بوتفليقة جمع بين المتناقضات خلال فترة حكمه
رفض أن يكون ثلاثة أرباع رئيس فحصل على صلاحيات الملوك

جمع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، خلال 10 سنوات من ممارسة الحكم، بين كثير من التناقضات. فقد سعى إلى الظهور في صورة رجل المصالحة وأطلق مبادرات لإسكات لغة السلاح، ولكن ممارسات محسوبة عليه قتلت الحريات وهمشت دور البرلمان وكسرت الأحزاب والمنظمات التي كانت تشكل سلطة مضادة.
يأخذ المدافعون عن الديمقراطية والحريات على سابع رئيس للجزائر منذ الاستقلال، أنه استعمل إحدى صلاحياته الدستورية ليخلد في الرئاسة، بينما الأصل والمبدأ في أي تعديل دستوري هو أن يأتي بشيء إضافي للحريات ويعزز رقابة البرلمان على الحكومة، لا أن يوسع في سلطة الحاكم. لقد تمكن الرئيس خلال عهدتيه الرئاسيتين من إحاطة نفسه بأشخاص يبحثون عن الريع، وأحزاب وجمعيات سعت في نهاية الفترة الرئاسية الثالثة إلى تسويق فكرة أن بوتفليقة هو منقذ البلاد من الأزمات. وانتهت سياسة الغلق المنتهجة إلى حالة انسداد، أنتجت شحا حادا في الترشيحات للرئاسيات.
ويرافع المتسابقون على تقديم الولاء للرئيس، لصالح ضرورة ''استكمال ما بدأ بوتفليقة إنجازه''، ويرون أن البلاد في حاجة إلى الاستقرار أكثر من أي وقت مضى، والاستقرار يكون ببقاء الرئيس الحالي في الحكم. أما المعارضون لهذا الطرح، فيرون أن الأمريكيين كان الأجدر بهم أن يعدّلوا دستورهم بمنح جورج بوش عهدة ثالثة بدعوى أن مشروعه الضخم المتمثل في القضاء على الإرهاب في العالم، لم يستكمل.
وقد واجه بوتفليقة، الذي سيبلغ 72 سنة في 2 مارس المقبل، اتهامات كثيرة من طرف معارضين ينسبون له القلاقل التي عرفتها بعض الأحزاب، مثل حركة الإصلاح الوطني. وقال سعيد سعدي إنه أغلق لعبة الرئاسيات وحسم نتائجها مسبقا لصالحه، عندما عدّل الدستور مانحا لنفسه صلاحيات يحسده عليها الملوك. وردا على ذلك، يقول الموالون للرئيس إن العاجز عن إقناع الناخبين بالتصويت عليه، هو من يكيل هذه الاتهامات لبوتفليقة. ومن آخر ما جاء على لسان أحدهم: ''اللي خانوا سعدو يقول بياّ السحور''، يعني أن بوتفليقة هو الشماعة التي تعلق عليها إخفاقات الخصوم. وقال آخر: ''إذا كان مرشحنا عبد العزيز بوتفليقة هو الأقوى والأكثر مصداقية لدى الشعب، فماذا نفعل للمرشحين الآخرين؟''.
وتميز الرئيس خلال سنوات حكمه العشر بالجمع بين متناقضات كثيرة، فقد سعى إلى المصالحة وأطلق مبادرات جريئة على الصعيد الأمني، لم ترق الكثير من الداعين لاعتماد سياسة أمنية متشددة تجاه الجماعات الإرهابية، ومن أبرز ما اتخذه من قرارات إصدار عفو عن الآلاف من عناصر ''الإنقاذ'' المسلحين في .2000 وفي 2006 أطلق سراح أكثر من ألفي شخص متورط في الإرهاب. وهو على نقيض ذلك، الرئيس الذي ألغى آخر مكاسب الديمقراطية، في نظر البعض، عندما شطب من الدستور أحد مبادئ التداول على السلطة.
ومن أبرز ما ميّز فترة حكمه، علاقته بالمؤسسة العسكرية. فقد شكلت تزكية الجيش ترشحه في 1999، عقدة لديه ولم يتردد في إظهار غضبه لمن يلمح إلى نافذين في الجيش ينازعونه صلاحياته، وكرر مرارا بأنه ''لن أكون أبدا ثلاثة أرباع رئيس''.
وللرئيس طريقة مثيرة في التعامل مع الصحافيين، فهو تارة يواجههم بعنف ولا يتورع عن توجيه التهم إليهم، وأحيانا أخرى يبدو هادئا ومازحا ويرد على الاستفزازات بذكاء. ففي إحدى مقابلاته الكثيرة في بداية حكمه، سأله صحافي إن كانت قامته تسبب له حرجا، فرد عليه: ''أنا أطول من نابليون بونابارت بسنتيمترين اثنين!''.
المصدر: جريدة الخبر
كل واحد يرأس روحو يا عتيقة
راني حر يا بوتفليقة