الرسول المصلح - صلى الله عليه وسلم -... - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > خيمة الجلفة > الجلفة للنقاش الجاد

الجلفة للنقاش الجاد قسم يعتني بالمواضيع الحوارية الجادة و الحصرية ...و تمنع المواضيع المنقولة ***لن يتم نشر المواضيع إلا بعد موافقة المشرفين عليها ***

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الرسول المصلح - صلى الله عليه وسلم -...

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-09-09, 16:47   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ثائرة الجبال
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ثائرة الجبال
 

 

 
إحصائية العضو










B1 الرسول المصلح - صلى الله عليه وسلم -...

كم من عظماء الرجال زالت عظمتهم أو قلت قيمتهم بمرور الزمان عليهم ، وتنبه الناس تنبيها صحيحا لأعمالهم ، ووزنهم بموازين عصرهم . ولكن رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم – ظلت قيمته قيمته ، وعظمته عظمته ، مهما اختلفت العصور ، وتغيرت الموازين ، بل إن الزمن ليزيد عظمته وضوحا ، والموازين الأخلاقية الجديدة تزيد مكانته رفعة .
وكم حاول خصومه في مختلف العصور أن ينتقصوا من قدره بشتى الأساليب ومختلف الأكاذيب ، فنالوا من أنفسهم ولم ينالوا منه ، وحرموا لذة الحق وبقي الحق .
وكم له – صلى الله عليه وسلم – من نواحي عظمة ومظاهر سمو ، ولكن لعل أروعها جميعا ما جاء به من دعوة ، وماقام به من إصلاح .
لقد نشأ في جو خانق ، وبيئة مضطربة فاسدة ، وحالة اجتماعية تبعث اليأس ، فجعل من الشر خيرا ، ومن الاضطراب أمنا ، ومن الفساد صلاحا ، فالعرب قد وهبت نفسها للأصنام ، وجعلت البيت الحرام – الذي بني ليعبد الله فيه – تعبد فيه من دون الله . ومن تنصر منهم أو تهود كان قد تنصر أو تهود بنصرانية أو يهودية فقدت روحها ، وتقسمتها المذاهب والشيع ، ودخل على تعاليمها الأولى كثير من البدع ، فلم تنجح فيهم يهودية ولانصرانية ، والحنفاء الذين ظهروا قبيل الإسلام كان صوتهم ضعيفا ، عجزوا – كما عجزت اليهودية والنصرانية – أن يغيروا شيئا من حياة العرب وعقلية العرب . ثم كانت حياتهم سلسلة سلب ونهب ، كل قبيلة وحدة ، بل كل فرع قبيلة وحدة ، وكل قبيلة في عداء مع من جاورها ، لا أمن على الحياة ، ولا أمن على المال ، لايفقهون معنى «أمة» ولايفهمون معنى لحياة سياسة أو مدنية ، ولايعرفون معنى لعلم أو فن ؟ فلو أنت قلت إن أحدا من الأنبياء والمصلحين لم يجد من اختلال أمته وفسادها ماوجد محمد – صلى الله عليه وسلم – من العرب ، وإن أحدا منهم لم ينجح في إصلاح أمته كما نجح – عليه الصلاة والسلام- في إصلاح العرب وغير العرب ، إن قلنا الصواب .
ففي عشرين عاما استطاع بتأييد من الله أن يغير كل هذه الفوضى ، وأن يغير كل هذه المظاهر ، وفوق ذلك أن يغير هذا الروح ، فجعل من القبائل وأشباه القبائل أمة عربية واحدة ، ورد الأصنام إلى أماكنها في الأرض ، وساوى بينها وبين أخواتها من الحجارة ، وحول عبادتهم إلى إله واحد فوق الأرض وفوق السماء ، وفوق المادة كلها ، هو وحده الصمد «لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا » فرفع من نفوسهم المرتبطة بالحجارة ، والمتصلة بالأرض ، لتحلق فوق السماء ، ولتنظر إلى العالم كله نظرة سامية عميقة ، ولتحتقر عرض الدنيا في سبيل نصرة الحق .
وجد نصف العرب ( وهو المرأة ) ضعيفا فقواه ، مسلوب الحق فرد إليه حقه ، فهي كالرجل في العبادات ، وهي كالرجل في المعاملات ، ولها كالرجل كل الحقوق المدنية ، فأكمل بذلك ترقية النصف الآخر وجعلها أقدر على إصلاح الجيل الجديد بما نالت من حرية جديدة .
آمن الرجال والنساء بتعاليم الإسلام الجديدة يعتنقونها ويذودون عنها ، ويرون واجبا عليهم نشرها وتضحية النفس والمال في سبيلها ، تحمسوا للدين ، ولكن لا كما يتحمس الرهبان في الصوامع ، إذا هجروا دنياهم لدينهم ، بل لم يمنعهم إخلاصهم لدينهم من تحسين دنياهم ، فهم يدينون ولا ينسون نصيبهم من الدنيا ، يتاجرون ويصلون ، ويملكون المال ويزكون ، ويعملون للدنيا كأنهم يعيشون أبدا ، ويعملون للآخرة كأنهم يموتون غدا ، يبلغون الذروة في عالم الروح ، ويبلغون الذروة في عالم المادة ، ففي عالم المادة إن حاربوا الفرس والروم غلبوهم وأزالوا ملكهم ، وفي عالم الروح إن سابقوا الأمم الأخرى في روحانيتهم سبقوهم ، فلا وثنية ولا عبادة لصور ، ولا عبادة لكائن ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولا إله إلا الله .
لئن فاخر المصلحون بتعاليمهم وبدعوتهم ، فليس رسم الخطط وحده كافيا في التباهي ، إنما المباهات الحقة في التنفيذ والنجاح فيه ، وإلا فكل رجل فوق المستوى المألوف يستطيع أن يحلم بعالم خير من هذا العالم ، ويرسم لهذا العالم السعيد صوره الخلابة البديعة . ولكن المصلح الحق من يضع الخطط الملائمة للحاضر والمستقبل ، ثم يضع الخطط الصالحة لتنفيذ ذلك كله إلى الغاية . ولقد أظهر النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك كله البراعة الفائقة ، فلم يكن حالما ، ولكنه فكر ثم وصل ثم عمل .
كم أجهد نفسه في التفكير وأجهد روحه في البحث ، وكانت عزلته في غار حراء وسيلة من وسائل تفكيره . وفيم كان يفكر ويطيل تفكيره ؟ في سوء ماعليه العالم ، وفي سوء مايعتقد العرب وغير العرب ، وفي سوء الحالة الاجتماعية في العالم الذي رآه في جزيرة العرب ، وفي العالم الذي رآه في الشام . قد يكون هذا الفساد واضحا ، ولكن ماهو الحق وأين الحق ؟ كان هذا هو زمن التفكير ونوع التفكير ، ثم اهتدى وكان الوحي إيذانا بالهداية .
ثم كان له بعد ذلك من الله قوة في التنفيذ لاتبارى ، ويدعو إلى الحق ولايحيد ، ويعذب من أجل الدعوة ، فينال العذاب من جسمه ولاينال من نفسه ، فهو يضرب و يرمى بالحجارة و يسيل دمه ، ولكن العذاب مع ذلك كله يزيد في دعوته قوة وفي نفسه عزيمة .
ثم هو لا ييأس أبدا ، فإذا أخفقت خطة وضع أخرى ، فإذا لم تنجح خطة الطائف فليدع غير الطائف من الأوس والخزرج حتى يكتب له النجاح .
ثم هو شجاع في كل ماتتطلبه الدعوة ، تتوالى عليه الأحداث وهو مطمئن ، ويتفرق عنه أهله فلا يجزع ، وتبدو عليه طلائع الهزيمة في وقعة أحد ، يشج في وجهه ويسيل الدم على خده ، وينكشف المسلمون ويصيب فيهم العدو ، ويقتل عمه حمزة ، وهو هو في ثباته ، وهو هو في إيمانه ، ويقتل ، وهوهو في أمله ، جميع الفؤاد رابط الجأش .
فلما أن أمكنه الله من عدوه لم يذكر دمه ، ولم يذكر أفاعيل خصومه ، ولم يذكر قتلهم لأهله وأصحابه ، إنما ذكر دعوته وذكر خير السبل في الوصول إلى تحقيقها ، وذكر مايجب أن يفعل لإنجاحها ، فلما فتح مكة كان همه أن يدخل الكعبة ومعه بلال فيؤذن فيها ويكسر الأصنام ويقول : «جاء الحق وزهق الباطل » وهذا هو مايذكره . أما الناس فليسوا موضع نقمته ، وخير أن يستجلبهم لدعوته بعفوه فيقول : «يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا : خيرا ، أخ كريم وابن أخ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء » فأسرهم بعفوه ، وجعل منهم قوة فعالة في سبيل دعوته ، وهكذا لم نجد مثلا يجمع بين القوة والرحمة ، والصلابة والمغفرة ، والإصرار واعتدال المزاج كما رأينا في هذه الأفعال .
تعاليمه الإصلاحية إلهية خالدة : أما شخصه فالإنسان يخضع لكل قوانين الإنسان من شباب وشيخوخة وموت وغير ذلك .
وسبب خلود تعاليمه أنها إنسانية عامة ، لم تخضع في جوهرها وأسسها الأولى لظروف الزمان ولا ظرف المكان ، فلم ينظر فيها إلى العرب وحدهم ، ولا إلى الروم وحدهم ، ولا إلى الناس في زمنه ، إنما نظر فيها إلى الإنسان من حيث هو إنسان ، فبقيت مابقي الإنسان ، ولم يفرق فيها بين عربي وغير عربي ، ولم يتميز فيها غني عن فقير ، ولا أبيض عن أسود ، ولا طبقة في الشعوب عن طبقة ، ولا شرقي عن غربي ، ولم يكن فيها نعرة جنسية ، ولانغمة أرستقراطية ، ولكن فيها أن الإنسان أخو الإنسان ، والأبيض أخو الأسود ، والرجل أخو المرأة والغني أخو الفقير ، والملك أخو الرعية . وكانت كل رسالته وكل أقواله ترمي إلى غاية واحدة : ألا يفر الإنسان من هذا العالم بالعزلة ، ولكن يكون قوة فعالة لاستئصال الشر وفعل الخير ، وتمام الانسجام بينه وبين من يعيش معهم ، وتحقيق العدل والإحسان له ولهم ، وأن يعيش لخير نفسه وخير من معه وخير العالم ، يجب أن تكسر الحدود الجغرافية والحدود الصناعية والفوارق الجنسية ، وأن يعيش العالم وحدة تحكمه قوانين عادلة ، وتسوده تعاليم حقة ، ويعتنق أهله عقائد صحيحة أساسها كلها الخير العام للإنسانية ، وهي إن اختلفت في الفروع بحسب الأقاليم وبحسب البيئة الطبيعية والاجتماعية ، فلن تختلف في الأصول التي تربط الإنسان بالله خير رباط ، وتربط الإنسان بالإنسان خير رباط ، وتخضع لحكم العقل مجردا عن التخريف والتضليل ، ولحكم العواطف سليمة صحيحة قوية .
فأي شيء من هذه التعاليم لايبقى مابقي الإنسان ؟ بل أي شيء من هذه التعاليم لاتعلو قيمته كلما علا الإنسان في قيمته ورقى في إدراكه ؟
لقد كان كل نبي قبله يحمل مصباحا لقومه ، فجاء – صلى الله عليه وسلم – يحمل مصباحا للعالم . آمن – عليه الصلاة والسلام – بالأنبياء جميعا ، وبرسالتهم جميعا ، وبإصلاحهم جميعا ، ودعا من يؤمن به أن يؤمن بهم ، وعلم أن الحق في كل زمان واحد ، قد دعا إليه كل نبي قبله ، وأنه داع دعوتهم ، مرسل بمثل رسالتهم ، مطهر لما لحق تعاليمهم من الشوائب ، ومصلح لما أدخله الأتباع من الفساد ، متقدم في رسالته تقدم الزمان في عقليته ، مبعوث إلى الكافة ، مرسل إلى العالمين.
- فهل حفظنا الوعد وصنا العهد وبلغنا الرسالة وأدينا الأمانة ؟؟؟؟









 


 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:54

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc