أين...؟
أين القوام العذب والبدن
أين التعارك شابه الوهن ؟
أين الفتوةُ في توهجها
أين الصيد في البحر والسفن؟
أين التراشق دونما خجل
أين التباهي ما له ديدن؟
أين التناسي والتغافل في
آن معا والمنح والمحن؟
أين التسارع لمجاوزتي شغفا
إذا غفلوا وإن فطنوا؟
يتنافسون على مصاحبتي
والدنو مني حيثما افتتنوا
يتوجسون بخوْف فطرتهم
مني إذا كتموا وإن علنوا
فقصيدُهم : ( عبدو ) إذا فشلوا
ونشيدُهم : ( عبدو) إذا ضمنوا
وصراخهم : ( عبدو) إذا افتقروا
وهتافهم : ( عبدو) إذا ازينوا
بالأمسِ كانوا عبق مسرحنا
والآن ويح الآن قد هجنوا
وكأنما الصمت الذي نزلت
أثقالُه في الكون إذا وزنوا
إرتعاشةَ المخمور في نشوتها
منها يشيعُ الفن والفنن
هجروا نعم هجروا ومنزلهم
في القلبِ ما حلوا وما سكنوا
إني أراهم أينما انحرفتْ عيني
وقد ظهروا وقد كمنوا
وأحسُّ في ذهني تشاكسهم
في البيت ليس ينالهم عفن
ووميض أعينهم إذا كسبوا
وأنين شهقتهم إذا سجنوا
في كلِّ شبر منهم أرض
وبكل ناحية لهم مدن
في الشرفات بلاطها حطموا
في المكتب المحروس قد رقنوا
في السطح قد دمروا مدارجَه
وعليه قد غسلوا وقد دفنوا
والسور فيه بعضُ ما فعلوا
في لعبة القفز التي سننوا
في الركن من تفاحةٍ قشروا
في سفرةِ الأكل التي ركنوا
إني أراهم حيثما التفتتْ
عيني كأشراف الورى امنوا
سهدي الذي كتمته صبرا
لما تناؤوا عندما ظعنوا
حتى إذا جاؤوا وقد لمحوا
من أضلعي قلبا لهم يدين
ألفيتني كالثلج ناصعا
فإذا به كالقطن يقترن
قد يسخر النقاد من أسد
يهذي ولو لم أهذ فالكفن
هيهات ما كل الورى نتن
إني وفي زمن النضال وطن