تساؤل وجهه مفكر عربي لقرائه قائلا:
في الأصل ثمة أسئلةٌ عديدةٌ تُثيرُ فيَّ الإدهاشَ والحيرةَ والعُجْبَ وأحيانًا تبلغ بما بقيَ عندي من يقينٍ مرتبةَ التردُّدِ بين الحقِّ والباطلِ "أعني باطل الكاتب وحقّ القارئ". ولئن كنتُ من الذين يحبِّذون إثارةَ الأسئلةِ دون التحمُّس للبحثِ لها عن الإجاباتِ باعتبارِ السؤالِ أُسَّ التفكُّرِ والإجابةُ قتلٌ للاجتهادِ، فإنّ مفارقةً بين ما أرى وما أسمع وما أحلمُ به تدعوني إلى الرُّكونِ إلى خانةِ الإجاباتِ عساني أُريحُ قلقَ روحي وأستريحُ من قِيلِ الآخرينَ.
سأترُكُ الحديثَ في شأنِ هؤلاءِ النّاسِ وسأنصرف للكلامِ عن مسائل أخرى أراها تحيِّرُني بتجلِّياتِها الواقعيّةِ البسيطةِ ولا تُحيِّرُ الآخرين رغمَ انصبابِها عليهم. وفي هذا السياقِ أنْوَجِدُ أحيانًا كائنًا لا يعلمُ من بعدِ علمٍ شيئًا أمامَ ظاهراتٍ تتحوَّطُ الناسَ وتخنقُهم وهم يضحكون. من ذلك أذكرُ ما صارَ من علاقةٍ حميمةٍ بين المُشاهِدِ وشاشةِ التلفازِ.
وهي علاقةٌ تقومُ على المناورةِ والخدعةِ اللَّتينِ تُخفيان شقاءَ المتفرِّجِ وتُوهِمانِه بالفَرَجِ من كروبِ يومِه. وبعدَ مَسْحٍ مُعَقْلَنٍ لِمَا بثّت إحدى فضائياتنا العربيّة، وقفتُ على أمورٍ عديدةٍ منها أنّ كبرى المؤسسات التي تُعلِّمُ الناسَ الوهمَ والبلادةَ الذّهنيّةَ والكسلَ الاجتماعيَّ والمروقَ عن الأخلاقِ العامّةِ هي الفضائياتُ. وأنّ مَنْ يقف وراء برامج هذه الفضائياتٌ أناسٌ من الذين يشنّونَ حربًا على هُويّةِ المتفرِّجِ وما فيها من رُواءٍ تاريخيّ حتى لا يستطيع فهم واقعِه ولا تصوُّرَ حلول لمشاغلِ الآتي. وهنا انطرح عليّ سؤالٌ جديدٌ: ما الذي يجعل المُشاهِدَ الذي ثقّفته العولمةُ لا يعرِفُ أنّ أغلبَ البرامج التلفزيونيّة تتغيَّا الضحكَ على ذَقْنِه وتقتُلُ فيه عقله وتقبل الغث والتفاهات..
ما تبثه الفضائيات هل مبرمج ومقصود عن سبق اصرار وترصد؟
للنقاش...