منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - وقفة تأمل و محاسبة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-09-08, 14:40   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



فرح الله بتوبة عبده

روى البخاري (6308) ، ومسلم (2747) واللفظ له، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا

هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ .

سبحان الله ...

وما أجمل تلك الحكاية التي ساقها

ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين حيث قال :

وهذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين أنه رأى في بعض السكك باب قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي

, وأمه خلفه تطرده حتى خرج ,

فأغلقت الباب في وجهه ودخلت فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكرا ,

فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه ,

ولا من يؤويه غير والدته ,

فرجع مكسور القلب حزينا .

فوجد الباب مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام

, وخرجت أمه ,

فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه ,

والتزمته تقبله وتبكي وتقول : يا ولدي , أين تذهب عني ؟

ومن يؤويك سواي ؟

ألم اقل لك لا تخالفني , ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك .

وارادتي الخير لك ؟

ثم أخذته ودخلت .


فتأمل قول الأم

لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة .

وتأمل

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" اللَّه أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ أَرْحَمِ الْوَالِدَاتِ بِوَلَدِهَا؛ فَإِنَّ مَنْ جَعَلَهَا رَحِيمَةً أَرْحَمُ مِنْهَا " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (16/ 448) .

فمقتضى العقل :

أن الله أرحم من كل راحم من خلقه

مهما بلغت رحمته ؛ لأنه سبحانه هو الذي جعلهم يرحمون

. وقد روى البخاري (6000) ، ومسلم (2752) عن أبي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يَقُولُ: ( جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا ، وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا ، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الخَلْقُ ، حَتَّى تَرْفَعَ الفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ ) .

وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء ؟

فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد أستدعى منه صرف تلك الرحمة عنه

فإذا تاب إليه فقد أستدعى منه ما هو أهله وأولى به .

فهذه تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح الواجد لراحلته في الأرض المهلكة بعد اليأس منها


حين تقع في المعصية وتلم بها فبادر بالتوبة وسارع إليه


وإياك والتسويف والتأجيل فالأعمار بيد الله عز وجل

, وما يدريك لو دعيت للرحيل وودعت الدنيا وقدمت على مولاك مذنبا عاصي ,ثم أن التسويف والتأجيل قد يكون مدعاة لاستمراء الذنب والرضا بالمعصية ,

ولئن كنت الآن تملك الدافع للتوبة وتحمل الوازع عن المعصية فقد يأتيك وقت تبحث فيه عن هذا الدافع وتستحث هذا الوازع فلا يجيبك .

لقد كان العارفون بالله عز وجل يعدون تأخير التوبة ذنبا آخر ينبغي أن يتوبوا منه

وقال الإمام ابن القيم في "مدارج السالكين" (1/283) :

" المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور ولا يجوز تأخيرها

فمتى أخرها عصى بالتأخير

فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى

وهي توبته من تأخير التوبة

وقل أن تخطر هذه ببال التائب

بل عنده أنه إذا تاب من الذنب لم يبق عليه شيء آخر

وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة

ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة

مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم ، فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه

ولا ينفعه في عدم المؤاخذة بها جهله إذا كان متمكنا من العلم

فإنه عاص بترك العلم والعمل

فالمعصية في حقه أشد

وفي صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

( الشِّرْكُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَكَيْفَ الْخَلَاصُ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟

قَالَ : أَنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ ". فَهَذَا طَلَبُ الِاسْتِغْفَارِ مِمَّا يَعْلَمُهُ اللَّهُ أَنَّهُ ذَنْبٌ وَلَا يَعْلَمُهُ الْعَبْدُ

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو فِي صِلَاتِهِ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي

وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلِي ، وَخَطَأِي وَعَمْدِي ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ

وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، أَنْتَ إِلَهِيٌّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ". وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ

دِقَّهُ وَجِلَّهُ ، خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ ، سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ، أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ "

فهذا التعميم وهذا الشمول لتأتي التوبة على ما علمه العبد من ذنوبه وما لم يعلمه " انتهى.


شروط التوبة الصحيحة هي:

1 - الإقلاع عن الذنب.

2 - الندم على ما فات.

3 - العزم على عدم العودة إليه.

وإذا كانت التوبة من مظالم العباد في مال أو عرض أو نفس ، فتزيد شرطا رابعا، هو: التحلل من صاحب الحق ، أو إعطاؤه حقه.

وقد أمر الله تعالى عباده بالتوبة النصوح ، فقال : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ

وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التحريم/8

قال البغوي رحمه الله :

" وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهَا :

قَالَ عُمَرُ وَأُبَيٌّ وَمُعَاذٌ: "التَّوْبَةُ النَّصُوحُ" أَنْ يَتُوبَ ثُمَّ لَا يَعُودَ إِلَى الذَّنْبِ، كَمَا لَا يَعُودُ اللَّبَنُ إِلَى الضَّرْعِ .

قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ نَادِمًا عَلَى مَا مَضَى؛ مُجْمِعًا عَلَى أَلَّا يَعُودَ فِيهِ .

قَالَ الْكَلْبِيُّ: أَنْ يَسْتَغْفِرَ بِاللِّسَانِ ، وَيَنْدَمَ بِالْقَلْبِ ، وَيُمْسِكَ بِالْبَدَنِ.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: تَوْبَةً تَنْصَحُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ.

قَالَ الْقُرَظِيُّ: يَجْمَعُهَا أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: الِاسْتِغْفَارُ بِاللِّسَانِ ، وَالْإِقْلَاعُ بِالْأَبْدَانِ ، وَإِضْمَارُ تَرْكِ الْعَوْدِ بِالْجَنَانِ ، وَمُهَاجَرَةُ سَيِّئِ الْإِخْوَانِ."

انتهى ، من "تفسير البغوي" (8/169) .


الندم شرط رئيسي

و هو ركن التوبة الأعظم

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ : كَانَ أَبِي عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَسَمِعَهُ يَقُولُ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "النَّدَمُ تَوْبَةٌ"

رواه أحمد (4012) وصححه الألباني

وقد قال بعض أهل العلم :

" يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ تَحَقُّقُ النَّدَمِ ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِقْلَاعَ عَن الذنوب ، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ؛ فَهُمَا نَاشِئَانِ عَنِ النَّدَمِ لَا أَصْلَانِ مَعَهُ " .

انظر: "فتح الباري" (13/ 471) .

وقال القاري رحمه الله:

" (النَّدَمُ تَوْبَةٌ) إِذْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ مِنَ الْقَلْعِ وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ، وَتَدَارُكِ الْحُقُوقِ مَا أَمْكَنَ....

وَالْمُرَادُ : النَّدَامَةُ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مَعْصِيَةٌ ، لَا غَيْرَ ".

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (4/ 1637) .









رد مع اقتباس