منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الشرك وأنواعه
الموضوع: الشرك وأنواعه
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-08-07, 17:16   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل الإصرار على فعل المحرم وحبه والتعلق به يدل على استحلاله ؟

السؤال:

معتقد أهل السنة والجماعة يقضي بعدم تكفير مرتكب الكبائر كالربا والزنا والسرقة ما لم يستحل ذلك ، فما المقصود بـ "يستحل" ؟

هل الاستحلال هنا مقتصر على النطق باللسان، أم أن الإصرار على تكرار الفعل دليل على استحلال الذنب وبالتالي تجري عليه أحكام الكفر؟ فهناك على سبيل المثال من يصر على شرب الخمر والزنا

وإذا ما ناصحته أقر بأنها معصية وجرم لكنه يتحجج بضعف الإيمان، فما حكم مثل هذا ؟ وما قول العلماء الأوائل في مثل هذه الحالة ؟

وهل حب المعصية كفيل بإيصال صاحبها إلى الكفر؟

فقد نجد على سبيل المثال شخصاً اعتاد قبل اعتناقه الإسلام على شرب الخمر والمخدرات والنساء ، وهو يعلم الآن أن الله حرم ذلك ومع هذا يستمر في معصيته بذريعة حبه لتلك الأشياء ، فما القول في مثل هذا ؟

أليست أفعاله مناقضة للإيمان؟

أم أنه يظل مسلماً عاصياً فحسب؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

الاستحلال : هو اعتقاد حل ما حرمه الله ، حتى وإن لم يقترن به العمل بذلك المحرم

فمن اعتقد حل شرب الخمر ، مثلا ، فقد استحله ، وحاصل هذا الاستحلال

: هو عدم التزام الشخص لما جاء به الشرع من تحريم ذلك الأمر المعين ، أو عدم التزام الشرع مطلقا ، وغالب ذلك إنما يكون عن غلبة هوى لذلك الشيء المحرم

فيصده الهوى الغالب عن التزام ما شرع الله ، والوقوف عند حدوده .

قال ابن القيم رحمه الله :

" المستحل للشئ: هو الذى يفعله معتقداً حله "

انتهى من "إغاثة اللهفان" (1/ 346)

واستحلال المحرم ، إن كان في شيء من المحرمات التي اجتهد فيها العلماء ، واختلفوا في حكمها ، نظرا لعدم ظهور الأدلة فيها ظهورا بينا : فلا يكون كفرا .

وإذا كان الاستحلال في شيء مما أجمع عليه العلماء ، وجاء تحريمه بالنصوص القطعية ، كتحريم الخمر والزنى : فإنه يكون كفرا .

ومثل ذلك : إن كان المستحل يعلم أن الشرع قد جاء بذلك ، وأن الخبر قد صح به عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى وإن لم يكن مجمعا عليه ، ولا هو من المعلوم من الدين بالضرورة ، لكنه قد علمه من شرع الله ، فلم يقبل ذلك ، ولم يستسلم له ، واستحل هذا الأمر المعين ، فإنه يكفر بذلك الاستحلال لما علم ثبوت الشرع به .

لكن إذا كان فاعل ذلك معذورا بتأويل أو شبهة ، أو كان حديث العهد بالإسلام ، ولا يعلم ما جاء به الشرع من تحريم ذلك ، فإنه لا يكفر به .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (3/ 236)

" الاِسْتِحْلاَل: اعْتِبَارِ الشَّيْءِ حَلاَلاً، فَإِنْ كَانَ فِيهِ تَحْلِيل مَا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ : فَهُوَ حَرَامٌ، وَقَدْ يَكْفُرُ بِهِ إِذَا كَانَ التَّحْرِيمُ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ.

فَمَنِ اسْتَحَل عَلَى جِهَةِ الاِعْتِقَادِ مُحَرَّمًا - عُلِمَ تَحْرِيمُهُ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ - دُونَ عُذْرٍ: يَكْفُرُ.

وَسَبَبُ التَّكْفِيرِ بِهَذَا : أَنَّ إِنْكَارَ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فِيهِ تَكْذِيبٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ضَرَبَ الْفُقَهَاءُ أَمْثِلَةً لِذَلِكَ بِاسْتِحْلاَل الْقَتْل وَالزِّنَى ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ ، وَالسِّحْرِ .

وَقَدْ يَكُونُ الاِسْتِحْلاَل حَرَامًا، وَيَفْسُقُ بِهِ الْمُسْتَحِل، لَكِنَّهُ لاَ يَكْفُرُ، كَاسْتِحْلاَل الْبُغَاةِ أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ وَدِمَاءَهُمْ. وَوَجْهُ عَدَمِ التَّكْفِيرِ أَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ " انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ شَيْءٍ أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَظَهَرَ حُكْمُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَزَالَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِيه ِ، كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالزِّنَى، وَأَشْبَاهِ هَذَا، مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ كُفِّرَ .

وَإِنْ اسْتَحَلَّ قَتْلَ الْمَعْصُومِينَ ، وَأَخْذَ أَمْوَالِهِمْ، بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَلَا تَأْوِيلٍ فَكَذَلِكَ. [يعني: أنه يكفر].

وَإِنْ كَانَ بِتَأْوِيلٍ، كَالْخَوَارِجِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَحْكُمُوا بِكُفْرِهِمْ ، مَعَ اسْتِحْلَالِهِمْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ ، وَفِعْلِهِمْ لِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى .

وَقَدْ عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِ الْخَوَارِجِ تَكْفِيرُ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَاسْتِحْلَالُ دِمَائِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَاعْتِقَادُهُمْ التَّقَرُّبَ بِقَتْلِهِمْ إلَى رَبِّهِمْ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَحْكُمْ الْفُقَهَاءُ بِكُفْرِهِمْ ؛ لِتَأْوِيلِهِمْ...

. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ شَرِبَ الْخَمْرَ مُسْتَحِلًّا لَهَا ، فَأَقَامَ عُمَرُ عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَلَمْ يُكَفِّرْهُ . وَكَذَلِكَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ ، وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ، شَرِبُوا الْخَمْرَ بِالشَّامِ مُسْتَحِلِّينَ لَهَا، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا) المائدة/ 93 الْآيَة.

فَلَمْ يُكَفَّرُوا، وَعُرِّفُوا تَحْرِيمَهَا، فَتَابُوا، وَأُقِيمَ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ.

وَكَذَلِكَ كُلُّ جَاهِلٍ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَجْهَلَهُ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حَتَّى يُعَرَّفَ ذَلِكَ، وَتَزُولَ عَنْهُ الشُّبْهَةُ، وَيَسْتَحِلَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ "

انتهى من "المغني" (9/ 11-12) .









رد مع اقتباس