منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأطعمة >> العادات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-09-18, 07:00   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم اللحوم في بعض بلاد الغرب

السؤال :

لقد قرأت كل الأسئلة عن حكم اللحوم المشكوكة ، إلا أننى لم أجد إجابة عن الواقع الذي نعيشه في ألمانيا ، القوم هنا يُعَدُّون من أهل الكتاب ، إلا أن ذبيحتهم تعالج بالصعق قبل الذبح .

وهنا أتراك مسلمون يزعمون أن لحومهم حلال . الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ذكر أنه لا يشرع السؤال عن كيفية الذبح عند أهل الكتاب والمسلمين .

فهل يجوز لنا أن نشتري اللحوم من المحلات الألمانية ومن عند الأتراك ؟

أم إن علينا التأكد من حل اللحوم ، وذلك أمر في غاية التكلف ؟

ولقد قرأت في القواعد الفقهية للشيخ السعدى رحمه الله أن الأصل في اللحوم أنها حرام . فكيف يمكن الجمع بين هذا وكلام الشيخ ابن عثيمين ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

لا بد من تقرير القاعدة الشرعية في أحكام الذبائح ، والتي تنص على أن الأصل في اللحوم والذبائح هو التحريم :

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - :

" اللحوم الأصل فيها التحريم حتى يتيقن الحل ، ولهذا إذا اجتمع في الذبيحة سببان : مبيح ومحرم ، غلب التحريم "

انتهى من " رسالة القواعد الفقهية " ( 29 ) .

وقد قرر ذلك كثير من أهل العلم قبل الشيخ السعدي رحمه الله

انظر : " إحكام الأحكام " لابن دقيق العيد ( 2 / 286 )

و" الفتاوى الكبرى " لابن تيمية ( 3 / 110 ) .

والدليل على ذلك حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه ، فقد علَّمه النبي صلى الله عليه وسلم ما يحل له من الصيد وما لا يحل ، فقال له صلى الله عليه وسلم :

( إِذَا أَرسَلتَ كَلبَكَ وَسَمَّيتَ فَأَمسَكَ وَقَتَلَ فَكُل ، وَإِن أَكَلَ فَلَا تَأكُلْ فَإِنَّمَا أَمسَكَ عَلَى نَفسِهِ ، وَإِذَا خَالَطَ كِلَابًا لَم يُذكَرِ اسمُ اللَّهِ عَلَيهَا فَأَمسَكنَ وَقَتَلنَ فَلَا تَأكُلْ

فَإِنَّكَ لَا تَدرِي أَيُّهَا قَتَلَ ، وَإِن رَمَيتَ الصَّيدَ فَوَجَدتَهُ بَعدَ يَومٍ أَو يَومَينِ لَيسَ بِهِ إِلَّا أَثَرُ سَهمِكَ فَكُل ، وَإِن وَقَعَ فِي المَاءِ فَلَا تَأكُلْ ) رواه البخاري ( 5475 ) ، ومسلم ( 1929 ) .

يقول ابن القيم - رحمه الله -

معلقا على هذا الحديث - :

" لما كان الأصل في الذبائح التحريم ، وشك هل وجد الشرط المبيح أم لا ، بقي الصيد على أصله في التحريم "

انتهى من " إعلام الموقعين " ( 1 / 340 ) .

ولكن جاء في الشريعة ما يدل على أنه لا يشترط اليقين في رفع أصل التحريم هذا ، بل يكفي الظاهر والغالب الراجح ، وإجراء الفعل الصادر ممن هو أهل له

على ظاهر السلامة ، ولا يلتفت إلى الاحتمال الضعيف ، فإن وجد اليقين على وقوع الذكاة الشرعية فذلك أفضل .

قال ابن دقيق العيد – رحمه الله - :

" الحديث – أي : حديث أبي ثعلبة الخشني في الصيد – جارٍ على مقتضى ترجيح غلبة الظن ، فإن الظن المستفاد من الغالب ، راجح على الظن المستفاد من الأصل " .

انتهى من " إحكام الأحكام " ( 2 / 286 ) .

ومن ذلك : ما جاء عن عائشة رضي الله عنها

: " أن قوما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إِنَّ قَومًا ( وفي رواية مالك " من البادية " ) يَأتُونَنَا بِلَحمٍ لَا نَدرِي أَذُكِرَ اسمُ اللَّهِ عَلَيهِ أَم لَا ؟

فَقَالَ : سَمُّوا عَلَيهِ أَنتُم وَكُلُوهُ ) ، قَالَت : وَكَانُوا حَدِيثِي عَهدٍ بِالكُفرِ " .

قال ابن حجر – رحمه الله - :

ويستفاد منه أن كل ما يوجد في أسواق المسلمين محمول على الصحة ، وكذا ما ذبحه أعراب المسلمين ؛ لأن الغالب أنهم عرفوا التسمية

وبهذا الأخير جزم ابن عبد البر فقال : فيه أن ما ذبحه المسلم يؤكل ويحمل على أنه سمَّى ؛ لأن المسلم لا يظن به في كل شيء إلا الخير ، حتى يتبين خلاف ذلك "

انتهى من " فتح الباري " ( 9 / 786 ) .

وبهذا يتبين أنه ليس ثمة تناقض أو اختلاف في كلام الشيخين ، إن شاء الله ؛ فحين قرر الشيخ السعدي أن الأصل في اللحوم التحريم

لم يقصد بذلك تحريم كل لحم لم نتيقن ذكاته ، بل يكفي أن يكون الظاهر أو الغالب وقوع الذكاة الشرعية .

ومراد الشيخ ابن عثيمين بكلامه : أن الفعل الصادر ممن هو أهله ، جار على أصل الصحة والسلامة ؛ فالمسلم : أهل لأن يذبح ذبيحة شرعية

فإذا صدر منه الذبح ، حمل على ظاهر الصحة والسلامة ، ولم يحتج إلى سؤاله : عن كيفية ذبحه ، وهل سمى أو لم يسم ، ونحو ذلك

اكتفاء بظاهر الحال، والعلماء يقررون أن ظاهر الحال يرفع أصل التحريم في كثير من الصور.

ومثل ذلك أيضا : يقال في الكتابي .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

" وأجمعوا على جواز شراء اللحمان من غير سؤال عن أسباب حلها ، اكتفاء بقول الذابح والبائع ، حتى لو كان الذابح يهوديّاً أو نصرانيّاً أو فاجراً : اكتفينا بقوله في ذلك ، ولم نسأله عن أسباب الحل "

انتهى من " إعلام الموقعين " ( 2 / 181 ) .

وانظر : " الأشباه والنظائر " ( 140 ) للسيوطي .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" يقول السائل : ما حكم أكل اللحوم المجمدة التي تصل إلينا من الخارج ، وبصفة خاصة لحم الدجاج ؟

فأجاب رحمه الله تعالى :

" اللحوم التي تأتي من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى : الأصل فيها الحل ، كما أن اللحوم التي تأتي من البلاد الإسلامية الأصل فيها الحل أيضاً ، وإن كنا لا ندري كيف ذبحوها

ولا ندري هل سموا الله عليها أم لا ؛ لأن الأصل في الفعل الواقع من أهله أن يكون واقعاً على السلامة وعلى الصواب حتى يتبين أنه على غير وجه السلامة والصواب.

ودليل هذا الأصل ما ثبت في صحيح البخاري في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : إن قوماً قالوا يا رسول الله إن قوماً يأتوننا باللحم ، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا ؟

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( سموا أنتم وكلوا ) . قالت : وكانوا حديثي عهد بكفر .

ففي هذا الحديث : دليل على أن الفعل إذا وقع من أهله فإنه لا يلزمنا أن نسأل هل أتى به على الوجه الصحيح أم لا ؟
وبناء على هذا الأصل :

فإن هذه اللحوم التي تردنا من ذبائح أهل الكتاب : حلال ، ولا يلزمنا أن نسأل عنها ، ولا أن نبحث .

لكن لو تبين لنا أن هذه اللحوم الواردة بعينها تذبح على غير الوجه الصحيح فإننا لا نأكلها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل إلا السن والظفر أما السن فعظم وأما الظفر مدى الحبشة ) .

ولا ينبغي للإنسان أن يتنطع في دينه فيبحث عن أشياء لا يلزمه البحث عنها ، ولكن إذا بان له الفساد ، وتيقنه : فإن الواجب عليه اجتنابه .

فإن شك وتردد : هل تذبح على طريق سليم أم لا ؟

فإن لدينا أصلين : الأصل الأول : السلامة ، والأصل الثاني : الورع ؛ فإذا تورع الإنسان منها ، وتركها : فلا حرج عليه . وإن أكلها : فلا حرج عليه ..." .

انتهى من " نور على الدرب" ابن عثيمين (20/2 ـ شاملة) .









رد مع اقتباس