الصحابة لم يتنازعوا في مسألةٍ واحدةٍ مِنْ مسائل الأسماء والصفات والأفعال
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :
" وقد تَنازَع الصحابةُ في كثيرٍ مِنْ مسائل الأحكام وهُمْ ساداتُ المؤمنين وأكملُ الأمَّة إيمانًا، ولكِنْ ـ بحمد الله ـ لم يتنازعوا في مسألةٍ واحدةٍ مِنْ مسائل الأسماء والصفات والأفعال، بل كُلُّهم على إثباتِ ما نَطَق به الكتابُ والسُّنَّةُ، كلمةً واحدةً، مِنْ أوَّلِهم إلى آخِرِهم، لم يسوموها تأويلًا، ولم يحرِّفوها عن مواضعها تبديلًا، ولم يُبدوا لشيءٍ منها إبطالًا، ولا ضربوا لها أمثالًا، ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها، ولم يقل أحَدٌ منهم: يجب صرفُها عن حقائقها وحملُها على مَجازها، بل تَلَقَّوْها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالإيمان والتعظيم، وجعلوا الأمرَ فيها كُلِّها أمرًا واحدًا، وأَجْرَوْها على سَنَنٍ واحدٍ؛ ولم يفعلوا كما فَعَل أهلُ الأهواء والبِدَعِ: حيث جعلوها عِضِينَ، وأَقَرُّوا ببعضِها وأَنكرُوا بعضَها مِنْ غيرِ فُرقانٍ مُبينٍ، مع أنَّ اللازمَ لهم فيما أَنكرُوه كاللازم فيما أَقرُّوا به وأَثبتوه؛ والمقصودُ: أنَّ أهل الإيمان لا يُخرِجُهم تَنازُعُهم في بعضِ مسائل الأحكام عن حقيقة الإيمان إذا رَدُّوا ما تَنازَعوا فيه إلى الله ورسولِه كما شَرَطه اللهُ عليهم بقوله : ( فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ) [النساء: ٥٩]؛ ولا ريبَ أنَّ الحكم المُعلَّقَ على شرطٍ ينتفي عند انتفائه. "(1)
(1) «أعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (1/ 49).
موقع الشيخ فركوس حفظه الله