منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تسلية المصاب عند فقد الأقربين والأصحاب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-05-25, 21:27   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

أكمل الهدي

أكمل الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من هديه عليه الصلاة والسلام إذا أصيب بأحد ممن يحبه أن يحزن لذلك وتدمع عينه ويسترجع ويحمد الله ويصبر على ذلك.


والناس يختلفون عند المصائب على ثلاثة أقسام:


القسم الأول: من إذا نزلت به مصيبة جزع وسخط وشق جيبه ولطم خده وأخذ يصرخ وينوح على ميته ويتسخط على أقدار الله. وهذا والعياذ بالله قد أسخط ربه وأفرح الشيطان، وشابه أهل الجاهلية وابتعد عن هدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ولم ينل الأجر بل نال الوزر، والخطيئة ولم يستفد من ذلك شيئا.


القسم الثاني: بالعكس من ذلك فإذا نزلت به مصيبة ضحك واستبشر وانشرح صدره؛ ظنًا منه أن هذا هو الذي يجب أن يفعله المسلم وأن هذا هو معنى الصبر. حتى إن بعض العارفين لما مات ولده ضحك فقيل له: أتضحك في هذه الحالة؟ قال: إن الله تعالى قضى بقضاء فأحببت أن أرضى بقضائه.


القسم الثالث: وهو الذي يجب على المسلم فعله وهو أن يرضى بقضاء الله وقدره مع حزنه على مصابه ودمع عينه من غير جزع ولا تسخط ولا اعتراض ويكثر من الحوقلة والاسترجاع والدعاء، وحمد الله.


ولذا سأل ابن القيم رحمه الله شيخه أبا العباس بن تيمية رحمه الله عن حال هذا العارف الذي ضحك عند مصابه فقال: «هدي نبينا صلى الله عليه وسلم كان أكمل من هدي هذا العارف فإنه أعطى العبودية حقها، فاتسع قلبه للرضا عن الله، ولرحمة الولد والرقة عليه، فحمد الله، ورضي عنه في قضائه وبكى رحمة ورأفة فحملته الرأفة على البكاء، وعبوديته لله، ومحبته له على الرضا والحمد، وهذا العارف ضاق قلبه عن اجتماع الأمرين ولم يتسع باطنه لشهودهما والقيام بهما، فشغلته عبودية الرضا عن عبودية الرحمة والرأفة»([1]).


وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: «الواقع أن التبسم عند المصائب لا يدل على كمال المرتبة بل يدل على نقص المرتبة وأن الإنسان أراد أن يطرد ما في قلبه من الحزن بهذا التبسم، لكن إذا الحزن لم يرد على القلب من الأصل فذلك أكمل. وعلى هذا فإن الإنسان إذا أصيب بمصيبة وحزن لها ولكنه بالنظر لقضاء الله وقدره هي عنده سواء مع عدمها فإن هذا هو الرضا، لكن كون الإنسان يصاب بمصيبة، كأن يكون له ابن ميت وهو في المقبرة يضحك أو يبتسم فهذا غير مناسب، وهذا يدل على أن قلبه لم يتحمل، وأراد أن يطرد هذا بهذا، فنقصت حاله عن حال من كان قلبه متحملاً بدون أن يوجد شيء ظاهر يطرد هذا الشيء...»([2]).

([1]) زاد المعاد (1/499).

([2]) فتاوى الشيخ محمد بن العثيمين (1/53) إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود.









رد مع اقتباس