منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - استشارات دعوية
الموضوع: استشارات دعوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-11-11, 15:29   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ماذا يمكن للولد أن يفعل ليكون والداه أكثر تديُّناً وأكثر قرباً إلى الله ؟

السؤال

ما الذي ينبغي عليَّ فعلُه لأجعل والديَّ أكثر تديُّناً وأقرب إلى الله ؟ .

الجواب

الحمد لله

أولاً:

نحمد الله تعالى على ما هداكَ به في طلبِ تديُّن والديكَ ؛ فإنَّ هذا من البر الذي وصَّى به ربنا في كتابه الكريم

ومن أعظمَ البرِّ أن يكون الولد سبباً في إسلام والديه أو في هدايتهما أو تدينهما ، قال تعالى ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) الإسراء/ 23 ، والإحسانُ إليهما شاملٌ لكلِّ معروفٍ قولي وفعلي .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله- :

"أي : أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان القولي والفعلي ؛ لأنهما سبب وجود العبد ، ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه والقرب ما يقتضي تأكد الحق ووجوب البر"

. انتهى من" تفسير السعدي " ( ص 456 ) .

ثانياً:

الطريق المثلى في تحصيل التزام الوالدين أو في طلب قربهما إلى الله تعالى يكونُ بأمورٍ عديدة ، تجعلُ المدعو يسمعُ وينصت ويذعن بإذن الله ، ومن أبرز معالم ذلك:

1. الدعاء لهما بالهدايةِ والصلاحِ ، فإنَّ الدعاء مفتاح الفرج ، وهو باب لقضاء الحاجات ، قال سبحانه وتعالى ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) غافر/ 60

وقال تعالى ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) البقرة/ 186 .

قال ابن كثيرٍ – رحمه الله - :

"هذا من فضله تبارك وتعالى وكرمه ، أنه ندب عباده إلى دعائه ، وتكفل لهم بالإجابة ، كما كان سفيان الثوري يقول : " يا مَنْ أحبُّ عباده إليه مَنْ سأله فأكثر سؤاله

ويا من أبغضُ عباده إليه من لم يسأله ، وليس أحد كذلك غيرك يا رب " .

انتهى من" تفسير ابن كثير " ( 7 / 153 ) .

2. أن يقدِّم بين يدي نصحه نوعاً من البر والإحسان ؛ فإن هذا أجلب للاستجابة والقبول ، وهو أوقعُ في القلب وأقرب ، فقد جبلت القلوب على محبة من أحسن إليها . كما قال القائل :

أحسن إلى الناس تستعطف قلوبهم *** فطالما استعطف الإحسان إنساناً

3. اللين في النصح وتحمل الأذى في حال حصوله ، فعلى الابنِ أن يكثر من النصحِ والإرشاد لهما بالرفقِ واللينِ والحكمة ِ، ومراعاةِ مدى استدراكهما للأمور

فليسَ الأبُ الشاب كالأبِ المسنِّ ! فللدعوةِ أساليبُ متعددة تقتضيها حال المدعو ، ومن أهم تلك الأساليب حسن المدخل في بداية الخطاب – مع اللين في العبارات -

وقد قصَّ الله علينا في سورةِ مريم دعوةَ إبراهيمَ الخليل لأبيهِ ، أسلوبَ الحاني الشفيق ، فكان يبدأ خطابه مع أبيه بقوله " يا أبتِ " وهو أسلوب لطيف رقيق ، وكان يرفع من شأنه في خطابه معه لا يحط منه .

قال الشيخ السعدي – رحمه الله - :

"وفي هذا من لطف الخطاب ولينه ما لا يخفى ، فإنه لم يقل : " يا أبت أنا عالم ، وأنت جاهل " أو " ليس عندك من العلم شيء " وإنما أتى بصيغة تقتضي أن عندي وعندك علماً

وأن الذي وصل إليَّ لم يصل إليك ولم يأتك ، فينبغي لك أن تتبع الحجة وتنقاد لها ". انتهى من" تفسير السعدي " ( ص 494 ) .

ثم تحمَّله إبراهيم عليهِ السلام عندما قسا عليه وقال ( وَاهْجُرنِي مَليَّا ) أي : أبداً ، فكان رد إبراهيم عليه السلام ( سلامٌ عليكَ ) فصبرَ واحتسبْ .

فيبتدأ الولد الداعية في مخاطبة والديه بالثناءِ الجميل عليهما والاعتراف بفضلهما فيقول : يا من عانيتما في تربيتي ، يا أحب الناس إلى قلبي ، وهكذا من العباراتِ اللطيفةِ الجذابةِ

فإن هذا يُعتبر مدخلاً حسناً وطريقاً سالكاً إلى قلبيهما .

ولمَّا أمر الله نبيه موسى عليه السلام أن يذكِّر فرعون قال سبحانه ( فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) طه/ 44 ؛ فإن القول اللين داع لذلك ، وهو أسلوب الداعيةِ الناجح .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

"والحاصل من أقوالهم : أن دعوتهما له تكون بكلام رقيق لين قريب سهل

ليكون أوقع في النفوس وأبلغ وأنجع ، كما قال تعالى ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) الآية النحل/ 125 ".انتهى من" تفسير ابن كثير " ( 5 / 295 ) .

والقول الغليظ منفر عن صاحبه ، وهو أسلوب الدعوة الفاسد ، قال تعالى في حق نبيه محمد عليه الصلاة والسلام ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) آل عمران/ 159 .

4. الاستعانة عليهما بمن يكون نصحه مؤثراً عليهما ، كالاستعانة ببعضِ الشخصيات التي لها ثقل لديهما ممن هم في مثل سنِّهما من هل التدين والحكمة

كأصدقاء لهما ، أو إمام المسجد ، أو داعية حسن الأسلوب والمنطق ، وغيرهم من الأخيارِ .

5. استغلال المواقف والأحداث في الدعوةِ ، كموت قريب ، أو حصول حادث ، ونحو ذلك ، فبمثل هذه الحوادث تكون النفوس مهيأة للاستجابة للنصح ، وعلى الابن أن يختار الأوقاتَ والأماكنَ المناسبة لنصحهما .

6. أن يضع كتيبات ومطويات وأشرطة في متناول يدهما

دونَ أن يطلب منهما الاستماع أو القراءة ، والحرص على أن تكون الموضوعات متنوعة مع التركيز على الأشرطةِ والمطوياتِ التي ترغب بالطاعةِ والإذعانِ ، والتي ترهب من الفسوق والعصيانِ .

7. السفرُ بهما ، أو دعوتهما لأداءِ فريضةِ الحجِّ والعمرةِ ، متى كان ذلك ممكنا مقدوار ، فإنَّ سفر الوالدينِ لأداءِ فريضةِ الله ، الحجِّ أو العمرة ، ومشاهدتهما بيت الله "الكعبة المشرفة"

ومشاهدتهما الجمع الغفير يذكرون الله ويسبحونه ويهللونه : من أسباب لين القلوب ، وجلب الخيرات ، واستقامة النفوس .
ثالثاً:

ليعلم الولد أن الهدايةَ دائماً وأبداً من الله تعالى ، ونحن لسنا مطالبين حقيقة بهداية قلوب آبائنا وأمهاتنا ، وإنما نحن مطالبون بدعوة الخلق إلى الله تعالى ، والدلالة على طريق الخير

وهادي القلوب هو الله وحده ، وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم أشد الحرص على هداية عمِّه أبي طالب ، لكنه لم يستجب له ومات على الكفر

فأنزل الله تبارك وتعالى ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) القصص/ 56 ،

والحمد الله تعالى أن والديك مسلميْن أصلاً وإنما تريد لهما زيادة الخير والقرب من الله تعالى أكثر .

وانظر جوابي السؤالين القادين

والله الموفق









رد مع اقتباس