منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - موضوع مميز فـــــوائد فـــــقهية وعــــــــقدية .......(متجدد)
عرض مشاركة واحدة
قديم 2021-07-19, 14:37   رقم المشاركة : 1716
معلومات العضو
اسماعيل 03
مشرف منتديات الدين الإسلامي الحنيف
 
الصورة الرمزية اسماعيل 03
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

الدَّيْن الذي يُحبس به صاحبُه عن الجنَّة
الشيخ محمد علي فركوس
" هذا، وأخيرًا فإنَّه لا ينبغي للمسلم ـ فيما لا حاجةَ إليه مُلحَّةٌ ـ أن يستدين لِمَا عُلِم مِن أنَّ الميِّت مرتهَنٌ في قبره بدَينه حتى يُقضى عنه، وقد كان النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم: «يَتَعَوَّذُ من المأثَم والمغرَم ومِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وغَلَبَةِ الرِّجَالِ»(١٣)؛ ذلك لأنَّ ديون الآدميِّين وحقوقَهم لا يُكفِّرها الجهاد ولا الحجُّ ولا الشهادة إلَّا أن يُقضى عنه دَينُه لقوله صَلَّى الله عليه وسَلَّم: «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ»(١٤)، ولقوله صَلَّى الله عليه وسَلَّم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ»(١٥)، وقد امتنع النبيُّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم أن يُصلِّيَ على المَدين حتى تكفَّل بدَينه مَن يقضيه عنه(١٦).
والظَّاهر أنَّ الذي يُحبَس عن دخول الجَنَّة هو المَدين غيرُ العازم على التسديد، أو الذي لم يترك وصيةً، أو كان له قدرةٌ على الوفاء فامتنع، أو أرجأ دَينه حتى مات، أو نحو ذلك ممَّا أوضحه ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ بقوله: «والدَّين الذي يُحبس به صاحبُه عن الجنَّة ـ واللهُ أعلم ـ هو الذي قد ترك له وفاء ولم يُوصِ به، أو قَدَر على الأداء فلم يؤدِّ، أو ادَّانَه في غير حقٍّ أو في سَرَفٍ ومات ولم يؤدِّه.

وأمَّا مَن ادَّانَ في حقٍّ واجب لفاقةٍ وعُسرة ومات ولم يترك وفاءً فإنَّ الله لا يحبسه به عن الجنَّة إن شاء الله؛ لأَنَّ على السُّلطانِ فَرْضًا أَنْ يُؤَدِّيَ عنه دَيْنَهُ(١٧)»(١٨)."
------------
(١٣) لحديث عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم كان يدعو في الصلاة ويقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ»، فقال له قائل: ما أكثرَ ما تستعيذ يا رسول الله من المغرم! قال: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ»، أخرجه البخاري (٢٣٩٧)، ومسلم (٥٨٩).
ولحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الْعَدُوِّ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ» أخرجه النسائي (٥٤٧٥)، وأحمد (٥٤٧٥)، وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (١٥٤١).
ولحديث أنس رضي الله عنه أنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم كان يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». أخرجه البخاري (٢٨٩٣).
أمَّا لفظ: «قهر الرجال» فأخرجه أبو داود (١٥٥٥) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وضعَّفه الألباني في «غاية المرام» (٣٤٧).
(١٤) أخرجه مسلمٌ في «الإمارة» (١٨٨٦) مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عَمْرِو بنِ العاص رضي الله عنهما.
(١٥) أخرجه النسائي في «البيوع» (٤٦٨٤) باب التغليظ في الدَّين، وأحمد في «مسنده» (٢٢٤٩٣)، من حديث محمَّد بن جحش رضي الله عنه. والحديث حَسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (٣٦٠٠).
(١٦) عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أنَّ النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم أُتِيَ بجنازة ليُصلِيَّ عليها، فقال: «هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟»، قالوا: لا، فصلَّى عليه، ثمَّ أُتِيَ بجنازة أخرى، فقال: «هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟»، قالوا: نعم، قال: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»، قال أبو قتادة: عليَّ دَينُه يا رسول الله، فصَلَّى عليه. أخرجه البخاري في «الكفالة» (٢٢٩٥) باب من تكفَّل عن ميت دَيْنًا فليس له أن يرجع.
(١٧) قلت: إنَّما يكون ذلك بانتظام بيت مال المسلمين بإمامٍ عادلٍ فيتولى قضاء الدَّين عن هذا الصِّنف الذي تناوله ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ ويؤكِّد ذلك ما روى البخاري (٢٢٩٨) ومسلم (١٦١٩) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ المُتَوَفَّى، عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: «هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا؟»، فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلَّا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الفُتُوحَ، قَالَ: «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا، فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ».
(١٨) «التمهيد» لابن عبد البر (٢٣/ ٢٣٨ ـ ٢٣٩).

موقع الشيخ









رد مع اقتباس