منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التنظيم القضائي لمجلس الدولة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-28, 11:20   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل التمهيدي

الفصل التمهيدي
تطور التنظيم القضائي لمجلس الدولة


إن مجلس الدولة قائم على أساس التنظيم القضائي السائد في الجزائر حاليا وهذا الأخير هو نتيجة تطور لعدة تطورات عاشتها الجزائر، والتي لم تعرف الثبات بل كانت في تغيير مستمر لذا من الواجب مسايرها، وما سندرسه في هذا الفصل هو المراحل التي مر بها التنظيم القضائي لمجلس الدولة مبينين تأثير هذه الظروف التي انعكست على كل حقبة زمنية مقارنة بالتنظيم القضائي في مجلس الدولة في فرنسا ومصر وذلك في ثلاث مباحث:

المبحث الأول : طبيعة القضاء الإداري .
المبحث الثاني : بداية نشأة مجلس الدولة .
المبحث الثالث : تطور نظام مجلس الدولة .












أولا : بالنسبة لمجلس الدولة الفرنسي :
تنقسم طبيعة القضاء الإداري في فرنسا باستقلال هيئات القضاء الإداري عن هيئات القضاء العادي على جميع المستويات.
إذ أن فرنسا تفسر مبدأ الفصل بين السلطات تفسيرا خاصا فالمقصود به استقلال الهيئات الإدارية عن الهيئات القضائية، استقلالا تاما ومقتضى ذلك أن لا تخضع الإدارة للمحاكم العادية.
ثانيا : بالنسبة لمجلس الدولة المصري :
خضع القضاء الإداري المصري إلى نظامين قضائيين ،أولهما يعتمد على قيادة المحاكم العادية بالفصل في كافة أنواع المنازعات سواء قامت فيها بين الأفراد أم أثارت في علاقتهم مع الإدارة ثانيها ، يعتمد على وجود قضاء عادي يختص لحل المنازعات التي تخضع للأفراد العاديين وعلى قضاء إداري يختص بحل المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها .
ثالثا : بالنسبة لمجلس الدولة الجزائري :
لقد كانت طبيعة القضاء الإداري في الجزائر متأثرة بالنظام الفرنسي كمرحلة أولية، وبدأ هنا النظام في الجلاء بحصول الجزائر على استقلالها، حيث بقي النظام القضائي الجزائري من حيث الاختصاص متأثرا بالنظام الفرنسي، أما من حيث الهيئات ومن حيث الإجراءات فقد بقي موزعا بين فكرة النظام الإجرائي في إطار قانون الإجراءات المدنية وبين تخصيص المنازعات الإدارية ببعض الإجراءات المتميزة ولكن ضمن وحدة القانون الإجرائي.
وسنطرق تفصيلا إلى نظام وحدة وازدواجية النظام القضائي في كل من الدول المعني دراستها.

المطلب الأول : نظام وحدة القضاء
إن التسمية الرئيسية لهذا التنظيم هو توحيد الهيئات وتكريس مبدأ وحدة القضاء لكي لا تعتبر الهيئات الإدارية مجرد تقسيمات داخلية ضمن هيئات القضاء العادي وسنتناول هذا النظام في الفروع التالية :
الفرع الأول : بالنسبة لمجلس الدولة الفرنسي :
لم تعرف فرنسا نظام وحدة القضاء لأنها تعتبر النموذج الأول لنظام القضاء المزدوج وهو نظام مطلق أخذت به عدة دول مرتبطة بها.
الفرع الثاني : بالنسبة لمجلس الدولة المصري :
كان القضاء المصري قبل صدور قانون 1123 لسنة 1946 المنشأ لمجلس الدولة قضاء موحدا تقوم فيه المحاكم العادية بالفصل في جميع المنازعات ،حيث كان القضاء العادي يتكون من المحاكم المختلطة التي أنشأت عام 1875 والمحاكم الأهلية التي أقيمت سنة 1883 من المحاكم المختلطة، تتولى الفصل في المنازعات بين المصريين والأجانب أو بين الأجانب والإدارة المصرية .
أما المحاكم الأهلية فكانت مهمتها الفصل في المنازعات بين الأفراد المصريين فيما بينهم وبين الإدارة .
غير أن وحدة القضاء في مصر لم تكن كاملة إذ تختلف عن نظام القضاء الموحد الأنجلوسكسوني، إذ أن القضاء العادي كان له أن يحكم بالتعويض في المنازعات الإدارية دون إلغاء القرارات أو تغييرها أو تأويلها، ومن ناحية أخرى لم تكن لها الولاية في النظر بطريق مباشر أو غير مباشر في أعمال السيادة ولا الفصل في ملكية الأموال العامة .

الفرع الثالث : بالنسبة لمجلس الدولة الجزائري :
إن فكرة البحث في وجود وعدم وجود نظام القضاء الإداري الجزائري يتم عن طريق تحليل النظام وتحديد النظام وتحديد مكانته، فضلا عن تحديد مركزه بين النظامين العالميين وكذلك التطرق للتطورات التي شهدتها الجزائر في نظامها قبل وبعد الاستقلال .
لنظام وحدة القضاء عناصر خاصة تتعلق بتنظيمه،وسيره، والإجراءات المتبعة أمامه وتتمثل عناصر نظام وحدة القضاء : من حيث تنظيمه حيث يتجسد هذا العنصر في وجود هيكل قضائي واحد ووجود هيئة قضائية واحدة على مستوى كل درجة قضائية (محكمة مجلس القضاء ، وحكمة عليا) .
وإذ ما قسمت هذه الهيئات إلى فروع أو أقسام أو غرف فإن هذه الأخيرة لا تؤثر على مبدأ الوحدة بحيث تعتبر تنظيما داخليا " شبه إداري " يهدف إلى سير حسن لها.
تتمثل عناصر وحدة القضاء من حيث سيره والإجراءات المتبعة أمامه في وجود نوع واحد من المنازعات أو وحدة القاضي ووحدة القانون وأيضا وحدة النزاعات.
بالنسبة لوحدة القاضي يتميز نظام وحدة القضاء بوحدة النزاعات، يعني عكس ما هو موجود في النظام المقابل لا فرق بين النزاعات القائمة بين الأشخاص العادية والنزاعات التي تكون الإدارة طرفا فيها، يعني عدم التفرقة بين النزاعات الناتجة عن نشاط مرفق عام أو نشاط أشخاص خاصة ،وتخضع هذه النزاعات دون تميز لقاضي واحد وبالتالي فإن الإدارة توجد في نفس الوضعية مع الأفراد، وتتمثل وحدة القانون في نظام وحدة القضاء بوجود قانون واحد على الجميع وبالتالي لا يوجد قانون خاص بالإدارة يمنح لها كما هو في القانون الإداري أي امتياز .
المطلب الثاني : نظام ازدواجية القضاء
إن هذا النظام قائم على استقلال هيئات القضاء الإداري عن العادي وذلك بوجود جهاز إداري مستقل ومتخصص في حل النزاعات ذات الطبيعة الإدارية والتي تكون الإدارة طرفا فيها ولهذا نتناول تحت هذا المطلب الفروع التالية :

الفرع الأول : بالنسبة لمجلس الدولة الفرنسي :
إن الأصل التاريخ للقضاء الإداري الفرنسي يعود لما قبل الثورة حيث ظهرت في عهد الملكية هيئات قضائية إدارية متخصصة في بعض المنازعات الإدارية .
وبعد الثورة تم إسناد المنازعات الإدارية إلى الإدارة نفسها وهو ما عرف بنظام(الإدارة ، القاضي) أو (القضاء المحتجز) .
وفي هذا الإطار تم إصدار قانون 14-16 أوت 1790 الذي تضمن استقلال الهيئات الإدارية عن الهيئات القضائية، ومنعت القضاء من التعرض لنشاط الإدارة وتمم هذا المبدأ بمرسوم 16 " فريك تيودور " من العام الثالث (03) للثورة وهو ما يسمى بقاعدة فصل السلطات الإدارية عن السلطات القضائية .
إذن كان نظام ازدواجية القضاء في بدايته يكرس وحدة الجهة الفاصلة في المنازعات الإدارية .
ولقد تحولت هذه الفترة في سنة 1953 بظهور وانتشار هيئات إدارية في مجلس الدولة والمحاكم الإدارية وظاهرة توزيع الاختصاص بين هذه الهيئات وهيئات القضاء العادي . هكذا تم تكريس نظام القضاء المزدوج .




الفرع الثاني : بالنسبة لمجلس الدولة المصري :
مرت مرحل ازدواجية النظام الإداري المصري بعدة مراحل فأول ظهور لها كان في ظل القانونين 112 لسنة 1946 و 09 لسنة 1949 الذي قلص من اختصاصات القضاء العادي الذي أصبح يختص بالمسائل الإدارية التالية :
1. دعاوى مسؤولية الإدارة عن أعمالها المادة ينفرد بها القضاء العادي .
2. طلبات التعويض عن القرارات الإدارية ويشاركه مجلس الدولة .
3. المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية ويشاركها مجلس الدولة .
أما في ظل القانونين 165 لسنة 1955 و 55 لسنة 1959 انفرد مجلس الدولة بالنظر في المنازعات المتعلقة في مجال التعويض عن القرارات الإدارية والعقود الإدارية ومع ذلك بقي اختصاص مجلس الدولة محددا مع ذلك على سبيل الحصر، وبقي القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في المنازعات الإدارية .
وبصدور قانون 97 لسنة 1972 أصبح القضاء الإداري يختص بنظر سائر المنازعات الإدارية، حيث نصت المادة 172 من دستور جمهورية مصر العربية عام 1971 :" مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى ".
وأخيرا جاء قانون 136 لسنة 1984 ليعدل المادة الأولى لقانون مجلس الدولة وجعلها مطابقة لنص المادة 172 من الدستور .
الفرع الثالث : بالنسبة لمجلس الدولة الجزائري :
وجد المشروع الجزائري في دستور 28 نوفمبر 1996 نظام مستقل وكامل للنظام الإداري في النموذج الفرنسية، وبهذا فقد نص على أنه مؤسس دولة كهيئة مقومة لإعلام الجهات القضائية الإدارية على مستوى القاعدة ،أخذت أسم المحاكم الإدارية وتطبيقها لهذا النص الدستوري صدر قانون مجلس الدولة في 30 مارس 1998 وقانون المحاكم الإدارية في 30 ماي 1998 وهما على التوالي قانون 98-01 و 98-02 وصدور القانون العضوي رقم 98-03 الصادر في 03/06/1998 المتعلق باختصاصات محكمة التنازع تنظيمها وعملها .
إن نظام ازدواجية القضاء قائم على وجود جهاز قضائي إداري متخصص في حل النزاعات ذات الصبغة الإدارية والتي تكون الإدارة طرفا فيها دون أن يكون لها صفة السلطة العامة .
إذن فإن خصائص القضاء المزدوج تمكن في استقلال هيئات القضاء الإداري عن الإدارة واستقلال الجهاز القضائي الإداري عن العادي على كل المستويات فلا تدخل إحداها في اختصاص الأخرى ولا رقابة بينهما ومن هنا يمكن أن نستنتج أنه في حالة وجود جهات قضائية إدارية مجسدة على شكل غلاف إدارية لا تشكل قضاء إداريا لافتقارها إلى هذا الاستقلال .
















بتناولنا للنماذج الثلاثة التالية : مجلس الدولة الفرنسي، مجلس الدولة المصري، مجلس الدولة الجزائري . عليننا التطرق إلى بداية نشأة كل من هذه المجالس ومحاولة إنشائه وكيفية ترسيخ فكرة الإنشاء وعله سنتناول المطلبين التاليين:
المطلب الأول : محاولات إنشاء مجلس الدولة .
المطلب الثاني : نشأة مجلس الدولة .

المطلب الأول : محاولات إنشاء مجلس الدولة .
قبل إنشاء مجلس الدولة مرت هذه الفترة بمراحل ومحاولات كثيرة بإنشائه، البعض منها باء بالفشل ولكن في الّأخير أنشأ المجلس .
الفرع الأول : بالنسبة لمجلس الدولة الفرنسي :
مر مجلس الدولة الفرنسي بعدة محاولات لإنشائه وكانت كما يلي :
01. صدور قانون أوت 1790 ينص على أن الوظيفة القضائية مستقلة عن الوظيفة الإدارية ولا يمكن للقضاة عرقلة أعمال الهيئة الإدارية وكنتيجة لهذا القانون تولت الإدارة العاملة في الفصل في المنازعات الإدارية وهذا ما يعرف بمرحلة نظام الإدارة القاضية .
02. صدور دستور السنة الثامنة في15ديسمبر1799في عهد "نابليون بونابرت" حيث نص على إنشاء مجلس الدولة غير انه لم يكن سوى هيئة استشارية مهمته فحص المنازعات الإدارية ويجب أن تكون أحكامه ومشروعاته معلقة على تصديق الرئيس الإداري .
03. وفي 24 ماي سنة 1872 منح لمجلس الدولة سلطة البت النهائي في المنازعات الإدارية هي القاضي العام في المنازعات الإدارية .
04. في 13 ديسمبر 1889 بدأ مجلس الدولة عهدا جديدا نصب فيه نفسه قاضيا عاما للمنازعات الإدارية بدلا من الإدارة القاضية .
كل هذه المحاولات ومحاولات أخرى أدت إلى إنشاء مجلس دولة فرنسي حدد فيه اختصاص مجلس الدولة وهو عند صدور مرسوم 30 سبتمبر 1953 .
الفرع الثاني : بالنسبة لمجلس الدولة المصري :
جرت عدة محاولات لإنشاء هيئة مشابهة لمجلس الدولة الفرنسي كن أولها :
01. الأمر العالي الصادر في 24 أفريل 1879 ينص على إنشاء مجلس الدولة في مصر ومنحه اختصاصات متعددة غير أنه لم يكتب له التنفيذ .
02. صدور قانون نظامي في ماي 1883 ينص على إنشاء مجلس الشورى للحكومة مع تحديد اختصاصاته ولكنه أوقف العمل به عام 1884 .
03. بعد إلغاء الامتيازات الأجنبية عام 1937 قدمت لجنة الحكومة مشروعا لإنشاء مجلس الدولة مشابه لمجلس الدولة الفرنسي في بداية عهده(القضاء المحجوز) لكن المشروع لم يرى النور لأسباب وظروف سياسية .
04. وفي عام 1941 منح مجلس الدولة ولاية القضاء المفوض وسلطة إلغاء القرارات الإدارية والتعويض عنها غير أنه لم ينفذ كسابقه .
إلى غاية صدور قانون 1945 الذي أدى إلى ظهور مجلس الدولة المصري .
الفرع الثالث : بالنسبة لمجلس الدولة الجزائري :
لقد مر مجلس الدولة الجزائري بعدة محاولات لإنشائه . ففي المرحلة الإستعمارية كان بمثابة نسخة طبق الأصل من النظام الإداري الفرنسي مع بعض التعديل حيث يمارس القضاء الإداري اختصاصه على مستوى ثلاث(03) مدن وهي: وهران والجزائر و قستنطينة التي تقبل أحكامها الاستئناف أمام مجلس الدولة الفرنسي في فرنسا الذي كان يعتمد في ذلك الوقت على مبدأ ازدواجية القضاء .
عمدت الجزائر فبما بعد على نظام وحدة القضاء بعد الاستقلال وذلك عند إنشائها للمجلس الأعلى للقضاء بموجب القانون رقم 63-218 المؤرخ في 18/06/1963 حيث قامت الجزائر في هذه المرحلة بعملية مزج بين النظام الأنجلوسكسوني(وحدة القضاء) والنظام الفرنسي (ازدواجية الفضاء) حيث حولت الاختصاصات التي كانت للمحاكم الإدارية للغرف الإدارية بالمجالس القضائية .
صدور دستور 1996 الذي تبنت فيه الجزائر نظام الازدواجية مرة أخرى حيث ينص على إنشاء مجلس الدولة كجهاز مقوم لنشاط المحاكم الإدارية .

المطلب الثاني : نشأة مجلس الدولة
بعد المحاولات الفاشلة لكل من الثلاث السابقة الذكر وبعد المراحل التي مر بها مجلس الدولة قبل نشأته تأتي المرحلة التي تكللت بالنجاح وهي مرحلة "نشأة مجلس الدولة" .
الفرع الأول : بالنسبة لمجلس الدولة الفرنسي :
صدر عام 1940 أول تشريع كامل بشأن تنظيم مجلس الدولة الفرنسي غير أن هذا التشريع ألغي وحل محله المرسوم الصادر في 31 يوليو 1945 ،الذي عدل بمرسوم 30 سبتمبر 1953 المحدد لاختصاص مجلس الدولة على سبيل الحصر ومراسيم سنة 1963 التي أدخلت عدة تعديلات على تنظيم اختصاصات مجلس الدولة وفي أوت 1975 صدرت ثلاث مراسيم لتعديل تنظيم مجلس الدولة وهي : مرسوم رقم 791 ، والمرسوم رقم 792 ، وأخيرا المرسوم رقم 793 لسنة 1975 هذا الأخير زاد من قائمة المسائل الداخلية في المجلس .
الفرع الثاني : بالنسبة لمجلس الدولة المصري :
في سنة 1945 اقترح قانون يتضمن مشروعا مشابها لمشروع سنة 1941 فأحيل إلى لجنة الشؤون التشريعية لدراسته، وفي نفس الوقت قدمت الحكومة مشروعا آخر في أفريل من نفس العام فكان هو الأساس الذي قام عليه قانون مجلس الدولة رقم 112 لسنة 1946، وبدأت مصر تأخذ بنظام القضاء المزدوج وتعاقبت التشريعات التي تحكم المجلس فألي القانون الأول، وأعقبه قانون رقم 09 لسنة 1949 وألغي بدوره وبعد تعديلات أخرى متعددة صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 سنة 1972 فأعاد تنظيم مجلس الدولة، وحل محل القانون السابق ولم يخص مجلس الدولة بنظر سائر المنازعات الإدارية فقد حدد اختصاصه على سبيل الحصر.
وقد منح لمجلس الدولة سلطة القضاء المفوض منذ البداية فكانت لأحكامه الحجية في مجالي الإلغاء والتعويض .
الفرع الثالث : بالنسبة لمجلس الدولة الجزائري :
يعتبر مجلس الدولة مؤسسة دستورية استحدثها دستور 1996 بموجب نص المادة 152 التي جاء فيها :" يؤسس مجلس الدولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية ، وتضمن المحكمة العليا ومجلس الدولة توحيد الإجتهاد القضائي في جميع البلادْ
وانطلاقا من هذا النص أعلن المؤسس الدستوري عن دخول البلاد نظام الازدواجية مستحدثا بذلك هرمين قضائيين : هرم للقضاء الإداري يعلوه مجلس الدولة وقاعدته المحاكم الإدارية وقد بادرت الحكومة إلى تقديم مشروع قانون عضوي لمجلس الدولة للسلطة التشريعية، يفرض دراسته والمصادقة عليه وفعلا صادق المجلس الشعبي الوطني على المشروع المذكور في 13 فيفري 1998 وصادق عليه مجلس الأمة بتاريخ 25 مارس 1998 .
واعتبر مجلس الدولة مؤسسة قضائية إدارية استشارية، تختص بالفصل في المنازعات الإدارية إلى جانب مهامه الاستشارية وهو تابع للسلطة القضائية ويضمن توحيد الاجتهاد القضائي الإداري في البلاد ويسهر على احترام القانون ويتمتع عند ممارسته لاختصاصاته بالاستقلالية .
أما عن مقر المجلس فقد حدد بمدينة الجزائر مع جواز نقله في الحالات الاستثنائية وهو موضوع المادة 93 من الدستور إلى مكان آخر .



















تطور نظام مجلس الدولة حيث كان هيئة استشارية يختص في إبداء رأيه في المشروعات والقوانين وللحكومة، وكانت هذه الاختصاصات مطلقة إلى أن حددت بعدها وتحول مجلس الدولة إلى مجلس قضائي ينظر في القضايا المعروضة عليه، التي تخص المنازعات الإدارية وسندرس في هذا المبحث مطلبين نتحدث فيهما عن تحول مجلس الدولة من هيئة استشارية إلى مجلس قضائي وهما :
المطلب الأول : مجلس الدولة كهيئة استشارية .
المطلب الثاني : مجلس الدولة كهيئة قضائية .

المطلب الأول : مجلس الدولة كهيئة استشارية .

كانت هناك محاولات لإنشاء مجلس الدولة وطول هذه الفترة على إنشائه تم تأسيسه ومرت به تطورات عديدة، فكان أول اختصاص مارسه هو هيئة استشارية ذلك بإبداء رأيه في مشاريع القوانين .
الفرع الأول : بالنسبة لمجلس الدولة الفرنسي :
تعتبر مرحلة مجلس الدولة كهيئة استشارية مرحلة القضاء المقيد، فنظرا للاعتبارات العملية التي مرت بها فرنسا تم تأسيس مجلس الدولة بالمادة 52 من دستور السنة الثامنة، كما أنشأت مجالس الأقاليم في نفس السنة كمحاكم درجة أولى حيث كان يطعن في قراراتها أمام مجلس الدولة .
وكان الهدف من تأسيس المجلس هو اضطلاعه بمهمة الفصل في منازعات الإدارة من ناحية وان يكون مستشارا للحكومة في صياغة القوانين والتشريعات وإصدار الفتاوى وإبداء الرأي والمشورة في المسائل القانونية التي تحتاج فيها لذلك من ناحية أخرى، بيد أن المجلس لم يعطى اختصاصا كاملا ومطلقا للفصل في المنازعات الإدارية عند إنشائه وإنما كان قضاءه مقيدا أو محجوزا، ذلك لأنه لم يكن يملك القضاء وإصدار الأحكام وإنما كان يقوم بإبداء الرأي في المنازعات المطروحة أمامه وإعداد مشروعات الأحكام ولا تصبح هذه المروعات أحكاما بالمعنى الصحيح إلا بتصديق رئيس الدولة .
وبخلاف ذلك خلق نظام الإدارة القضائية أثارا معينة على القضاء الإداري حيث كان من المحتم على من يريد الطعن أمام مجلس الدولة أن يلجأ إلى الوزير المختص في البداية، ثم يقوم بعد ذلك باستئناف الحكم القضائي الصادر من الوزير بدعوى يرفعها أمام المجلس وذلك لأنه لو ذهب المدعي مباشرة بدعواه إلى مجلس الدولة فلن يقبل منه ذلك ولهذا عرف هذا النظام الذي احتفظ فيه الوزراء بسلطات قضائية واسعة وبنظام الوزير القاضي .
وقد استمرت مرحلة القضاء المقيد أو مرحلة مجلس الدولة كهيئة استشارية فترة زمنية تخطت السبعين عاما منذ إنشائه حتى سنة 1872 .
الفرع الثاني : بالسبة لمجلس الدولة المصري :
تمت محاولة لإنشاء مجلس الدولة عندما صدر الأمر العالي بإنشاء مجلس الشورى الحكومة سنة 1883، ولكنه لم يكن كسالفه متمتعا باختصاصات واسعة بل كان له فقط أن يقوم بتقدير القوانين واللوائح والإفتاء في المسائل المطروحة عليه وكان يتكون من 12 عضوا هم : المستشار القضائي ووكلاء الوزارات ورؤساء أقلام قضايا الحكومة بالإضافة إلى 05 أعضاء يعينون بأمر عال من الخديوي وكان رئاسة المجلس لرئيس مجلس النظار.
بيد أنه بعد شهور قليلة من إنشاء هذه المجلس صدر أمر عال بوقف نشاطه وإضافة اختصاصه غلى لجنة قضايا الحكومة التي كانت قد أنشأت سنة 1876 للدفاع عن قضايا الحكومة ، وفي عام 1896 تم إنشاء اللجنة الاستشارية لتقوم بصياغة القوانين واللوائح والأوامر الإدارية حيث تتكون من : ناظر ومستشار قضائي وعضو من لجنة قضايا الحكومة وناظر مدرسة الحقوق ووكيل النظارة المقدم منها مشروع القانون أو اللائحة . واستمر عمل تلك اللجنة بعد أن أعيد تشكيلها بضم أعضاء لجنة قضايا الحكومة إليها إلى أن تأسس مجلس الدولة سنة 1946 فانتقلت اختصاصاتها إلى قسم التشريع بالمجلس .
الفرع الثالث : بالنسبة لمجلس الدولة الجزائري :
خطى مجلس الدولة خطواته الأولى على سياق مجلس الدولة الفرنسي ولم تظهر مهمته كهيئة استشارية إلا في 13 فيفري 1998، حيث بادرت الحكومة إلى تقديم مشروع قانون عضوي للسلطة التشريعية بالمجلس يفترض دراسته والمصادقة عليه وفعلا صادق عليه المجلس الشعبي الوطني وكذا مجلس الأمة .
واعتبر مجلس الدولة مؤسسة قضائية إدارية استشارية تختص بالفصل في المنازعات الإدارية إلى جانب مهامه الاستشارية .
لذلك لم يعرف مجلس الدولة الجزائري اختصاصه الاستشاري البت لأنه يخضع للسلطة القضائية عكس مجلس الدولة الفرنسي الذي نجده تابع للسلطة التنفيذية .

المطلب الثاني : مجلس الدولة كهيئة قضائية.
ظهرت هذه المرحلة بعد انتهاء المرحلة الأولى(كهيئة استشارية) حيث منح لمجلس الدولة اختصاصات قضائية وأخرى تشريعية أو استشارية وسنعرف كيف كان ذلك في الفروع التالية :
الفرع الأول : بالنسبة لمجلس الدولة الفرنسي :
قدر لمرحلة القضاء المقيد أن تنتهي بصدور قانون 64 في ماي 1972 الذي بدأت بصدوره مرحلة القضاء المفوض لمجلس الدولة الفرنسي، أما نظام الوزير القاضي فقد استمر مدة أطول إلى أن قضى عليه مجلس الدولة بنفسه دون أداة تشريعية عندما قبل الطعن أمامه بدعوى مباشرة دون سبق الاحتكام إلى الوزير القاضي 1889 .
ومنذ ذلك التاريخ أصبح مجلس الدولة الفرنسي هو قاضي القانون العام في المنازعات الإدارية إلى أن صدر مرسوم 30 سبتمبر 1953، الذي جعل اختصاص المجلس محددا على سبيل الحصر وبعد ذلك صدرت أربعة مراسيم جديدة في 30يوليو1963 لتنظيم مجلس الدولة عملت على توسيع اختصاصاته ودعمت استقلال ومكانة المجلس وأخيرا صدر تشريع خاص بإنشاء المحاكم الإدارية سنة 1987 بقصد تخفيف الضغط الواقع على مجلس الدولة والعمل على سرعة البت في القضايا التي تراكمت أمامه .
وهكذا كان إنشاء مجلس الدولة وتطور قضاءه نتيجة للظروف والعوامل التاريخية والسياسية والخاصة بفرنسا طوال القرنين التاسع عشر والعشرون، حيث ساهم مساهمة عظيمة في تأكيد العدالة وتحقيق المساواة بين المواطنين وحماية ضد أي تعسف من جانب الإدارة وكان للمجلس القضائي الفضل الأكبر في ابتداع وتأكيد معظم المبادئ والقواعد التي قام عليه القانون الإداري .
الفرع الثاني : بالنسبة لمجلس الدولة المصري :
تم إنشاء مجلس الدولة المصري بالقانون رقم 112 سنة 1946 حيث منح اختصاصا قضائيا واستشاريا .
ويتشكل القسم القضائي في البداية من محكمة القضاء الإداري التي كان لها اختصاصات محددة على سبيل الحصر بنص القانون، ثم وسعت هذه الاختصاصات سنة 1949 بالقانون رقم 09 ، واستكمل بناء القسم القضائي بالقانون رقم 165 سنة 1955 عندما أنشأت المحكمة الإدارية العليا على قمة محاكم القيم القضائي .
وبذلك أصبح مجلس الدولة هو قاضي القانون العام المختص بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية بعد أن كان قاضيا ذو اختصاصات محددة على سبيل الحصر .
ويتكون المجلس في الوقت الحالي الحاضر من ثلاثة أقسام رئيسية : قسم الفتوى ، وقسم التشريع ، والقسم القضائي الذي أصبحت المحاكم التأديبية جزء منه .
الفرع الثالث : بالنسبة لمجلس الدولة الجزائري :
رجوعا للمادة 152 من دستور 1996 جاء فيها ما يلي : " يؤسس مجلس الدولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات الإدارية ، وتضمن المحكمة العليا ومجلس الدولة توحيد الإجتهاد القضائي في جميع أنحاء البلاد " ، نجدها قد وردت تحت عنوان السلطة القضائية مما يعني دون شك أن مجلس الدولة الجزائري يشكل هيئة قضائية عليا في المواد الإدارية وهو يمثل من حيث الموقع والمكانة على مستوى القضاء العادي محكمة نقض ويقتضي مركزه هذا أن يمارس مهمة تقويم أعمال المحاكم الإدارية وذلك لا يعني أنه تابع للسلطة التنفيذية لأنه يتمتع بالاستقلالية في المجال المالي والتسيير بموجب المادة 13 من القانون 98 – 01.










رد مع اقتباس