مسائل في الاتباع لا يسع المسلم جهلها - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مسائل في الاتباع لا يسع المسلم جهلها

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم يوم أمس, 15:42   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي مسائل في الاتباع لا يسع المسلم جهلها

" مسائل في الاتباع لا يسع المسلم جهلها "
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اتبع هداه . أما بعد :
فإنه من المعلوم من الدين بالضرورة أن نطق الشهادتين هو مفتاح أن يكون الإنسان مسلما أو الدخول في الإسلام ومع ذلك فإن أكثر المسلمين من أهل التوحيد يهتمون بتعلم وبتحقيق الشهادة الأولى ( أشهد أن لا إله إلا الله ) ولكنهم يتهاونون في تعلم وتحقيق الشهادة الثانية ( وأشهد أن محمدا رسول الله ) فلا يعلمون ما تستلزمه هذه الشهادة إلا الإيمان برسالة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه مبعوث من رب العالمين ووجوب محبته . ولا شك أن تحقيق الشهادة الثانية شرط في صحة الإيمان والأعمال ولكن ما نراه ونسمعه ونقرأه من مخالفة السنة أو تتبع الرخص أو تقليد العلماء بدون معرفة دليلهم بل وعدم السؤال عن الدليل فليس همهم الدليل وإنما همهم قول العالم . أو معاداة من يتبع السنة والتشنيع عليه بحجة مخالفته للعلماء أو للعالم الفلاني أو للمذهب . ولا شك أن كل مسلم يدعي أنه محب للنبي صلى الله عليه وسلم وأكثرهم لا يعلم أن الاتباع له شرط في صحة المحبة
والاتباع هو : أن يكون همُّ المسلم معرفة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في أصول الدين وفروعه في العقيدة والعبادة والمعاملات والأخلاق وطاعته والعمل بكل ما جاء به وعدم تقديم قول أحد على قوله وأن يستفرغ الوسع في طلب العلم الذي يوصله إلى تحقيق الاتباع .
فإن لم يستطع أن يعرف حكم مسألة ما فليستعن بفهم العلماء ويتبع منهم من ترجح عنده أنه وافق الدليل والأصول والقواعد الشرعية .
فالعالم هو وسيلة لمعرفة الحكم الشرعي المستنبط من الأدلة الشرعية ( الكتاب والسنة ) وليس قوله دليلا بل دالا على الحكم المراد من الدليل الشرعي . فإن علم المسلم هذه القاعدة سيصبح همه معرفة دليل قول العالم فيتعبد الله تعالى به .فيستوي بذلك عنده العلماء فلا يلتزم أقوال عالم بعينه بل يتخير من أقوالهم ما وافق الدليل والأصول .
وليكن أحدنا مع الحديث كما لو كان النبي صلى الله عليه وسلم هو من يأمره وينهاه .
مسألة : الفرق بين التقليد والاتباع :
قال الشوكاني بعد أن ذكر تفصيلا لبعض علماء المذاهب المقلدين ذكروا فيه الإجماع على عدم الإنكار على المقلدين :
" فإن أراد إجماع الصحابة فهم لم يسمعوا بالتقليد فضلا عن أن يقولوا بجوازه وكذلك التابعون لم يسمعوا بالتقليد ولا ظهر فيهم بل كان المقصر في زمان الصحابة والتابعين يسأل العالم منهم عن المسألة التي تعرض له فيروى له النص فيها من الكتاب أو السنة وهذا ليس من التقليد في شيء بل هو من باب طلب حكم الله في المسألة والسؤال عن الحجة الشرعية.وقد عرفت مما قدمنا أن المقلد إنما يعمل بالرأي لا بالرواية من غير مطالبة بحجة
وإن أراد إجماع الأئمة الأربعة فقد عرفت أنهم مصرحون بالمنع من التقليد لهم ولغيرهم ولم يزل من كان في عصرهم منكرا لذلك أشد إنكار .
وإن أراد إجماع المقلدين للأئمة الأربعة فقد عرفت أنه لا يعتبر خلاف المقلد فكيف ينعقد بقولهم الإجماع وإن أراد غيرهم فمن هم فإنه لم يزل أهل العلم في كل عصر منكرين للتقليد وهذا معلوم لكل من يعرف أقوال أهل العلم.
وأما ما ذكروه من استبعاد أن يفهم المقصرون نصوص الشرع وجعلوا ذلك مسوغا للتقليد فليس الأمر كما ظنوه فهاهنا واسطة بين الاجتهاد والتقليد وهي سؤال الجاهل للعالم عن الشرع فيما يعرض له لا عن رأيه البحت واجتهاده المحض وعلى هذا كان عمل المقصرين من الصحابة والتابعين وتابعيهم.
ومن لم يسعه ما وسع هؤلاء الذين هم أهل القرون الثلاثة الفاضلة على ما بعدها فلا وسع الله عليه.»
ثم أن الأمير (الصنعاني )رحمه الله في حاشيته ها هنا رجح التفصيل في جواز التقليد لمن كان بليد الفهم جامد الفكرة بعيد النظر دون من كان فيه أهلية للنظر وإدراك للمباحث ولا يخفاك أن هذا التفصيل عليل ودليله كليل فإن ذلك البليد إن بقي له من الفهم ما يفهم ما به من كلام من أراد تقليده فهذه البقية الثابتة له يقوى بها على فهم كلام من يروى له الدليل ويوضح له معناه فليس به إلي التقليد حاجة وليس فهم رأي عالم من العلماء بأظهر من فهم معنى ما جاد به الشرع فما الملجىء له إلي رأي الغير البحث وهو يجد من يروى له ما هو الشرع الذي شرعه الله لعباده؟.
وإن قدرنا أنه قد بلغ من البلادة إلي حد لا يفهم معه رأى من يقلده فقد انسد عليه الباب من الجهتين وهو بالمجانين أشبه منه بالعقلاء وليس عليه إلا العمل بما بلغ إليه فهمه ولا يكلفه الله فوق طاقته. [السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» (ص14) ]
وقال أبو عبد الله بن خويز منداد البصري المالكي : التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائلة عليه، وذلك ممنوع منه في الشريعة، والاتباع : ما ثبت عليه حجة.
وقال في موضع آخر من كتابه : كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله بدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب الدليل عليك اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ، والتقليد ممنوع.» ...
«وقد فرق أحمد بين التقليد والاتباع فقال أبو داود: سمعته يقول: الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، ثم هو من بعد في التابعين مخير، وقال أيضا: لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الثوري ولا الأوزاعي، وخذ من حيث أخذوا.... ثم كل منهم يعرف من نفسه أنه مقلد لمتبوعه لا يفارق قوله ويترك له كل ما خالفه من كتاب أو سنة أو قول صاحب أو قول من هو أعلم من متبوعه أو نظيره وهذا من أعجب العجب . [إعلام الموقعين (2/145/139 ]
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين (1347 - 1421 هـ): " ما موقفنا من اتباعهم؟ ومن نتبع من هؤلاء العلماء؟ أيتبع الإنسان إماماً لا يخرج عن قوله، ولو كان الصواب مع غيره كعادة المتعصبين للمذاهب، أم يتبع ما ترجَّح عنده من دليل ولو كان مخالفاً لِمَا ينتسب إليه من هؤلاء الأئمة؟
الجواب هو الثاني، فالواجب على مَن علِم بالدليل أن يتبع الدليل ولو خالف مَن خالف من الأئمة. إذا لم يخالف إجماع الأمة، ومن اعتقد أن أحداً غير رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن يؤخذ بقوله فعلاً وتركاً بكل حال وزمان، فقد شهد لغير الرسول بخصائص الرسالة، لأنه لا يمكن أحد أن يكون هذا حكم قوله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحد إلا يؤخذ من قوله ويُترَك سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم....
والناس ينقسمون في هذا الباب إلى ثلاثة أقسام:
1ـ عالِم رزقه الله عِلماً وفهماً.
2ـ طالب علم عنده من العلم، لكن لم يبلغ درجة ذلك المتبحِّر.
3ـ عامي لا يدري شيئاً.
أما الأول: فإن له الحق أن يجتهد وأن يقول
أما الثاني: الذي رزقه الله علماً ولكنه لم يبلغ درجة الأول، فلا حرج عليه إذا أخذ بالعموميات والإطلاقات وبما بلغه، ولكن يجب عليه أن يكون محترزاً في ذلك، وألا يقصِّر عن سؤال مَن هو أعلى منه من أهل العلم؛ لأنه قد يخطأ، وقد لا يصل علمه إلى شيء خصَّص ما كان عامًّا، أو قيَّد ما كان مطلقاً، أو نَسَخَ ما يراه محكماً. وهو لا يدري بذلك.
أما الثالث: وهو مَن ليس عنده علم، فهذا يجب عليه أن يسأل أهل العلم لقوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}وكل� �م رسوله. [الخلاف بين العلماء» (ص31) ]
مسألة :وجوب العمل بالحديث وإن لم يعمل به أحد من العلماء وإن خالفه العلماء :
قال الإمام الشافعي ( ت 204 ) : " فلما وجدنا كتاب آل عمرو بن حزم فيه أن رسول الله قال " وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل " صاروا إليه ولم يقبلوا كتاب آل عمرو بن حزم والله أعلم حتى يثبت لهم أنه كتاب رسول الله . وفي الحديث دلالتان أحدهما قبول الخبر والآخر أن يقبل الخبر في الوقت الذي يثبت فيه وإن لم يمض عمل من الأئمة بمثل الخبر الذي قبلوا . ودلالة على أنه لو مضى أيضا عمل من أحد من الأئمة ثم وجد خبرا عن النبي يخالف عمله لترك عمله لخبر رسول الله ودلالة على أن حديث رسول الله يثبت نفسه لا بعمل غيره بعده .
ولم يقل المسلمون قد عمل فينا عمر بخلاف هذا بين المهاجرين والأنصار ولم تذكروا أنتم أن عندكم خلافه ولا غيركم بل صاروا إلى ما وجب عليهم من قبول الخبر عن رسول الله وترك كل عمل خالفه ولو بلغ عمر هذا صار إليه إن شاء الله كما صار إلى غيره فيما بلغه عن رسول الله بتقواه الله وتأديته الواجب عليه في اتباع أمر رسول الله وعلمه وبأن ليس لأحد مع رسول الله أمر وأن طاعة الله في اتباع أمر رسول الله " [الرسالة (ص422 )]
وقال أيضا :
" ومنها أن أهل السنة إذا صحت لهم السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتوقفوا عن العمل بها واعتقاد موجبها على أن يوافقها موافق بل يبادرون إلى العمل بها من غير نظر إلى من وافقها أو خالفها .
وقد نص الشافعي على ذلك في كثير من كتبه وعاب على من يقول : لا أعمل بالحديث حتى أعرف من قال به وذهب إليه بل الواجب على من بلغته السنة الصحيحة أن يقبلها وأن يعاملها بما كان يعاملها به الصحابة حين يسمعونها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فينزل نفسه منزلة من سمعها منه صلى الله عليه وسلم .
وقال الشافعي : وأجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد وهذا من أعظم علامات أهل السنة أنهم لا يتركونها إذا ثبتت عندهم لقول أحد من الناس كائنا من كان"[ مختصر الصواعق المرسلة (ص603 )]
وقال النووي (631 - 676 هـ): «قوله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر)فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة وقال مالك وأبو حنيفة يكره ذلك قال مالك في الموطأ ما رأيت أحدا من أهل العلم يصومها، قالوا: فيكره لئلا يظن وجوبه، ودليل الشافعي وموافقيه هذا الحديث الصحيح الصريح، وإذا ثبتت السنة لا تترك لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها " [شرح النووي على مسلم ج8 ص 56 ]
وقال ابن أبي العز الحنفي ( 731 /792 ) : فإن المسألة إذا كانت مسألة النزاع بين العلماء وقد بلغ العامي الحديث الذي احتج به أحد الفريقين كيف يقال في هذا أنه غير معذور فإن قيل هو منسوخ فقد تقدم أن المنسوخ ما يعارضه ومن سمع الحديث فعمل به وهو منسوخ فهو معذور إلى أن يبلغه الناسخ ولا يقال لمن سمع الحديث الصحيح لا تعمل به حتى تعرضه على رأي فلان أو فلان وإنما يقال له أنظر هل هو منسوخ أم لا أما إذا كان الحديث قد اختلف في نسخه كما في هذه المسألة فالعامل به في غاية العذر فإن تطرق الاحتمال إلى خطأ المفتي أولى من تطرف الاحتمال إلى نسخ ما سمعه من الحديث... فإذا كان العامي يسوغ له الأخذ بقول المفتي بل يجب عليه مع احتمال خطأ المفتي كيف لا يسوغ الأخذ بالحديث فلو كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان وفلان لكان قولهم شرطا في العمل بها وهذا من أبطل الباطل ولذا أقام الله تعالى الحجة برسوله ص دون آحاد الأمة ولا يفرض احتمال خطأ لمن عمل بالحديث وأفتى به بعد فهمه إلا وأضعاف أضعافه حاصل لمن أفتى بتقليد من لا يعلم خطأه من صوابه ويجوز عليه التناقض والاختلاف ويقول القول ويرجع عنه ويحكى عنه عدة أقوال
وهذا كله فيمن له نوع أهلية وأما إذا لم يكن له أهلية ففرضه ما قال الله تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}"
[إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار (ص52 ) ]
وقال السندي الحنفي (ت 1163هـ): وأعجب من هذا أن كثيرا منهم يتوقف على أن العلماء مذهبهم هل جوزوا العمل بالحديث أم لا فنظن أنه لا يصح العمل بالسنة إلا بقول عالم به فنقول إن قول العلماء يحتاج في ثبوته وصحته وكونه يصلح للعمل به إلى الكتاب والسنة حتى إن ما خالف الكتاب والسنة ولا يوافقهما يرد أولا ترى كتب الفقهاء يقولون في كل قول وحكم لقول الله عز وجل أو لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يحتاج العمل بالكتاب والسنة إلى قول العلماء وهل هذا إلا شبه الدور الممنوع وقلب للمعقول ونقض للأصول وجعل الفروع أصلا والأصل فرعا فهذا الذي ذكرنا يفيد أن جواز العمل بالحديث لمن فرضنا له من أجل البديهيات ومع ذلك فالرواية والدراية سوى هذا الذي ذكرنا متوافقات على ذلك فمن الرواية ما ذكر في الهداية بقوله لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينزل عن قول المفتي وفي الكافي والحميدي أي لا يكون أدنى درجة من قول المفتي وقول المفتي يصلح دليلا شرعيا أي للعامي فقول الرسول صلى الله عليه وسلم أولى وهذا الذي ذكر في الهداية أنه مذهب محمد ذكر في محيط السرخسي وغيره أنه قول أبي حنيفة ومحمد فيلزم منه جواز العمل للعامي بالحديث عندهما مطلقا من غير اشتراط أنه أخذ به من يعتد بعلمه " [إيقاظ همم أولي الأبصار (ص62 ) ]
وقال الإمام الألباني ( ت 1420 ) :
" فإن من المعلوم عند أهل العلم أن عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه فإذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صريح الدلالة كهذا وجبت المبادرة إلى العمل به ولا يتوقف ذلك على معرفة موقف أهل العلم منه فحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل من أن يستشهد عليه بعمل الفقهاء به فإنه أصل مستقل حاكم غير محكوم. [ مناسك الحج والعمرة (ص32) ]
مسألة :عمل العامي بالحديث :
قال الإمام ابن القيم : " إذا كان عند الرجل الصحيحان أو أحدهما أو كتاب من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم موثوق بما فيه، فهل له أن يفتي بما يجده فيه؟ فقالت طائفة من المتأخرين: ليس له ذلك؛ لأنه قد يكون منسوخا، أو له معارض، أو يفهم من دلالته خلاف ما يدل عليه، أو يكون أمر ندب فيفهم منه الإيجاب، أو يكون عاما له مخصص، أو مطلقا له مقيد، فلا يجوز له العمل ولا الفتيا به حتى يسأل أهل الفقه والفتيا.
وقالت طائفة: بل له أن يعمل به، ويفتي به، بل يتعين عليه، كما كان الصحابة يفعلون، إذا بلغهم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث به بعضهم بعضا بادروا إلى العمل به من غير توقف ولا بحث عن معارض، ولا يقول أحد منهم قط: هل عمل بهذا فلان وفلان؟ ولو رأوا من يقول ذلك لأنكروا عليه أشد الإنكار، وكذلك التابعون، وهذا معلوم بالضرورة لمن له أدنى خبرة بحال القوم وسيرتهم، وطول العهد بالسنة وبعد الزمان وعتقها لا يسوغ ترك الأخذ بها والعمل بغيرها، ولو كانت سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان أو فلان لكان قول فلان أو فلان عيارا على السنن، ومزكيا لها، وشرطا في العمل بها، وهذا من أبطل الباطل، وقد أقام الله الحجة برسوله دون آحاد الأمة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغ سنته، ودعا لمن بلغها؛ فلو كان من بلغته لا يعمل بها حتى يعمل بها الإمام فلان، والإمام فلان لم يكن في تبليغها فائدة، وحصل الاكتفاء بقول فلان وفلان.
قالوا: والنسخ الواقع في الأحاديث الذي أجمعت عليه الأمة لا يبلغ عشرة أحاديث ألبتة بل ولا شطرها؛ فتقدير وقوع الخطأ في الذهاب إلى المنسوخ أقل بكثير من وقوع الخطأ في تقليد من يصيب ويخطئ، ويجوز عليه التناقض والاختلاف، ويقول القول ويرجع عنه، ويحكي عنه في المسألة الواحدة عدة أقوال، ووقوع الخطأ في فهم كلام المعصوم أقل بكثير من وقوع الخطأ في فهم كلام الفقيه المعين؛ فلا يفرض احتمال خطأ لمن عمل بالحديث وأفتى به إلا وأضعاف أضعافه حاصل لمن أفتى بتقليد من لا يعلم خطؤه من صوابه.
والصواب في هذه المسألة التفصيل:
1: فإن كانت دلالة الحديث ظاهرة بينة لكل من سمعه لا يحتمل غير المراد فله أن يعمل به، ويفتي به، ولا يطلب له التزكية من قول فقيه أو إمام، بل الحجة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن خالفه من خالفه،
2 : وإن كانت دلالته خفية لا يتبين المراد منها لم يجز له أن يعمل، ولا يفتي بما يتوهمه مرادا حتى يسأل ويطلب بيان الحديث ووجهه،
3 : وإن كانت دلالته ظاهرة كالعام على أفراده، والأمر على الوجوب، والنهي على التحريم؛ فهل له العمل والفتوى به؟ يخرج على الأصل وهو العمل بالظواهر قبل البحث عن المعارض، وفيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره: الجواز، والمنع، والفرق بين العام [والخاص] فلا يعمل به قبل البحث عن المخصص، والأمر والنهي فيعمل به قبل البحث عن المعارض،
وهذا كله إذا كان ثم نوع أهلية ولكنه قاصر في معرفة الفروع وقواعد الأصوليين والعربية،
وإذا لم تكن ثمة أهلية قط ففرضه ما قال الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل: 43] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا سألوا إذا لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال»
وإذا جاز اعتماد المستفتي على ما يكتبه المفتي من كلامه أو كلام شيخه وإن علا وصعد فمن كلام إمامه؛ فلأن يجوز اعتماد الرجل على ما كتبه الثقات من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالجواز، وإذا قدر أنه لم يفهم الحديث كما لو لم يفهم فتوى المفتي فيسأل من يعرفه معناه، كما يسأل من يعرفه معنى جواب المفتي، وبالله التوفيق. " [إعلام الموقعين عن رب العالمين» (4/ 180]
قال أبو الحسن السندي : ومن هنا عرفت أنه لا يتوقف العمل بعد وصول الحديث الصحيح على معرفة عدم الناسخ أو عدم الإجماع على خلافه أو عدم المعارض بل ينبغي العمل به إلى أن يظهر شيء من الموانع فينظر ذلك ويكفي في العمل كون الأصل عدم هذه العوارض المانعة عن العمل...وهذا الكلام كله في العامي إذا اتفق له معرفة الحديث بصحته ومعناه وأن أحدا من أهل الاجتهاد قد أخذ به وأما من له أهلية فالأخذ بالحديث في حقه أو كد وأوجب إذا أخذ به "[ إيقاظ همم (ص64) ]
وقال الأمير الصنعاني (1099 - 1182 هـ): فإنك إذا أمليت عليه قوله تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} فهم منه أنه أمر منه تعالى بسؤال أهل العلم عما لا يعلمه وأخذ هذا الحكم من الآية فإن هذا القدر يفهمه منها كل من له أهلية الفهم ولا يحتاج إلى نحو ولا أصول ولا معان ولا بيان ولا غيرها وصار مجتهدا في وجوب سؤال أهل العلم عما لا يعلم لأن المفهوم عرفا من الأوامر هو الوجوب ومعلوم عقلا أن الله تعالى إذا أمر بسؤالهم أنه قد أذن بقبول قولهم وإلا لم يكن للأمر بسوء اللهم فائدة قلت إذا قلتم تكلفة هذا في الاجتهاد فما أحسن هذا المراد وهذا هو ما أراده من يقول بوجوب الاجتهاد على جميع الأفراد مما له أهلية في فهم ما يراد وأحد الوجوه في الآية أن المراد فاسترووهم الآيات والأحاديث إن كنتم لا تعلمون فالآية أمر سؤالهم عن الآيات والأحاديث والآية إلى هذا المعنى أقرب لأنه تعالى علق عدم علمهم بالبينات والزبر فالأظهر اسألوهم عن البينات والزبر التي لا تعلمونها لا تسألوهم عن آرائهم وما ترجح لهم حتى تكون الآية دليلا على جواز التقليد وإذا فهم المقلد من هذه الآية هذا المعنى فأي مانع أن يفهم من غيرها ما يعمل به في غيرها من الأحكام ويجتهد "
[إرشاد النقاد (ص146]
وقال أيضا :واعلم أنه ليس مع المانعين لذلك إلا مجرد الاستبعاد واستعظام من وارته اللحود من العلماء الأمجاد وأنه لا يكون إلا لهم الاجتهاد وليس للمتأخرين إلا جعل أقوال القدماء لأذهانهم كالأصفاد لا يخرجون عنها وإن ناطحت علومهم الأفلاك وجاوزت معارفهم أهل الكمال والإدراك وما أرى هذا والله إلا من كفران النعمة وجحود المنة فإن الله سبحانه كمل عقول العباد ورزقهم فهم كلامه وما أراد وفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ تعالى كتابه وسنة رسوله إلى يوم التناد بأن كثيرا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لا يحتاج في معناها إلى علم النحو وإلى علم الأصول بل في الأفهام والطباع والعقول ما سارع به إلى معرفة المراد منها عند قرعها الأسماع من دون نظر إلى شيء من تلك القواعد الأصولية والأصول النحوية .
فإن من قرع سمعه قوله تعالى {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله} يفهم معناه من دون أن يعرف أن ما كلمة شرط وتقدموا مجزوم بها لأنه شرطها وتجدوه مجزوم بها لأنه جزاؤه
ومثلها {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا} ومثلها {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي} يفهم من الكل ما أريد منها من غير أن يعرف أسرار العلوم العربية ودقائق القواعد الأصولية ولذا ترى العامة يستفتون العالم ويفهمون كلامه وجوابه وهو كلام غير معرب في الأغلب بل تراهم يسمعون القرآن فيفهمون معناه ويبكون لقوارعه وما حواه ولا يعرفون إعرابا ولا غيره مما سقناه
بل ربما كان موقع ما يسمعون في قلوبهم أعظم من موقعه في قلوب من حقق قواعد الاجتهاد وبلغ غاية الذكاء والانتقاد وهؤلاء العامة يحضرون الخطب في الجمع والأعياد ويذوقون الوعظ ويفهمونه ويفتت منه الأكباد وتدمع منه العيون ويدركون من ذلك ما لا يدركه العلماء المحققون ويسمعون أحاديث الترغيب والترهيب فيكثر منهم البكاء والنحيب وأنت تراهم يقرؤون كتبا مؤلفة من الفروع الفقهية كالأزهار للهادوية والمنهاج للشافعية والكبير للحنفية ومختصر خليل للمالكية ويفهمون ما فيها ويعرفون معانيها ويعتمدون عليها ويرجعون في الفتوى والخصومات إليها فليت شعري ما الذي خص الكتاب والسنة بالمنع عن معرفة معانيها وفهم تراكيبها ومبانيها والإعراض عن استخراج ما فيها حتى جعلت معانيها كالمقصورات في الخيام قد ضربت دونها السجوف ولم يبق لنا إليها إلا ترديد ألفاظها والحروف وإن استنباط معانيها قد صار حجرا محجورا وحرما محرما محصورا ...
فإن هذا هو الاجتهاد الذي قال بعزة وجوده أو كيدودة عدمه بالكلية وسماه متعذرا هلا جعل هذا المقلد المجتهد أمامه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم عوضا عن كلام إمامه وتتبع نصوص الكتاب والسنة عوضا عن تتبع نصوص إمامه والعبارات كلها ألفاظ دالة على معانيها فهلا استبدل بألفاظ إمامه ومعانيها ألفاظ الشارع ومعانيها ونزل الأحكام عليها إذا لم يجده نصا شرعيا عوضا عن تنزيلها على مذهب إمامه فيما لم يجده منصوصا تالله لقد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير من معرفة السنة والكتاب إلى معرفة كلام الشيوخ والأصحاب وتفهم مرامهم والتفتيش عن كلامهم ومن المعلوم يقينا أن كلام الله وكلام رسوله أقرب إلى الأفهام وأدنى إلى إصابة بلوغ المرام فإنه أبلغ الكلام بالإجماع وأعذبه في الأفواه والأسماع وأقربه إلى الفهم والانتفاع ولا ينكر هذا إلا جلمود الطباع ومن لا حظ له في النفع والانتفاع والأفهام التي فهم بها الصحابة الكلام الإلهي والخطاب النبوي هي كأفهامنا وأحلامهم كأحلامنا إذ لو كانت الأفهام متفاوتة تفاوتا يسقط معه فهم العبارات الإلهية والأحاديث النبوية لما كنا مكلفين ولا مأمورين ولا منهيين لا اجتهادا ولا تقليدا أما الأول فلاستحالته وأما الثاني فلأنا لا نقلد حتى نفهم جوازه وأدلته ولا يفهم ذلك إلا من أدلة الكتاب والسنة وقد تعذر ذلك كما قلتم وقد سبق بسط هذا على أنا لا نشرط في هذا ما سلف من الشرائط في المجتهد التي ذكرناها عن مؤلف العواصم والقواصم إنما نقول إنه يستروي عن العالم الآية والحديث في الحكم الذي يتعلق به في الحالة الراهنة ثم يعمل به بعد فهمه إنما يشترط أن تؤخذ الرواية عمن يوثق بصدقه ودينه وورعه وشهرته بالعلم النافع من الكتاب والسنة وألا يسأله عن مذهب فلان ولا فلان وكيف وفي كتب الأصول نقل الإجماع على تحريم تقليد الأموات " [ إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد» (ص 144 /161 ) ]
مسألة : ومنهم من يحتج فيقول أن فتوى العالم المخالفة للحديث حجة لأنها هي فهم العالم للحديث فنقلده في فتواه وليست الحجة بما جاء في الحديث ؟ يجيبنا الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى :
قال الخطيب البغدادي (392 - 463 هـ ) : " باب القول في الصحابي يروي حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعمل بخلافه إذا روى الصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ثم روى عن ذلك الصحابي خلاف لما روى فإنه ينبغي الأخذ بروايته وترك ما روي عنه من فعله أو فتياه لأن الواجب علينا قبول نقله ونذارته عن النبي صلى الله عليه وسلم لا قبول رأيه " [الفقيه والمتفقه (1/ 370) ]
مسألة : رد التابعي قول كبار الصحابة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال الخطيب البغدادي : عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه قال : قال عمر بن الخطاب: إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم ، فقد حل لكم كل شيء حرم عليكم إلا النساء والطيب . قال سالم بن عبد الله: فقالت عائشة: «أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم ولحله بعد ما رمى الجمرة قبل أن يزور» قال سالم: وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع " [الفقيه (1/ 376) ]
مسألة : الاحتجاج بتقليد الأعلم : كثيرا ما يحتج بفتوى الأعلم على مخالفة الحديث : فمنهم من يقول لمن يعمل بالحديث ويترك ما خالفه من أقوال العلماء : هل أنت أعلم من العالم ؟ أو يقول نحن نقلد العلماء لأنهم أعلم وأفهم وإن كان كلامهم يخالف الحديث . ( وهذا إن كانت دلالة الحديث ظاهرة وصريحة ولا معارض لها أقوى منها قد يذكره من قال بخلافه من العلماء ):
أخرج الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (1/ 377) بسنده ...قال عروة بن الزبير قال لابن عباس : أضللت الناس قال: «وما ذاك يا عرية؟» قال: تأمر بالعمرة في هؤلاء العشر وليست فيهن عمرة فقال: «أولا تسأل أمك عن ذلك؟» فقال عروة : فإن أبا بكر وعمر لم يفعلا ذلك فقال ابن عباس: «هذا الذي أهلككم - والله - ما أرى إلا سيعذبكم إني أحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وتجيئوني بأبي بكر وعمر. فقال: عروة : هما والله كانا أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واتبع لها منك .
قلت ( الخطيب البغدادي ) : قد كان أبو بكر وعمر على ما وصفهما به عروة إلا أنه لا ينبغي أن يقلد أحد في ترك ما ثبتت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم "
قلت : فإن كان ابن عباس قد أنكر على من يأخذ بفتوى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهما أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف بمن هو دونهما بل ودونهما بكثير .
مسألة : أمر الأئمة باتباع السنة والعمل بالحديث وترك أقوالهم المخالفة للحديث : ونهيهم عن تقليدهم بدون معرفة دليلهم ومن أين أفتوا :
الصحابة :
عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " ومن ذلك مخالفته له ( أي مخالفة عمر لأبي بكر رضي الله عنهما ) في الاستخلاف وصرح بذلك فقال : إن أستخلف فقد استخلف أبو بكر، وإن لم أستخلف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف.
قال ابن عمر : فوالله ما هو إلا أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمت أنه لا يعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا وأنه غير مستخلف فهكذا يفعل أهل العلم حين تتعارض عندهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول غيره، لا يعدلون بالسنة شيئا سواها لا كما يصرح به المقلدون صراحا وخلافه له في الجد والإخوة معلوم أيضا.» [إعلام الموقعين عن رب العالمين» (2/ 165 ]
ابن مسعود رضي الله عنه : روي عنه أنه كان يقول : " اغد عالما أو متعلما ولا تغد إمعة فيما بين ذلك "ومن طريق أخرى عنه قال: "كنا ندعوا الإمعة في الجاهلية الذي يدعى إلى الطعام فيذهب معه بغيره وهو فيكم اليوم المحقب دينه الرجال يعني المقلد .
[الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام» (ص73) ]
ابن عباس رضي الله عنه : قال: "ويل للاتباع من عثرات العالم قيل: كيف ذلك؟ قال: يقول العالم شيئا برأيه ثم يجد من هو أعلم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منه فيترك قوله ذلك ثم تمضي الأتباع " [الإحكام في أصول الأحكام - ابن حزم ]
قلت : يعني بذلك أن يقلد المقلد الإمام الفلاني أو العالم الفلاني في فتواه ثم يغير الإمام فتواه لما وجده من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لا يعلم المقلد بذلك فيبقى يقلد العالم في قوله الأول المخالف للسنة .
الأحناف :
قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى : " لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه". "وفي رواية: حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا" [ الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام (ص75) ]
وقال ابن أبي العز الحنفي : وما يقع لأئمة الفتوى من هذا أي من ترك العمل بالحديث فهم مأجورون مغفور لهم ومن تبين له شيء من ذلك لا يعذر في التقليد فإن أبا حنيفة وأبا يوسف رحمه الله قالا لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه فإن كان الرجل متبعا لأبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد رحمهم الله ورأى في بعض المسائل أن مذهب غيره أقوى منه فاتبعه كان قد أحسن في ذلك ولم يقدح ذلك في دينه ولا في عدالته بلا نزاع بل هذا أولى بالحق وأحب إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فمن يتعصب لواحد معين غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرى أن قوله هو الصواب الذي يجب اتباعه دون الأئمة المتأخرين فهو ضال جاهل بل قد يكون كافرا يستتاب فإن تاب وإلا قتل» [إيقاظ همم أولي الأبصار (ص53 ) ]
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف لا يحل لأحد أن يقول بقولنا حتى يعلم من أين قلناه وقال أحمد لا تقلد دينك أحدا»
[ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص125 /127]
وقال الفُلَّاني (ت 1218هـ) : قال نصر بن محمد السمرقندي الفقيه الحنفي333 /373 :" «فاجتمع فيه أربعة من أصحاب أبي حنيفة زفر بن الهذيل وأبو يوسف وعافية بن يزيد وآخر فكلهم أجمعوا أنه لا يحل لأحد أن يفتي بقولنا ما لم يعلم من أين قلناه انتهى "
قلت(الفُلَّاني ) ومعنى قوله من أين قلناه أي مالم يعلم دليل قولنا وحجته وفي كلام هؤلاء الأئمة إشارة إلى أنهم لا يبيحون لغيرهم أن يقلدوهم فيما يقولون بغير أن يعلموا دليل قولهم» " [ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص51)]
المالكية :
الإمام مالك رحمه الله تعالى :قال ابن مسدي في منسكه روينا عن معن بن عيسى قال سمعت مالكا يقول إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي كل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به ومالم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه» [إيقاظ همم (ص98]
وقال رحمه الله تعالى :"إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه" [الإحكام في أصول الأحكام - ابن حزم ]
قلت (الفُلَّاني) وحاصل ما فهمناه من كلام ابن رشد أنه لا يجوز لأحد أن يفتي إلا فيما عرف دليله من الكتاب والسنة والإجماع سواء التزم مذهبا معينا أم لا كان مالكيا أو لا والله تعالى أعلم» [ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص97 ) ]
الشافعية :
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : "ولا يجوز لعالم أن يدع قول النبي صلى الله عليه وسلم لقول أحد سواه " [الأم (7/ 275 ) ]
وقال : " وأجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد"
[مدارج السالكين» (3/ 78 )
قال الربيع : سمعت الشافعي ، وقد روى حديثا ، فقال له بعض من حضر: تأخذ بهذا؟ فقال: «إذا رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا صحيحا فلم آخذ به فأنا أشهدكم أن عقلي قد ذهب» - ومد يديه
وقال أيضا : قال الشافعي ، يقول: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعوا ما قلت " [الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (1/ 389)]
وقال الشافعي : "ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه، فمهما قلتُ من قول، أو أصّلت من أصل، فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قولي»
[ مناقب الشافعي للبيهقي (384 - 458 هـ)]
وقال : "إذا قلت قولا وكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه فما يصح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى فلا تقلدوني [تاريخ دمشق لابن عساكر ]
وقال : إذا صح خبر يخالف مذهبي فاتبعوه واعلموا أنه مذهبي وقال مثل الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري " [كفاية النبيه في شرح التنبيه (ابن الرفعة) 2/39 ]
قال الربيع بن سليمان سمعت الشافعي وسأله رجل عن مسألة فقال يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا وكذا فقال له السائل يا أبا عبد الله أتقول بهذا فارتعد الشافعي واصفر وحال لونه وقال ويحك وأي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا رويت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ولم أقل به نعم على الراس والعين " [ المدخل إلى السنن البيهقي 6/2 ]
وقال :" إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت [معرفة السنن والآثار البيهقي)]
وقال الشافعي : إذا كان الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مخالف له عنه وكان يروى عمن دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث يوافقه لم يزده قوة وحديث النبي صلى الله عليه وسلم مستغن بنفسه وإن كان يروى عمن دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث يخالفه لم يلتفت إلى ما خالفه وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يؤخذ به ولو علم من روى عنه خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبعها إن شاء الله تعالى [ الأم 7 /201 ]
وكان عبد الله بن أحمد بن حنبل يحكي عن أبيه قال : قال الشافعي : أنتم أعلم بالحديث والرجال مني فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني به أي شيء يكون كوفيا أو بصريا أو شاميا حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا " [العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه عبد الله 1/462 ]
قال البيهقي : ولهذا كثر أخذه بالحديث وهو أنه جمع علم أهل الحجاز والشام واليمن والعراق وأخذ بجميع ما صح عنده من غير محاباة منه ولا ميل إلى ما استحلاه من مذهب أهل بلده مهما بان له الحق في غيره وممن كان قبله من اقتصر على ما عهد من مذاهب أهل بلده ولم يجتهد في معرفة صحة ما خالفه والله يغفر لنا ولهم» [إيقاظ همم أولي الأبصار (ص104]
وقال الشافعي : كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي .
وقال حرملة بن يحيى قال الشافعي ما قلت وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال بخلاف قولي فما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى ولا تقلدوني" [ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص107]
قال الشافعي : مثل الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري
[ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص125 /127]
الحنابلة :
وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا ".
وقال أحمد بن حنبل رحمه الله من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال" [ إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد (ص143]
وقال أبو داود: قلت لأحمد: الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به، ثم التابعي بعد الرجل فيه مخير. [إعلام الموقعين عن رب العالمين» (2/ 139 ]
قال أبو داود: سمعت أحمد وقال له رجل: جامع سفيان نعمل به؟ قال: عليك بالآثار
وقال أحمد رضي الله عنه في رواية أبي الحارث : من قلد الخبر رجوت أن يسلم، إن شاء اللَّه.
حدثنا أبو طالب أملى عليَّ أبو عبد اللَّه: إنما على الناس اتباعُ الآثار عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ومعرفة صحيحها من سقيمها، ثم يتبع إذا لم يكن لها مُخالف، ثم بعد ذلك قول أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الأكابر، وأئمة الهدى يُتبعون على ما قالوا، وأصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كذلك لا يُخالفون، إذا لم يكن قول بعضهم لبعض مُخالفا، فإذا اختلفوا، نظر في الكتاب فأي قولهم كان أشبه بالكتاب أخذ به، أو كان أشبه بقول رسول اللَّه أخذ به، فإن لم يأت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحدٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نظر في قول التابعين. فأي قولهم كان أشبه بالكتاب والسنة أخذ به، وترك ما أحدث الناسُ بعدهم.»
قال أبو طالب: قيل لأحمد بن حنبل: إن قومًا يدعون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان فقال: أعجب لقوم سمعوا الحديث وعرفوا الإسناد وصحته يدعونه ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره، قال اللَّه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} [النور: 63] وتدري ما الفتنة؟ الكفر، قال اللَّه تعالى: {وَالفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ القَتْلِ} [البقرة: 217] يدعون الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتغلبهم أهواؤهم إلى الرأي. [الجامع لعلوم الإمام أحمد 5/ 157 ]
واشتهر عنهم ( الأئمة الأربعة ) أنهم قالوا : "إذا صح الحديث فهو مذهبي" [ الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام (ص75) ]
أقوال العلماء :
وقال أبو سليمان الداراني : " إنه لتقع النكتة من كلام القوم في قلبي فأقول لها لا أقبلك إلا بشاهدي عدل الكتاب والسنة"
وقال ابن خزيمة رحمه الله : "لا قول لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صح الخبر عنه".
وقال ابن حزم رحمه الله: " التقليد حرام لا يحل لأحد أن يأخذ بقول أحد بلا برهان".
وقال ابن الجوزي رحمه الله: "اعلم أن المقلد على غير ثقة فيما قلد فيه وفي التقليد إبطال منفعة العقل لأنه إنما خلق للتأمل والتدبر. وقبيح بمن أعطي شمعة يستضيء بها أن يطفئها ويمشي في الظلمة، واعلم أن عموم أصحاب المذاهب يعظم في قلوبهم الشخص فيتبعون قوله من غير تدبر لما قال وهذا عين الضلال لأن النظر ينبغي أن يكون إلى القول لا إلى القائل"»[سبل السلام شرح بلوغ المرام» (1/ 30 ]
وقال الإمام الألباني : " ولا تقلدوا بشرا مهما علا أو سما تؤثرون قوله على قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن بلغتموه.»
[ الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام» (ص93)]
مسألة : تقليد العالم بعد وصول الدليل المخالف لقوله من اتخاذ العلماء أربابا من دون الله :
قال الفُلَّاني : وقوله " يشبه اتخاذه نبيا ألخ " بل هو عين اتخاذه ربا على ما تقدم في المقدمة عند تفسير قوله تعالى {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} الآية من حديث عدي ابن حاتم وغيره وقد قال الشافعي ما من أحد إلّا ويذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه كما نقله العراقي عنه فإذا الزم نفسه تقليد مجتهد معين واتفق أن ذلك المجتهد فاتته سنة دالة على تحريم شيء فاجتهد فيه وأحله باجتهاده من قياس أو استحسان أو غير ذلك وبلغت السنة مجتهدا غيره فحرمه اتباعا للسنة وعلم هذا المقلد السنة المذكورة الدالة على تحريمه بواسطة المجتهد الآخر وقد ألزم نفسه تقليد الأول الذي أحله فصمم على تقليده بتحليله مع علمه بورود السنة الدالة على تحريمه ومنعه تقليد الأول اتباع السنة لاعتقاده عدم جواز الانتقال عن تقليد الأول فقد اتخذ الأول ربا من دون الله تعالى يحل له ما حرم الله ويحرم عليه ما أحل الله انا لله وانا اليه راجعون " [ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص70]
«وقال أيضا : قلت : قد فهمنا من كلام هؤلاء الأئمة أن كل من قلد واحدا من العلماء المجتهدين في نازلة من النوازل بعد ظهور كون رأى ذلك الإمام مخالفا لنص كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس جلي عند القائل به وعلم المقلد النص المذكور فصمم على التقليد فهو كاذب في دعواه اقتداء بالإمام المذكور وكاذب في تقليده بل هو متبع لهواه وعصبيته والأئمة كلهم بريئون منه فهو مع الأئمة بمنزلة أحبار اهل الكتاب مع أنبيائهم
وهكذا شأن من جمد على التقليد لأحد الأئمة الأربعة في مسألة خالف رأي ذلك المجتهد إحدى الأصول المذكورة وعلم المقلد المذكور أن رأي الإمام المزبور خالف أصول الشريعة فصمم على التقليد فهو كاذب في دعواه التقليد ومخالف لإمامه بل هو مخالف للأئمة الأربعة لأن كل واحد منهم قد حذر أصحابه من مخالفة الأصول الشرعية المذكورة فالأئمة الأربعة بريئون منه وهو بريء منهم وهو مبتدع متبع لهواه ضال مضل لا يشك كل مسلم في ذلك . قال عثمان بن عمر جاء رجل إلى مالك بن أنس فسأله عن مسألة فقال له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فقال الرجل أرأيت فقال مالك {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} قال مالك لم تكن من فتيا الناس أن يقال لهم لم قلت هذا كانوا يكتفون بالرواية ويرضون بها " [ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص90]
مسألة : ذم التقليد :
وقال الحافظ أبو عمر ( ابن عبد البر ) : لا خلاف بين أئمة الإنصاف في فساد التقليد فأغنى ذلك عن الإكثار .
وقال أيضا : يقال لمن قال بالتقليد لم قلت به وخالفت السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا فإن قال قلدت لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له أما العلماء إذا أجمعوا على شيء من تأويل الكتاب أو حكاية سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض فما حجتك في تقليد بعض دون بعض وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه فإن قال قلدته لأني علمت أنه صواب قيل له علمت ذلك من كتاب أو سنة أو إجماع فإن قال نعم فقد أبطل التقليد وطولب بما ادعاه من الدليل وإن قال قلدته لأنه أعلم مني قيل له فقلد كل من هو أعلم منك فإنك تجد من ذلك خلقا كثيرا ولا يخص من قلدته إذ علتك فيه أنه أعلم منك فإن قال قلدته لأنه أعلم الناس قيل له فهو إذا أعلم من الصحابة وكفى بقول مثل هذا قبحا وإن قال إنما أقلد بعض الصحابة قيل له فما حجتك في ترك من لم تقلد منهم ولعل من تركت قوله منهم أفضل ممن أخذت بقوله على أن القول لا يصح لفضل قائله وإنما يصح بدلالة الدليل عليه وكفى بهذا جهلا وردا للقرآن قال الله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم} وقال {أتقولون على الله ما لا تعلمون} وقد أجمع العلماء أن مالم يتبين ويستيقن فليس بعلم وإنما هو الظن والظن لا يغني من الحق شيئا انتهى
[ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص86]
قال ابن القيم في أعلام الموقعين : وأيضا فإنا نعلم بالضرورة أنه لم يكن في عصر الصحابة رجل واحد اتخذ رجلا منهم يقلده في جميع أقواله فلم يسقط منها شيئا، وأسقط أقوال غيره فلم يأخذ منها شيئا. ونعلم بالضرورة أن هذا لم يكن في عصر التابعين ولا تابعي التابعين، فليكذبنا المقلدون برجل واحد سلك سبيلهم الوخيمة في القرون الفضيلة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما حدثت هذه البدعة في القرن الرابع المذموم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالمقلدون لمتبوعهم في جميع ما قالوه يبيحون به الفروج والدماء والأموال، ويحرمونها، ولا يدرون أذلك صواب أم خطأ، على خطر عظيم، ولهم بين يدي الله موقف شديد يعلم فيه من قال على الله ما لا يعلم أنه لم يكن على شيء. وأيضا فنقول لكل من قلد واحدا من الناس دون غيره: ما الذي خص صاحبك أن يكون أولى بالتقليد من غيره؟ فإن قال: " لأنه أعلم أهل عصره "
وربما فضله على من قبله مع جزمه الباطل أنه لم يجئ بعده أعلم منه، قيل له: وما يدريك ولست من أهل العلم بشهادتك على نفسك أنه أعلم الأمة في وقته؟ فإن هذا إنما يعرفه من عرف المذاهب وأدلتها وراجحها من مرجوحها فما للأعمى ونقد الدراهم؟ ، وهذا أيضا باب آخر من القول على الله بلا علم، ويقال له ثانيا فأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وعائشة وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أعلم من صاحبك بلا شك، فهلا قلدتهم وتركته؟ بل سعيد بن المسيب والشعبي وعطاء وطاوس وأمثالهم أعلم وأفضل بلا شك، فلم تركت تقليد الأعلم الأفضل الأجمع لأدوات الخير والعلم والدين ورغبت عن أقواله ومذاهبه إلى من هو دونه؟ فإن قال: " لأن صاحبي ومن قلدته أعلم به مني، فتقليدي له أوجب علي مخالفة قوله لقول من قلدته؛ لأن وفور علمه ودينه يمنعه من مخالفة من هو فوقه وأعلم منه إلا لدليل صار إليه هو أولى من قول كل واحد من هؤلاء " قيل له: ومن أين علمت أن الدليل الذي صار إليه صاحبك الذي زعمت أنت أنه صاحبك أولى من الدليل الذي صار إليه من هو أعلم منه وخير منه أو هو نظيره؟ وقولان معا متناقضان لا يكونان صوابا، بل أحدهما هو الصواب، ومعلوم أن ظفر الأعلم الأفضل بالصواب أقرب من ظفر من هو دونه. فإن قلت: " علمت ذلك بالدليل " فههنا إذا قد انتقلت عن منصب التقليد إلى منصب الاستدلال، وأبطلت التقليد....فيه؟
ويقال تاسعا: هل أنت على بصيرة في أن من قلدته أولى بالصواب من سائر من رغبت من قوله من الأولين والآخرين أم لست على بصيرة؟ فإن قال: " أنا على بصيرة " قال: ما يعلم بطلانه، وإن قال: " لست على بصيرة " وهو الحق قيل له: فما عذرك غدا بين يدي الله حين لا ينفعك من قلدته بحسنة واحدة، ولا يحمل عنك سيئة واحدة، إذا حكمت وأفتيت بين خلقه بما لست على بصيرة منه، هل هو صواب أم خطأ؟ ويقال عاشرا: هل تدعي عصمة متبوعك أو تجوز عليه الخطأ؟ والأول لا سبيل إليه، بل تقر ببطلانه؛ فتعين الثاني، وإذا جوزت عليه الخطأ فكيف تحلل وتحرم وتوجب وتريق الدماء وتبيح الفروج وتنقل الأموال وتضر الأبشار بقول من أنت مقر بجواز كونه مخطئا.
[إعلام الموقعين عن رب العالمين» (2/137-145]
وقال الفلاني " وقد لهج المتأخرون من المالكية بترجيح القول والرواية بمجرد وجودها في المدونة ولو خالف الكتاب والسنة الصحيحة المجمع على صحتها كما في مسألة سدل اليدين في الصلاة وردوا الأحاديث الصحيحة السالمة من المعارضة والنسخ وتركوها لأجل رواية ابن القاسم في المدونة عن مالك مع أن رواية القبض ثابتة عن مالك وأصحابه بروايات الثقات من أصحابه وغيرهم
وقال المحقق العلامة المقري في قواعده لا يجوز اتباع ظاهر نص الإمام مع مخالفته لأصول الشريعة عند حذاق الشيوخ قال الباجي لا أعلم قولا أشد خلافا على مالك من أهل الأندلس لأن مالكا لا يجيز تقليد الرواة عنه عند مخالفتهم الأصول وهم لا يعتمدون على ذلك انتهى
وقال أيضا : قاعدة لا يجوز رد الأحاديث إلى المذهب على وجه ينقص من بهجتها ويذهب بالثقة بظاهرها فإن ذلك فساد لها وحط من منزلتها لا أصلح الله المذاهب لفسادها ولا رفعها بخفض درجاتها فكل كلام يؤخذ منه ويرد إلا ما صح لنا عن محمد صلى الله عليه وسلم بل لا يجوز الرد مطلقا لأن الواجب أن ترد المذاهب إليها كما قال الشافعي وغيره لا أن ترد هي إلى المذاهب»
[ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص89]
وقال المحقق أبو الحسن السندي والعجب أنهم يعرفون أن المجتهد يخطئ ويصيب وهو من جملة عقائدهم والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ ثم مع ذلك كله يصرون على كلام المجتهد كما ترى ويدعون كلام النبي صلى الله عليه وسلم» [ إيقاظ همم (ص68]
مسألة : تحريم تقليد العالم أو نقل فتواه للناس فيما خالف فيه النص :
" وقال القرافي في الفروق من قواعده ما نصه تنبيه كل شيء أفتى به المجتهد فوقعت فتواه فيه على خلاف الإجماع أو القواعد أو النص أو القياس الجلي السالم عن المعارض الراجح لا يجوز لمقلده أن ينقله إلى الناس ولا يفتي به في دين الله تعالى فإن هذا الحكم لو حكم به حاكم لنقضناه وما لا نقره شرعا بعد تقرره بحكم الحاكم المجتهد أولى أن لا نقره شرعا إذا لم يتأكد وهذا لم يتأكد فلا نقره شرعا والفتيا بغير شرع حرام فالفتيا بهذا الحكم حرام وإن كان الإمام المجتهد الذي أفتى به غير عاص به بل مثاب عليه لأنه بذل جهده على حسب ما أمر به وقد ورد إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر واحد وإن أصاب فله أجران فعلى هذا يجب" [ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص92 ) ]
مسألة : وقوع العلماء في الخطأ والمعصية والبدعة وأن لا نقبل أقوالهم وأفعالهم إلا ما وفق الدليل منها :
قال أبو إسحاق الشاطبي كل ما عمل به المتصوفة المعتبرون في هذا الشأن يعني كالجنيد وأمثاله لا يخلو إما أن يكون مما ثبت له أصل في الشريعة فهم حلفاؤه كما أن السلف من الصحابة والتابعين حلفاء بذلك وإن لم يكن له أصل في الشريعة فلا أعمل عليه لأن السنة حجة على جميع الأمة وليس عمل أحد من الأمة حجة على السنة لأن السنة معصومة عن الخطأ وصاحبها معصوم وسائر الأمة لم تثبت لهم العصمة إلا مع إجماعهم خاصة وإذا أجمعوا تضمن إجماعهم دليلا شرعيا فالصوفية والمجتهدون كغيرهم ممن لم يثبت لهم العصمة ويجوز لهم الخطأ والنسيان والمعصية كبيرها وصغيرها والبدعة محرمها ومكروهها ولذا قال العلماء كل كلام منه مأخوذ ومنه متروك إلا ما كان من كلامه عليه الصلاة والسلام قال وقد قرر ذلك القشيري رحمه الله أحسن تقرير فقال فإن قيل فهل يكون الولي معصوما قيل أما وجوبا كما يكون للأنبياء فلا وأما أن يكون محفوظا حتى لا يصر على الذنوب وإن حصلت منهيات أو زلات في أوقات فلا يمنع في وصفهم قال ولقد قيل للجنيد العارف يزني فأطرق مليا ثم رفع رأسه وقال {وكان أمر الله قدرا مقدورا } وقال فهذا كلام منصف فكما يجوز على غيرهم المعاصي بالابتداع وغير ذلك ويجوز عليهم البدع فالواجب علينا أن نقف مع الاقتداء بمن يمتنع عليه الخطأ ونقف عن الاقتداء بمن يجوز عليه إذا ظهر في الاقتداء به إشكال بل يعرض ما جاء عن الأئمة على الكتاب والسنة فما قبلاه قبلناه ومالم يقبلاه تركناه وما علمنا به إذا قام لنا الدليل على اتباع الشارع ولم يقم لنا الدليل على اتباع أقوال الفقهاء والصوفية وأعمالهم إلا بعد عرضها وبذلك رضي شيوخهم علينا وأن ما جاء به صاحب الوجد والذوق من العلوم والأحوال والفهوم يعرض على الكتاب والسنة فإن قبلاه صح وإلا لم يصح
[ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص90]
مسألة :لسان حال المقلد اعتقاد العصمة للعلماء :
وقال ابن الحاج ابن الحاج (737): تجد أحدهم يعمل البدعة ويتهاون بها فتنهاه عن ذلك أو ترشده إلى الترك فيستدل على أن ذلك هو السنة، وأن ذلك ليس بمكروه لكونه رأى شيخه ومن يعتقده يفعل ذلك فيقول: كيف يكون مكروها أو بدعة.
وقد كان سيدي فلان يعملها؟ فيستدل بفعل سلفه وخلفه وشيوخه على جواز تلك البدعة، وأنها مشروعة فصار فعل المشايخ حجة على ما تقرر بأيدينا من أمر الشريعة وليسوا بمعصومين ولا ممن شهد لهم صاحب العصمة صلوات الله عليه وسلامه. وهذا أمر قد اتفقت الأمة على أنه مردود إذ أن ذلك لو جاز لوقع الخلل في الشريعة بسببه فأي من استحسن شيئا وفعله وأي من كره شيئا وتركه يقع الاقتداء به؟ فيكون ذلك نقصا معاذ الله ولو كان ذلك كذلك لم يبق بأيدينا اليوم شيء من أمر هذه الشريعة المحمدية، وقد عصم الله هذه الملة، والحمد لله من التبديل فكل من أتى بشيء مخالف لما كان عليه متقدمو هذه الأمة وسلفها فهو مردود عليه محجوج بفعلهم وبما نقل عنهم.» [المدخل لابن الحاج» (1/ 99)]
مسألة : الإنكار الشديد على من يقدم قول أحد على قول النبي صلى الله عليه وسلم :
وأخرج مالك في موطئه عن ابن عباس ، قال : " تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عروة : نهى أبو بكر ، وعمر عن المتعة ، فقال ابن عباس : ما يقول عرية ؟ قال : يقول : نهى أبو بكر ، وعمر عن المتعة ، فقال : أراهم سيهلكون ، أقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون : قال أبو بكر ، وعمر " وقال أبو الدرداء : " من يعذرني من معاوية ، أحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني برأيه ، لا أساكنك بأرض أنت بها " وعن عبادة بن الصامت مثل ذلك بمعناه *
وعن بلال بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنكم " فقال بلال : والله لنمنعهن ، فقال عبد الله : " يا عدو الله أقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتقول لنمنعهن "[المعجم الكبير للطبراني ]
وعن أبي قتادة، رضي الله عنه قال: بينا نحن عند عمران بن حصين رضي الله عنه، وعنده بشير بن كعب العدوي فقال عمران: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحياء خير كله» فقال بشير: إن منه سكينة ووقارا، ومنه ضعف، كذلك نجد في كتاب الله تعالى فأعاد عمران الحديث فأعاد بشير قوله فغضب عمران رضي الله عنه حتى احمرت عيناه وقال يراني أحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثني عن كتبه فقال: فقلنا له: إنه، إنه، إنه " [تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي» (2/ 847]
وقال ملا علي القاري في رسالته في إشارة المسبحة : وقد أغرب الكيداني حيث قال العاشر من المحرمات الإشارة بالسبابة كأهل الحديث أي مثل جماعة يجمعهم العلم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا منه خطأ عظيم جرم جسيم منشأه الجهل بقواعد الأصول ومراتب الفروع من المنقول ولولا حسن الظن به وتأويل كلام نفسه لكان كفره صريحا وارتداده صحيحا فهل لمؤمن أن يحرم ما ثبت فعله منه صلى الله عليه وسلم بما كاد نقله ان يكون متواترا» [إيقاظ همم أولي الأبصار (ص56 ) ]
وقال الخطيب البغدادي في: قال أبو عيسى الترمذي ، قال: سمعت أبا السائب ، يقول: كنا عند وكيع ، فقال لرجل ممن عنده ممن ينظر في الرأي: «أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم » - يعني هديه - ويقول أبو حنيفة هو مثلة؟ قال الرجل: فإنه قد روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: الأشعار مُثلة قال: فرأيت وكيعا غضب غضبا شديدا فقال: " أقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: قال إبراهيم ما أحقك بأن تحبس ثم لا تخرج حتى تنزع عن قولك هذا "
وعن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي ، وسأله رجل عن مسألة فقال: يروى فيها كذا وكذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له السائل: يا أبا عبد الله تقول به؟ فرأيت الشافعي أرعد وانتقص ، فقال: «يا هذا ، أي أرض تقلني ، وأي سماء تظلني ، إذا رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا فلم أقل به؟ نعم على السمع والبصر ، نعم على السمع والبصر» [الفقيه والمتفقه (1/ 386) ]
مسألة : من قلد العالم في قوله المخالف للسنة فإنه غير معذور ( اسأل عالما واخرج منها سالما !! ):
وقال السندي (ت 1163هـ): وإذا عرفت تصريح الأئمة بأنه إذا صح الحديث بخلاف ما قالوه فإنه لا يقلدهم أحد في قولهم المخالف للحديث عرفت بأن الآخذ بقولهم مع مخالفة الحديث غير مقلد لهم لأن التقليد حقيقة هو الأخذ بقول الغير من غير حجة وهذا القول الذي خالف الحديث ليس قولا لهم لأنهم صرحوا بأنهم لا يتبعون فيما خالف الحديث وأن قولهم هو الحديث ولقد كثرت جنايات المقلدين على أئمتهم في تعصبهم له فمن تبين له شيء من ذلك أي من الأحاديث النبوية فلا يعذر في التقليد فإن أبا حنيفة وأبا يوسف قالا لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه وإن كان الرجل متبعا لاحد الأئمة الأربعة ورأى في بعض المسائل أن قول غيره أقوى منه فاتبعه كان قد أحسن في ذلك ولا يقدح ذلك في عدالته ولا دينه بلا نزاع بل هذا أولى بالحق وأحب إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فمن تعصب لواحد معين غير الرسول صلى الله عليه وسلم ويرى أن قوله هو الصواب الذي يجب اتباعه دون الأئمة الآخرين فهو ضال جاهل بل قد يكون كافرا يستتاب فإن تاب وإلا قتل فإنه متى اعتقد أنه يجب على الناس اتباع واحد معين من هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم دون الآخرين فقد جعله بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك كفر انتهى "
مسألة : مخالفة الصحابة للسنة في بعض فتواهم وفوات بعض السنن عنهم :
«قال أبو عمر ) ابن عبد البر ) : ليس أحد من خلق الله إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك، إلا النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يترك من قوله إلا ما تركه هو ونسخه، قولا أو عملا، والحجة فيما قال صلى الله عليه وسلم، وليس في قول غيره حجة، ومن ترك قول عائشة في رضاع الكبير وفي لبن الفحل، وترك قول ابن عباس في العول والمتعة وغير ذلك من أقاويله، وترك قول عمر في تضعيف القيمة على المزني، وفي تبدئة المدعى عليهم باليمين في القسامة، وفي أن الجنب لا يتيمم، وغير ذلك من قوله كثير، وترك قول ابن عمر في أن الزوج يهدم التطليقة والتطليقتين، وكراهية الوضوء من ماء البحر، وسؤر الجنب والحائض، وغير ذلك كثير، وترك قول علي في أن المحدث في الصلاة يبني على ما مضى منها، وفي أن بني تغلب لا تؤكل ذبائحهم، وغير ذلك مما روي عنه، كيف يستوحش من مفارقة واحد منهم، ومعه السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي الملجأ عند الاختلاف؟ وغير نكير أن يخفى على الصاحب والصاحبين والثلاثة السنة المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا ترى أن عمر في سعة علمه، وكثرة لزومه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قد خفيعليه من توريث المرأة من دية زوجها، وحديث دية الجنين، وحديث الاستئذان، ما علمه غيره؟ وخفي على أبي بكر حديث توريث الجدة، فغيرهما أحرى أن تخفى عليه السنة في خواص الأحكام، وليس شيء ملا من هذا بضائرهم رضي الله عنهم" [التمهيد - ابن عبد البر» (1/ 349 ]
مسألة : على المسلم الأخذ بالأحوط من كل مذهب :
وقال الفلاني : وقال شيخ مشايخنا محمد حياة السندي : " اللازم على كل مسلم أن يجتهد في معرفة معاني القرآن وتتبع الأحاديث وفهم معانيها واخراج الأحكام منها فإن لم يقدر فعليه أن يقلد العلماء من غير التزام مذهب لأنه يشبه اتخاذه نبيا وينبغي له أن يأخذ بالأحوط من كل مذهب ويجوز له الأخذ بالرخص عند الضرورة وأما بدونها فالأحسن الترك أما ما أحدثه أهل زماننا من التزام مذاهب مخصوصة لا يرى ولا يجوز كل منهم الانتقال من مذهب الى مذهب فجهل وبدعة وتعسف وقد رأيناهم يتركون الأحاديث الصحاح غير المنسوخة ويتعلقون بمذاهبهم من غير سند انا لله وانا اليه راجعون انتهى» [ إيقاظ همم أولي الأبصار (ص70 ) ]
قال النووي : مسألة: هل يجوز لمن تمذهب بمذهب أن يقلد مذهبًا آخرَ فيما يكون به النفع، ويتتبع الرخص؟
أجاب رضي الله تعالى عنه: لا يجوز تتبع الرخص "والله أعلم" [فتاوى النووي» (ص235) ]

المعيصفي
10/27/ 2025 ميلادي - 7 جمادى أول 1447 هجري









 


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:09

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2025 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc