سلسلة تزكية النفس (2): في مداخل إبليس في قلب الإنسان - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

سلسلة تزكية النفس (2): في مداخل إبليس في قلب الإنسان

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-08-10, 18:49   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*ابو محمد الجزائري*
مشرف سابق
 
الأوسمة
المرتبة الاولى 
إحصائية العضو










افتراضي سلسلة تزكية النفس (2): في مداخل إبليس في قلب الإنسان

(2) في مداخل إبليس في قلب الإنسان[1]




اعلم‏ أن القلب بأصل فطرته قابل للهدى، وبما وضع فيه من الشهوة والهوى، مائل عن ذلك، والتطارد فيه بين جندي الملائكة والشياطين دائم، إلى أن ينفتح القلب لأحدهما، فيتمكن، ويستوطن، ويكون اجتياز الثانى اختلاساً كما قال تعالى: (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) [الناس: 4] وهو الذي إذا ذكر الله خنس، وإذا وقعت الغفلة انبسط، ولا يطرد جند الشياطين من القلب إلا ذكر الله تعالى، فإنه لا قرار له مع الذكر‏.‏


واعلم‏ أن مثل القلب كمثل حصن، والشيطان عدو يريد أن يدخل الحصن، ويملكه ويستولى عليه، ولا يمكن حفظ الحصن إلا بحراسة أبوابه، ولا يقدر على حراسة أبوابه من لا يعرفها، ولا يتوصل إلى دفع الشيطان إلا بمعرفة مداخله، ومداخل الشيطان وأبوابه صفات العبد، وهى كثيرة، إلا أنا نشير إلى الأبواب العظيمة الجارية مجرى الدروب التي لا تضيق عن كثرة جنود الشيطان‏.‏


فمن أبوابه العظيمة: الحسد، والحرص، فمتى كان العبد حريصاً على شيء، أعماه حرصه وأصمه، وغطى نور بصيرته التي يعرف بها مداخل الشيطان‏.‏ و كذلك إذا كان حسوداً فيجد الشيطان حينئذ الفرصة، فيحسن عند الحريص كل ما يوصله إلى شهوته، وإن كان منكراً أو فاحشاً‏.‏


ومن أبوابه العظيمة : الغضب، والشهوة، والحدة، فإن الغضب غول العقل، وإذا ضعف جُند العقل هجم حينئذ الشيطان فلعب بالإنسان.‏


ومن أبوابه : حب التزيين في المنزل والثياب والأثاث، فلا يزال يدعو إلى عمارة الدار وتزيين سقوفها وحيطانها، والتزين بالثياب، والأثاث، فيخسر الإنسان طول عمره في ذلك‏.


ومن أبوابه:‏ الشبع، فإنه يقوى الشهوة، ويشغل الطاعة‏.‏


ومنها:‏ الطمع في الناس، فإن من طمع في شخص، بالغ بالثناء عليه بما ليس فيه، وداهنه، ولم يأمره بالمعروف، ولم ينهه عن المنكر‏.‏


ومن أبوابه: العجلة، وترك التثبت، وقد قال النبى ‏:‏ ‏"‏العجلة من الشيطان، والتأني من الله تعالى‏"‏.[2]


ومن أبوابه: حب المال، ومتى تمكن من القلب أفسده، وحمله على طلب المال من غير وجهه، وأخرجه إلى البخل، وخوفه الفقر، فمنع الحقوق اللازمة‏.‏


ومن أبوابه: حمل العوام على التعصب في المذاهب، دون العمل بمقتضاها‏.‏


ومن أبوابه أيضاً‏ : حمل العوام على التفكير في ذات الله تعالى، وصفاته، وفى أمور لا تبلغها عقولهم حتى يشككهم في أصل الدين‏.‏


ومن أبوابه:‏ سوء الظن بالمسلمين، فإن من حكم على مسلم بسوء ظنه، احتقره وأطلق فيه لسانه، ورأى نفسه خيراً منه، وإنما يترشح سوء الظن بخبث الظان، لأن المؤمن يطلب المعاذير للمؤمن، والمنافق يبحث عن عيوبه‏.‏ وينبغى للإنسان أن يحترز عن مواقف التهم، لئلا يساء به الظن، فهذا طرف من ذكر مداخل الشيطان، وعلاج هذه الآفات سد المداخل بتطهير القلب من الصفات المذمومة، وسيأتي الكلام عن هذه الصفات، بقى للشيطان بالقلب خطرات و اجتيازات من غير استقرار، فيمنعه من ذلك ذكر الله تعالى، وعمارة القلب بالتقوى‏.‏ ومثل الشيطان كمثل كلب جائع يقرب منك، فإن لم يكن بين يديك لحم وخبز، فإنه ينزجر بأن تقول له‏:‏ اخسأ، وإن كان بين يديك شيء من ذلك وهو جائع، لم يندفع عنك بمجرد الكلام، فكذلك القلب الخالي عن قوت الشيطان ينزجر عنه بمجرد الذكر‏.‏ فأما القلب الذي غلب عليه الهوى، فإنه يرفع الذكر إلى حواشيه، فلا يتمكن الذكر من سويدائه، فيستقر الشيطان في السويداء‏.‏ و إذا أردت مصداق ذلك، فتأمل هذا في صلاتك، وانظر إلى الشيطان كيف يحدث قلبك في مثل هذا الموطن، بذكر السوق، وحساب المعاملين، وتدبير أمر الدنيا‏.‏


واعلم:‏ أنه قد عفي عن حديث النفس، ويدخل في ذلك ما هممت به، ومن ترك ذلك خوفاً من الله تعالى كتبت له حسنة وإن تركه لعائق، رجونا له المسامحة، إلا أن يكون عزماً، فإن العزم على الخطيئة خطيئة، بدليل قول رسول الله ‏:‏ ‏" ‏إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل‏:‏ ما بال المقتول‏؟‏ قال‏:‏ إنه كان حريصاً على قتل صاحبه"‏.‏[3]


وكيف لا تقع المؤاخذة بالعزم، والأعمال بالنية، وهل الكبر والرياء والعجب إلا أمور باطنة‏؟‏ ولو أن إنساناً رأى على فراشه أجنبية ظنها زوجته لم يأثم بوطئها، ولو رأى زوجته وظنها أجنبية أثِم بوطئها، وكل هذا متعلق بعقد القلب‏.‏


-------------------------------------------------------------------------------
[1]ابن قدامة المقدسي، مختصر منهاج القاصدين، تحقيق خالد بن محمد بن عثمان، مكتبة الصفا، القاهرة، مصر، 1423 هـ - 2002 م ، ص 147- 149 .
[2]حسن: السلسلة الصحيحة (1795) للعلامة الألباني رحمه الله
[3]البخاري (31/6875)، و مسلم (2888).


اقتباسات بدون تصرف
ابن القيم
10/08/2012








 


آخر تعديل *ابو محمد الجزائري* 2013-02-02 في 20:53.
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مداخل ابليس

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:47

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc