منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأشربة >> العادات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-09-19, 08:21   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القهوة والشاي والسكَّر فيها ضرر أحياناً فهل تحرم كالدخان؟!

السؤال


اختلفت أنا وبعض أصدقائي في نقاش دار بيننا حول تحريم ما يضر ، وكان الدخان هو موضوع النقاش ، واستدللت بالآية الكريمة ( ويحرم عليهم الخبائث ) ، وقلت : كل ما يضر محرم

فقالوا : إذاً الشاي والقهوة والكولا والسكر والماء كلها محرمة ؛ لأن كثرة شرب الماء قد تسبب الموت خنقاً ، وتناول السكَّر بكميات كبيرة جدّاً قد يرفع سكر الدم مسبباً صدمة قد تسبب الوفاة

وكل شيء قد يتناول بكثرة وهو حلال حتماً سيسبب الضرر ، فما هو الحد في تحريم تناول مسببات الضرر ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

سبق الكلام على حرمة التدخين ، وبيان أسباب تحريمه
.
ولا ينبغي لأحدٍ أن يجادل في كون الدخان من الخبائث ، فهو خبيث الرائحة ، وخبيث الأثر على صاحبه وعلى من جاوره ، ولا يَختلف الأطباء في أن الدخان ضارٌّ بالبدن

وما كان كذلك : فهو من الخبائث ، ومن صفات النبي صلى الله عليه وسلم أنه جاء ليحل الطيبات ، ويحرِّم الخبائث .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

"يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ) من الأطعمة ؟

( قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) وهي كل ما فيه نفع ، أو لذة ، من غير ضرر بالبدن ، ولا بالعقل ، فدخل في ذلك جميع الحبوب ، والثمار ، التي في القرى

والبراري ، ودخل في ذلك جميع حيوانات البحر ، وجميع حيوانات البر ، إلا ما استثناه الشارع ، كالسباع ، والخبائث منها .

ولهذا دلت الآية بمفهومها على تحريم الخبائث ، كما صرح به في قوله تعالى : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ )" انتهى .

" تفسير السعدي " ( ص 221 ) .

وقد صدرت فتاوى متعددة من العلماء بحرمة الدخان .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

"شرب الدخان حرام ؛ لأنه ثبت أنه يضر بالصحة ؛ ولأنه من الخبائث ؛ ولأنه إسراف ، وقد قال تعالى : ( وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ )" انتهى .

الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 22 / 178 ، 179 ) .

وقالوا – أيضاً - :

"شرب الدخان حرام ؛ لأنه من الخبائث ، وقد حرم الله ورسوله الخبائث ، وقال تعالى في صفة النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ )" انتهى .

الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن منيع .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 22 / 179 ، 180 ) .

وبهذا يتبين أن الاستدلال بقوله تعالى : ( وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) على تحريم الدخان استدلال صحيح .

ولا يُختلف في كون الدخان مما يسبب الضرر لشاربه ، بل لمن كان بجانبه ممن يستنشق ذلك الدخان المتصاعد من " السيجارة " ، والقاعدة الشرعية هي أن كل ما ثبت ضرره فإنه يكون حراماً .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

"الدليل على تحريم ما فيه مضرة : من القرآن ، والسنَّة :

فمن القرآن : قال الله تعالى : ( وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة/ 195

وقال عزّ وجل : ( وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) النساء/ 29 ، والنهي عن قتل النفس نهيٌ عن أسبابه أيضاً ، فكل ما يؤدي إلى الضرر : فهو حرام .

وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا ضرر ولا ضرار ) ، وربما يستدل له أيضاً بقوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) المائدة/ 6

ووجه ذلك : أن الله تعالى أوجب التيمم على المريض حمايةً له عن الضرر ، فعدل به عن الماء الذي قد يتضرر باستعماله في البرد والمرض ونحوهما إلى التيمم" انتهى .

" الشرح الممتع " ( 15 / 12 ، 13 ) .

والدخان لا يُختلف اليوم في أنه ضار .

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

"وكذلك الدخان ، فإنه ضارٌّ في عينه ، وضرره مُجمعٌ عليه بين الأطباء اليوم ، لا يَختلف في ذلك اثنان منهم ؛ لما يشتمل عليه من المواد السامة ، المفسدة للدم" انتهى .

" الشرح الممتع " ( 15 / 10 ) .

ثانياً :

أما تمثيل المناقش لك الدخان بأطعمة وأشربة مباحة قد يتضرر الإنسان إذا أكثر منها : فهي حجة غير صحيحة ، لأن هذه الأطعمة مباحة نافعة من حيث الأصل ، وإنما تكون مضرة في أحوال معينة ، كما لو أكثر منها .

والقاعدة السابقة : أن كل مضر فهو محرم ، ينطبق عليها في هذه الحالة أيضاً ، فلا يجوز لأحد أن يكثر من شرب الماء أو أكل التمر ـ مثلاً ـ حتى يضره ذلك .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

"والضارُّ في غيره : مثل أن يكون هذا الطعام لا يلتئم مع هذا الطعام ، بمعنى أنك إذا جمعتَ بين الطعامين : حصل الضرر ، وإذا أكلتهما على انفرادٍ لم يحصل الضرر

ومن ذلك الحمْية للمرضى ، فإن المريض إذا حُمي عن نوع معينٍ من الطعام ، وقيل له : إن تناوله يضرك : صار عليه حراماً ...
.
قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وإذا خاف الإنسان من الأكل أذًى أو تخمة : حَرُمَ عليه " .

فإذا قال الإنسان : أنا إذا ملأتُ بطني من هذا الطعام : فإنه سيحتاج إلى ماء ، فإذا أضفتُ إليه الماء : فلا أكاد أمشي ، وأتأذى ، فإن جلست : تأذيت ، وإن ركعتُ : تأذيت

وإن استلقيت على ظهري : تأذيت ، وإن انبطحت على بطني : تأذيت ، وفي هذا يقول شيخ الإسلام : " إذا خاف الأذية : فإنه يحرم عليه الأكل "

وما قاله رحمه الله : صحيح ؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يأكل ما يؤذيه ، أو يلبس ما يؤذيه ، أو يجلس على ما يؤذيه ، حتى الصحابة رضي الله عنهم في السجود

كانوا إذا أذاهم الحر يبسطون ثيابهم ، ويسجدون عليها ؛ لئلا يتأذوا ؛ ولأجل أن يطمئنوا في صلاتهم .

وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام خوف الأذية والتُّخمة ممَّا ضرره في غيره ، وهو الإكثار ، يعني هو بنفسه ليس بضار ، لكن الإكثار منه يكون ضاراً مؤذياً ، حتى وإن لم يتضرر

لكن الظاهر لي من الناحية الطبية أنه يتضرر ؛ لأن المعدة إذا ملأتها سوف تتأذى وتتعب ...
.
وقد قيل : إن من الأمور المهلكة : إدخال الطعام على الطعام ، فإذا صح ذلك كان – أيضاً – حراماً ؛ لأن الله يقول : ( وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) النساء/ 29 .

ولا يبعد أن يكون هذا صحيحاً ، وهو أمر مجرَّب" انتهى .

" الشرح الممتع " ( 15 / 9 - 11 ) .

وقال رحمه الله :

"لو قيل لرجل مصاب بالداء السكري : لا تأكل التمر ، ولا الحلوى : صار التمر ، والحلوى حراماً عليه ؛ لأنها تضره ، ووجب عليه اجتنابها ، وهي حلال للآخرين" انتهى .

" لقاءات الباب المفتوح " ( 229 / السؤال رقم 2 ) .

وبهذا يتبين خطأ قياس صاحبك المباح من الطعام والشراب على الدخان المحرَّم .

والله أعلم









رد مع اقتباس