منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - كتاب المواقف والأمير عبد القادر الجزائري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-06, 08:20   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الأميرة بديعة الحسني
كبار الشخصيات
 
إحصائية العضو










افتراضي

فهل يمكن لرجل عالم، واسع المعرفة، يدرّس كتاب صحيح البخاري، ومسلم، وموطأ سيدنا مالك في ندواته في الجامع الأموي ودار الحديث النووي، الدار التي أنقذها من الرومي(12)، وفي مدرسة الجقمقية، وفي داره؟ وهكذا من ظل يدرّس هذه الكتب ويعطي فيها إجازات، أن يصدر عنه كتابٌ كالمواقف وفيه هذه التفاسير القرآنية غير الشرعية، والأحاديث الباطلة!!؟ منها مثلاً: في الآية الثامنة من سورة القيامة قال تعالى (وخسف القمر) أي ذهب نوره، وفي الآية التاسعة (وجمع الشمس والقمر) أي كوِّرا وذهب نورهما معاً، كقوله تعالى في أول سورة التكوير (إذا الشمس كورت)([1]) صدق الله العظيم،وفسر كاتب المواقف المذكور هذه الآية بقوله: وجُمع الشمس والقمر إشارة إلى الرب تعالى، كما أن القمر إشارة إلى العبد وجمعهما إشارة إلى مرتبة جمع الجمع التي هي المرتبة العليا، بالله عليكم ماذا يسمى هذا التفسير أليس جمع الخلود وهو الوجود الدائم لرب العالمين مع الفناء ويعتبرها الكاتب المرتبة العليا- أستغفر الله العظيم، أليس في هذا الكلام منتهى التضليل؟! هذا ما جاء في كتاب المواقف بالحرف الواحد، وفسّر أيضاً الآية العاشرة من سورة القيامة (يقول الإنسان يومئذ أين المفر)، وهنا يؤل الكاتب الآية فيزيد عليها كلمة العارف (يقول الإنسان العارف أين المفر) ويفسر قول الله تعالى على غير حقيقته، ثم يذكر حديث لم يسمع به أحد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والحديث بالحرف الواحد (قال سيد العارفين صلى الله عليه وسلم اللهم زدني فيك تحيراً). فهل يعقل أن إنسان مثل الأمير يقرأ صحيح البخاري وأعطى فيه إجازات، أن يخطئ هذا الخطأ ويذكر حديث ملفق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم!!


فالأمير عُرف بالتقوى والخوف من الله وبالإيمان بالله واليوم الآخر وختم القرآن وهو في سن الثانية عشر، ولا شك أنه يعرف معنى قوله تعالى في سورة غافر (لم ترى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون)([2]) أي الذين يؤلون البيان الصحيح كيف يصرفون، وهذا التهديد شديد من الله، ووعيد أكيد من الله لهؤلاء.

ولم يُعرف عنه أنه انتسب إلى الطرق الإشراقية ولا القاديانية، وإنما عُرف عنه أنه مالكي المذهب، ولكنه يأخذ من المذاهب الأربعة ما يناسبه في العبادات، ولم يخرج عن شرع الله في حياته كلها حتى يوم وفاته، ولا شك أنه يعلم بقول الله تعالى: (ويل يومئذ للمكذبين) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم المسند الصحيح: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). ثم يتابع الكاتب فراج بخيت السيد في الأسطر الباقية أن الإنسان العارف يقول أين المفر من شدة حيرته، والله سبحانه وتعالى لم يقل (العارف) بل قال (الإنسان)، ويصف الله تعالى الإنسان يوم القيامة المؤمن والكافر، فيقول في سورة القيامة يصف المؤمن فيها (وجوه يومئذ ناضرة)([3]) أي مسرورة ومشرقة نضرة (إلى ربها ناظرة) لأنها في الحياة الدنيا كانت تعيش حياة الإيمان والاطمئنان والراحة النفسية الذي أكسبها إياهم اليقين، ويصف الكافر فيقول في الآية 24 (وجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل فيها فاقرة) أي تكون في حيرة من أمرها أين تذهب من العذاب، فتظن أنها هالكة، معنى باسرة حزينة كالحة أي تفتش عن مكان تهرب إليه.

والحيرة تكون عادة قبل الإيمان، والأمير مؤمن، وظل مؤمناً حتى آخر يوم من حياته، فكيف يوصف بالأمير الحائر أي الضالّ في الكتيب الذي أصدرته المؤسسة


وقبل ختام تحليلي وتعليقي على هذه الصفحات من كتاب ((المواقف)) أريد الإشارة إلى الباب الأول من كتاب (المقراض الحاد)([4]) الذي ألفه الأمير عبد القادر في سجنه عندما طلب منه القساوسة التعريف بالإسلام. وفي فصل إثبات الألوهية في كتاب (المقراض الحاد) قال الأمير عبد القادر في ذكر الحيرة وبالحرف الواحد: "إن الفلاسفة جرهم الجدل العقلي إلى قصور وحيرة: وهذا النص يجده القارئ في الصفحة 87 من كتابي (فكر الأمير عبد القادر)([5]) وهو يناقض تماماً ما جاء في الأسطر الإحدى عشر من الصفحة 464 من كتاب ((المواقف)). ومثال آخر لا بد من الإشارة إليه وهو تفسير الآية الأولى في سورة الإسراء في الموقف 101 من كتاب ((المواقف))([6])، والآية (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)([7]) فسرها الكاتب بأن السميع البصير هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ومن المحال لعالم في فقه اللغة العربية، شاعر وأديب مثل هذا الرجل الأمير يخطئ هذا الخطأ اللغوي وليس فقط الشرعي!



أولاً – الآية مكية بدأت بتسبيح الله عز وجل وتنزيهاً له وهو الذي أسرى بعبده ليلاً، وهذه معجزة دالة على عظمة الله وقدرته، إنه سميع مجيب.


ثانياً – السميع البصير من أسماء الله الحسنى، وهذه الآية فيها إعجاز قرآني، وكلمه (إنه) ضمير مقيد يعود حرف الهاء فيه إلى الذي أسرى، الذي قام بالفعل. فهل الأمير، الأديب والشاعر جاهل بقواعد اللغة العربية والضمائر فيها لهذه الدرجة؟ أيعقل هذا؟ وما الغاية من تبديل كلام الله عز وجل في القرآن؟ قال تعالى في سورة يونس (لا تبديل لكلمات الله)([8]) وبسورة الأعراف (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته)([9]). ومثال آخر من الموقف الخامس والسبعون([10]) وتفسير سورة الرحمن (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان)([11]) صدق الله العظيم، يفسر الكاتب أن معنى البحر هو الشريعة والحقيقة، والبرزخ بينهما العارف، وكلام مشوش لا يفيد بشيء يصف فيه العارف أنه بين نارين نار الشريعة ونار الحقيقة، وكأن الكاتب لا يعرف معنى الشريعة التي هي دستور حياة لكل إنسان في كل زمان ومكان، وهي نور وعدل ومساواة ورحمة وليست نار حارقة، وهي التي كان الأمير يأمر بها، فيقول: عليك بشرع الله فالزم حدوده. فالرحمن جل جلاله يذكر هذه الآية كدليل على قدرته ويقول بعدها (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قال (مرج البحرين) يعني ماء مالح وحلو لا يختلطان عند مصب الأنهار في البحار، (بينهما برزخ) أي حاجز، وفي هذا العصر اكتشف علماء البحار السبب بعدم اختلاط مياه الأنهار الحلوة بمياه البحر المالحة، فما هي الغاية من تبديل كلام الله وتفسيره بهذا الشكل؟ والأمثلة كثيرة على هذا الأسلوب من التفاسير القرآنية والفوضى الفكرية لا تدخل في دائرة الرموز، وإنما في دائرة نظريات إشراقية، ولو كان الأمير من تلاميذ مدرسة شهاب الدين السهروردي ويدرّس كتاب (حكمة الأشراق) أو كتاب (هياكل النور)([12]) مثلاً ممكن أن يصدر عنه كتاب كالمواقف، ولكن هذا المجاهد الكبير كان ينتمي إلى مدرسة الإمام محمد بن إسماعيل بن مغيرة البخاري([13])، وكان يدرس كتابه صحيح البخاري الذي ختمه عام 1837م وهو يحاصر التيجاني في حصن عين ماضي بسبب تمرد الأخير وانحيازه للمحتلين !


وعندما أقام في دمشق اختار صحيح البخاري للتدريس فيه، ويعطي فيه إجازات أيضاً، فكيف يعقل أن يصدر عنه كتاب ك(المواقف) المذكور، وفيه كل هذه الفوضى الفكرية والمنهجية المستهجنة والتأله الصريح وتبديل معاني الآيات القرآنية!؟


ومثال من الموقف الرابع([14]) والصفحة 29 وجملة: (والله القائل على لساني) - أستغفر الله العظيم وأترك التعليق على هذه الجملة لكم-


[1]- سورة التكوير، الآية 1.

[2]- سورة غافر، الآية 69.

[3]- سورة القيامة، الآية 22

[4]- الأمير عبد القادر، (المقراض الحاد)، فصل إثبات الألوهية.

[5]- (فكر الأمير عبد القادر، حقائق ووثائق)، المصدر السابق، دار الفكر المعاصر.

[6]- (المواقف)، الموقف 101

[7]- سورة الإسراء، الآية 1

[8]- سورة يونس، الآية 24

[9]- سورة الأعراف، الآية 185

[10]- (المواقف)، الموقف 75

[11]- سورة الرحمن، الآية 20

[12]- شهاب الدين سهروردي، كتاب (هياكل النور)، راجع كتاب (أصول الفلسفة الإشراقية)، تأليف الدكتور محمد علي أبو ريان، الطبعة الثانية، دار اليقظة، الطلبة العرب، 1969م، وكتاب (الفلسفة الإسلامية) للدكتور محمد علي أبو ريان، الطبعة الأولى، بيروت 1970م، مطبعة منيمنة الحديثة.

[13]- كتاب صحيح البخاري، الذي ختمه الأمير عبد القادر وهو يحاصر التيجاني بعين ماضي عام 1837م بسبب تمرد الخير وانحيازه إلى المحتلين.

[14]- (المواقف)، الموقف الرابع، الصفحة 29 من الكتاب









رد مع اقتباس