هل تجوز لي مصافحةُ أمِّ زوجةِ أبي والسّفرُ معها والخلوةُ بها؟ أو بعبارةٍ أخرى: هل هي من المحارمِ؟ أفيدونا وشكرًا لكم.
" فالمعلومُ أنّ كلَّ ذكرٍ له عليك ولادةٌ مهما علا فإنّ زوجتَه محرّمةٌ عليك بمجرَّدِ العقدِ؛ لأنّه أبوك وهي زوجتُه، فزوجةُ الأبِ وزوجةُ الجدِّ -سواءً كان الجدُّ من أبٍ أو من أمٍّ- كلُّهنّ من المحرّماتِ؛ لقولِه تعالى: ﴿وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: ٢٢].
وكلُّ ذكرٍ لك عليه ولادةٌُ مهما نزل فإنّ زوجتَه محرّمةٌ عليك؛ لأنّه ابنُك وهي حليلتُه، فزوجةُ ابنِك وزوجةُ ابنِ ابنِك مهما نزل كلُّهنّ من المحرّماتِ؛ لقولِه تعالى: ﴿وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، ويدخل في الآيةِ -أيضًا- زوجةُ ابنِ ابنتِك؛ لقولِه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم في الحسنِ بن عليٍّ رضي اللهُ عنهما: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ»(١)، وهو ابنُ ابنتِه فاطمةَ رضي الله عنها.
هذا، ولا تتعدّى الحُرمةُ من زوجةِ الأبِ وزوجةِ الابنِ إلى الأمّهاتِ والبناتِ؛ لأنّ المحرَّماتِ من جهةِ المصاهرةِ يختصّ التّحريمُ فيهنّ بالأصلِ دون الفرعِ، وفي بعضِها يختصّ بالفرعِ دون أصلِه عند كافّةِ المذاهبِ(٢)، فللابنِ أن يتزوّجَ بأمِّ زوجةِ أبيه، كما يجوز له أن يتزوّجَ بنتَ زوجةِ أبيه -من غيرِ الأبِ- وهي الرّبيبةُ. كما لا يَحْرُم على الأبِ أن يتزوّجَ بأمِّ زوجةِ ابنِه، ويجوز له -أيضًا- أن يتزوّجَ بربيبةِ ابنِه وهي بنتُ زوجةِ ابنِه، فالتّحريمُ -إذًا- يُقْصَر على موضعِه الذي ثبت فيه، ويبقى ما عداه على الأصلِ من الجوازِ؛ لعمومِ قولِه تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤].
وبناءً عليه، فإنّ أمَّ زوجةِ أبيك ليستْ محرمًا لك، بل هي أجنبيّةٌ يَمْتنع -شرعًا- الخلوةُ بها في السّفرِ والحَضَرِ، كما لا يَحِلّ لك مصافحتُها أو تقبيلُها أو غيرُ ذلك ممّا هو ممنوعٌ مع الأجنبيّاتِ وجائزٌ مع المحارمِ."
الشيخ فركوس
موقع الشيخ