ما بين التطبيع الإيجابي والسلبي!!
كل الأنظمة العربية اليوم تطبّع مع العدو وكل بمستواه وكل بدوره، فالتطبيق العملي لشعار عدم الاعتراف بالاحتلال هو العمل على زواله.. وحين لا تعمل على ذلك، فأنت تحافظ على وجوده، أياً كان موقفك السياسي أو الدبلوماسي منه!!
وللأمانة فهناك تطبيع إيجابي وتطبيع سلبي ..
التطبيع الايجابي مع العدو هو أن تعترف به ككيان ودولة وتقوم بفتح وإنشاء علاقات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية معه، وهذا ما تم إفهمانا إياه على مدى العقود الماضية حول معنى التطبيع، وبأنه بمجرد عدم قيام نظام عربي ما بذلك، فهذا النظام أو ذاك هو نظام مناهض للتطبيع وللاحتلال وهذا ما يسوق به نفسه أمام شعبه وشعوب المنطقة.. لكن ما غاب عن الجميع هو مفهوم "التطبيع السلبي" وهذا ما تتسم به أغلب الأنظمة العربية، والذي يتجلى بعدم الاعتراف بالعدو وعدم الاعتراف بالفلسطيني أيضاً..
يتجلى بمنع دخول الفلسطيني إلى أرضه، لزيارة أو عمل.. يتجلى بممارسة شتى أنواع القهر والضغط عليه، يتجلى بتهجيره القسري والممنهج، وقتله وتعذبيه وطرده، يتجلى بمنعه أقل مقومات الحياة، ألا وهي أرض آمنة يقف عليها.. اللاجئ الفلسطيني في سوريا اليوم لا يجد دولة عربية أو اسلامية أو انسانية أو صديقة تستقبله أو تأويه، يقتل ويموت جوعاً وقهراً وقصفاً وذبحاً..!! ممنوع من دخول الجزائر، ممنوع من دخول الأردن، ممنوع من دخول لبنان، ممنوع من دخول تونس والمغرب!! مستحيل دخول السعودية والامارات وقطر...!! وأعتذر من شعوب الدول التي لم أذكرها، فحقها علينا يفرض ذكرها لتعرية تلك الانظمة، التي لا تمثل حقيقة ونخوة شعوبها!!
هذا ما زرعته الأنظمة في عقولنا وعقول شعوبنا (( نحن ضد التطبيع)) لا بل أنتم أسياده يا أنظمة العار والاستبداد، وتغييب العقول..
اللاجئ الفلسطيني في لبنان لا يحق له ان يمارس أغلب المهن ولو حمل أعلى الشهادات ولا يحق له إدخال مواسير مياه إلى المخيمات إلى الآن.. اللاجئ الفلسطيني في مصر إن خرج منها لا يحق له العودة إليها!! اللاجئ الفلسطيني في العراق قُتِل وعذِّب وطرد على أيدي الميليشيات الطائفية وعلى مرأى ومسمع الجميع، وتحت أنظار داعمي المقاومة!!
الفلسطيني في غزة يُحارب في مائه ودوائه و في قوت أبنائه، ومصر الأخت الكبرى ومنفذه الوحيد إلى العالم تغلق شرايين الحياة عنه.. الفلسطيني في الضفة الغربية لا يحميه جواز سفره الفلسطيني و لا يشفع له بزيارة أقاربه في أغلب الدول العربية أو العمل فيها!!
الشعب الفلسطيني اليوم يُقتل ببطء وبأيدي عربية ترفض التطبيع!!
التطبيع أن تشارك بقتل الفلسطيني، التطبيع أن تمنع عنه الدواء والعلاج، أن تحرمه أرضاً آمنة يقف عليها مع أبنائه ولو ممراً إلى دول (( الكفر)) ودول (( الضلال)) و ((الاستعمار))..!!
نعم (( التطبيع السلبي)) هو كلمة السر في الحفاظ على هذه الأنظمة وحمايتها من الخارج، وهو الطريقة المثلى لردم الهوة بين موقف شعوب المنطقة الرافض للاحتلال ولوجوده والداعم لقضية الشعب الفلسطيني وبين موقف أنظمتها، هو الطريقة التي تحافظ بها الأنظمة على وجودها و وجود الاحتلال معاً!!
والباقي عندكم..