منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - رسالة الضبّ
الموضوع: رسالة الضبّ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-11-02, 16:09   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
اسماعيل 03
مشرف منتديات الدين الإسلامي الحنيف
 
الصورة الرمزية اسماعيل 03
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

" وليس لأحد ما لهم في وصف النبات والشجر، وتحليل مكاسرها بالعجم والغمز، وتحقيق طعومها وخصائصها وتقسيم أنواعها وتسمية مفرداتها من شَثّ وطباق وآء وتنوم وثمام وشيح وقيصوم ثم غرب وشويط ونبع وسراء ومرخ وعفار، إلى غير ذلك مما بلغوا في تصويره في أشعارهم درجة تقرب من تصويره بالألوان، وقد اضطرّ رواة اللغة ونقلتها في عهد التدوين إلى إفراد هذا النوع- وهو النبات والشجر- خاصة بالتأليف، فلأبي عبيدة والأصمعي ولأبي حاتم والنضر بن شميل ولكراع النمل ولأبي زيد الأنصاري ولكثير غيرهم كتب خصّوها وسمّوها باسم النبات والشجر.
ولإمام هذا النوع أبي حنيفة الدينوري كتاب "النبات"، وهو البحر الذي لا ساحل له، وهو مفخرة اللغة العربية بلا منازع، وهو الكنز الذي لم يرزأنا الدهر بأنفس منه ولا أثمن، ولا أغلى، وان مصيبتنا به لتفوق مصائبنا في الأعلاق الثمينة، وإن خسارتنا له لخسارة يعز عنها العوض، لولا سلوة بتلك الشذرات التي ينقلها عنه أصحاب المعاجم مباشرة أو بواسطة، وان هذه الكتب الخاصة بالنبات والشجر لبرهان مستقل قائم على مقدار اتساع هذه اللغة الشريفة وإحاطتها، ودليل من جهة أخرى على فضلها على المعارف البشرية وجواب مسكت للذين يهرفون بتنقص هذه اللغة ويرمونها بضيق العطن والقصور عن استيعاب المعارف، وتوبيخ مر لزعنفة من أبناء العرب العاقين الذين يلوون ألسنتهم بمثل هذا الكلام ويشايعون لجهلهم وفسولة أخلاقهم وانحراف أمزجتهم العربية، أعداءها على ذمها والزراية بها والتقليل من خطرها، وأنا لا أرى دواء لهذه الزعنفة التي ضلّت عن جهل إلا الاحتقار فما بفقدهم ينقص عديد العرب، ولا برطانتهم يقل شأن العربية ويخف وزنها.
وانهم عندي لأهل للرحمة بما جهلوا، لا للحسد على ما علموا، ولو علموا أو حفظوا فصلاً واحدًا مما وضعته العرب لجماعات الحيوان وطوائفه، كالأجل والرجل والسرب والعانة والقطيع إلى آخر هذا النوع أو لأصواتها- وما أكثرها- لأشرفوا على بحر لجي يجدون عنده رطانتهم ضحضاحًا غمرًا، لا يغمر كعب إنسان، ولو علموا أن العرب تقول: خطيب وَعُوع فيكون مدحًا، وخطيب وعواع فيكون ذمًا، ولهم في كل كلمة مرمى من الاشتقاق مصيب، لو علموا ذلك ونحوه من أسرار الاشتقاق، وهو باب من أبواب وفصل من كتاب وقزعة من سحاب، لأقلعوا عن غيّهم وكفّوا من غلوائهم، ولكنه الجهل يعمي ويصمي."
-3-
يتبع ...









رد مع اقتباس