[السَّحابة البيضاءْ]

المتجول في الأسواق الجزائرية خاصةً محال بيع الأثاث وقطع الديكور وملحقاته يلحظ أنها قد قفزت قفزة نوعية وأن ما كنا نراه فيما مضى عبر الشاشة الصغيرة أو عبر الشبكة العنكبوتية أنّه أمامنا قابل للّمس والسؤال عن سعره . نعم إنه الانفتاح الاقتصادي الذي خلف غنى هذه المحال بالقطع المختلفة
عند سؤال بعض أصحاب هذه النوعية من المحال نسبة كبيرة منهم أجمعوا على أن الإقبال في تزايد مجمعين على أنّ السّعر المرتفع لا يشكّل عائقاً بل اسّر لنا أحدهم أنّ زبونته مهووسة باقتناء الأثاث التركي بعد كلّ ظهور مسلسل جديد يُظهر آخر صيحات الطابع التركي !!
هذا ما رصدناه عند صاحبي المحال الخّاصة بالأثاث و الدّيكور .
طيّب هناك زخم واضح وجليّ في القطع الدّيكورية لكن هل الشّكل و الموديل يُناسب طبيعة بيئة البيوت الجزائرية ؟ وهل نُحسن توظيف هذه المقتنيات بين زوايا بيوتنا ؟ هل هذه السّلع جعلت منّا أشباه أوروبيين مثلما يُطلق علينا بعض محبي الأصالة و التّقاليد ؟
أجرينا استطلاعاً لجزائريين عبر فضاء منتدى الدّيكور ، وسؤال البعض الآخر في الفضاء الأزرق . الحقيقة أنّ متابعة تباين الرّدود أوقعتني في حيرة من أمري حيث لحظت للأمانة أنّ البعض لم ينطق من زاوية موضوعية قاس الأمر على نفسه فقط في حين كان الاستطلاع عاماً .
نرحل وإيّاكم عبر ردود وآراء البعض :
نحن لا نمتلك ثقافة ديكورية بتاتاً جواب لا يحتمل أن أسأل غيره . بهذه الحقيقة الجازمة استهلت – الآنسة م- كلامها ثمّ أسهبت قائلةً : أين الديكور ؟ لم أرَ أي شيء يدل عليه حتى عند سماعي لأحدى زميلاتي تقول لقد اشتريت صالون مغربي أتوقع أن يكون مغربيا يأتم معنى الكلمة لكن الطامة أن السرير العادي الذي نجعله للنوم توضع عليه مطرح عادي و وسادتان منتفختان حدّ الانفجار أهذا حقاً هو الطراز المغربي ؟ حتّى التقليد لا نُحسنه (( تركتها وهي لا تزال ناقمة يبدو أنها قد صادفت بيوتاً جعلتها تأخذ نظرة سلبية جدّاً ))
أمّا أخرى فقد قالت : ما لي ومال الدّيكور أجري و أتعب لاقتناص فرصة للعيش و الدّيكور و التّزيين آخر اهتماماتي ، المهم أن أوفر أثاث صالح للاستعمال و بأقل سعر ممكن في السوق . وافقتها فلانة لكن مع بعض التّحفظ كونها تحب متابعة جديد الدّيكور و تطمح لامتلاك حسّ يمكنّها من تزّيين بيتها بصورة أفضل لكنّها تبقى أمنية حبيسة أدراج الكماليات على حدّ قولها .
ثمّ قالت أخرى : الجزائري بطبعه يحّب الجمال و له ذوق خاص في بيته ، تقريباً كلّ المنازل الّتي دخلتها – سواءً للأقرباء أو الأصدقاء – بها لمسات جمالية ولكلّ منها أسلوب خاص ، حتّى بيتنا مؤثث بطريقة جيّدة و راعينا أن يكون مواكباً للعصرنة .
وأردفت الأخرى قائلةً : المحال بها كلّ شيء أثاث تركي فرنسي إسباني وكلّ ما قد يخطر ببالك لو اعتمدنا على التّخطيط المسبق بجرد ما نحتاجه لأمكننا من جعل بيوتنا ناطقةً بالإبداع ، حتّى الأسعار ليست عائقاً فلن نشتري كلّ شيء في ليلةٍ واحدة ، مذ أن اعتمدت التخطيط صرت أكثر راحة .
مُشكلتنا حتى لمّا نرى تصميم أجنبي و نحاول أن نحاكيه بحسب الموجود عندنا تُضايقنا تعليقات من حولنا بأننا استوحيناه من البيئة الفلانية ، مع أنه ظاهر أن به لمستنا لا يُمكنهم تصديق أن بإمكاننا خلق مزاوجة بين بيئتين مُختلفتين كان هذا تعليق إحدى الأخوات .
هناك تدخل رجالي وحيد قال : لا اشتري أثاثي من عند النجار ولا من عند المحال المخصصة لذلك بل من عند محلات بيع الأثاث المستعمل وإن كانت أقل سعراً و جودةً إلاّ أنها تبقى خياراً لابّد منه ، فبيتي مزيج من كل الأنواع و تنطبق عليّ مقولة : عصري بطابع تراثي فكلّ شيء عندي .
أراء المنتدى المعارضة
سطانة
قد أكون جاحدة في حق هذا الشعب الجزائري المغبون لكن الحقيقة قلة جداً هم من يهتمون لذلك لأني أرى تقليدا أعمى لكل ما يعرض ، و النّاس تتهافت عليه وفودا وفودا و الديكور في الحقيقة هو تنسيق لا أكثر ...
زينب83

قلة قليلة من يعرفون أساسيات هذا المجال ، فمهندس الديكور يعاني في بلدنا من التهميش و مهنته ليس لها أي قيمة مقارنة بعدة دول شقيقة مثل المغرب و تونس و مصر ، و أكيد ارتفاع الأسعار له دور في هذه الفوضى فمثلا أنا مطبخي لا يعجبني إطلاقا لكن العائق المادي يقف في طريقي لتغييره لكن حتى الأغنياء من الجزائريين لا يفقهون في الديكور شيئا فقد رأيت بعضهم يجمعون أغلى أنواع الأثاث و إكسسوارات الديكور فقط لأنه آخر ما ظهر في الأسواق ، أما عن السوق الجزائرية صراحة أرى أنها أصبحت تزخر بتنوع هائل فيها يخص عالم الديكور و أرى أنها أصبحت تلبي الكثير من أذواق المستهلكين .
راحيل

أرى أنه من الضروري وضع دورة لتعلم فنّ الديكور موجهة للأسر ووضع مجلات في هذا الصدد مبسطة تعنى بمختلف الأساسيات .
ما هو شائع أن الأسرة تعتمد على دهان من الأقارب لكن البحث عن دهان له دراية بالألوان الدارجة أو متخصص فهنا التكلفة تأخذها الأسرة بعين الاعتبار، أما قطع الأثاث في حالات كثيرة نجد عدم التناسق وانعدام التنظيم هنا على حسب طبيعة الأسرة فهناك من يهتم باقتناء الأجمل وهناك من يفضل اقتناء الذهب على شراء أثاث ديكوري جيّد .
خولة

الجزائري لا يملك الثقافة الديكورية إطلاقا و ذلك راجع لعديد من الأسباب أهمها عدم إطلاعه على أساسيات هدا المجال فالديكور هو فن لا يتقنه إلا القليل ، إضافة إلى إتباعه للعادات و التقاليد و كذا غلاء القطع الديكورية و مستلزماتها رغم توفرها بكثرة في السوق الجزائرية و ربما هناك أسباب أخرى .

نادرة
إن تحدثنا عن الغالبية فالشعب الجزائري"زوالي" ، يشتري ما استطاع ويضع القطعة بجانب الأخرى المهم أن يملأ بيته ولا يترك فيه فراغا .. فالفراغات على حسب رأي النّاس دليل على شدة الحاجة ، لذلك مازالوا يشتهون شراء الأثاث ذو الحجم الكبير ليسد ما استطاعوا من فراغ .

التقليد ، عدم الإطلاع على أساسيات الديكور هما سبب عدم وجود ثقافة ديكورية

آراء المنتدى المؤيدة
أمّ سراج وملاك

إن الجزائري يملك ثقافة ديكورية وليس بالضروري الاستعانة بمهندسي الديكور حتى نقول أننا نملك ثقافة ، أظن أنه من قال أننا لا نملك ثقافة لم يطلع على بيوت كل الجزائريين وتعتبر الجزائر من بين اكبر الدول من حيث المساحة وهذا معناه أن الثقافات تختلف من منطقة لأخرى وكل منطقة لها عاداتها وتقاليدها من كل الجوانب حتى الديكور، أما فيما يخص ارتفاع الأسعار أظن هذه المشكلة تخص كل الدول حتى الأوروبية يعني هذه مشكلة على المستوى العالمي والأسواق الجزائرية مليئة بجميع أنواع وأشكال الأثاث وسوق منطقة العلمة خير دليل وهناك أسواق تقريبا في كل الولايات تقريبا أما فيما يخص السؤال هل تلبي الرغبات ام لا فهذا يعود حسب الدخل الشهري والمستوى المعيشي لكل فرد و هذه الظاهرة موجودة في كل المجتمعات والأسواق الجزائرية تحتوي على أنواع كثيرة من القطع بحيث يتسنى للمشتري الاختيار كيفما يشاء وفيما يخص الألوان فهي متوفرة بشكل كبير وتعبر الجزائر أحسن من دول كثيرة في هذا المجال .
وخلاصة القول أن كل إنسان يعيش حسب مستواه المادي وفي البساطة يكمن الجمال وأحسن الدول المتقدمة لا يعتمدون على مهندسي الديكور ، كل إنسان مثقف ثقافة خاصة تخصه في هذا المجال .
تنهنان تيتي

الجزائريون وخاصة النساء لديهنّ ذوق رفيع المستوى في الديكور لكن المادة هي العائق ، أما عن تنوع السلع والألوان أنا أجد بان كل شي متوفر في الأسواق .
هند

نعم الجزائري لديه ثقافة ولمَ لا ، الإنسان يعيش بحسب مدخوله وبالقليل يُمكننا شراء ما يسّر النّاظر ونزّين منازلنا بذوقنا الخّاص .
سيدرا
نعم الجزائر تملك ثقافة واسعة في هذا المجال وبما أنني مقيمة بفرنسا قرابة 13 سنة وأقيم في بيت كبير من طابقين ، ولم استعن بمهندس ديكور ليأثث بيتي بل كل لمساته مستوحاة من المجتمع الجزائري من تاريخ القديم للجزائر كالطرز والبرودي والقطع الفنية التي تصنعها أيادي جزائرية منذ العهود القديمة على يد جداتنا وأجدادنا وخير دليل على ذلك قناة سميرة تعرض أمهر خياطات وصانعات التحف الفنية الجزائرية الأصل وديكور مطابخها من أحسن المطابخ وعندها أكبر نسبة مشاهدة ، مهندس الديكور مصروف زائد وبهرجة كذابة لان المرآة هي الملكة في بيتها ويجب أن تحس بكل قطعة تضعها في أي مكان في بيتها صراحة دخلت بيوت ناس كثيرة بسيطة وتمنيت أن لا أخرج منها من شدة البساطة والجمال في الديكور لان الجمال والبساطة شيئان متلازمان
أما الأثاث في العلمة فحدث ولا حرج وكنت أمشي مرفوعة الرأس افتخاراً بما ترى عيني والألوان متوفرة في بلادنا بكل الألوان و الأحجام وكذلك في كل الولايات .

وعن سبيل نشر ثقافة ديكورية بين أوساط الجزائريين أجابت إكرام ملاك بقولها : أن تكون هناك ثقافة ديكورية محلية نابعة من البيئة الجزائرية وليست نقل حرفي لما يشاع عبر المجلات والتلفزيون أو النت وهذا يكون عن طريق فتح مدارس خاصة بهذا وإدراج ذلك بشكل كبير في التكوينات والمعاهد حتى يخرج الأمر إلى الملموس .

لربّما نختتم رصد الآراء هذا للمناداة بضرورة إيلاء الثّقافة الدّيكورية مزيداً من الاهتمام ، فالدّيكور لم يكنْ مرتبطاً يوماً بثقافةٍ ما أو بشعوب ٍ معيّنة ، فالدّيكور* يُحيط بنا من كلّ جانب .

* مصطلح الدّيكور لا يعني الأثاث فقط إنّما هو مفهوم واسع .

|| عميق الشّكر لكِل الإخوة الّذين شاركوا بالاستطلاع *