السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الردّ على شبه القائلين بأن الله معنا بنفسه بالأدلة النقلية والعقلية
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين
أما بعد :
فقد تضافرت أدلة الشرع على علو الله فوق سماواته ، و الفطر السليمة على ذلك و السلف الصالح على ذلك ، ومع هذا وجد من يؤول هذه النصوص ، و يحملها على غير محملها الصحيح مخالفا صريح الكتاب و السنة و كلام السلف الصالح ،و قد تصفحت منذ بضعة أيام كتاب يدعى إن الله معنا حقا فصعقت مما به من أدلة يتوهم منها أن الله معنا بنفسه في الأرض ،و حمل نصوص الكتاب و السنة على غير ظاهرها و نحسن ظنا بالكاتب أنه أراد بيان الحق الذي غلب على ظنه أنه حق لكن كم من مريد للحق لا يبلغه لذلك أحببت في كتابة شيئا من الحق الذي عليه أهل السنة و الجماعة ، و أسميته كتائب السلفية تقتل أدلة القائلين بأن الله معنا بنفسه بالأدلة النقلية والعقلية و كان مكونا من ثلاثة فصول :
الفصل الأول : الأدلة على علو الله
الفصل الثاني : مناقشة استدلالات من قال الله معنا بنفسه
الفصل الثالث :فصل : كلام الصحابة و السلف و من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين في علو الله
الخاتمة .
فصل : من أدلة علو الله فوق خلقه ، والرد على من رد على هذه الأدلة :
الدليل الأول :
آيات الاستواء على العرش كقوله تعالى : ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾[1] و استوى على العرش أي علا على العرش و العرش أعلى المخلوقات و الله علا على العرش فالله فوق جميع المخلوقات وليس معهم بذاته و من أقوال علماء السلف في أن الاستواء على العرش بمعنى العلو قول الطبري في قوله تعالى : ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾[2]: وقوله: ﴿ في ستة أيام ﴾قيل: كان ابتداء ذلك يوم الأحد، والفراغ يوم الجمعة ﴿ ثم استوى على العرش الرحمن ﴾ يقول: ثم استوى على العرش الرحمن وعلا عليه، وذلك يوم السبت فيما قيل. وقوله: ﴿ فاسأل به خبيرا ﴾ يقول: فاسأل يا محمد خبيرا بالرحمن، خبيرا بخلقه، فإنه خالق كل شيء، ولا يخفى عليه ما خلق. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل[3] ، و قال قتيبة بن سعيد : نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه كما قال تعالى : ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [4] ، قال ابن بطال : وأما تفسير استوى علا فهو صحيح وهو المذهب الحق وقول أهل السنة لأن الله سبحانه وصف نفسه بالعلي [5].
رد القائلين بأن الله معنا بنفسه على الاستدلال بآيات الاستواء على علو الله فوق خلقه :
قالوا : هذه الآيات إثبات لوجود الله فوق العرش امتدادًا لإثبات وجوده فى أرضه وسماواته ، حيث لا يجوز تفسير استواء الله على العرش بمفهوم مغادرته للأرض والسماوات !! ، لأن فى ذلك تحجيمًا له وتحييزًا وتغييبًا ، وهو فهم يتعلق بكيفية مبنية على تشبيه الله بغيره من المحدودات !، وهذا يتصادم مع أسماء الله الأول والآخر والظاهر والباطن والواسع والمتعال والقريب كما فسرها النبى صلى الله عليه وسلم باتساع الله المطلق معنا ومع كل شيء وفوقنا وفوق كل شيء ، بمعنى استواء وجود الله نفسه فى كل جهة ومكان دون تحدد أو تحيز ، وبالتالى دون غياب من أى مكان ، ولا مانع من هذا التفسير لغة وشرعا ، وبه قال الكثيرون ، وبغيره لم يقل النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه و أورد الإمام القرطبى أهم أقوال العلماء فى معنى الاستواء على العرش حيث قال : (( هذه مسألة الاستواء ، وللعلماء فيها كلام ، و الأكثر من المتقدمين و المتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة و التحيز فمن ضرورة ذلك و لواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين و قادتهم من المتأخرين تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة ، فليس يتحيز بجهة فوق عندهم ؛ لأنه يلــزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز ، و يلزم على المــكــان و الحيــز الحركة و الســكون للمتحــيز ، و التغـــير و الحــدوث )) .