منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأحكام العامة لعقد التأمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-28, 10:14   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 تابع للفصل الاول 1

ويستشف من نص المادة 39 السالفة الذكر أن استبعاد الأخطار الناجمة عن حرب أجنبية من نطاق التأمين ليس من النظام العام مادام يجوز للطرفين الاتفاق على خلافها، فإن وجد الاتفاق وجب ضمان هذه الأخطار أما إذا لم يوجد، اعتبر هذا الضمان مستبعدا بحكم القانون(1).
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع لا يلحق بالحرب الأجنبية الحرب الأهلية والاضطرابات الشعبية التي يجوز التأمين عليها بمقتضى المادة 40 من الأمر المتعلق بالتأمينات التي تنص على أنه: "يمكن التأمين كليا أو جزئيا على الخسائر والأضرار الناجمة عن الأحداث التالية: الحرب الأهلية، الفتن أو الاضطرابات الشعبية، أعمال الإرهاب والتخريب".
فالحرب الأهلية هي اختلال النظام الداخلي في بلد ما، تحدث نتيجة عداء بين طائفتين أو أكثر، أما الفتن والاضطرابات الشعبية فهي عنف موجه ضد السلطة بغرض الحصول على إرضاء طلبات اجتماعية أو سياسية، تتجلى في تجمع الجماهير الذي قد ينتج عنه أضرار جسمية، وأما أعمال الإرهاب والتخريب فهي أعمال العنف التي تزرع الخوف والرعب في نفوس المواطنين. لكن جواز التأمين على هذه الأخطار معلق بدفع قسط إضافي، وتمول بصندوق خاص يتكفل بتعويض الأضرار الناتجة عن هذه الأخطار، ويحسب هذا القسط الإضافي على أساس نسبة معينة من القسط الأصلي المحدد في العقد أو من المبالغ المؤمن عليها.
فإذا أمن شخص على منزله من الحريق واتفق مع المؤمن على أن يضمن الحريق حتى لو كان مصدره حربا أهلية أو اضطرابات شعبية أو أعمال إرهاب، وجب أن يدفع الأقساط المتفق عليها حول الحريق فضلا عن قسط إضافي بسبب الحرب ونحوها.
ومن جانب آخر أوجبت المادة 41 نفس الشرط في حالة التأمين الكلي أو الجزئي على الخسائر والأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية كالهزات الأرضية أو الفيضانات أو هيجان البحر وغيرها. وفي كل هذه الحالات السابقة وإذا أراد الطرفان استبعاد هذه الأخطار من نطاق التأمين يجب أن ينص على ذلك صراحة في وثيقة التأمين، وهذا ما تعمل به شركات التأمين، أما إذا لم تستبعد بالاتفاق وجب التعويض عن الأضرار الناتجة عنها مقابل قسط إضافي لأن استبعادها لا يفترض ولا يستنتج(2).

ب- خطأ المؤمن له العمدي:
استبعد المشرع من نطاق التأمين الأخطار التي يتسبب فيها المؤمن له بخطئه العمدي أو بغشه وقد سبق بسط ما يتعلق به عند التعرض لشروط الخطر فلا حاجة لتكراره.



(1) و(2): د. عبد الرزاق بن خروف 104 و106 على التوالي؛
2- الأخطار المستبعدة من التأمين باتفاق الأطراف:
من الواجب على طرفي العقد تحديد الأخطار المؤمن منها بكل دقة ووضوح، ولدواعي هذه الدقة قد يستبعد الأطراف أخطارا معينة من نطاق التأمين، وهنا يجب أن يكون الاستبعاد واضحا بدوره وضوحا تاما، وذلك بتحديد الحالات المستبعدة تحديدا كافيا يزيل عنها كل لبس أو غموض، لأن هذه الحالات لا تفترض ولا تدخل في التأمين على سبيل الاستنتاج، بل يجب أن تذكر في وثيقة التأمين أو أية وثيقة أخرى كمذكرة التغطية المؤقتة أو الملحق، حتى يعرف المؤمن له الأخطار التي يمكنه الرجوع بشأنها على المؤمن لمطالبته بالتعويض أو بمبلغ التأمين.
ولا يكفي أن يرد ذكرها في عبارات عامة تثير الغموض والشك، فلو استبعد في التأمين من الحريق كل حريق يكون سببه طبيعيا، كانت هذه العبارة غير جامعة مانعة ولا تجعل الاستبعاد محددا بدقة ووضوح، ومن أمثلة ذلك أيضا أن يستبعد في التأمين من المسؤولية على حوادث السيارات كل خطر ينتج عن مخالفة المؤمن له لقانون المرور، وكما لو استبعد في التأمين على الحياة الوفاة لأسباب غير طبيعية.
وبالمقابل يكون التحديد واضحا عند استبعاد التأمين على الوفاة التي تحدث تنفيذا لحكم بالإعدام، وعند استبعاد التأمين عن حوادث المرور التي يتسبب فيها السائق الذي لا يحمل رخصة سياقة.
ويجب أخيرا على المؤمن أن يراعي الحدود التي تنص عليها المادة 622 من القانون المدني عند إدراجه لأي شرط في العقد يقضي باستبعاد الخطر من الضمان(1).

ثانيا: القسط
1- مفهوم القسط:
القسط هو المبلغ الذي يدفعه المؤمن له للمؤمن مقابل أن يتحمل هذا الأخير تبعة الخطر المؤمن منه(2)، ويعرفه السنهوري بأنه: "المقابل المالي الذي يدفعه المؤمن له للمؤمن لتغطية الخطر المؤمن منه"(3)، كما عرفه حسام محمود لطفي بأنه: "المبلغ الذي يسدده المؤمن له للمؤمن مقابل تحمله تبعة الخطر المؤمن منه بمقتضى عقد التأمين"(4)، ويسمى قسطا إذا كان المؤمن شركة تجارية واشتراكا إذا كان المؤمن شركة تعاضدية.
ويدفع القسط على دفعات دورية أي سنويا أو سداسيا أو شهريا حسب الاتفاق، ويسمى في هذه الحالة "القسط الدوري" وقد يدفع مرة واحدة ويسمى "القسط الوحيد"(5)، وقد يكون القسط ثابتا أو متغيرا، فيكون متغيرا في نظام التأمين التبادلي حيث يجوز لهيئة أو مؤسسة التأمين طلب مبالغ إضافية للاشتراك الذي يكون قد دفع عند إبرام العقد، ويكون ثابتا في جميع عمليات التأمين التجارية -وهو الشكل الغالب في الوقت الراهن-(6)، ويتجلى من هذه التعاريف أن القسط يعتبر مقابل الخطر، وبما أن التأمين من عقود المعاوضة الملزمة لجانبين فإن هذا العقد لا ينعقد إذا انعدم محل التزام المؤمن له والمتمثل في دفع القسط والذي يدخل في تكوين محل عقد التأمين.
ووجود الـقسط ضرورة قانونية وفنية، وذلك لوجود علاقة وثيقة بين قسط الـتأمين والخطر المؤمن منه، فقسط



(1)، (5) و(6): د. عبد الرزاق بن خروف 108، 13 و47 على التوالي؛
(2): أحمد شرف الدين، أحكام التأمين، ص 150؛
(3): السنهوري 1077؛
(4): جديدي، محاضرات في قانون التأمين الجزائري ص 50.
التأمين يحسب على أساس هذا الخطر وإذا تغير الخطر تغير معه القسط عملا بمبدأ "نسبة القسط إلى الخطر"(1)، ويتجلى ذلك في عملية التأمين أين يقوم المؤمن بإجراء المقاصة بين الأخطار بأن يدفع مبلغ التأمين من الرصيد المشترك الذي تكون من الأقساط التي دفعها المؤمن لهم، ولذلك وجب أن يكون مجموع الأقساط كافيا لتغطية الأخطار التي ستتحقق.
وهكذا فإن العلاقة الوثيقة بين الخطر والقسط تفرض على المؤمن العمل على إيجاد التناسب بينهما لتحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات في عملية التأمين(2).

2- عناصر القسط:
يستنبط من وثائق التأمين المتعامل بها في الجزائر اشتمال القسط على جملة من العناصر ولكل عنصر عوامله الخاصة التي تتحكم في تحديده، وتتمثل هذه العناصر فيما يلي:

أ- القسط الصافي:
هو المبلغ الذي يمثل القيمة الحسابية للخطر كما حددتها قواعد الإحصاء(3) أو هو المبلغ الذي يقابل الخطر فيغطيه تماما دون زيادة أو نقصان(4)، فيقتصر القسط على تغطية الخطر دون أن يضار أو يستفيد المؤمن من ذلك، لذا يعتبر الخطر العامل الرئيسي في تحديد قيمة القسط دون إغفال تدخل عوامل أخرى في هذا التحديد وهي مبلغ التأمين ومدته:
فالنسبة للخطر فإنه يتدخل في عملية تحديد القسط حسب درجة احتمال وقوعه من جهة، وحسب جسامته المتوقعة من جهة أخرى، بحيث تعتمد شركة التأمين في تحديد درجة احتمال وقوعه على حساب الاحتمالات وقانون الكثرة، فتوضح جداول الإحصاء نسبة تحقق الخطر بالنظر إلى عدد الحالات المؤمن عليها، ولتوضيح ذلك نستعرض المثال الحسابي التالي:
اجتمع لدى شركة التأمين ألفا مؤمن له ضد الحريق على المنازل، وأظهرت الإحصائيات أن الحريق يحدث في ثمان حالات سنويا، فإن درجة احتمال الخطر تكون 2000 / 8، فإذا فرضنا أن مدة التأمين سنة واحدة وأن مبلغ التأمين هو 50000 د.ج(*)، فإن الرصيد المجتمع من الأقساط يجب أن يكفي لتعويض ثمانية مؤمن لهم أي يجب أن يكون المبلغ 50000 x 8 = 400000 وعلى كل واحد من المؤمن لهم أن يساهم بنصيب في هذا المبلغ، لذا يقسم عليهم المبلغ كما يلي: المبلغ الإجمالي 400000 مقسما على 2000= 200 د.ج وهي قيمة القسط الصافي الذي يجب على كل مؤمن دفعه كل عام لشركة التأمين.
كما تؤثر درجة جسامة الخطر على حساب القسط، فقد يكون الخطر عند تحققه كليا أو جزئيا، ففي المثال السابق قد لا يترتب على الحريق إلا هلاك جزئي للمنازل المؤمن عليها، وينتج عن ذلك أن التزام المؤمن بدفع التعويض لا يغطي القيمة الكلية للمنازل المحترقة، وعليه فإن مبلغ التعويض يكون معادلا لما هلك فقط أي متناسبا مع الضرر اللاحق مما يؤدي إلى نقص قيمة التعويضات وبالتالي قيمة الأقساط التي يلتزم كل مؤمن له بدفعها، وفي المثال السابق إذا تبين بالإحصاء أن الحريق لم يأت إلا على نصف المنازل كانت قيمة القسط نصف قيمته في حالة الهلاك الكلي.


(1) و(4): السنهوري ص 1078؛
(2) و(3): أحمد شرف الدين، أحكام التأمين، ص 151؛
(*): تم أخذ هذه القيمة من أجل التوضيح مع العلم أنه توجد مقاييس محددة -جداول التأمين- تستعملها شركات التأمين من أجل تحديد مبلغ التأمين، هذا الأخير يتغير حسب قيمة الشيء المراد تأمينه.
أما بالنسبة لمبلغ التأمين فإنه يؤثر في تحديد القسط تناسبيا، فعندما يتدخل الخطر في تحديد القسط فإن ذلك يكون بالنسبة لوحدة نقدية معينة تسمى الوحدة الأولى لمبلغ التأمين، فإذا تضاعف المبلغ وجب مضاعفة قيمة القسط، وعليه يجب أن يضرب القسط الذي حددته جداول التأمين محسوبة على أساس تدخل مبلغ التأمين.
وأما عن تأثير مدة التأمين في تحديد قيمة القسط، فإن عقد التأمين من عقود المدة، لذا تتخذ في نظام التأمين مدة معينة باعتبارها الوحدة الزمنية التي يمكن خلالها استخلاص نتائج الاحتمالات، وعادة ما تكون سنة حتى يتسنى ضبط الاحتمالات(*)، وكلما تضاعفت الوحدة الزمنية وجب مضاعفة قيمة القسط.
وقد يتدخل عامل مدة التأمين ليؤثر في تحديد قيمة القسط بطريقة أخرى، ففي التأمين على الحياة مثلا يقل القسط كلما طالت مدة التأمين ويزيد كلما نقصت، وهكذا.

ب- علاوات القسط:
وهي جزء من المصروفات العامة اللازمة لإدارة مشروع التأمين والتي يتحملها المؤمن لتسيير عقود التأمين كنفقات تحصيل الأقساط ونفقات الدعاوى القضائية وأتعاب الوسطاء، إلى جانب الأرباح التي يضيفها المؤمن إلى قسط الصافي والتي يجب أن يشارك المؤمن له في تغطيتها وتحقيقها.
كما يدخل في نطاقها كذلك الضرائب والرسوم التي يحصلها المؤمن لفائدة خزينة الدولة، هذا وقد يقر المشرع في بعض الحالات إضافة نسبة مئوية معينة في شكل مساهمة لبعض الصناديق الخاصة بالتعويض عن الأضرار الجسمانية الناجمة عن حوادث المرور الذي أنشئ بمقتضى قانون المالية لسنة 1971م(1).
ويستخلص من كل ما سبق أن المشرع الجزائري يذهب إلى تقدير القسط على أساس قاعدة النسبية المعمول بها في معظم تشريعات التأمين المقارنة.
كما أن تحديد القسط في الجزائر سيعرف تطورا في المستقبل، إذ سيتم تحديده على أساس تعريفة تشارك في إعدادها الاتحادات المهنية الخاصة بمجال التأمين تحت رقابة الدولة والمجلس الوطني للتأمينات(**).
والتنبؤ بهذا التطور نابع من أحكام المادتين 230 و232 من قانون التأمينات الجديد اللتان تنشئان جهازا خاصا لإعداد مشاريع تعريفات التأمين على أساس نوع المخاطر واحتمالات وقوعها وجسامة الضرر الذي تحدثه(2).

ثالثا: مبلغ التأمين
هو المبلغ الذي يلتزم المؤمن بأدائه عند تحقق الخطر للمؤمن له أو المستفيد أو الغير، ويمثل محل التزام المؤمن مقابل التزام المؤمن له بدفع القسط ويرتبط به ارتباطا كليا بالزيادة أو النقصان، فكلما زاد القسط ارتفع معه مبلغ التأمين، وكقاعدة عامة لا يجب أن يزيد مقدار التعويض عن المبلغ المتفق عليه، وهذا ما تجسده المادة 623 من القانون المدني.


(*): واتخاذ سنة كوحدة زمنية لتحديد قيمة القسط هو الأصل في التأمين غير أنه توجد حالات أخرى تقل فيها المدة عن سنة كالتأمين على أخطار النقل لأنه تتدخل في تحديدها اعتبارات أخرى كالمدة اللازمة للنقل، فلا تتدخل الوحدة الزمنية المقدرة بسنة في تحديد هذه الحالات، أنظر: أحمد شرف الدين، أحكام التأمين، ص 155؛
(1) و(2): جديدي، محاضرات في قانون التأمين الجزائري ص52 و ص 53 على التوالي؛
(**): وهو جهاز استشاري، يستشار في المسائل المتعلقة بوضعية نشاط التأمين وإعادة التأمين وتنظيمه وتطويره، ويحدد صلاحيته وتكوينه وتنظيمه المرسوم التنفيذي 95-339 المؤرخ في 30 أكتوبر 1995، كما تتناوله المادة 274 من الأمر المتعلق بالتأمينات ويرأسه وزير المالية.
ويأخذ مبلغ التأمين عدة أشكال، والشكل الغالب له هو الأداء النقدي، فشركة التأمين تتعهد بدفع مبلغ نقدي عند تحقق الخطر لأن من طبيعة عقد التأمين أن يرتب في ذمة المؤمن دينا ذا طبيعة مالية لكون نتائج تحقق الخطر ذات طابع مالي(1).
وفي بعض أنواع التأمين يختار المؤمن بين الأداء النقدي والأداء العيني الذي مفاده قيام المؤمن بإصلاح الضرر الذي أصاب الشيء المؤمن عليه، مما يجعل التزامه تخييريا(2) إذا وجد فيه ما يحقق فائدته، كأن يتوقى به مبالغة المؤمن له في تقدير الضرر أو غشه بتعمده إيقاع الحادثة ليقبض مبلغ التأمين، لكنه لا يفقد مبلغ التأمين طابعه المالي(3)، وفي أحوال أخرى يرتب عقد التأمين في ذمة المؤمن التزاما بالقيام ببعض الخدمات الشخصية لصالح المؤمن له كالتزام رئيسي أو ثانوي أو وحيد مثلما تقوم به شركات المعونة في فرنسا من تدخل في الدعاوى المرفوعة ضد المؤمن له، وفي كل الحالات يجب أن يحافظ مبلغ التأمين على طابعه المالي(4)، ويختلف تقدير هذا المبلغ باختلاف نوع وطبيعة التأمين، فهو في التأمين على الأضرار غيره في التأمين على الأشخاص:

1- تحديد الأداء في التأمين على الأشخاص:
وفي هذا النوع من التأمين يتحدد أداء المؤمن بمبلغ التأمين المتفق عليه في العقد(5)، فيكون للمؤمن له أو للمستفيد الحق في الحصول على المبلغ المتفق عليه في العقد دون النظر إلى جسامة الضرر، لأن التأمين على الأشخاص ليس عقد تعويض بل مجرد وعد بدفع مبلغ معين عند تحقق خطر معين، وهذا يرتب عدة نتائج نعرضها فيما يلي(6):
• لا يؤخذ بعين الاعتبار في تحديد مبلغ التأمين مقدار ما أصاب المؤمن له أو المستفيد من ضرر(7) ويستحق المبلغ دون أن يكون ملزما بإثبات وقوعه؛
• يصح التأمين على الأشخاص ولو لم يكن الغرض منه تعويض ضرر ما، كما في نوع التأمين لحال البقاء، حيث يؤمن الشخص نفسه من حادث لا ضرر فيه وهو البقاء على قيد الحياة(8)؛
• يجوز للمؤمن له أن يعقد أكثر من تأمين ويستحق مبلغ التأمين المحدد في كل عقد عند وقوع الحادث المؤمن منه مادام لا يحدد مبلغ التأمين سوى اتفاق الأطراف؛
• يستطيع المؤمن له الجمع بين مبلغ التأمين والتعويضات التي يحكم بها على الغير المسؤول عند تحقق الحادث المؤمن ضده حسب المادة 61/2 من الأمر المتعلق بالتأمينات التي تنص على أنه "يمكن أن يجمع التعويض الذي يجب على الغير المسؤول، دفعه للمؤمن له أو ذوي حقوقه مع المبالغ المكتتبة في التأمينات على الأشخاص"، فاستحقاق مبلغ التأمين مصدره عقد التأمين واستحقاق التعويض مصدره الفعل الضار(9)، وتتحقق هذه الصور في الواقع من جراء إصابات العمل وحوادث السيارات وغير ذلك للأشخاص الذين أبرموا عقودا للتأمين على الحياة.
• لا يستطيع المؤمن الرجوع على الغير الذي تسبب في وقوع الحادث ولا يستطيع أن يحل محل المؤمن له في الرجوع على ذلك الغير لأن الرجوع أو الحلول يفتقد سببه القانوني.

(1)، (2) و(8): عبد الحي حجازي ص 119، 120 و122 على التوالي؛
(3): أحمد شرف الدين، أحكام التأمين، ص 158/ عبد الحي حجازي ص 120؛
(4) و(6): أحمد شرف الدين، أحكام التأمين ص 159 وص 160 على التوالي؛
(5): المادة 60 من الأمر المتعلق بالتأمينات؛
(7): السنهوري ص 1082/ عبد الحي حجازي ص 122؛
(9): السنهوري ص 1082.
2- تقدير التعويض في التأمين على الأضرار(1):
يعتبر التأمين من الأضرار تأمينا تعويضيا لأن أثره الرئيسي هو تعويض الضرر الذي لحق الذمة المالية للمؤمن له بسبب تحقق الخطر، ويتوقف تقدير مبلغ التعويض في هذا المجال على العوامل التالية:
• تحديد مقدار التعويض على أساس المبلغ المحدد في العقد: فيجب ألا يزيد مقدار التعويض على المبلغ المتفق عليه في العقد، ومهما كانت جسامة الخطر حسبما تقتضيه أحكام المادتين 623 من القانون المدني و130 من الأمر المتعلق بالتأمينات؛
• تحديد مقدار التعويض على أساس جسامة الضرر الذي يلحق بالمؤمن أو المستفيد: أي أن لا يتجاوز مقدار التعويض قيمة الضرر الذي أصابه فعلا نتيجة تحقق الحادث المؤمن منه، حتى لو كان المبلغ المتفق عليه بمقتضى العقد يزيد على ذلك، ويترتب على ذلك عدم جواز إبرام عقود أخرى على الخطر محل التأمين، كما أن المادة 33 من الأمر المتعلق بالتأمينات تؤكد على أنه لا يجوز لأي مؤمن له إلا اكتتاب تأمين واحد على النوع نفسه ومن الخطر ذاته(*)؛
• تحديد مقدار التعويض على أساس قيمة الشيء المؤمن عليه: ويتم ذلك بمقتضى العقد المبرم بين الطرفين في هذا المجال، والأصل العام وبغض النظر عن قيمة الشيء المؤمن عليه -سواء كانت ضئيلة أو مرتفعة- فلا يجوز أن يفوق مبلغ التعويض المستحق بعد وقوع الحادث الحد الأقصى لقيمة الشيء، حسبما تؤكده المادة 30 من الأمر المتعلق بالتأمينات: "يخول تأمين الأموال للمؤمن له في حالة وقوع حادث منصوص عليه في العقد الحق في التعويض حسب شروط التأمين"؛
• تحديد مقدار التعويض بتدخل من المشرع: قد يتدخل المشرع في بعض الأنظمة الخاصة بالتأمين بوضع معايير وجداول يتم بمقتضاها تحديد مقدار التعويض، وهذا ما اعتمده المشرع بمقتضى قانون إلزامية التأمين على السيارات ونظام التعويض عن الأضرار الجسمانية اللاحقة بضحايا هذه الحوادث.
وإلى جانب التعويض عن الأضرار الجسمانية، يقر المشرع الجزائري تعويضات أخرى كالتعويض عن الأضرار المعنوية والجمالية والآلام وتعويض مصاريف العلاج وغيرها من الأضرار المحددة بمقتضى القانون(2).

المطلب الثالث: السبب في عقد التأمين (المصلحة)
إن السبب -بشكل عام- هو الغرض المباشر الذي يدفع بالمتعاقد إلى إبرام العقد، ويسمى في بعض النظريات "السبب القصدي" ويكون السبب هو الباعث على التعاقد، ويختلف من عقد لآخر باختلاف الدوافع النفسية لدى المتعاقدين(3).
وعملا بالقواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني، يجب أن يكون لكل التزام سبب ينشئه وهو الدافع والباعث إلى التعاقد والذي قضت بشأنه المادة 98 من القانون المدني بنصها: "يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك".
وفي سياق مواز نصت المادة 621 من القانون المدني على أنه: "تكون محلا للتأمين كل مصلحة اقتصادية مشروعة تعود على الشخص من عدم وقوع خطر معين".


(1)، (2) و(3): جديدي، محاضرات في قانون التأمين الجزائري، ص 51 وما يليها، ص 53 وص63 على التوالي؛
(*): وإذا تعددت عقود التأمين وكان المؤمن حسن النية ينتج كل واحد منها آثاره التناسبية مع المبلغ الذي يطبق عليه في حدود القيمة الكلية للشيء المؤمن.
ورغم أن صياغة المادة وقراءتها الأولى توحي بأن المصلحة هي محل عقد التأمين، إلا أن قصد المشرع لم يتجه إلى ذلك لأن المحل في عقد التأمين هو الخطر كما سبقت دراسته بعناصره المكونة له، بل المقصود أن المصلحة هي السبب الدافع إلى التعاقد، وهذا ما ذهب إليه معظم الفقهاء المهتمين بهذا الموضوع، وهذا ما يؤكده نص المادة 29 من الأمر المتعلق بالتأمينات بقولها: "يمكن لكل شخص له مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في حفظ مال أو في عدم وقوع خطر أن يؤمنه".
وبما أن التأمين يمتد إلى مجالات عديدة ومختلفة، فإن هذه المصلحة -ككل سبب في العقد- تخضع إلى شرط المشروعية، أي يجب ألا تكون مخالفة للنظام العام والآداب العامة وإلا كان العقد باطلا(*)، لذلك سنتعرض أولا لطبيعة المصلحة ثم لمشروعيتها.

أولا: طبيعة المصلحة في عقد التأمين
تختلف المصلحة في عقد التأمين على الأضرار عنها في التأمين على الأشخاص:
1- المصلحة في التأمين على الأضرار:
استخلص الفقهاء من نص المادة 621 من القانون المدني السالفة الذكر أن المصلحة المشار إليها في هذا النص تخص التأمين على الأضرار دون سواه، لأن المصلحة الاقتصادية هي المصلحة ذات القيمة المالية أي أنها تقدر بمال، لذلك فهي لا تخص التأمين على الأشخاص لأنها لا تقدر فيه بمال(1).
وأهمية هذه القيمة تظهر في أنه يتحدد على أساسها مقدار الضرر الذي يصيب المؤمن له، والتالي يحسب التعويض الواجب دفعه له في حالة تحقق الخطر، واقتصار التعويض على تغطية هذه القيمة بمنع المؤمن له من تعمد إيقاع الخطر لأنه ليس له أية مصلحة مادام لن يتحصل إلا على تعويض يعادل قيمة الشيء المؤمن عليه(2)، وتتخذ المصلحة الاقتصادية في التأمين على الأضرار عدة أشكال:
فمصلحة مالك الشيء تتجسد في العلاقة المالية التي تربط الشخص بملكه، والقيمة المالية لهذا الشيء هي المعرضة للخطر فيؤمن عليه من الحريق أو من السرقة أو من الهلاك بسبب الكوارث أو غيرها من الأخطار التي إذا تحققت تلحق خسارة مالية بمالك الشيء.
ويمكن أن تتعلق عدة مصالح ببقاء القيمة المالية لشيء واحد، فتكون هذه المصالح محلا لعدة عقود تأمين على هذا الشيء نفسه، وهذا جائز بشرط أن تكون هذه المصالح مختلفة ومتميزة، ومثال ذلك مصلحة مالك المنزل، فهو أول من له مصلحة في عدم هلاكه فيؤمن عليه من الحريق مثلا، ولمستأجر هذا المنزل أيضا مصلحة في عدم هلاكه لأنه مسؤول عن الحريق الذي يتسبب فيه فيؤمن على مسؤوليته من هذا الحريق، والدائن المرتهن لهذا المنزل له أيضا مصلحة في عدم هلاكه حتى ينفذ عليه في حالة عدم استيفائه الدين من مدينه -وهو المالك الراهن- فيؤمن عليه من الهلاك، بحيث إذا هلك حل مبلغ التأمين محل الشيء المؤمن عليه.
والتعويض الذي يلتزم به المؤمن لا يدفعه إلا عند تحقق الخطر المؤمن عليه، فإذا احترق المنزل في المثال السابق يعوض المالك عن احتراقه لأن القيمة المالية للشيء ضاعت وهو مالكه، ويعوض المستأجر إذا ثبتت مسؤوليته عن حدوث حريق، ويعوض الدائن المرتهن إذا لم يتقاضى حقه من المدين الراهن(3).

(*): عملا بالأحكام العامة الواردة في المادة 97 من القانون المدني والأحكام الخاصة الواردة في الأمر المتعلق بالتأمينات؛
(1) و(3): د. عبد الرزاق بن خروف ص 110؛
(2): أحمد شرف الدين، أحكام التأمين، ص 171.
والأصل أن التعويض عن الضرر يشمل التعويض عن إلحاق الخسارة والتعويض عن فوات الكسب(1)، ويعني حرمان المؤمن له من فرصة ربح منتظر، كفوات الربح لمزارع أمن مزروعاته من الأخطار الزراعية وتحققت هذه الأخطار.
ورغم ذلك ثار خلاف فقهي حول جواز التأمين على الربح المنتظر(*)، إلى أن حسمه المشرع الجزائري بنص المادة 29 من الأمر المتعلق بالتأمينات الذكورة آنفا.
ولكن لا يعتبر عنصرا في التعويض بقوة القانون بل يجب أن ينص عليه صراحة في العقد، كما يجب أن يكون ربحا مؤكدا فلا تأمين على الربح الاحتمالي(2).
كما ثار خلاف آخر حول تأمين القرض أو الائتمان(**) وهو تأمين يضمن القروض التجارية دون الاستهلاكية ويقوم أساسا على خطر ضياع الدين بسبب إعسار المدين، وهو نظام يمكن الدائن العادي من ضمان الوفاء بالديون من طرف مدينه، لأنه لا يملك حقوقا عينية تبعية كالدائن الممتاز، فهو لا يؤمن على مال معين ولا يحل محل المالك في تقاضي مبلغ التأمين في حالة عدم استيفاء حقه، لكنه يستطيع أن يؤمن على إعسار المدين.
ولا يشترط لاستفادته من التعويض أن يصدر ضد المدين حكم بالإعسار -أو الإفلاس إن كان تاجرا- بل يكفي ألا يوفي بالدين مدة معينة من وقت استحقاقه.
ولم يخص المشرع الجزائري هذا النوع من التأمين بنص خاص(***) مما يستنبط أنه اعتبره مثل أي تأمين آخر يخضع للأمر المتعلق بالتأمينات، والحكم العام الوارد في المادة 621 من القانون المدني لأن الدائن له مصلحة في أن لا يعسر مدينه فيؤمن على هذا الإعسار.
وإذا كان الغالب أن تكون المصلحة ذات قيمة مالية تتمثل في قيمة الشيء أو الحق أو الدين، إلا أنه من الممكن أن تكون المصلحة الأدبية محلا للتأمين إذا كانت محددة تحديدا دقيقا يمنع من تحول التأمين إلى مقامرة أو رهان(3)، لكن الصعوبة تكمن في كيفية إثبات هذه المصلحة، فمن الصعب تصور أن يكون للشخص مصلحة غير مالية في التأمين ضد الخطر الذي يهدد الشيء أو الحق، لكن يمكن أن يمثل الشيء قيمة أدبية للشخص كأن يعبر بالنسبة له عن ذكرى غالية مثلا.
وإن ما يقال في هذا الصدد عن كون التأمين على الالتزام الطبيعي يعتبر تطبيقا للمصلحة الأدبية لا يدل بالضرورة على غياب المصلحة المالية في هذا التأمين، فقد تصور بعض الفقهاء أن الـمصلحة الأدبية تتحقق في حالة



(1): المادة 182 من القانون المدني؛
(*): يمكن أن يغطي التأمين على الربح المنتظر عدة ميادين مثل فقد أجرة الكراء بعد احتراق العقار المؤجر وهو ربح مؤكد، والتأمين على الأخطار الزراعية والأرباح التجارية والصناعية بعد سرقة البضائع أو احتراق المتجر؛
(2): أحمد شرف الدين، أحكام التأمين، ص 186؛
(**): وبخاصة في فرنسا، فقانون 13 جويلية 1930 المنظم للتأمينات البرية استثنى جميع عمليات التأمين على القرض أو الائتمان لأن خصائصه تبعده عن مجال التأمينات، وقد لقي استثناءه من التأمينات انتقادا كبيرا من قبل الفقهاء الفرنسيين الذين اعتبروه تأمينا حقيقيا تام الأركان واعتبروا تركه لحرية التعاقد يؤدي إلى التعسف؛
(***): لكنه نظم بنص خاص نوعا خاصا من التأمين على القروض والائتمان وهو التأمين على القرض عند التصدير بمقتضى الأمر رقم 96-06 المؤرخ في 10 جانفي 1996 الجريدة الرسمية لسنة 96 عدد 03، باستثناء صادرات المحروقات، ويضمن تغطية الحقوق المرتبطة بعمليات التصدير من الأخطار التجارية والسياسية وأخطار عدم التحويل وأخطار الكوارث؛
(3): حجازي ص 187.
التأمين التبرعي من حوادث السيارات التي يدفع المؤمن بمقتضاه مبلغ التأمين للمضرور رغم عدم توافر شروط مسؤولية المؤمن له عما أصابه من ضرر، لكن ما يؤخذ على هذا الرأي هو أن المصلحة المالية غير خافية في هذا المثال وتتمثل في عدم خسارة المبلغ الذي عزم على دفعه للمضرور رغم عدم توافر مسؤوليته، ولعل هذه الصعوبة في إثبات المصلحة الأدبية هي التي حدت بمعظم التشريعات إلى اشتراط كون المصلحة في التأمين مالية(1).

2- المصلحة في التأمين على الأشخاص:
عرضنا أنه لا ينعقد عقد التأمين إلا إذا كانت للمؤمن له مصلحة في عدم وقوع الخطر المؤمن عليه في التأمين على الأضرار وفي التأمين على الأشخاص على حد سواء، فإذا كانت المادة 621 من القانون المدني التي تشير إلى المصلحة الاقتصادية تخص بصياغتها التأمين على الأضرار، فإن المادة 29 من الأمر المتعلق بالتأمينات قد صيغت صياغة شاملة، ومع ذلك فإنها لا تخص سوى التأمين على الأضرار، لأنها وردت في الفصل الثاني من الباب الأول الخاص بتأمين الأضرار، ولذلك لا يمكن أن يمتد تطبيقها إلى التأمين على الأشخاص.
ولكن رغم عدم وجود نص خاص بالمصلحة في التأمين على الأشخاص فإنه لا يمكن القول أن قصد المشرع اتجه إلى عدم اشتراطها لكونها تمثل ركن السبب في عقد التأمين ويترتب عن عدم وجودها بطلان العقد(2)، إلا أنه توجد آراء فقهية مخالفة، وهم الذين يعتبرون المصلحة بصفة عامة عنصرا في عقد التأمين وهي محله وليست سببه، بل وتعد محله في التأمين على الأضرار فقط ولا يرون أنها ضرورية في التأمين على الأشخاص خاصة في نوع التأمين على حياة الغير(3)، أين اشترط المشرع على مكتتب التأمين الحصول على موافقة مكتوبة من طرف الشخص المؤمن على حياته(4) دون أن يشترط أن تكون للمكتتب مصلحة في هذا التأمين، لذا يرون أن المصلحة في التأمين خاصة بالتأمين على الأضرار(5).
لكن مكتتب التأمين لا يمكنه التأمين على حياته أو حياة غيره إن لم تكن له مصلحة في هذا التأمين، ليبقى الباعث والدافع إلى هذا التعاقد هو المصلحة(6)، وطبيعة المصلحة في التأمين على الأشخاص لا تختلف اختلافا كبيرا عنها في التأمين على الأضرار(7)، فيمكن أن تكون اقتصادية أو معنوية أو هما معا.
فيمكن أن تكون مصلحة اقتصادية أو مادية، ومثالها أن تؤمن زوجة على حياة زوجها فإنها تضمن بذلك استيفاء مبلغ التأمين، أو أن يؤمن الدائن على حياة مدينه فهو بذلك يضمن أن يستوفي حقه من مبالغ التأمين إذا توفي المدين قبل أن يستوفي حقه منه ولم تكن تركته كافية للوفاء بالدين، أو أن يؤمن شخص على حياته لحالة البقاء، فهو يضمن بذلك الحصول على مبلغ التأمين لضمان المعيشة إذا بقي حيا بعد زمن معين، وإذا أمن على نفسه من المرض أو الإصابات الجسمية فهو يضمن بذلك الحصول على مبلغ التأمين الذي يغطي نفقات العلاج(8).
كما يمكن أن تكون مصلحة أدبية أو معنوية، وتقوم على روابط عائلية وعاطفية وحب النفس، فمن يؤمن على حياته لحالة الوفاة يُكوِِّن رأسمال قبل موته لضمان العيش لأولاده أو أي مستفيد آخر معين في العقد، ومصلحته في ذلك أدبية أساسها علاقة القرابة أو علاقة عاطفية أخرى تربطه بالمستفيد.


(1) و(7): أحمد شرف الدين، أحكام التأمين، ص 174 و189 على التوالي؛
(2)، (3)، (5) و(8): د. عبد الرزاق بن خروف ص ص 116-117؛
(4): المادة 89 من الأمر المتعلق بالتأمينات؛
(6): إبراهيم أبو النجا ص 192/ أحمد شرف الدين، أحكام التأمين، ص 193.
ومكتتب التأمين الذي يؤمن على حياة الغير يمكن أن تكون له مصلحة أدبية، فلو أمن الابن على حياة أبيه لمصلحة إخوانه القصر فهو يضمن بذلك الحصول على مبلغ التأمين يضمن به لهم مورد عيش بعد وفاة الوالد، ومصلحته في ذلك معنوية.
وفي التأمين لمصلحة شخص آخر غير المؤمن له، فإن شرط المصلحة لا يكفي لدى المؤمن له فقط بل يجب أن يتوافر كذلك لدى المستفيد، ومصلحته في هذه الحالة مادية محضة، ولا يمكن تصور كونها أدبية وتتمثل في استفادته من مبلغ التأمين، وهذا يستخلص من الوسائل القانونية التي وضعها المشرع ليكفل بها عدم إقدام المستفيد على تعجيل وفاة المؤمن له بفعله العمدي للحصول على مبلغ التأمين(1).

ثانيا: مشروعية المصلحة في عقد التأمين
أيا كان نوع المصلحة سواء في التأمين على الأشخاص أو على الأضرار، وسواء كانت مادية أو أدبية فإنه من الواجب أن تكون جدية(*) ومشروعة(2).
ولكي تكون المصلحة في التأمين مشروعة يجب ألا تكون مخالفة للنظام العام والآداب العامة(**)، بمعنى أنه لا يجوز التأمين على الأخطار التي تترتب على أعمال غير مشروعة، كالتأمين على محل يستعمل لإخفاء المسروقات أو إيواء المجرمين.
وتخلف شرط مشروعية المصلحة يؤدي إلى بطلان عقد التأمين بطلانا مطلقا، ونفس الجزاء يترتب إذا لم توجد المصلحة أصلا، أو إذا وجدت وقت إبرام العقد ثم زالت بعده، أين ينقضي التأمين بقوة القانون، ومثال ذلك أن يؤمن المستأجر من مسؤوليته عن الحريق الذي يشب في العين المؤجرة ثم يفسخ عقد الإيجار لعدم تنفيذ أحد الطرفين لالتزاماته مثلا وينفسخ تبعا لذلك عقد التأمين لزوال المصلحة(3)، كما أن وجود المصلحة هو الذي يكفل التمييز بين التأمين وبين المقامرة والرهان.














(1) و(3): د. عبد الرزاق بن خروف ص ص 118-119؛
(*): وإلا انقلب العقد إلى مضاربة غير مشروعة؛
(2): المادة 621 من القانون المدني.










رد مع اقتباس