منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - العادات و تاثيرها الايجابي و السلبي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-09-10, 05:42   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المراد بالطبيعة في قولهم: إن قوة الطبيعة تدفع العلة وتبطلها .

السؤال :

يقول بعض أهل العلم في كتبهم ، وقد قرأته في كتاب "تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد" ، عبارة لم أفهمها وهي : " إن قوة الطبيعة تدفع العلة وتبطلها " ، فما معنى هذه العبارة ، وماهي الطبيعة ؟

الجواب :

الحمد لله

المقصود بالطبيعة في مثل هذا السياق: المزاج العام للشخص ، وما أودعه الله فيه من الصحة والعافية ، والقوى الجمسانية ؛ فإن المزاج القوي يقاوم العلة المرضية ويدفعها.

ومن ذلك قول ابن القيم رحمه الله: " فعلم القلب ومعرفته بذلك : توجب محبته، وإجلاله، وتوحيده فيحصل له من الابتهاج واللذة والسرور، ما يدفع عنه ألم الكرب والهم، والغم .

وأنت تجد المريض إذا ورد عليه ما يسره ويفرحه ، ويقوي نفسه ؛ كيف تقوى الطبيعة على دفع المرض الحسي، فحصول هذا الشفاء للقلب أولى وأحرى"

انتهى من زاد المعاد (4/ 187).

ومنه قول ابن مفلح رحمه الله :

" اُشْتُهِرَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَصَحَّ عَنْهُ : أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ ، وَيَقُومُ أَوَّلَ النِّصْفِ الثَّانِي ، يَسْتَاكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي وَيَدْعُو .

فَيَسْتَرِيحُ الْبَدَنُ بِذَلِكَ النَّوْمِ وَالرِّيَاضَةِ وَالصَّلَاةِ ، مَعَ حُصُولِ الْأَجْرِ الْوَافِرِ .

فَالنَّوْمُ الْمُعْتَدِلُ مُمْكِنٌ لِتَقْوَى الطَّبِيعَةُ مِنْ أَفْعَالِهَا، مُرِيحٌ لِلْقُوَى النَّفْسَانِيَّةِ مُكْثِرٌ مِنْ جَوْهَرِ حَامِلِهَا".

انتهى، من "الآداب الشرعية" (3/244) .

وفي المصباح المنير (2/ 368): " وَالطَّبِيعَةُ : مِزَاجُ الْإِنْسَانِ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْأَخْلَاطِ" انتهى.

قال الجرجاني في التعريفات ص140:

" الطبيعة: عبارة عن القوة السارية في الأجسام ، بها يصل الجسم إلى كماله الطبيعي" انتهى.

ويسمى ذلك "الطبيعة" باعتبار أن الله تعالى : " طبعه عليه" ؛ يعني : أن الله تعالى جعلها فيه بأصل الخلقة ، دون أشياء خارجية حصلت له .

قال في المصباح المنير (1/ 90):

" وَالْجِبِلَّةُ - بِكَسْرَتَيْنِ وَتَثْقِيلِ اللَّامِ - ، وَالطَّبِيعَةُ ، وَالْخَلِيقَةُ ، وَالْغَرِيزَةُ : بِمَعْنًى وَاحِدٍ.

وَجَبَلَهُ اللَّهُ عَلَى كَذَا - مِنْ بَابِ قَتَلَ - : فَطَرَهُ عَلَيْهِ.

وَشَيْءٌ جِبِلِّيٌّ : مَنْسُوبٌ إلَى الْجِبِلَّةِ ، كَمَا يُقَالُ طَبِيعِيٌّ ، أَيْ ذَاتِيٌّ ، مُنْفَعِلٌ عَنْ تَدْبِيرِ الْجِبِلَّةِ فِي الْبَدَنِ ، بِصُنْعِ بَارِئِهَا ؛ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" انتهى.

واستعمال الطبيعة في هذه المعاني متقارب ؛ وهو واضح لا إشكال فيه ، ولا حرج .

قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله ، في بيان مسالك الجمع بين ما جاء في إثبات العدوى ، وما جاء في نفيها:

" ثانيها : حمل الخطاب بالنفي والإثبات على حالتين مختلفتين ؛ فحيث جاء ( لا عدوى ) : كان المخاطب بذلك من قوي يقينه ، وصح توكله

بحيث يستطيع أن يدفع عن نفسه اعتقاد العدوى ، كما يستطيع أن يدفع التطير الذي يقع في نفس كل أحد ، لكن القوي اليقين : لا يتأثر به .

وهذا مثل ما تدفع قوة الطبيعة العلة ، فتبطلها .

وعلى هذا يحمل حديث جابر في أكل المجذوم من القصعة ، وسائر ما ورد من جنسه .

وحيث جاء : ( فر من المجذوم ) : كان المخاطَب بذلك من ضعف يقينه ، ولم يتمكن من تمام التوكل ، فلا يكون له قوة على دفع اعتقاد العدوى .

فأريد بذلك : سد باب اعتقاد العدوى عنه ، بأن لا يباشر ما يكون سببا لإثباتها .. "

انتهى . من "فتح الباري" (10/160) .

وهو أصل النص المنقول في "تيسير العزيز الحميد" (364) .

فالطبيعة هي : المزاج، والقوة التي جعلها الله في البدن، فإذا قوي ذلك دفع المرض وأبطله.

والله أعلم.









رد مع اقتباس