![]() |
|
قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
مفهوم الستر من حجاب المرأة المسلمة
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() مفهوم الستر من حجاب المرأة المسلمة مفهوم الستر من حجاب المرأة المسلمة السـؤال:يقول بعضُ من تصدَّر لإرشادِ النّاسِ في هذه الأيّامِ: إنَّ مفهومَ الحجابِ راجعٌ إلى العُرفِ، والمقصودُ منه تحقيقُ السِّترِ، وعلى هذا، فإنَّ الجلبابَ أوِ الثّوبَ الذي يستوعب جميعَ البدنِ ليس نموذجَ الحجابِ الواجبِ في هذا الزّمانِ، وإنّما فَرَضه عُرْفُ الصّحابةِ، ولسنا مُلْزَمين باتّباعِ أعرافِهم، فلو لَبِسَتِ المرأةُ تَنُّورَةً وقميصًا أو فستانًا أو غيرَ ذلك ممَّا يُعَدُّ ساترًا فإنّها تكون مرتديةً للحجابِ الذي أوجبه اللهُ فما مدى صِحَّةِ هذا الكلامِ؟ الجـواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد: فقد اعتمد صاحبُ المقالةِ في تأسيسِ مفهومِ الحجابِ على السِّترِ المطلقِ وربَطه بعُرْفِ الصّحابةِ رضي الله عنهم، وهذه النّظرةُ التّأسيسيّةُ لا تنتهض للاستدلالِ من جهتين: الأولى: أنَّ المفهومَ الشّرعيَّ للسّترِ المتوخَّى من وراءِ فرضِ الحجابِ إنّما هو السِّترُ المقيَّدُ بجملةٍ منَ الشّروطِ اللاّزمةِ له، مستوحاةً من نصوصِ الكتابِ والسُّنَّةِ حتّى تُضْفِيَ على لباسِ المرأةِ المسلمةِ الصّفةَ الشّرعيّةَ المطلوبةَ، فمِنَ الشّروطِ الشّرعيّةِ التي ينبغي مراعاتُها في لباسِ المرأةِ ما يأتي: - أن يستوعبَ اللّباسُ جميعَ ما هو عورةٌ من بدنِها فتسترُه عنِ الأجانبِ، ولذلك سُمِّيَ حجابًا لأنّه يحجب شخْصَه أو عيْنَه عنِ الأجانبِ(١)، وأمَّا محارمُها فلا تكشف المرأةُ لهم سوى مواضعِ الزّينةِ. والاستيعابُ يشمَل: * الخمارَ الذي تُغَطّي به رأسَها وعُنُقَهَا وأُذُنيها وصدْرَها سَدْلاً وإرخاءً وَلَيًّا لقولِه تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: 31]. * الجلبابَ أوِ الرّداءَ أوِ المِلْحفةَ وهو المُلاءة التي تشتمل بها المرأةُ فتلبَسُها فوقَ خِمارِها ودِرعِها أو قميصِها لتغطِّيَ بها جميعَ ما هو عورةٌ من بدنِها من رأسِها إلى قدميها، ويدلُّ عليه قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأََزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 59]. وتفريعًا عليه، فإنَّ المقدارَ الشّرعيَّ لطولِ ثوبِ المرأةِ يُرَاعى فيه حالان: حالُ استحبابٍ وهو يزيد على الكعبين بقدرِ شِبْرٍ، وحالُ جوازٍ بقدرِ ذراعٍ(٢)، ويدلُّ عليه حديثُ أمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أنّها قالت لرسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم حين ذكر الإزارَ: «فَالْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللهِ؟»، قال: «تُرْخِي شِبْرًا»، فقالت أمُّ سلمةَ: «إِذَنْ يَنْكَشِفُ عَنْهَا»، قال: «فَذِرَاعًا لاَ تزِيدُ عَلَيْهِ»(٣). - أن يكونَ اللّباسُ واسعًا فضفاضًا لئلاًّ يَصِفَ شيئًا من بدنِها، ذلك لأنَّ اللّباسَ الضَّيِّقَ المحجِّمَ لا يحقِّق السَّترَ المطلوبَ شرعًا، فهو يُحدِّد تفاصيلَ الجسمِ ويُبرزه للنّاظرين، وقد ورد النّهيُ الشّرعيُّ عنِ اللّباسِ الضّيِّقِ في حديثِ أسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنه، قال: «كَسَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قُبْطِيَّةً كَثِيفَةً كَانَتْ مِمَّا أَهْدَى لَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكَ لاَ تَلْبَسُ القُبْطِيَّةَ؟» فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ! كَسَوْتُهَا امْرَأَتِي»، فَقَالَ:«مُرْهَا أَنْ تَجْعَلَ تَحْتَهَا غِلاَلَةً(٤)، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا»(٥)، والمعلومُ أنَّ الثّوبَ ولو كان كثيفًا فلا تمنع كثافتُه من وصفِ حجمِ الجسدِ أو أعضائِه ما دام ضَيِّقًا. - أن يكونَ اللّباسُ كثيفًا غيرَ شفَّافٍ لئلاَّ يصِفَ لونَ بَشَرةِ المرأةِ، فقَدْ ورد النّهيُ عنه في حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه مرفوعًا: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا»(٦). ففي الحديثِ دلالةٌ ظاهرةٌ على تحريمِ لُبْسِ الثّوبِ الرّقيقِ الذي يَشِفُّ ويَصِفُ لونَ بدنِ المرأةِ، قال ابنُ عبدِ البرِّ -رحمه الله-: «أراد (النّساءَ) اللّواتي يَلْبَسْنَ مِنَ الثّيابِ الشّيءَ الخفيفَ الذي يصِفُ ولا يستر، فهنَّ كاسياتٌ بالاسمِ عارياتٌ في الحقيقةِ»(٧). وقال ابنُ تيميّةَ -رحمه الله-: «وقد فُسِّرَ قوله: «كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ» بأنْ تكتسِيَ ما لا يسترها، فهي كاسيةٌ وهي في الحقيقةِ عاريةٌ، مثلَ مَنْ تكتسي الثّوبَ الرّقيقَ الذي يصِفُ بَشَرَتَها، أو الثّوبَ الضّيِّقَ الذي يُبْدي تقاطيعَ خَلْقِها مثلَ عَجِيزَتِها وساعدِها ونحوِ ذلك، وإنّما كسوةُ المرأةِ ما يسترها فلا يُبْدي جسمَها ولا حجمَ أعضائِها لكونِه كثيفًا واسعًا»(٨). - وأن لا يكونَ لباسُ المرأةِ لباسَ شهرةٍ سواء بالنّفيسِ أو الخسيسِ لقولِه صلّى الله عليه وآله وسلّم: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ثَوْبًا مِثْلَهُ، ثُمَّ تُلْهَبُ فِيهِ النَّارُ»(٩). قال ابن تيميّةَ -رحمه الله-: «وتُكْرَهُ الشُّهرةُ من الثّيابِ، وهو المترفِّعُ الخارجُ عن العادةِ والمنخفِضُ الخارجُ عن العادةِ، فإنَّ السّلفَ كانوا يكرهون الشّهرتين: المترفِّعَ والمنخفِضَ، وفي الحديث: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ»(١٠)، وخيارُ الأمورِ أوساطُها»(١١). - ومن هذا القبيلِ -أيضًا- ألاَّ يكونَ لباسُ المرأةِ زينةً تَلْفِتُ الأنظارَ وتَجْلِبُ الانتباهَ سواء في هيئةِ لباسِها أوِ الألوانِ الفاتحةِ أو البرَّاقةِ اللاّمعةِ، أو المادّةِ المصنوعِ منها، أو النّقوشِ والوشيِ التي عليه، تفاديًا أن تكونَ من المتبرِّجاتِ بزينةٍ. قال الألوسيُّ -رحمه الله- : «ثمَّ اعلمْ أنَّ عندي ممَّا يُلْحَقُ بالزّينةِ المنهيِّ عن إبدائِها ما يلبَسه أكثرُ مُتْرَفَاتِ النّساءِ في زمانِنا فوق ثيابِهنَّ ويتستَّرْنَ به إذا خرجْنَ من بيوتِهنَّ، وهو غطاءٌ منسوجٌ من حريرٍ ذي عدّةِ ألوانٍ، وفيه من النّقوشِ الذّهبيّةِ أو الفضيّةِ ما يَبْهَرُ العيونَ، وأرى أنّ تمكينَ أزواجِهنَّ ونحوِهم لهنَّ من الخروجِ بذلك ومَشْيِهنّ به بين الأجانبِ من قِلَّةِ الغَيْرَةِ، وقد عمَّتْ البلوى بذلك»(١٢). - أن لا يكونَ اللّباسُ شبيهًا بلباسِ الرّجلِ فقَدْ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ»(١٣)، كما «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ المَرْأَةِ وَالمَرْأَةَ تَلْبَسَ لِبْسَةَ الرَّجُلِ»(١٤)، و«لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَةَ مِنَ النِّسَاءِ»(١٥). والمقصودُ بالتّشبُّهِ المنهيِّ عنه بين الرّجالِ والنّساءِ التّشبُّهُ في اللّباسِ والزّينةِ والكلامِ والمشيِ، وهو حرامٌ للقاصدِ المختارِ قولاً واحدًا. قال ابنُ حجرٍ -رحمه الله-: «وتَشَبُّهُ النّساءِ بالرّجالِ والرّجالِ بالنّساءِ مِنْ قاصدٍ مختارٍ حرامٌ اتّفاقًا»(١٦). - أن لا يكونَ اللّباسُ شبيهًا بلباسِ أهلِ الكفرِ وأزيائِهم وعاداتِهم لقولِه صلّى الله عليه وآله وسلّم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»(١٧). ولا يخفى أنَّ جملةَ شروطِ لباسِ المرأةِ وضوابطِه أُخِذَ من نصوصٍ شرعيّةٍ صحيحةٍ تُفْصِحُ عن حقيقةِ السّترِ المطلوبِ شرعًا، وإطلاقُ مفهومِ السّترِ من غيرِ ملاحظةٍ لهذه الشّروطِ خطأٌ بَيِّنٌ ظاهرُ الفسادِ. الثانية: أنّ ربْطَ صاحبِ المقالةِ مفهومَ الحجابِ بعُرْفِ الصّحابةِ رضي الله عنهم يحتاج إلى تفصيلٍ: فإنْ كان مقصودُه أنَّ هذا اللّباسَ -ممَّا اعتاده الصّحابةُ رضي الله عنهم في ألبستِهم وأزيائِهم وعادتِهم- لا يُوجَدُ في نفيِه ولا في إثباتِه دليلٌ شرعيٌّ كما هو شأنُ العرفِ في الاصطلاحِ فلا شكَّ في بطلانِ هذا القولِ، يردُّه ما تقدَّم بيانُه مِنَ النّصوصِ الشّرعيّةِ والإجماعِ وعملِ الصّحابةِ رضي الله عنهم، فقَدْ ذكرتْ أمُّ سلمةَ رضي الله عنها أنّه: «لَمَّا نَزَلَتْ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: 59]، خَرَجَتْ نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الأَكْسِيَةِ»(١٨)، وقالتْ عائشةُ رضي الله عنها: «يَرْحَمُ اللهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ، لَمَّا أنزل اللهُ: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾[النور: 31]، شَقَقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بها»(١٩)، وهذا وغيرُه يدلُّ على أنّهم كانوا في عوائدَ جاريةٍ فانقلبوا -استجابةً لنداءِ الشّرعِ- إلى عوائدَ شرعيّةٍ. أمَّا إنْ كان مقصودُه أنَّ مفهومَ الحجابِ فَرَضَه عُرْفُ الصّحابةِ رضي الله عنهم مِنْ مُنْطَلَقِ عوائدَ شرعيّةٍ أقرَّها الدّليلُ الشّرعيُّ الصّحيحُ فهذا حقٌّ، لكنْ يجب اتّباعُه في وصْفِه وشرْطِه. والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا. الجزائر في: 12 ربيع الثاني 1431ﻫ ١- «التّعريفات الفقهيّة» للبركتي: (76).الموافق ﻟ: 28 مارس 2010م ٢- «فتح الباري» لابن حجر: (10/259). ٣- أخرجه أبو داود في «اللّباس»، باب في قدر الذّيل: (4117)، والنّسائيّ في «الزّينة»، باب ذيول النّساء: (5339)، وابن ماجه في «اللّباس»، باب ذيل المرأة كم يكون: (3580)، وأحمد في «مسنده»: (6/ 293)، من حديث أمّ سلمة رضي الله عنها، والحديث صحّحه الألبانيّ في «السّلسلة الصّحيحة»: (1/ 227). ٤- الغلالة: شعار يُلْبَسُ تحت الثّوبِ وتحت الدّرع أيضًا. [«مختار الصّحاح» للرّازيّ: (479)]. ٥- أخرجه أحمد في «مسنده»: (5/ 205)، والبيهقيّ في «السّنن الكبرى»: (2/ 234)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه. قال الهيثميّ في «مجمع الزّوائد» (5/ 240): «فيه عبد الله بن محمد بن عقيل، وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات»، وحسّنه الألبانيّ في «جلباب المرأة المسلمة»: (131). ٦- أخرجه مسلم: (2/ 1021) في «اللّباس والزّينة» رقم (2128)، وأحمد في «مسنده»: (2/ 355)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ٧- «التّمهيد» لابن عبد البرّ: (13/204). ٨- «مجموع الفتاوى» لابن تيميّة: (22/146). ٩-أخرجه أبو داود في «اللّباس» باب في لبس الشّهرة: (4029)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. والحديث حسّنه الألباني في «صحيح الجامع» (6526). ١٠- أخرجه أبو داود: (4030)، وابن ماجه في «اللّباس» باب مَنْ لَبِسَ شهرة من الثّياب: (3606)، وأحمد في «مسنده»: (2/ 92). والحديث حسّنه السّخاويّ في «المقاصد الحسنة»: (427)، والألبانيّ في «جلباب المرأة المسلمة»: (213). ١١- «مجموع الفتاوى» لابن تيميّة: (22/138). ١٢- «روح المعاني» للألوسيّ: (18/146). ١٣- أخرجه البخاريّ كتاب «اللّباس»، باب المتشبّهون بالنّساء والمتشبّهات بالرّجال: (3/ 194)، من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما. ١٤- أخرجه أبو داود كتاب «اللّباس» باب لباس النّساء: (4098)، وأحمد: (2/ 325)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث صحّحه الألبانيّ في «صحيح الجامع»: (5095). ١٥- أخرجه أبو داود في «اللّباس» باب لباس النّساء: (4099)، من حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث صحّحه الألبانيّ في «صحيح الجامع»: (5096). ١٦- «فتح الباري» لابن حجر: (9/ 336). ١٧- أخرجه أبو داود كتاب «اللّباس»، باب في لباس الشّهرة: (4033)، وأحمد في «مسنده»: (2/ 50)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. والحديث صحّحه العراقيّ في «تخريج الإحياء»: (1/ 359)، وحسّنه ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 288)، والألبانيّ في «الإرواء»: (5/ 109). ١٨- أخرجه أبو داود كتاب «اللّباس»، باب في قول الله تعالى ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ﴾: (4101)، من حديث أمّ سلمة رضي الله عنها. والحديث صحّحه الألبانيّ في «غاية المرام»: (282). ١٩- أخرجه البخاريّ في «التّفسير» باب ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ (2/ 561)، من حديث عائشة رضي الله عنها. المصدر: هنا
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() إنا سمعنا أختنا شيئاً عجاب |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() رسالة تبحث في مسائل الحجاب والسفور ( للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ) . |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() رسالة الحجاب (رسالة للشيخ محمد بن صالح العثيمين) مقدمة الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: فلقد بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلّم، بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، بعثه الله لتحقيق عبادة الله تعالى، وذلك بتمام الذل والخضوع له تبارك وتعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتقديم ذلك على هوى النفس وشهواتها. وبعثه الله متمماً لمكارم الأخلاق داعياً إليها بكل وسيلة، وهادماً لمساوىء الأخلاق محذراً رسالة الحجاب عنها بكل وسيلة، فجاءت شريعته، صلى الله عليه وسلّم، كاملة من جميع الوجوه. لا تحتاج إلى مخلوق في تكميلها أو تنظيمها، فإنها من لدن حكيم خبير، عليم بما يصلح عباده رحيم بهم. وإن من مكارم الأخلاق التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلّم، ذلك الخلق الكريم، خلق الحياء الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلّم من الإيمان، وشعبة من شعبه، ولا ينكر أحد أن من الحياء المأمور به شرعاً وعُرفاً احتشام المرأة وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتن ومواضع الريب. وإن مما لا شك فيه أن احتجابها بتغطية وجهها ومواضع الفتنة منها لهو من أكبر احتشام تفعله وتتحلى به لما فيه من صونها وإبعادها عن الفتنة. ولقد كان الناس في هذه البلاد المباركة بلاد الوحي والرسالة والحياء والحشمة كانوا على طريق الاستقامة في ذلك فكان النساء يخرجن متحجبات متجلببات بالعباءة أو نحوها بعيدات عن مخالطة الرجال الأجانب، ولا تزال الحال كذلك في كثير من بلدان المملكة ولله الحمد. لكن لما حصل ما حصل من الكلام حول رسالة الحجاب الحجاب ورؤية من لا يفعلونه ولا يرون بأساً بالسفور صار عند بعض الناس شك في الحجاب وتغطية الوجه هل هو واجب أو مستحب؟ أو شيء يتبع العادات والتقاليد ولا يحكم عليه بوجوب ولا استحباب في حد ذاته؟ ولإزالة هذا الشك وجلاء حقيقة الأمر أحببت أن أكتب ما تيسر لبيان حكمه، راجياً من الله تعالى أن يتضح به الحق، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين الذين رأوا الحق حقّاً واتبعوه ورأوا الباطل باطلاً فاجتنبوه. فأقول وبالله التوفيق: اعلم أيها المسلم أن احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب وتغطية وجهها أمر واجب دل على وجوبه كتاب ربك تعالى، وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلّم، والاعتبار الصحيح، والقياس المطرد: أولاً: أدلة القرآن فمن أدلة القرآن: الدليل الأول: قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَـاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }. (النور: 31). الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ الَّلَاتِى لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَـاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ }. (النور: 60). وجه الدلالة من هذه الاية الكريمة أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العواجز اللاتي لا يرجون نكاحاً لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن. نفى الله الجناح عن هذه العجائز في وضع ثيابهن بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج بالزينة. ومن المعلوم بالبداهة أنه ليس المراد بوضع لثياب أن يبقين عاريات، وإنما المراد وضع الثياب التي تكون فوق الدرع ونحوه مما لا يستر ما يظهر غالباً كالوجه والكفين فالثياب المذكورة المرخص لهذه العجائز في وضعها هي الثياب السابقة التي تستر جميع البدن وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم، ولو كان الحكم شاملاً للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة. وفي قوله تعالى: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَـتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ }. دليل آخر على وجوب الحجاب على الشابة التي ترجو النكاح؛ لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أن تريد التبرج بالزينة وإظهار جمالها وتطلع الرجال لها ومدحهم إياها ونحو ذلك، ومن سوى هذه نادرة والنادر لا حكم له. الدليل الثالث: قوله تعالى: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَـاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }. (الأحزاب: 59). قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة". وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء أنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، وقوله رضي الله عنه "ويبدين عيناً واحدة" إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العين. والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة. قالت أم سلمة رضي الله عنها لما نزلت هذه الاية: "خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها". وقد ذكر عبيدة السلماني وغيره أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن من أجل رؤية الطريق. الدليل الرابع: قوله تعالى: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيداً }. (الأحزاب: 55). قال ابن كثير رحمه الله: لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بيّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }. الأية. فهذه أربعة أدلة من القرآن الكريم تفيد وجوب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب، والاية الأولى تضمنت الدلالة عن ذلك من خمسة أوجه. 1 ـ أن الله تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن والأمر بحفظ الفرج أمر به وبما يكون وسيلة إليه، ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه؛ لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك، وبالتالي إلى الوصول والاتصال. وفي الحديث: "العينان تزنيان وزناهما النظر". إلى أن قال: "والفرج يصدق ذلك أو يكذبه". فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد. 2 ـ قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }. فإن الخمار ما تخمر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدفة فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها، إما لأنه من لازم ذلك، أو بالقياس فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى؛ لأنه موضع الجمال والفتنة. فإن الناس الذين يتطلبون جمال الصورة لا يسألون إلا عن الوجه، فإذا كان جميلاً لم ينظروا إلى ما سواه نظراً ذا أهمية. ولذلك إذا قالوا فلانة جميلة لم يفهم من هذا الكلام إلا جمال الوجه فتبين أن الوجه هو موضع الجمال طلباً وخبراً، فإذا كان كذلك فكيف يفهم أن هذه الشريعة الحكيمة تأمر بستر الصدر والنحر ثم ترخص في كشف الوجه. 3 ـ إن الله تعالى نهى عن إبـداء الزينة مطلقاً إلا ما ظهـر منها، وهي التي لابد أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قـال: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـنُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } لم يقل إلا ما أظهرن منها، ثم نهى مرة أخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم، فدل هذا على أن الزينة الثانية غير الزينة الأولى. فالزينة الأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولا يمكن إخفاؤها، والزينة الثانية هي الزينة الباطنة التي يتزين بها، ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة. 4 ـ أن الله تعالى يرخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين غير أولي الإربة من الرجال وهم الخدم الذين لا شهوة لهم، وللطفل الصغير الذين لم يبلغ الشهوة ولم يطلع على عورات النساء فدل هذا على أمرين: أحدهما: أن إبداء الزينة الباطنة لا يحل لأحد من الأجانب إلا لهذين الصنفين. الثاني: أن علة الحكم ومداره على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها، ولا ريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنة فيكون ستره واجباً لئلا يفتتن به أولو الإربة من الرجال. 5 ـ قوله تعالى: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }. يعني لا تضرب المرأة برجلها فيعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرجل، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه. فأيما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالاً بقدم امرأة لا يدري ما هي وما جمالها؟! لا يدري أشابة هي أم عجوز؟! ولا يدري أشوهاء هي أم حسناء؟! أيما أعظم فتنة هذا أو أن ينظر إلى وجه سافر جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها؟! إن كل إنسان له إربة في النساء ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء. ثانياً: أدلة السنة وأما أدلة السنة فمنها: الدليل الأول: قوله صلى الله عليه وسلّم: "إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم". رواه أحمد. قال في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح. وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلّم، نفى الجناح وهو الإثم عن الخاطب خاصة إذا نظر من مخطوبته بشرط أن يكون نظره للخطبة، فدل هذا على أن غير الخاطب آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال، وكذلك الخاطب إذا نظر لغير الخطبة مثل أن يكون غرضه بالنظر التلذذ والتمتع به نحو ذلك. فإن قيل: ليس في الحديث بيان ما ينظر إليه. فقد يكون المراد بذلك نظر الصدر والنحر فالجواب أن كل أحد يعلم أن مقصود الخاطب المريد للجمال إنما هو جمال الوجه وما سواه تبع لا يقصد غالباً. فالخاطب إنما ينظر إلى الوجه لأنه المقصود بالذات لمريد الجمال بلا ريب. الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: "لتلبسها أختها من جلبابها". رواه البخاري ومسلم وغيرهما. فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب، وأنها عند عدمه لا يمكن أن تخرج. ولذلك ذكرن رضي الله عنهن هذا المانع لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، حينما أمرهن بالخروج إلى مصلى العيد فبين النبي صلى الله عليه وسلّم، لهن حل هذا الإشكال بأن تلبسها أختها من جلبابها ولم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب، مع أن الخروج إلى مصلى العيد مشروع مأمور به للرجال والنساء، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب فيما هو مأمور به فكيف يرخص لهن في ترك الجلباب لخروج غير مأمور به ولا محتاج إليه؟! بل هو التجول في الأسواق والاختلاط بالرجال والتفرج الذي لا فائدة منه. وفي الأمر بلبس الجلباب دليل على أنه لابد من التستر. والله أعلم. الدليل الثالث: ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس. وقالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها. وقد روى نحو هذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. والدلالة في هذا الحديث من وجهين: أحدهما: أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون، وأكرمها على الله عز وجل، وأعلاها أخلاقاً وآداباً، وأكملها إيماناً، وأصلحها عملاً فهم القدوة الذين رضي الله عنهم وعمن اتبعوهم بإحسان، كما قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }. (التوبة: 100). فإذا كانت تلك طريقة نساء الصحابة فكيف يليق بنا أن نحيد عن تلك الطريقة التي في اتباعها بإحسان رضى الله تعالى عمن سلكها واتبعها، وقد قال الله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً }. (النساء: 115). الثاني: أن عائشة أم المؤمنين وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما وناهيك بهما علماً وفقهاً وبصيرة في دين الله ونصحاً لعباد الله أخبرا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لو رأى من النساء ما رأياه لمنعهن من المساجد، وهذا في زمان القرون المفضلة تغيرت الحال عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلّم، إلى حد يقتضي منعهن من المساجد. فكيف بزماننا هذا بعد نحو ثلاثة عشر قرناً وقد اتسع الأمر وقل الحياء وضعف الدين في قلوب كثير من الناس؟! وعائشة وابن مسعود رضي الله عنهما فهما ما شهدت به نصوص الشريعة الكاملة من أن كل أمر يترتب عليه محذور فهو محظور. الدليل الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة". فقالت أم سلمة فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخينه شبراً". قالت إذن تنكشف أقدامهن. قال: "يرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه". ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة وأنه أمر معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب. فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه وما هو أولى منه بالحكم، وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة، فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه. الدليل الخامس: قوله صلى الله عليه وسلّم: "إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه". رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي. وجه الدلالة من هذا الحديث أنه يقتضي أن كشف السيدة وجهها لعبدها جائز مادام في ملكها فإذا خرج منه وجب عليها الاحتجاب لأنه صار أجنبياً فدل على وجوب احتجاب المرأة عن الرجل الأجنبي. الدليل السادس: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلّم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها. فإذا جاوزونا كشفناه"، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. ففي قولها: "فإذا جاوزونا" تعني الركبان "سدلت إحدانا جلبابها على وجهها" دليل على وجوب ستر الوجه لأن المشروع في الإحرام كشفه، فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفاً. وبيان ذلك أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم والواجب لا يعارضه إلا ما هو واجب، فلولا وجوب الاحتجاب وتغطية الوجه عن الأجانب ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام، وقد ثبت في الصحيحين وغيرها أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن. فهذه ستة أدلة من السنة على وجوب احتجاب المرأة وتغطية وجهها عن الرجال الأجانب أضف إليها أدلة القرآن الأربعة تكن عشرة أدلة من الكتاب والسنة. يتبع ،،،ان شاء الله |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() ثالثاً: أدلة القياس الدليل السابع: الاعتبار الصحيح والقياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة وهو إقرار المصالح ووسائلها والحث عليها، وإنكار المفاسد ووسائلها والزجر عنها. فكل ما كانت مصلحته خالصة أو راجحة على مفسدته فهو مأمور به أمر إيجاب أو أمر استحباب. وكل ما كانت مفسدته خالصة أو راجحة على مصلحة فهو نهي تحريم أو نهي تنزيه. وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة وإن قدر فيه مصلحة فهي يسيرة منغمرة في جانب المفاسد. فمن مفاسده: 1ـ الفتنة، فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ويبهيه ويظهره بالمظهر الفاتن. وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد. 2 ـ زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها. فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء. "أحي من العذراء في خدرها"، وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها، وخروج عن الفطرة التي خلقت عليها. 3 ـ افتتان الرجال بها لاسيما إذا كانت جميلة وحصل منها تملق وضحك ومداعبة في كثير من السافرات وقد قيل "نظرة فسلام، فكلام، فموعد فلقاء". والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. فكم من كلام وضحك وفرح أوجب تعلق قلب الرجل بالمرأة، وقلب المرأة بالرجل فحصل بذلك من الشر ما لا يمكن دفعه نسأل الله السلامة. وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على وجوب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب، فقال في الفتاوى المطبوعة أخيراً ص 110 ج 2 من الفقه و22 من المجموع: (وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة، ويجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوات المحارم، وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها إظهاره. ثم لما أنزل الله آية الحجاب بقوله: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِزْاوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } (حجب النساء عن الرجال). ثم قال: (والجلباب هو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء وتسميه العامة الإزار وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها، ثم يقال: فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب كان الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلى الثياب الظاهرة فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين) إلى أن قال: (وعكس ذلك الوجه واليدان والقدمان ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين بخلاف ما كان قبل النسخ بل لا تبدي إلا الثياب). وفي ص 117، 118 من الجزء المذكور (وأما وجهها ويداها وقدماها فهي إنما نهيت عن إبداء ذلك للأجانب لم تنه عن إبدائه للنساء ولا لذوي المحارم) وفي ص 152 من هذا الجزء قال: (وأصل هذا أن تعلم أن الشارع له مقصودان: أحدهما الفرق بين الرجال والنساء. الثاني: احتجاب النساء). هذا كلام شيخ الإسلام، وأما كلام غيره من فقهاء أصحاب الإمام أحمد فأذكر المذهب عند المتأخرين قال في المنتهى (ويحرم نظر خصي ومجبوب إلى أجنبية) وفي موضع آخر من الإقناع (ولا يجوز النظر إلى الحرة الأجنبية قصداً ويحرم نظر شعرها) وقال في متن الدليل: (والنظر ثمانية أقسام...). الأول: نظر الرجل البالغ ولو مجبوباً للحرة البالغة الأجنبية لغير حاجة فلا يجوز له نظر شيء منها حتى شعرها المتصل أ.هـ وأما كلام الشافعية فقالوا إن كان النظر لشهوة أو خيفت الفتنة به فحرام قطعاً بلا خلاف، وإن كان النظر بلا شهوة ولا خوف فتنة ففيه قولان حكاهما في شرح الإقناع لهم وقال: (الصحيح يحرم كما في المنهاج كأصله ووجه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه وبأن النظر مظنة للفتنة ومحرك للشهوة). وقد قال الله تعالى: {قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }. واللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال ا.هـ. كلامه. وفي نيل الأوطار وشرح المنتقى (ذكر اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لاسيما عند كثرة الفساق). 1 ـ الفتنة، فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ويبهيه ويظهره بالمظهر الفاتن. وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد. 2 ـ زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها. فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء. "أحي من العذراء في خدرها"، وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها، وخروج عن الفطرة التي خلقت عليها. 3 ـ افتتان الرجال بها لاسيما إذا كانت جميلة وحصل منها تملق وضحك ومداعبة في كثير من السافرات وقد قيل "نظرة فسلام، فكلام، فموعد فلقاء". والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. 4 ـ اختلاط النساء بالرجال، فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض. وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلّم، ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: "استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق. عليكن بحافات الطريق". فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق به من لصوقها. ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }. رابعاً: أدلة المبيحين لكشف الوجه ولا أعلم لمن أجاز نظر الوجه والكفين من الأجنبية دليلاً من الكتاب والسنة سوى ما يأتي: الأول: قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } حيث قال ابن عباس رضي الله عنهما: "هي وجهها وكفاها والخاتم". قال الأعمش عن سعيد بن جبير عنه. وتفسير الصحابي حجة كما تقدم. الثاني: ما رواه أبو داود في "سننه" عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت سن المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا". وأشار إلى وجهه وكفيه. الثالث: ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أخاه الفضل كان رديفاً للنبي صلى الله عليه وسلّم، في حجة الوداع فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل النبي صلى الله عليه وسلّم، يصرف وجه الفضل إلى الشق الاخر، ففي هذا دليل على أن هذه المرأة كاشفة وجهها. الرابع: ما أخرجه البخاري وغيره من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه في صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم، بالناس صلاة العيد ثم وعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن وقال: "يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم". فقامت امرأة من سطة النساء سعفاء الخدين. الحديث، ولولا أن وجهها مكشوفاً ما عرف أنها سعفاء الخدين. هذا ما أعرفه من الأدلة التي يمكن أن يستدل بها على جواز كشف الوجه للأجانب من المرأة. خامساً: الجواب عن هذه الأدلة ولكن هذه الأدلة لا تعارض ما سبق من أدلة وجوب ستره وذلك لوجهين: أحدهما: أن أدلة وجوب ستره ناقلة عن الأصل، وأدلة جواز كشفه مبقية على الأصل، والناقل عن الأصل مقدم كما هو معروف عند الأصوليين. وذلك لأن الأصل بقاء الشيء على ما كان عليه. فإذا وجد الدليل الناقل عن الأصل دل ذلك على طروء الحكم على الأصل وتغييره له. ولذلك نقول إن مع الناقل زيادة علم. وهو إثبات تغيير الحكم الأصلي والمثبت مقدم على النافي. وهذا الوجه إجمالي ثابت حتى على تقدير تكافؤ الأدلة ثبوتاً ودلالة. الثاني: إننا إذا تأملنا أدلة جواز كشفه وجدناها لا تكافىء أدلة المنع ويتضح ذلك بالجواب عن كل واحد منها بما يلي: أحدهما: محتمل أن مراده أول الأمرين قبل نزول آية الحجاب كما ذكره شيخ الإسلام ونقلنا كلامه آنفاً. الثاني: يحتمل أن مراده الزينة التي نهى عن إبدائها كما ذكره ابن كثير في تفسيره ويؤيد هذين الاحتمالين تفسيره رضي الله عنه لقوله تعالى: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لأَِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }. كما سبق في الدليل الثالث من أدلة القرآن. الثالث: إذا لم نسلم أن مراده أحد هذين الاحتمالين فإن تفسيره لا يكون حجة يجب قبولها إلا إذا لم يعارضه صحابي آخر. فإن عارضه صحابي آخر أخذ بما ترجحه الأدلة الأخرى، وابن عباس رضي الله عنهما قد عارض تفسيره ابن مسعود رضي الله عنه حيث فسر قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }. بالرداء والثياب وما لابد من ظهوره فوجب طلب الترجيح والعمل بما كان راجحاً في تفسيريهما. ـ وعن حديث عائشة بأنه ضعيف من وجهين: أحدهما: الانقطاع بين عائشة وخالد بن دريك الذي رواه عنها كما أعله بذلك أبو داود نفسه حيث قال: خالد بن دريك لم يسمع من عائشة وكذلك أعله أبو حاتم الرازي. الثاني: أن في إسناده سعيد بن بشير النصري نزيل دمشق تركه ابن مهدي، وضعفه أحمد وابن معين وابن المديني والنسائي وعلى هذا فالحديث ضعيف لا يقاوم ما تقدم من الأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب الحجاب. وأيضاً فإن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها كان لها حين هجرة النبي صلى الله عليه وسلّم، سبع وعشرون سنة. فهي كبيرة السن فيبعد أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلّم، وعليها ثياب رقاق تصف منها ما سوى الوجه والكفين والله أعلم، ثم على تقدير الصحة يحمل على ما قبل الحجاب لأن نصوص الحجاب ناقلة عن الأصل فتقدم عليه. 3 ـ وعن حديث ابن عباس بأنه لا دليل فيه على جواز النظر إلى الأجنبية لأن النبي صلى الله عليه وسلّم، لم يقر الفضل على ذلك بل حرف وجهه إلى الشق الاخر ولذلك ذكر النووي في شرح صحيح مسلم بأن من فوائد هذا الحديث تحريم نظر الأجنبية، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في فوائد هذا الحديث: وفيه منع النظر إلى الأجنبيات وغض البصر، قال عياض وزعم بعضهم أنه غير واجب إلا عند خشية الفتنة قال: وعندي أن فعله صلى الله عليه وسلّم، إذا غطى وجه الفضل كما في الرواية. فإن قيل: فلماذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلّم، المرأة بتغطية وجهها فالجواب أن الظاهر أنها كانت محرمة والمشروع في حقها أن لا تغطي وجهها إذا لم يكن أحد ينظر إليها من الأجانب، أو يقال لعل النبي صلى الله عليه وسلّم، أمرها بعد ذلك. فإن عدم نقل أمره بذلك لا يدل على عدم الأمر. إذ عدم النقل ليس نقلاً للعدم. وروى مسلم وأبو داود عن جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم، عن نظرة الفجاءة فقال: "اصرف بصرك" أو قال: فأمرني أن أصرف بصري. 4 ـ وعن حديث جابر بأن لم يذكر متى كان ذلك فإما أن تكون هذه المرأة من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً فكشف وجهها مباح، ولا يمنع وجوب الحجاب على غيرها، أو يكون قبل نزول آية الحجاب فإنها كانت في سورة الأحزاب سنة خمس أو ست من الهجرة، وصلاة العيد شرعت في السنة الثانية من الهجرة. واعلم أننا إنما بسطنا الكلام في ذلك لحاجة الناس إلى معرفة الحكم في هذه المسألة الاجتماعية الكبيرة التي تناولها كثير ممن يريدون السفور. فلم يعطوها حقها من البحث والنظر، مع أن الواجب على كل باحث يتحرى العدل والإنصاف وأن لا يتكلم قبل أن يتعلم. وأن يقف بين أدلة الخلاف موقف الحاكم من الخصمين فينظر بعين العدل، ويحكم بطريق العلم، فلا يرجح أحد الطرفين بلا مرجح، بل ينظر في الأدلة من جميع النواحي، ولا يحمله اعتقاد أحد القولين على المبالغة والغلو في إثبات حججه والتقصير والإهمال لأدلة خصمه. ولذلك قال العلماء: "ينبغي أن يستدل قبل أن يعتقد" ليكون اعتقاده تابعاً للدليل لا متبوعاً له؛ لأن من اعتقد قبل أن يستدل قد يحمله اعتقاده على رد النصوص المخالفة لاعتقاده أو تحريفها إذا لم يمكنه ردها. ولقد رأينا ورأى غيرنا ضرر استتباع الاستدلال للاعتقاد حيث حمل صاحبه على تصحيح أحاديث ضعيفة. أو تحميل نصوص صحيحة ما لا تتحمله من الدلالة تثبيتاً لقوله واحتجاجاً له. فلقد قرأت مقالاً لكاتب حول عدم وجود الحجاب احتج بحديث عائشة الذي رواه أبو داود في قصة دخول أسماء بنت أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلّم، وقوله لها: "إن المرأة إذا بلغت سن المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا". وأشار إلى وجهه وكفيه وذكر هذا الكاتب أنه حديث صحيح متفق عليه، وأن العلماء متفقون على صحته، والأمر ليس كذلك أيضاً وكيف يتفقون على صحته وأبو داود راويه أعله بالإرسال، وأحد رواته ضعفه الإمام أحمد وغيره من أئمة الحديث، ولكن التعصب والجهل يحمل صاحبه على البلاء والهلاك. قال ابن القيم: وتعر من ثوبين من يلبسهما يلقى الردى بمذلة وهوانثوب من الجهل المركب فوقه ثوب التعصب بئست الثوبانوتحل بالانصاف أفخر حلة زينت بها الأعطاف والكتفان وليحذر الكاتب والمؤلف من التقصير في طلب الأدلة وتمحيصها والتسرع إلى القول بلا علم فيكون ممن قال الله فيهم: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }. (الأنعام: 144). أو يجمع بين التقصير في طلب الدليل والتكذيب بما قام عليه الدليل فيكون منه شر على شر ويدخل في قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ }. (الزمر: 32). نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقّاً ويوفقنا لاتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويوفقنا لاجتنابه ويهدينا صراطه المستقيم إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه أجمعين. 1 ـ عن تفسير ابن عباس ثلاثة أوجه: 2 ـ وعن حديث عائشة بأنه ضعيف من وجهين: أحدهما: الانقطاع بين عائشة وخالد بن دريك الذي رواه عنها كما أعله بذلك أبو داود نفسه حيث قال: خالد بن دريك لم يسمع من عائشة وكذلك أعله أبو حاتم الرازي. الثاني: أن في إسناده سعيد بن بشير النصري نزيل دمشق تركه ابن مهدي، وضعفه أحمد وابن معين وابن المديني والنسائي وعلى هذا فالحديث ضعيف لا يقاوم ما تقدم من الأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب الحجاب. وأيضاً فإن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها كان لها حين هجرة النبي صلى الله عليه وسلّم، سبع وعشرون سنة. فهي كبيرة السن فيبعد أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلّم، وعليها ثياب رقاق تصف منها ما سوى الوجه والكفين والله أعلم، ثم على تقدير الصحة يحمل على ما قبل الحجاب لأن نصوص الحجاب ناقلة عن الأصل فتقدم عليه. 3 ـ وعن حديث ابن عباس بأنه لا دليل فيه على جواز النظر إلى الأجنبية لأن النبي صلى الله عليه وسلّم، لم يقر الفضل على ذلك بل حرف وجهه إلى الشق الاخر ولذلك ذكر النووي في شرح صحيح مسلم بأن من فوائد هذا الحديث تحريم نظر الأجنبية، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في فوائد هذا الحديث: وفيه منع النظر إلى الأجنبيات وغض البصر، قال عياض وزعم بعضهم أنه غير واجب إلا عند خشية الفتنة قال: وعندي أن فعله صلى الله عليه وسلّم، إذا غطى وجه الفضل كما في الرواية. فإن قيل: فلماذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلّم، المرأة بتغطية وجهها فالجواب أن الظاهر أنها كانت محرمة والمشروع في حقها أن لا تغطي وجهها إذا لم يكن أحد ينظر إليها من الأجانب، أو يقال لعل النبي صلى الله عليه وسلّم، أمرها بعد ذلك. فإن عدم نقل أمره بذلك لا يدل على عدم الأمر. إذ عدم النقل ليس نقلاً للعدم. وروى مسلم وأبو داود عن جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم، عن نظرة الفجاءة فقال: "اصرف بصرك" أو قال: فأمرني أن أصرف بصري. 4 ـ وعن حديث جابر بأن لم يذكر متى كان ذلك فإما أن تكون هذه المرأة من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً فكشف وجهها مباح، ولا يمنع وجوب الحجاب على غيرها، أو يكون قبل نزول آية الحجاب فإنها كانت في سورة الأحزاب سنة خمس أو ست من الهجرة، وصلاة العيد شرعت في السنة الثانية من الهجرة. واعلم أننا إنما بسطنا الكلام في ذلك لحاجة الناس إلى معرفة الحكم في هذه المسألة الاجتماعية الكبيرة التي تناولها كثير ممن يريدون السفور. فلم يعطوها حقها من البحث والنظر، مع أن الواجب على كل باحث يتحرى العدل والإنصاف وأن لا يتكلم قبل أن يتعلم. وأن يقف بين أدلة الخلاف موقف الحاكم من الخصمين فينظر بعين العدل، ويحكم بطريق العلم، فلا يرجح أحد الطرفين بلا مرجح، بل ينظر في الأدلة من جميع النواحي، ولا يحمله اعتقاد أحد القولين على المبالغة والغلو في إثبات حججه والتقصير والإهمال لأدلة خصمه. رسالة الحجاب (رسالة للشيخ محمد بن صالح العثيمين) |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية والاختلاط المستهتر د.محمد بن لطفي الصباغ إذا أردت أن تتنبأ بمستقبل وهوية مجتمع ما فانظر إلى حال أفراده، ولعل ما ينبئ بشكل أدق عن أي مجتمع هو حال المرأة فيه، خاصة وأنها تمثّل نصف المجتمع الإنساني الذي يلد النصف الآخر، وهي المربية للأجيال والصانعة للرجال، ولذلك لا غرابة يوم أن سلّطت عليها الأضواء ودارت حولها مخططات الأعداء ومكرهم لإفسادها وإخراجها إلى ميدان الفتنة والابتذال ليفقد بذلك المجتمع توازنه وأمنه وسعادته. تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية والاختلاط المستهتر === لفضيلة الشيخ محمد لطفي الصباغمن أجل ذلك ومن خلال تجربة طويلة لمربٍ فاضل فقد أطلق عبر إذاعة الرياض فضيلة الشيخ محمد لطفي الصباغ رسالته ناصحاً - والتي طُبعت ونُشرت فيما بعد - مخلصاً لبناته وأخواته المسلمات يحذرهنّ فيها من الخطر الماحق والمكر الكُبّار من فئة لا تخشى الله ولا العار تسعى لإسقاط المرأة المسلمة وجرّها للابتذال والرذيلة ، فكان نصحاً خالصاً محذراً، ومذكراً في الوقت نفسه بأن من مسؤولية كل غيور رجلاً كان أو امرأة أن تنطلق صيحات الخير في وجوه المفسدين والمأجورين. جاء في البدء تحذير الشيخ من خطورة الاختلاط المستهتر والخلوة بالمرأة الأجنبية في المجتمع المسلم، وحكمة الشارع في التحريم لكونهما عاملا هدم لأخلاق الأمة الإسلامية على مستوى الأسرة والمجتمع، ولأنهما مما يفضي لغضب الرب تعالى وسخطه ونزول العقوبة، فالتحريم كان رعاية لمصالح الناس الدنيوية والأخروية وذلك صيانة لهم عن الوقوع في الحرام. ثم ضرب الأستاذ صوراً محرمة للخلوة والاختلاط شاعت لدى فئة من الناس من الموسرين دون تأمل لخطورة الأمر، وشاعت أيضاً لدى فئة من أتباع الغرب، ومثله ما يفعله بعض الناس جهلاً بعواقب الأمور. وكلها صور تقوّض علاقات الودّ والتراحم الأسري والانسجام العائلي فتتحول إلى أجواء خصام واتهامات وربما تنتهي بنتائج مدمرة تُنهي الحياة المشتركة إلى طلاق وتشتيت للأسر. ثم أورد كلاماً ذكره الأستاذ الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله حيث ساق أقوالاً لبعض الدارسين الأوروبيين وعقلاء الغرب فيها عظة لمن كان له قلب، وذلك حين بدؤوا يحذرون قومهم من المصير الذي انتهى إليه الرومان واليونان حين كانت المرأة في أول حضارتهم مصونة محتشمة وبعد فتوح وتوطيد لإمبراطوريتهم تبرجت النساء وارتادت المجالس العامة وخالطت الرجال ففسدت الأخلاق وضعفت ممالكهم ثم انهارت سريعاً. ثم ذكّر المؤلف بأن الإسلام حظر الجريمة ومنع أسبابها المؤدية إليها، وأنه من فرّط في الأسباب وقع في الجريمة ومن حام حول الحمى أوشك أن يرتع فيها؛ لذلك كان من حماية الإسلام للمجتمع المسلم أن أوجب على المرأة الحجاب صيانة لها من الابتذال والتعرض للريبة والفحش وعن الوقوع في الجريمة، ومخالفتها لذلك تعريض للمجتمع للانهيار. ثم عرض الشيخ لنوعين من الاختلاط الحاصل في مجتمعات مسلمة تهاون فيهما كثير من الناس بل حتى من الصالحين، وأشار بأنهما معولا هدم في كيان المجتمع المسلم وهو ما كان في التعليم، وفي مجالات العمل. وإن من أضراره ما هو ملموس في الواقع من هبوط بالتعليم وصرف للطاقات في غير مجال الدرس والتعليم وباتساع نطاق التعليم والعمل لم يعد ضرورة يتعيّن اللجوء إليها، كما طالب المؤلف باتخاذ خطوة إيجابية تأخذ طريقها للتنفيذ بمنع الاختلاط، وهذا لا يعني منع المرأة من حقها في التعلم والعمل، وإن كان ولابد من الاختلاط فلابد من توفير الجو الصحي المناسب لنهضة ورقي المجتمعات المسلمة. ولذلك ذكّر الشيخ بحق المرأة في التعليم والعمل إلا أنه قرن ذلك بضوابط وشروط ضمن حدود الشريعة الإسلامية حماية لها ولمجتمعها وحتى تسهم في النهضة عبر مجالات عمل ممتازة ذات نفع كبير لها و لبنات جنسها ولمجتمعها وأمتها. وأشار الكاتب بعدها لآثار عمل المرأة خارج البيت على حياتها الزوجية، بالاختلال والتقصير الذي يحدثه على بيتها وتقصيرها بحق زوجها وأبنائها، فإن لم تكن له ضرورة فإن الأضرار المترتبة عليه كثيرة. وفي اقترح للدكتور للحيلولة بين النساء ومخاطر الاختلاط في العمل، وكذا الإهمال للأسرة والبيت رأى بأن توطّن المرأة نفسها على أنه ليس كل عمل يعني ما كان خارج البيت، بل هناك الكثير من الأعمال يمكنها ممارستها والاشتغال بها ولو من بيتها. وردّ في معرض حديثه على أباطيل المتهاونين بالخلوة والاختلاط الآثم وترديدهم لحجج واهية ودعاوى غير منطقية، مذكراً لهم بالحضيض الذي يرزح فيه الغرب. ثم ختم الدكتور مذكراً بالعلاج الشرعي الجذري فيما يخص هذا الموضوع والذي جاء في عدة أمور، هي الالتزام بما جاء من : أمر الشارع الحكيم بغضّ البصر، والأمر بتحريم الخلوة بالمرأة ولو كان من أقارب الزوج، وأن ما ورد من خطاب الله جل وعلا لزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحديد علاقتهن بأولئك الرجال الأفاضل وهنّ الطاهرات العفيفات والصحابة من هم في الخيرية والسمو ، يعطي الدروس العظيمة لمن بعدهم نساءً ورجالاً بالاقتداء والاهتداء بهم، وأنه ليس خاصاً بهم. كتاب (تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية والاختلاط المستهتر) للدكتور محمد لطفي الصباغ، الصادر عن المكتب الإسلامي، يقع في 27 صفحة من القطع الصغير، وهو في أصله محاضرة ألقيت عبر إذاعة الرياض ثم طُبعت ونشرت في هيئة كتاب. (وقد أثنى على هذه الأخيرة سماحة الشيخ بن باز رحمه الله) |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 7 | ||||
|
![]() اقتباس:
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 8 | ||||
|
![]() اقتباس:
وهو ما قلت يا اخي وللاسف عالم جليل مميز ونافع جدا لدعوة والنهج الصحيح ونفتخر به وببلدنا أنجبت هؤلاء الضياء في ظل التصوف والبدع واهل الاهواء وجد هؤلاء المصابيح بنور الهدى كما وجد قبله علماء رباننين مزال علمهم يسطع بالحق ونتشرف بهم مثل العلامة ابن باديس والبشير الابراهيمي رحمهما الله والكثير الكثير ........ |
||||
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]() نشكركم جزيل الشكر بارك الله في أمثالكم. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]() السلام عليكم |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 11 | ||||
|
![]() اقتباس:
وفيك بارك الله يقولون ماذا يا أخي ‘ان كانت المرأة تحكم مع الرجل ولديها كل تصريف الأمور والتمرد الفطري الله يستر من الذي سيتنجم عليه في المستقبل........ الله أقف عندكلام الشيخ احمد قطان ولاية المراة المسلمة ....... كلام حق ويضحك في نفس الوقت ...... يقول فنقحم المرأة لكي تصل إلى الولاية العامة ماذا سيحدث؟ إن الأربعة شهور الأولى ستعاني المرأة من الوحم والنفاس -إذا كانت حاملاً- فعلى الإخوة في البرلمان مراعاة شعور العضوة حتى لا يتأثر الجنين، لهذا نرجو عدم الإثارة وكثرة الابتسام في وجهها خلال النقاش والمداولات، ثم علينا أن نتحاشى تلك الروائح التي تزعج المرأة في وحمها، حتى لا تصاب بهذه الروائح من الغثيان، وعلينا أن نختار لها كرسياً خاصاً يناسب المرأة الحامل، ثم دخول مصطلح جديد في البرلمان، فعلى سبيل المثال: النائب يقول: إن هذا مقترح برغبة فيدخل مصطلح جديد يسمى: اقتراح في حالة حمل. ثم أيها الأحباب: إن مثل هذا الأمر يحتم وجود سيارة إسعاف دائماً بجوار سيارة الرئيس؛ لنقلها بسرعة إلى الولادة، ثم بعد ذلك إذا جاء المولود من خلال مداولات تسعة شهور لا شك أنه سيولد وبيده مطرقة سيضربها على رأس صلعة الطبيب ويقول: رفعت الجلسة؛ لشدة الضيق والهم الذي هو فيه. ثم أيها الأحباب: علينا تنظيم أوقات لزيارة المستشفى بين العضوة والشعب الذي سيهنئها بالولادة، ثم تعطيل المشاريع، حتى تخرج الأخت من النفاس أربعين يوماً، وأمام هذه المستجدات والمتغيرات، سيضطر المجلس الموقر بسن قوانين جديدة بخصوص ترشيح المرأة. المادة الأولى: يفضل أن تكون المرشحة فوق الخمسين عاماً لضمان عدم الحمل. المادة الثانية: يفضل إن كانت دون الأربعين أن تكون بلا زوج. المادة الثالثة: العضوة الشابة يؤخذ من زوجها تعهد بتحديد النسل حتى تنتهي الدورة البرلمانية. المادة الرابعة: يوقع الزوج تعهداً بعدم منع الناخبين وأصحاب الحاجات من لقائها. المادة الخامسة: في شهور الحمل الأولى تعطى الأخت العضوة إجازة لمدة أربعة شهور من تاريخ الحمل حتى انتهاء الوحم، ثم إجازة ثلاثة شهور الأخيرة -ما قبل الولادة- ثم إجازة أربعين يوماً للنفاس، ثم إجازة سنتين للرضاعة وفصاله في عامين. أما في حالة طلاقها فتعطى إجازة لمدة ثلاثة شهور لإتمام العدة، أما في حالة وفاة الزوج وهي حامل في الشهر الأول تعطى إجازة تسعة شهور لإتمام العدة، أو أربعة شهور وعشرة أيام في حالة عدم الحمل لإتمام العدة. هذا وفي حالة اجتماع كل هذه الأسباب وتوافرها، فإن هذه الأخت تقال من العضوية من البرلمان، ويعين العضو البديل حسب الانتخاب. ثم يجب توفير محرم للأخت؛ ليكون معها حين خلوها مع الوزير، أو رجل أجنبي وذلك بالنص الشرعي، ثم رسم ميزانية للمحارم في حال سفر الأخت للخارج للقيام بالمهام المنوطة بها، ومرافقة المحرم لها، وذلك بالنص الشرعي. أخيراً: حيازة إذن خاص من الزوج بخصوص سفرها وذلك بالنص الشرعي. أيها الإخوة: يا لها من عقبات ستحدث لو وصلت إلى البرلمان، أما بخصوص انتخابها أنها تمارس عملية الانتخاب، فإن هذه وسيلة وباب ودخول إلى الترشيح، وإن ما حرمه الشرع تحرم وسائله التي توصل إليه، فأصبح من الممنوع والحرام الانتخاب؛ لأن الترشيح والولاية العامة لا تجوز في الشرع. على إثر ذلك أصدرت لجنة الفتوى في الأزهر الشريف عام (52م) تلك الفتوى القائلة: ومن هنا تقرر لجنة الفتوى أن الشريعة الإسلامية تمنع المرأة كما جاء في الحديث الشريف أن تلي شيئاً من هذه الولايات، وفي مقدمتها ولاية سن القوانين التي هي مهمة أعضاء البرلمان، هذا وليس من الولايات العامة التي تمنع منها المرأة ما يعهد به إلى بعض النساء من الوظائف والأعمال كالتدريس للبنات، وعمل الطبيبة والممرضة في علاج المرضى من النساء وتمريضهن، فإن هذه الأعمال وما شابهها ليس فيها معنى الولاية العامة الذي هو سلطان الحكم وقوة الإلزام. وأما احتجاج المرأة بأن الطالبة في الجامعة تنتخب وترشح، فقد ناقشت اتحاد الطلبة هناك فقالوا: إنها ليست ولاية عامة، إنما وجود الأخت في جمعيات أو لجان ما هو إلا وسيلة اتصال بين الاتحاد وبين الطالبات، وأما جمعيات النفع العام فهي لا تصل فيها إلى الولاية العامة، فأصبح -أيها الأحباب الكرام- لا حجة بيد من يطالبون للوصول إلى البرلمان ولتحفظ المرأة في بيتها بشرفها وكرامتها، إن الإسلام منعها من الجماعات العامة، وصلاة الجماعة، وصلاة الجنازة، والجهاد في سبيل الله، كل ذلك من أجل الحفاظ على أنوثتها وكرامتها، فلماذا نريد أن نقحمها في هذا المجال الذي لا يناسب المرأة، ما هو إلا تقليد للغرب ولأعداء الدين، والأمة التي تفقد شخصيتها وتقلد أعداءها هذا دليل على انهزامها الروحي والمعنوي. نسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظ أعراضنا ونساءنا، هو ولي ذلك والقادر عليه. أقول قولي هذا، وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. ...... |
||||
![]() |
رقم المشاركة : 12 | |||
|
![]()
وفيك بارك الله اخي والعفو جزاك الله خيرا الجزاء
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 13 | |||
|
![]() بارك الله فيك أختي الكريمة والله يجزيك الخير على الموضوع القيم . |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 14 | |||
|
![]()
وفيك بارك الله اخيتي وشكرا لك
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 15 | |||
|
![]() بارك الله فيك أختي الكريمة والله يجزيك الخير على الموضوع القيم . |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
مفهوم, المرأة, المسلمة, الصبر, حياة |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc