كتاب التاريخ للسنة الثانية متوسط وصفهم بـ''الخوارج''
الإباضيون غاضبون على وزارة التربية
نقره على هذا الشريط لتصغير الصوره
عبّر أعيان ومشايخ منطقة وادي ميزاب، عن استيائهم الشديد من ورود أخطاء وصفوها بـ ''الخطيرة'' و''غير المقبولة''
في كتاب التاريخ للسنة الثانية متوسط، حيث ربط مؤلفو الكتاب صفة ''الخوارج'' بالمذهب الإباضي، واعتبر هؤلاء مقرر التاريخ ''جريمة في حق الوطن وفي حق فئة مسالمة''.
مرة أخرى، تستيقظ الأسرة التربوية والتاريخية على وقع فضيحة في قطاع التربية، تتعلق هذه المرة باكتشاف أخطاء في كتاب التاريخ ''الجزء الثاني'' للسنة الثانية متوسط، حيث وصفت أتباع المذهب الإباضي بـ''الخوارج'' بالرغم من تقديم احتجاج رسمي من قبل الدكتور إبراهيم بحاز المختص في التاريخ إلى اللجنة الوطنية المشرفة على المقررات المدرسية، أرسلت إلى كافة مفتشي التربية ومن خلالها إلى أساتذة نفس المواد، قصد تصحيح الأخطاء الواردة في الكتاب، بتأكيد أن ''نظام الحكم إماميا شوريا وليس ملكيا''، وأن ''المذهب إباضيا وليس خارجيا وأن ''مشايخ المذهب الإباضي وليس المذهب الخارجي''، بالإضافة إلى ذكر في الكتاب ''الفتح العربي'' بدلا من ''الفتح الإسلامي ''.
''راسلنا الوزارة لكنها تصر على عدم سحب الكتاب''
يقول الأعيان والمشايخ إن ''المدقق في كلمة ''الخوارج'' التي استعملها المؤرخون يجد أن لها عدة معان، فبالنظر إلى معناها اللغوي ومعناها الاصطلاحي، نجد أن هناك فرقا كبيرا بينهما، فأحيانا تستعمل لتعني الخروج السياسي وأحيانا الخروج الديني (أي الخروج من الإسلام) وأحيانا تعني الاثنين معا، ولا شك أن الحكم الشرعي الذي يترتب على وصف فرقة ما بالخروج يختلف باختلاف دلالة الكلمة. لذلك قبل أن نحكم على الإباضية أو على غيرهم بهذا الحكم يلزم أن يتفق على مدلول كلمة الخوارج أولا، لأنه أسيء فهم واستعمال الكلمة من قبل الكتّاب قديما وحديثا، إذ أخرجها كثير من الكتّاب عن معناها الحقيقي ووصفوا بها أناسا ليسوا بخوارج ونسبوا لهم أعمالا هم منها براء''. غير أن التصحيح لم يرد في الكتاب لأسباب قال عنها هؤلاء تبقى مجهولة، خصوصا مع إصرار وزارة التربية على عدم سحب الكتاب رغم ما ورد فيه من ''زيف وخلط وتلطيخ لسمعة المذهب وأتباعه''.
ويقول هؤلاء أنه ''رغم العشرية الحمراء التي تركت جراحات عميقة جراّء الفتاوى المضللة لـ''جمال زيتوني'' التي دعت إلى سفك دماء الميزابيين وسبي نساءهم كونهم خوارج'' ومن الأمثلة ما وقع ''على مشارف الأغواط والقرارة وفي بعض المناطق الساخنة من اختطاف وذبح ومجازر ذهب ضحيتها خيرة أبناء المنطقة من علماء ومشايخ'' إلا أن لعنة صفة ''الخوارج'' تبقى تلاحق الإباضيين الذين ''ينفون عن أنفسهم هذه الصفة ذات الإرث التاريخي المليء بالدماء''.
فكر الإباضية معتدل ومتسامح
من جهته، أكد النائب الدكتور أبو بكر صالح عن كتلة النهضة لولاية غرداية بالمجلس الشعبي الوطني، أن صفة الخوارج التي تلصق بالإباضية إرث تاريخي قديم لا أساس له من الصحة، ''فالإباضية ليسوا خوارج ويصرون في جميع كتبهم القديمة والحديثة أن هذه التهمة ألصقت بهم ظلما وعدوانا''، فهم يتبرّأون من فكر الخوارج المتطرف الذي هو فكر ''الأزارقة'' و''الصفرية'' وهؤلاء غلاة ومتطرفين يكفّرون غيرهم ويستبيحون دماء غيرهم، والإباضية بريئة من هذه الأفكار الهدامة، وفكر الإباضية معتدل ومتسامح، ولذلك -يضيف المتحدث- فإن المذهب الإباضي في الجزائر موجود منذ القرن الهجري الأول أي ''الدولة الرستمية في تيهرت'' التي كانت تحكم شرق الجزائر وجنوب تونس وغرب ليبيا ولا يزال أتباع المذهب إلى اليوم في غرداية وورفلة''. وقال أبو بكر صالح أن المصالحة الوطنية تدعو وتطلب المصالحة كذلك مع التاريخ ونبذ المصطلحات التي تغرق الأمة وتشتتها وهو مصطلح الخوارج القديم. وقد أثبت الإباضيون اعتدال فكرهم في العشرية السوداء كونهم لم يتورطوا في الفكر المتطرف الذي غذى الإرهاب.
وناشد أعيان منطقة وادي ميزاب، السلطات العليا، سحب كتاب التاريخ وتصحيحه، ''لأنه يبقى جريمة في حق الوطن وفي حق فئة مسالمة برهنت على وطنيتها على أكثر من صعيد''، رغم مراسلة مجلس باعبد الرحمن الكرثي، الحكومة مطالبا الوزير بالوقوف على خطئه وتقديم مبرر عن الذي جاء في الكتاب وعما اقترفته ''الأيادي العابثة بمستقبل أبناء الجزائر''.
ولقد تأذّى الإباضية كثيرا بهذه الكتابات التي أصبحت ولا تزال مرجعا لكل باحث، ''والتي سبّبت في ازدياد الفرقة واتساع الهوة بين الإباضية وغيرهم من الفرق والمذاهب الإسلامية''، حيث إن الإباضية ليسوا خوارج كما تروي كتب التاريخ وإنما الخوارج فئة أخرى، و''لم يبق منهم أحد حاليا''، بينما ''الإباضية هم أتباع مؤسس المذهب الإباضي التابعي الجليل الإمام جابر بن زيد الذي أدرك سبعين صحابيا من أهل غزوة بدر، وشهد له كبار الصحابة بالعلم والورع والتقوى''، لكن أطلق عليهم اسم الإباضية نسبة إلى عبد الله بن إباض وهو من تلاميذ جابر، لأنه جادل ودافع عن مبادئهم من خلال مناظراته ومراسلاته للحاكم الأموي آنذاك عبد الملك بن مروان.