من يحلل ما جاء في كلمة أحمد عطاف وزير الخارجية الجزائري الأخيرة من مثل "الجزائر لم ولن تسمح في العبث بأمن وإستقرار جوارها، لأن أمنها وإستقرارها من أمن وإستقرار جوارها".
يجد أن وزير الخارجية استعمل مصطلح "العبث"، الجزائر لم ولن تسمح بالعبث، إلا واقع الأمور وواقع الحال هو غير ذلك، فجوار الجزائر يعبث به ليلا ونهارا، سواءا من البلاد البعيدة حسب أجندتها للهيمنة والسيطرة ومصالحها الإستراتيجية، أو البلاد القريبة والحدودية لجوارنا.
إن جوارنا يشتعل نيرانا في ليبيا، الجنرال خليفة حفتر قائد ما يسمى بالجيش الليبي الذي يسيطر على مساحة شاسعة من ليبيا، شرقا من الحدود المصرية إلى الجنوب الغربي من الحدود الجزائرية، الحاصل على شرعية مجلس النواب الذي يترأسه عقيلة صالح، والمدعوم من مصر وروسيا بل حتى من الإمارات.
والجنرال العائد من موسكو بعد حضوره الإحتفال بذكرى الإنتصار على النازية كضيف شرف رفقة كبار الشخصيات الدولية، يتربص الدوائر للإستيلاء على العاصمة طرابلس، القابعة بها حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة المعترف بها دوليا، التي تسيطر وجماعاتها المسلحة على جزء يسير من مساحة ليبيا والمدعومة تسليحا من تركيا، التي عرفت في المدة الأخيرة قلائل عسكرية فيما بين الجماعات المسلحة التابعة لها، أودت إلى قتل الرجل القوي "غنيوة" عبد الغني الككلي قائد ما يسمى بجهاز دعم الإستقرار المدعوم إماراتيا، ومظاهرات شعبية تطالب بالشرعية الإنتخابية، ووحدوية الشرعية الحاكمة.
مالي، ومنذ الإنقلاب على الشرعية الإنتخابية وتملصها من إتفاق الجزائر، يشهد الشمال المالي المتخم للحدود الجزائربة، إشتعالا للنيران بين الحكومة الإنقلابية المدعومة تسليحا من روسيا وتركيا والمغرب والإمارات وبين الجماعات الأزوادية.
ومن تبعات إسقاط المسيرة المالية من صنع تركي بصاروخ من الجيش الجزائري، شاهدت علاقات الجزائر بمالي توترا وفتورا لم تشهده من قبل، ما جعل الجزائر تغلق مجالها الجوي عن الملاحة الجوية من وإلى مالي التي تكتل من ورائها دول تحالف الساحل المشكل من النيجر وبوركينا فاسو ضف إلى مالي، ومالي اليوم تستغل المنابر الجهوية والدولية وتتهم فيها الجزائر بدعم الإرهاب وتقصد بها الحركات الأزاودية.
أما النيجر، فالحكومة الإنقلابية تتكتل مع مالي وتتحالف مع المغرب في المبادرة الأطلسية للعاهل المغربي محمد السادس، والتملص من إتفاق الغاز النيجيري إلى أوروبا.
أما عن موريتانيا، في العلن تلتزم الحياد بين الجارين القويين في حالة العداء الحزائر والمغرب، لكن إستراتيجيا فهي بجانب المغرب، فهي لا تمانع عن المبادرة الأطلسية.
وعن تونس، فهي تشهد تململا في
إستقرارها السياسي منذ تولي قيس السعيد مقالد الحكم، ولبسط سلطته يريد إنهاء خصومه السياسيين.
ولا أتكلم عن المغرب، فنظام المخزن يبحث عن كيفية الإضرار بالجزائر، ويغتنم أية فرصة للغرض ذلك، إضافة أن مشروعه للحكم الذاتي في قضية الصحراء الغربية، يشهد إنتصارات على المستوى الجهوي والدولي، من إعتراف ترامب وسانشيز إلى ماكرون بمغربية الصحراء الغربية، وتراجع إفريقيا عن مساندة جبهة البوليساريو.
وعليه فإن تصريح عطاف ينقاض واقع الحال في جوار الجزائر.
بقلم الأستاذ محند زكريني
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2025-05-29, 11:54
تصريح عطاف، يناقض واقع الحال بجوار الجزائر
العرض العادي
