قال فضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان -حفظه الله-: فإليك .. طالب العلم ـ على منهاج النبوة ... هذه النصيحة:
لا تسمع ممن يتكلم في العلم بالعامية ، وإلا أفسد عليك طريق الطلب ، وأضلك عن صراط العلم المستقيم ، وإن لم تقبل هذه النصيحة ، فاعلم أن أحسن أحوالِك ـ بَعْدُ ـ أن تصيرَ مثالا مشوها لمسخٍ شائه ، فيلحقك المسخ العلمي مرتين.
وإذا كانت هذه أحسن أحوالك ، فما بالك بأسوءِها.
واعلم أن للعلم لغتَه ، ومن رام فهمَ العلمِ بغير لغتِه وتحصيلَه هو كمن ينسُجُ لستر عورته إزارا من الريح ، أو تبُانا من ضوء القمر ، ولو ساغ لأحد أن يحتج بأن العوام لا يفهمون الفصحى إذا خوطبوا بها ، فهو يتنزل لإفهامهم بالعامية ما يتعذر عليهم فَهْمُه بغيرها ، فبم يحتج من يدرس طلاب العلم بالعامية البغيضة ، ويصدف في تعليمهم عن البليغ الأفصح إلى الركيك الأقبح. هذا ، مع أن حجة المحتج بفهم العوام حجة داحضة ، وينبغي أن يدعى العوام وأشباه العوام بالفصحى القريبة لربطهم بلغة كتاب ربهم وسنة نبيهم، وتراث سلفهم ، ولتألف أسماعُهم جَرْسَ العربية الشريفة إذا قرعت آذانهم ، فتأذنَ لها أفئدتهم وتهفو إليها أرواحهم.
وعلى طلاب العلم الجادين ـ من أتباع منهاج النبوة ـ أن يأطروا شيوخَهم أطراً على سلوك جادة العربية الشريفة المستقيمة ، وإن لم يفعلوا فليعلموا أنهم شركاء في الإثم ، إذ مكنوا اللاغطين بالعامية البغيضة من آذانهم ، وألقوا إليهم بأزمة عقولهم ، فراحوا يصبون فيها الخنا صبا . فتفسد بذلك ذائقةُ الطالب العلمية ، وتمسخ قريحته السوية ، وهو منكرٌ يحرص المسلم التقي على تغييره ، فضلا عن طالب العلم المستقيم على منهج السلف ، والله تعالى المستعان وعليه التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.