منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - *في حكم*الوجبات*الخاصَّة بالأعياد البدعية*
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-01-19, 09:00   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
وافي طيب
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي *في حكم*الوجبات*الخاصَّة بالأعياد البدعية*

*شيخ فركوس حفظه الله*

*في حكم*الوجبات*الخاصَّة بالأعياد البدعية*

السؤال:

هل يجوز أكلُ الوجبةِ التي تُقَدَّمُ في الجامعاتِ بمُناسَبةِ الأعياد البدعية؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فاعْلَمْ أنَّ اللهَ تعالى أَبْطَلَ أعيادَ الجاهلية، وأَبْدَلَ أهلَ الإسلامِ*بها*عيدَيْنِ يجتمعون فيهما للذِّكْرِ والصلاةِ وهُما: عيدُ الفِطْرِ وعيدُ الأضحى؛ فقَدْ ثَبَتَ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا قَدِمَ المدينةَ وَجَدَ للأنصار يومين يلعبون فيهما ويعتبرونهما عيدَيْن؛ فقال صلَّى الله عليه وسلَّم:*«إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الفِطْرِ»(١)، كما*شَرَعَ اللهُ تعالى*لأهلِ الإسلامِ الاجتماعَ*للعبادةِ وذِكْرِ الله يومَ الجمعة ويومَ عَرَفةَ وأيَّامَ التشريق، أمَّا ما عدا ذلك فلا يجوز الاحتفالُ*به، وسواءٌ في ذلك*الأعيادُ*الدينية:كعيدِ المسيح ورأسِ السنةِ الميلادية، وعيدِ الأُمِّ، والكرِسْمِسْ للنصارى، أو عيدِ اليوبيل لليهود، وكذلك أعياد الرافضة: كعيد الغدير، وعيد المعراج، وعاشوراء، وليلةِ أَوَّلِ شعبانَ وليلةِ نصفه، وليلةِ رجبٍ وليلةِ نصفه، والاحتفالِ بالمولد النبويِّ عندهم وعند المتصوِّفة، والاحتفالِ برأس القرن الهجريِّ ونحو ذلك،والأعيادُ الأخرى:*كأعياد الميلاد، وأشباهُ*ذلك مِنْ مُحْدَثاتِ الأمورِ التي سَلَكَ فيها كثيرٌ مِنَ المسلمين طريقَ أعداءِ الله مِنَ اليهود والنصارى وأَشْباهِهم، وقَلَّدوهم في أعيادهم وأخلاقهم وسِيرَتِهم وسائِرِ أنماطِ حياتهم، قال صلَّى الله عليه وسلَّم:*«لَتَتْبَعُنَّ*سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا*شِبْرًا*وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ»، قُلْنَا: «يَا رَسُولَ اللهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟» قَالَ: «فَمَنْ»(٢).

فالواجب ـ*إذَنْ*ـ تركُ كُلِّ ما لم يَشْرَعِ اللهُ لنا مِنَ الأعيادِ وتركُ توابِعِها ومُلْحَقاتِها: كالاجتماع فيها على الدروس أو المحاضَرات أو الطعام أو إقامةِ*الأفراح؛ لأنَّ «تَوَابِعَ الشَّيْءِ مِنْهُ»، ويُلْحَقُ*حكمُه بها*جريًا على قاعدةِ: «التَّابِعُ تَابِعٌ»، وأسبابُ المنع والتحريم يمكن تلخيصُها فيما يلي:

أوَّلًا:*أنَّها مِنْ مُحْدَثات الأمور، وقد ثَبَتَ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال:*«وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِالأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(٣)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم:*«وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،[وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ]،*وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،*[وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ]»(٤)،*وقال*صلَّى الله عليه وسلَّم ـ*أيضًا*ـ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»(٥)،*وقد وَرَدَ بلفظٍ أَعَمَّ منه في قوله*صلَّى الله عليه وسلَّم:«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»([٦]).

ثانيًا:*ولأنَّ الاحتفالَ بالمواسِمِ والأعياد البدعيةِ تقدُّمٌ بين يَدَيِ اللهِ ورسولِه في اعتبارِ أيَّامٍ مخصوصةٍ لم يعتبرها الشرعُ أعيادًا، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ١﴾*[الحُجُرات].

ثالثًا:*ولأنَّ فيه تشبُّهًا باليهود والنصارى ومَنْ على شاكِلَتِهم في أعيادهم وتقاليدهم وعاداتهم، وهو نوعٌ مِنَ الموالاة لهم، وقد قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡ﴾*[المائدة: ٥١]، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم:«مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»(٧).

وعليه، فالمشارَكةُ في هذه الأعيادِ غيرِ المشروعةِ بالاجتماع على المَوائِدِ والاحتفالِ على المِنَصَّاتِ إقرارٌ بالبدعة ورضًى بما نهى اللهُ عنه، والامتثالُ لأَمْرِه والابتعادُ عن نَهْيِه هو عنوانُ محبَّةِ الله ورسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم، قال تعالى: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣١﴾*[آل عمران]، قال ابنُ كثيرٍ ـ*رحمه الله*ـ:*«هذه*الآيةُ الكريمة حاكمةٌ على كُلِّ مَنِ ادَّعى محبَّةَ الله وليس هو على الطريقةِ المحمَّدية؛ فإنه كاذبٌ في دعواه في نَفْسِ الأمرِ حتَّى يَتَّبِعَ الشرعَ المحمَّديَّ والدِّينَ النبويَّ في جميعِ أقواله وأفعاله وأحواله، كما ثَبَتَ في الصحيح عن*رسول الله*صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»»(٨).

قلت:*ويندرج ضِمْنَ العملِ المردودِ مشارَكةُ الخبَّازين وصُنَّاعِ الحلويَّات والطبَّاخين وتُجَّارِ اللحومِ البيضاء والدِّيكِ الروميِّ وغيرِهم لأجلِ إحياءِ هذه المناسَباتِ المُحْدَثَة؛ لِمَا فيها مِنَ التعاون الآثم وتجاوُزِ حدودِ الشرع، وقد نهى اللهُ عن*مِثْلِ*هذا التعاونِ*بقوله سبحانه: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٢﴾*[المائدة].

واللهَ أسألُ أَنْ يُصْلِحَ حالَ المسلمين، ويُزَكِّيَ قلوبَهم وأعمالَهُم ممَّا يُخالِفُ صفاءَ الدِّين، وأَنْ يُوفِّقَهم للتمسُّك بكتابِ ربِّهم وسُنَّةِ نبيِّهم محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم،*ولاتِّباعِ سبيلِ المؤمنين؛ إنه وَلِيُّ ذلك والقادرُ عليه.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٤ ربيع الثاني ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٢١ ماي ٢٠٠٦م









 


رد مع اقتباس