منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لماذا خص عيسى عليه السلام بالرفع ؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-01-24, 14:59   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18 لماذا خص عيسى عليه السلام بالرفع ؟

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

لماذا خص عيسى عليه السلام بالرفع ؟

السؤال

امرأة كندية نصرانية تسأل أحد الأخوة

وتريد الجواب: هل لعيسى عليه السلام أية مميزات عن باقي الرسل حتى يرفعه الله إليه ؟


الجواب

الحمد لله

أولا:

من الأصول المقررة عند كل من يؤمن برب العالمين، أن الله جل جلاله، حكيم، لا يخلق سدى، ولا يشرع شيئا عبثا. قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" الله سبحانه حكيم لا يفعل شيئا عبثا ولا لغير معنى ومصلحة وحكمه هي الغاية المقصودة بالفعل

بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل، وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا وهذا في مواضع لا تكاد تحصى ولا سبيل إلى استيعاب أفرادها ... "

انتهى من "شفاء العليل" (ص 190).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وهو سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وله فيما خلقه حكمة بالغة ، ونعمة سابغة، ورحمة عامة وخاصة، وهو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، لا لمجرد قدرته وقهره ، بل لكمال علمه وقدرته ورحمته وحكمته "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (8 / 79).

فالشخص إذا ظهرت له أدلة صدق هذا الدين؛ فالذي ينبغي عليه بعد ذلك أن يشغل نفسه بأساس هذا الدين وهو توجيه الجهد لفهم ما كلف به وبذل وسعه لتحقيق ذلك؛ فهو المقصد الأول من وجوده في هذه الدنيا

وأما أمثال هذه المسائل فليكل علمها إلى الله تعالى.

قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ الذاريات/56.

قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى:

" اعلم أن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله، على التسليم وعدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع.

ولهذا لم يحك الله سبحانه عن أمة نبي صدقت بنبيها وآمنت بما جاء به، أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما أمرها به ونهاها عنه وبلغها عن ربها، ولو فعلت ذلك لما كانت مؤمنة بنبيها

بل انقادت وسلمت وأذعنت، وما عرفت من الحكمة عرفته، وما خفي عنها لم تتوقف في انقيادها وتسليمها على معرفته، ولا جعلت ذلك من شأنها، وكان رسولها أعظم عندها من أن تسأله عن ذلك "

انتهى من "شرح الطحاوية" (ص 261).

ثانيا:

الله جل جلاله ، هو خالق الخلق، ومالك الملك، خلق الزمان، وشرف بعضه على بعض، وخلق المكان

وفضل بعضه على بعض، وخلق العباد، واصطفى بعضهم على بعض، وهذا من تمام عظمته، التي لا يبلغ كنهها أحد، ومن تمام ملكوته، الذي تعجز الخلائق عن إدراكه،

قال تعالى : مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ الحج/74-79 .

وهذا من تمام مشيئته، وطلاقتها، وعظيم ربوبيته، وسلطانه سبحانه .

قال الله تعالى : كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) الحج/13

وقال تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ القصص/68 .

ومن جملة هذه الخصائص التي خص الله بها بعض خلقه ، أنه تعالى قد أعطى بعض أنبيائه ورسله، من الفضائل والخصال، ما لم يعط من سواهم من النبيين.

فالله تعالى أحالنا في مثل هذه المسائل على كمال علمه بخلقه

وحكمته فيهم؛ حيث قال سبحانه: وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا الإسراء/55.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" ( وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) من جميع أصناف الخلائق، فيعطي كلا منهم ما يستحقه تقتضيه حكمته، ويفضل بعضهم على بعض في جميع الخصال الحسية والمعنوية، كما فضل بعض النبيين المشتركين بوحيه

على بعض، بالفضائل والخصائص الراجعة إلى ما منّ به عليهم، من الأوصاف الممدوحة، والأخلاق المرضية والأعمال الصالحة

وكثرة الأتباع، ونزول الكتب على بعضهم، المشتملة على الأحكام الشرعية والعقائد المرضية، كما أنزل على داود زبورا وهو الكتاب المعروف "

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 460).

ورفع عيسى عليه السلام إلى السماء، وحياته فيها ، ونزوله في آخر الزمان: هو مما ثبت بنص الكتاب العزيز، والسنة الصحيحة الثابتة، وإجماع أهل العلم .

قال الله تعالى: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ *

فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ * وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ آل عمران/55-57

قال الإمام أبو محمد ابن عطية رحمه الله: " وأجمعت الأمة على ما تضمنه الحديث المتواتر من أن عيسى عليه السلام في السماء حي، وأنه ينزل في آخر الزمان فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويقتل الدجال ويفيض العد

ويظهر هذه الملة ملة محمد ويحج البيت ويعتمر، ويبقى في الأرض أربعا وعشرين سنة، وقيل أربعين سنة، ثم يميته الله تعالى."

انتهى من "تفسير ابن عطية" (1/444).

وقال الله تعالى في شأن اليهود وعتوهم على ربهم، وقتلهم أنبياء الله، بدلا من تعظيمهم وتوقيرهم والإيمان بهم: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا

غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا * وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُو

فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا النساء/155-158 .

قال القاسمي رحمه الله:

"بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ردّ وإنكار لقتله. وإثبات لرفعه. أي: اليقين إنما هو في رفعه إليه وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً أي: لا يبعد رفعه على الله. لأنه عزيز لا يغلب على ما يريده. وحكيم اقتضت حكمته رفعه.

فلا بد أن يرفعه. وهي حفظه لتقوية دين محمد صلى الله عليه وسلم، حين انتهائه إلى غاية الضعف بظهور الدجال، فيقتله. أفاده المهايميّ."

انتهى من "محاسن التأويل" (3/392).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" وقوله.. بيان أن الله رفعه حيا وسلمه من القتل، وبين أنهم يؤمنون به قبل أن يموت. وكذلك قوله: ( ومطهرك من الذين كفروا) ؛ ولو مات: لم يكن فرق بينه وبين غيره "

انتهى من "الجواب الصحيح" (4/38).








 


رد مع اقتباس