الالتزام في العمل النقابي أساس قوته ’ واللاالتزام سبب ضعفه أو حتى انعدامه , الالتزام يواكب الثقافة والتنظيم والقيادة والوحدة والتخطيط والحضور في الساحات والتضحية , فهذه كلها من دون التزام لا يقطف من نتاجها ثمار مرجوة .
عندما نتحدث عن الالتزام نتحدث عن الماهيات المحركة , الالتزام في العمل النقابي يدرس ماهيتين ؛ ماهية المطالب المتحركة أو المراد تحريكها في الساحة ، و ماهية النقابي المتحرك او الذي يريد أو يراد له أن يتحرك في الساحة . قد يبدو للساحة صعوبة الفصل بين الماهيتين ، لكن الفصل واجب بالنتائج والتداعيات ، لذا يجب الفصل في تقويم حراك كل منهما ؛ التزام اهداف المطالب بالقضايا يحدد ماهية المطالب , والتزام النقابي بالمسارات الجادة للحراك يحدد ماهية النقابي, قد تؤثر نتائج وتداعيات الالتزام في حراك الأولى ( التزام اهداف المطالب بالقضايا ) على الالتزام بالثانية ( التزام النقابي بالمسارات الجادة للحراك ) فتضبطه وتصححه وتقويه , ولكن العكس يجب أن لا نسمح بحصوله عند جلباته السلبية لان ذلك سيكون سببا في تشوه وتفكك وفقر الالتزام بالقضايا النقابية .
في ماهية المطالب لا بد من التدقيق في ما يلتزمه المطلب من قضايا ’ فالمطلب باهدافه لا بد وأن يكون جزءا من قضية محقة قائمة ومعمول عليها , أو هو أحد الأساسات المتعينة لقضية محقة يعمل على تشكيلها . وإن لم يكن المطلب لهذه أو لتلك من القضايا ، فهو مطلب لا يقع في دائرة التزام القضايا النقابية سواء في الشؤون أو في المطالب . المطالب لا بد أن تلتزم القضايا النقابية في شؤونها ومطالبها , حتى وعندما تحاول أن تجري ذلك النوع من المواءمة أو التطابق مع قضايا متصلة أو مرتبطة أو مع قضايا كبرى متحركة في الساحة الوطنية العامة .
وفي ماهية النقابي , لا بد من التدقيق في ما يلتزمه النقابي من مسار , فالمسار بخياراته وبسلوكياته لا بد وان يكون جزءا من شخصية موثوقة قائمة ومقبولة , أو هي ( الخيارات والسلوكيات ) احدى الابداعات الصادقة المظهّرة والمثيرة للقضايا المحقة لكنها نائمة , وان لم يكن المسار لهذه أو لتلك فهو مسار لا يقع في دائرة الالتزام النقابي ، وبالتالي لن نستطيع أن نصل معه الى اهدافنا وعلينا أن نضع صاحبه تحت مجهر الشك , فمجهر الشك سيكشفه وإن لم يرعوي سيشهر به ويفضحه ويسقطه . الساحة النقابية التي تحقق اهدافها بوتيرة مضطردة هي ساحة المسارات الملتزمة للنقابيين , والساحة النقابية التي تفتقد لتحقيق الاهداف يجب أن تسأل عن ألنقابين اصحاب المسارات غير الملتزمة , فلا شك هناك تضييع , ولا بد أن هناك في مكان ما قصف لأعمار مسيرة تحقيق الاهداف .
في الحراك النقابي هناك ماهيتان ماهية المطالب المطروحة , وماهية النقابي القائم على مسارات طرحها , التدقيق الدائم في كلتا الماهيتين يصنع الالتزام الذي يضع القدر الأعلى من عناصر الجودة في خدمة الحراك النقابي , والمقصود طبعا بعناصر الجودة , ثقافة الحراك وأبعاده الانسانية والوطنية , القضية الحقة ، كفاءة الطاقات وليونة الامكانات ، وطواعية البيئة المحيطة , وكتلة الفرص المتاحة , وأسباب جبه التحديات ، ومفاعيل التماهي والذوبان في عين القضية ,
التدقيق في كلتا الماهيتين يصنع الالتزام الذي يصون الساحة النقابية من الضياع أو من الاختراق , ويؤمن الحراك الصائب والمتعين للمرحلة , ويستمر به ويصبر عليه , ويعاند فيه , ويصمد حتى النهاية ، حتى تحقيق الاهداف وقطف الثمار ،ولا يضيعه في مفصل أو في لحظة تشخيص مربكة أو لحظة تفريط مرتبط .
الاستاذ عماري عبد الغفور
متقن محمد بوضياف
الرباحية-سعيــدة