في حكم صيام التطوُّع قبل قضاء الواجب
الشيخ فركوس حفظه الله
" ..... فالحاصل: أنه إذا قَوِيَ هذا الاحتمالُ وظهر؛ فإنه ـ بِغَضِّ النظر عن أولوية الفرض على التطوُّع والنفل ـ يتقرَّر جوازُ صيام الستِّ مِن شوَّالٍ قبل قضاء رمضان، خاصَّةً لمن ضاق عليه شهرُ شوَّالٍ بالقضاء.
أمَّا صيام سائر التطوُّعات الأخرى كصيام عرفة أو عاشوراء أو أيَّام البيض ونحوها فإنه على الصحيح مِن أقوال أهل العلم يجوزُ الاشتغال بالتطوُّع قبل قضاء رمضان وهو مذهب الأحناف والشافعية وروايةٌ عن أحمد، إذ لم يَرِدْ في الشرع دليلٌ يمنع مِن ذلك، بل ورد مِن النصِّ القرآنيِّ ما يفيد أنَّ وقت القضاء مُطلقٌ في قوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤، ١٨٥]، حيث يدلُّ نصُّ الآية على جواز تأخير رمضان لمن أفطر مُطلقًا مِن غير اشتراط المبادرة بالفعل بعد أوَّل الإمكان، ومُطلقيَّةُ وقت القضاء هو مذهبُ جماهير السلف والخلف، كما يدلُّ عليه ـ أيضًا ـ إقرارُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لفعل عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ»(٤)، قال ابن حجرٍ ـ رحمه الله ـ: «وفي الحديث دلالةٌ على جواز تأخير قضاء رمضان مُطلقًا، سواءٌ كان لعُذْرٍ أو لغير عُذرٍ؛ لأنَّ الزيادة كما بيَّنَّاه مدرجةٌ(٥)، فلو لم تكن مرفوعةً لكان الجواز مُقيَّدًا بالضرورة؛ لأنَّ للحديث حُكْمَ الرفع، لأنَّ الظاهر اطِّلاعُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على ذلك، مع توفُّر دواعي أزواجه على السؤال منه عن أمر الشرع، فلولا أنَّ ذلك كان جائزًا لم تواظِب عائشةُ عليه»(٦)."
موقع الشيخ