في شمول حكمِ حَلْقِ شعرِ المولود
للذَّكَرِ والأنثى
الشيخ فركوس حفظه الله
فالظاهر مِن الأحاديثِ التي تأمر بحَلْقِ شَعْرِ المولود أنَّها تَشْمَل الذَّكَرَ والأنثى على حدٍّ سواءٍ مِن غيرِ تفريقٍ؛ لأنَّ لَفْظَ المولودِ يَعُمُّهما لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»(١)؛ فَمَا يَثْبُتُ للرجال يَثْبُتُ للنِّساء، خاصَّةً إذا كان لفظُ الحديثِ عامًّا شاملًا لهما، ولا تخرج النساءُ مِن اللفظِ العامِّ إلَّا بدليلٍ، وهو مذهبُ بعضِ الحنابلة(٢).
ويؤكِّد هذا العمومَ ما أخرجه الإمامُ عبدُ الرزَّاقِ في «مصنَّفه»: «كَانَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُولَدُ لَهَا وَلَدٌ إِلَّا أَمَرَتْ بِهِ فَحُلِقَ ثُمَّ تَصَدَّقَتْ بِوَزْنِ شَعْرِهِ وَرِقًا»(٣)، وأولادُها ـ كما هو معلومٌ ـ: الحسنُ والحسين وأمُّ كُلْثُومٍ وزينبُ.
ويَجْدُر التنبيهُ هاهنا إلى أنَّ الحَلْق ينبغي أَنْ يَعُمَّ الرأسَ كُلَّه؛ فلا يجوز حَلْقُ بعضِ الرأس وتركُ البعضِ الآخَرِ لنهيِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن القَزَعِ كما في الصحيحين مِن حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ القَزَعِ»(٤). و«القَزَعُ» مأخوذٌ مِن تَقَزُّعِ السحاب، أي: تَقَطُّعِه، وهو على أنواعٍ منها:
١. حَلْقُ مقدِّمة الرأس وتَرْكُ مؤخِّرته.
٢. حَلْقُ الجوانب وتَرْكُ الوسط، وهذا فِعْلُ الأوباشِ والسَّفَلة.
٣. حَلْقُ وَسَطِ الرأسِ وتركُ الجوانبِ كما يفعله خُدَّامُ الكنيسةِ مِن النصارى.
٤. حَلْقُ مَواضِعَ مِن الرأس.
كُلُّ ذلك يدخل في عمومِ القَزَع؛ ولذلك إذا حَلَقَه فإنه يحلقه بكامِلِه، ولا يترك موضعًا ويَحْلِقُ موضعًا آخَرَ(٥).
موقع الشيخ