في تعيين الأفضل بين تَكْرار الحجِّ تطوُّعًا والتصدُّقِ على الفقراء
سُئِلَ شيخُ الإسلام ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ: «أيُّهما أَفْضَلُ للرجل: الحجُّ عن نَفْسِه تطوُّعًا أو عن والِدِه، أمِ الصدقةُ على الفقراء والمساكين؟» حيث قال له السائلُ في هذه الأبيات الشعرية:
مَاذَا يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَجُلٍ **** آتَاهُ ذُو العَرْشِ مَالًا حَجَّ وَاعْتَمَرَا
فَهَزَّهُ الشَّوْقُ نَحْوَ الْمُصْطَفَى طَرَبًا **** أَتَرَوْنَ الْحَجَّ أَفْضَلَ أَمْ إيثَارَهُ الفُقَرَا
أَمْ حَجَّةً عَنْ أَبِيهِ ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْ **** مَاذَا الَّذِي يَا سَادَتِي ظَهَرَا
فَافْتُوا مُحِبًّا لَكُمْ فَدَيْتُكُمُ **** وَذِكْرُكُمْ دَأَبُهُ إِنْ غَابَ أَوْ حَضَرَا
فأجاب ـ رحمه الله ـ:
نَقُولُ فِيهِ: بِأَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ مِنْ **** فِعْلِ التَّصَدُّقِ وَالإِعْطَاءِ لِلْفُقَرَا
وَالْحَجُّ عَنْ وَالِدَيْهِ فِيهِ بِرُّهُمَا **** وَالأُمُّ أَسْبَقُ فِي الْبِرِّ الَّذِي ذُكِرَا
لَكِنْ إذَا الْفَرْضُ خَصَّ الأَبَ كَانَ إذًا **** هُوَ الْمُقَدَّمَ فِيمَا يَمْنَعُ الضَّرَرَا
كَمَا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَى صِلَةٍ **** وَأُمُّهُ قَدْ كَفَاهَا مَنْ بَرَا الْبَشَرَا
هَذَا جَوَابُك يَا هَذَا مُوَازَنَةً **** وَلَيْسَ مُفْتِيك مَعْدُودًا مِنَ الشُّعَرَا
[«مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٦/ ١٠)].
موقع الشيخ فركوس حفظه الله