركية على أساس القيمة المعلنة, و إنما يؤخذ بقيمة أخرى يتم تقديرها مع الأخذ بعين الإعتبار الحدود المنصوص عليها في الإتفاق.
ج- الإتفاق بشأن الفحص قبل الشحن:
تجري عمليات الفحص قبل الشحن بمعرفة متخصصين, و يتناول ذلك السعر و الكمية و نوعية السلع المستوردة, و تقوم الحكومات في الدول النامية بهذا الفحص بغرض منع هروب رؤوس الأموال و القضاء على الغش التجاري, و كذلك منع التهرب من دفع الرسوم الجمركية, و قد أشتمل الإتفاق الذي تناول هذا الموضوع عدم الإلتزامات المعلقة بهذه الإجراءات من حيث عدم التمييز بين الأطراف, و تطبيق مبدأ الشفافية و ضمان حماية المعلومات السوقية و تجنب التأخر المعتمد.
د- الإتفاق بشأن الدعم و الإجراءات التعويضية: يتضمن الإتفاق تطبيق الدعم حسب الأنواع التالية:
1- دعم محظور: أياً كانت مبرراته و إذا ما وجدت هيئة تسوية المنازعات أن الدعم من النوع المحظور بالفعل, فعلى الدولة إلغائه فوراً, و إذا لم يتم ذلك في غضون الفترة المحددة يصرح للعضو صاحب الشكوى إتخاذ إجراءات مضادة.
2- دعم يمكن إتخاذ بشأنه: و هو ما تسبب في إحداث تأثيرات ضارة بمصالح الأعضاء الآخرين, بما يمكنهم من إحالة الموضوع إلى هيئة تسوية المنازعات, بحيث إذا ما أثبت تحقق تأثيرات ضارة, فعلى العضو الذي قدم الدعم أن يقوم بإلغائه فوراً, أو يعمل على إزالة هذه التأثيرات أو إثبات أن الدعم موضوع الخلاف لا يسبب ضرراً شديدا للعضو.
3- دعم لا يتخذ إجراء بشأنه: حيث قد يأخذ شكل مساندة بحوث صناعية أو تطوير أنشطة لم تصل بعد إلى مستوى المنافسة.
هـ- الإتفاق بشأن قواعد المنشأ:
يستهدف هذا الإتفاق تحقيق تناسق في تطبيق قواعد المنشأ في الأجل الطويل, مع التأكيد على أن هذه القواعد لا ينبغي أن تعكس معوقات غير ضرورية أمام التجارة, و لقد قام الإتفاق بوضع برنامج تحقق هذا التناسق في أقرب وقت ممكن, و يتم الانتهاء من هذا البرنامج خلال ثلاث سنوات, و يتضمن وضع أسس تجعل قواعد المنشأ موضوعية و مفهومة.
تعرف قواعد المنشأ على أنها القوانين و النظم و الأحكام الإدارية التي تكون ذات التطبيق العام, و التي يطبقها أي عضو لتحديد باب منشأ السلعة على شرط أن يكون قواعد المنشأ هذه تتعلق بالنظم التجارية التعاقدية أو المستقلة التي تؤدي إلى منح أفضليات تعريفية عبر ما ينتج من تطبيق اتفاقية جات 1994.
-3-II الآثار المترتبة على المنظمة العالمية للتجارة:
-1-3-II إيجابيات و سلبيات OMC :
أ- إيجابيات OMC :
1- المنظمة تساهم في ترقية السلم.
2- الخلافات تعالج بطريقة بنّاءة.
3- القواعد تجعل الحياة سهلة لكل واحد.
4- تحرير المبادلات يحقق تكاليف الحياة.
5- توسع تشكيلية المنتجات و النوعيات المقترحة.
6- التجارة تزيد من الدخل.
7- التجارة تنعش النمو الإقتصادي.
8- المبادئ الأساسية للمنظمة تزيد من الفعالية.
9- المنظمة تساعد الحكومات في تبني تصميم متزن للسياسات التجارية.
10- تعطي أكثر تأكيد و أكثر شفافية للتبادلات التجارية.
ب- سلبيات OMC :
1- المنظمة تملي على الحكومات السياسات الواجب إتباعها.
2- المنظمة تطالي بالتبادل الحر مهما كان الثمن.
3- المنظمة لا تنشغل إلا بالمصالح التجارية التي تتصدر التنمية.
4- المصالح التجارية فوق حماية المحيط.
5- المصالح التجارية فوق المصالح الأمنية و الصحة.
6- المنظمة تحطم مناصب الشغل و تعمق الفجوة بين الدول الفقيرة و الغنية.
7- البلدان الصغيرة ليسوا أقوياء في المنظمة.
8- المنظمة عبارة عن مجموعة من الضغوطات القوية.
9- المنظمة غير ديمقراطية.
10- البلدان الضعيفة تواجه قيود للإنضمام إلى المنظمة.
-2-3-II آثار تطبيق الإتفاقية على البلدان النامية:
أ- الآثار الإيجابية للاتفاقية بالنسبة لبلدان النامية:
يمكن القول بصفة عامة أن تخفيف الحواجز الجمركية و غير الجمركية ستؤدي إلى زيادة حجم و حركة التبادل الدولي, و من ثم زيادة و انتعاش حركة و حجم الإنتاج القوميين في معظم بلدان العالم و لاسيما في الدول الصناعية المتقدمة التي تعني في الوقت الراهن من كساد و ركود حادين, و هذا معناه تنشيط الإقتصاد العالمي و خروج البلاد الصناعية من حالة الكساد التي تعاني منها منذ بداية التسعينات, مما يعود بالخير على البلاد النامية, ذلك أنه من المعروف أن مستور النشاط الإقتصادي في البلاد الصناعية يعتبر من أهم عوامل زيادة الطلب على صادرات البلاد النامية, فكلما زادت معدلات النمو في الأولى زاد مستوى الطلب على صادرات الثانية.
و كذا زيادة إمكانية نفاذ صادرات الدول النامية إلى أسواق الدول المتقدمة, إنطوت الإتفاقية الأخيرة على عدد من الإجراءات سوف تتبع إمكانية أكبر نسبيا لصادرات الدول النامية من السلع التي تتمتع فيها بمزايا نسبية واضحة في النفاذ إلى الأسواق الدول الصناعية و المتقدمة تدريجيا مثل الإلغاء التدريجي للدعم المقدم من الدول الصناعية المتقدمة الصناعية إلى منتجيها الزراعيين المحليين و الإلغاء التدريجي لحصص وارداتها من المنسوجات و الملابس الجاهزة.
و على الرغم من أن آمال الدول النامية في تجارة عالمية أكثر تحررا لم تتحقق بالكامل في الإتفاقية الأخيرة, إلا أنها حصلت على إلتزام من الدول المتقدمة بالسعي نحو التحرر التدريجي بإلغاء حصص للتصدير خلال فترة تتراوح بين 10-6 سنوات, الأمر الذي يتيح لها إمكانية أكبر في النفاذ في أسواق الدول المتقدمة الصناعية, و من ثم زيادة صادراتها, و إن كان سوف يقلل من ذلك عدم وجود آلية تحد من إمكانية الدول لمتقدمة الصناعية في استخدام الإجراءات الرمادية.
إنطوت الإتفاقية الأخيرة على بعض البنود التي تستعمل على انتعاش الإنتاج المحلي و منها:
- تخفيض الرسوم الجمركية على احتياجات الدول النامية من السلع الأساسية و مستلزمات الإنتاج تؤدي إلى تخفيض أعباء و تكاليف الإنتاج المحلي, و تخفيض معدلات التضخم الناشئ عن التكلفة و من ثم استقرار المستوى العام للأسعار, و كذلك زيادة الإنتاج في تلك الدول, و قد يكون لإلغاء الدعم المقدم للمنتجين الزراعيين في الدول الصناعية أثر إيجابي على انتعاش بعض المنتجات الزراعية في الدول النامية التي تقوم باستيرادها من الدول المتقدمة, و على الأخص الحبوب و اللحوم و منتجات الألبان و هذا بنسب تتراوح بين %10 - %4, حيث أن ارتفاع أسعار تلك السلع المستوردة من الدول المتقدمة نتيجة إلغاء الدعم تدريجيا, قد يؤدي إلى زيادة ربحية تلك المنتجات محليا, و بالتالي تحفيز المنتجين الزراعيين في الدول النامية على إنتاجها.
كما أن تحرير التجارة في الخدمات ستتيح للدول النامية إمكانية الحصول على التكنولوجيا الحديثة في مجالات عديدة مثل خدمات المكاتب الإستشارية, ذلك أن انخفاض تكلفة العمالة في الدول النامية ستؤدي بالمكاتب الإستشارية العالمية إلى الإستعانة بهم و تدريبهم و إحلالهم محلها في إدارة تلك المكاتب.
- زيادة الكفاءة الإنتاجية في الدول النامية: فاتفاقية الجات ستؤدي إلى زيادة المنافسة بين الدول العالم, و ما تؤدي إليه من ضرورة زيادة الكفاءة الإنتاجية في آداء المشروعات في الدول النامية, و تحسين جودة الإنتاج حتى تستطيع القدرة على المنافسة في الأسواق العالمية, فعادة ما يؤدي العمل في ظروف تنافسية إلى زيادة الكفاءة و هذا على درجة عالية من الأهمية بالنسبة للمشروعات في الدول النامية, حتى تستطيع الإحتفاظ بسوقها المحلي و الحصول على حصة من الأسواق الخارجية. الأمر الذي يترتب عليه بالضرورة اضطراب الدول النامية التي تكيف اقتصادياتها على أساس قوى السوق الحرة و التحرر الإقتصادي وفقاً للتوجيهات النظام الإقتصادي العالمي الجديد, الأمر الذي يعني أن عليها أن تستعد الآن لهذا الموضوع.
ب- الآثار السلبية للاتفاقية بالنسبة للدول النامية:
لاشك أن اتفاق الجات هو اتفاق الأغنياء و البلدان النامية, في هذا المجال تعتبر تابعة و قابلة لما يصدر عن الأغنياء. و قد ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" على لسان محررها "لورنس أنفراسيا" مصورا حال البرد النامية :" لقد كانوا و على مدى أسابيع ينتظرون في الخارج و يرتقبون ما يجري في الداخل, و ذلك في الوقت الذي يتفاوض فيه المسئولون الأمريكيون و الأوروبيون بشأن من يحصل على جزء من الكعكة الخاصة بالتجارة العالمية, فقد كانت البلاد النامية تستغرب ما بقي لها".
و بسبب الضعف الهيكلي للبلاد النامية في مجال الثروة و القوة إذ لا يزيد حجم تجارتها عن %27 من التجارة العالمية, فهي دائما الخاسر الكبر, ففي مجال السلع الزراعية و المنسوجات سوف تواجه هذه البلاد حجما أقل من الوسائل الجمركية على صادراتها المتواضعة, و مقابل ذلك سوف يطلب منها فتح المزيد من أسواقها في مجال الإستثمار و التسويق و الخدمات و السلع الزراعية الأوروبية و الأمريكية, الأمر الذي يقلل من مقدرتها على التنافس مقابل هذا السبيل من التدخل الإقتصادي الخارجي.
إن فترة ما بعد الأورجواي في الإقتصاد العالمي تعني فتح المزيد من الأسواق في العالم الثالث أمام الإنتاج الأوروبي و الأمريكي, مما يزيد أكثر من تبعية اقتصاد البلدان النامية لاقتصاديات أوروبا و أمريكا.
و يمكن رصد بعض الآثار السلبية لاتفاقية الجات الأخيرة على الدول النامية فيما يلي:
- الإلغاء التدريجي للدعم المقدم للمنتجين الزراعيين في الدول الصناعية سيؤدي إلى تغيرات في البنية الجغرافية للعرض لاسيما بعد أن تم تحويل القيود الكمية المفروضة على الواردات من السلع الزراعية إلى قيود سعرية, ذلك لأن الحماية الزراعية كانت تعتمد إلى حدّ كبير على القيود غير التعريفية, و عليه ستزداد مشاكل الدول المتخلفة من جراء هذه الإتفاقية, ذلك لأن أسعر المنتجات الزراعية الناتج عن إلغاء الدعم من جهة و التنافس الأوروبي و الأمريكي على كسب الأسواق و تقسيمها, مما يؤدي إلى تدهور شروط التبادل الذي تتحمل عبأه الدول المتخلفة التي تعاني من التبعية الغذائية, و هذا ما يهدد موازين مدفوعاتها, و ينبأ بزيادة اختلالها في السنوات القادمة, و هذا ما يفسح المجال واسعاً أمام تدخل صندوق النقد الدولي
- لقد حاولت الدول المتخلفة إدراج موضوع انتقال العمالة لكونه عنصرا من عناصر الخدمات التي يقصد بها هنا: الخدمات المصرفية و التامين و سوق المال, و النقل البري و البحري و الجوي و المقاولات و السياحة و الإتصالات السلكية و اللاسلكية, و غايتها في ذلك إزالة العوائق التي تضعها البلدان المتقدمة في مواجهة العمالة المتنقلة أو المهاجرة, إلا أن هذه الأخيرة رفضت التفاوض في هذا الموضوع و التزمت بتوفير حقوق المقيمين بها فقط, و هذا يعد تقييد لتصدير العمالة الأجنبية التي تعتمد عليها الدول المتخلفة كإحدى المصادر الرئيسية لزيادة دخلها الوطني.
- إقرار الجات الحماية على الملكية الفكرية الذي يمثل جمع ثلاث مؤسسات في هذا المجال, و الذي يعد في الواقع قيداً يعوق الدول المتخلفة عن التطور, و هي في الواقع تعد بمثابة رسالة رمزية موجهة لهذه الدول مفادها أن عصر تكرار المعجزة اليابانية, و معجزة شرق آسيا قد انتهى ولا يمكن تكراره.
- قد يؤدي الإنخفاض التدريجي في الرسوم الجمركية إلى عجز أو زيادة عجز الموازنة العامة في الدول النامية, أو عدم تنامي الإيرادات اللازمة لتمويل النفقات العامة المتزايدة مما يؤدي إلى زيادة الضرائب, و فرض ضرائب أو رسوم جديدة على الأفراد و المشروعات مما قد يكون له آثار سلبية على تكلفة الإنتاج.
- بعض البلدان السائرة في طريق النمو ليس لهم مكان في مقر OMC و لا يمكن لهم التفاوض, عدد هذه البلدان 28 بلد منها: بليز, البنين, بوتسوانا, بوركينافاسو, دومينيك, غينيا بيساو, جزر السلمون, مالاوي, ناميبيا, النيجر, جمهورية إفريقيا الوسطى, سان لوسي, سورينام, التشاد, الطوغو.
عبد العظيم حمدي, مرجع سبق ذكره, ص 43.
Jean claude lefort, l’ OMC à t-elle perdu le sud , N° 2750, les document information de l’assemblé nationale; 2000, P 54