منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أثر الزواج على الجنسية في ظل القانون الجزائري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-11, 11:34   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل الاول

الفصل الأول : اكتساب الجنسية عن طريق الزواج
عدلت المادة الثالثة من أمر 05/01 المعدل و المتمم لقانون الجنسية عنوان الفصل الثالث من أمر 70/86 ليصبح تحت عنوان "اكتساب الجنسية الجزائرية" ،و بهذا قد تفادى المشرع الخلط الذي كان ينطوي عليه قانون الجنسية السابق إذ تم تنظيم مسألة الجنسية و ثبوتها بحسب حالتها أصلية أو مكتسبة، فأصبح الأمر الآن يتعلق بالجنسية الأصلية من جهة، و اكتساب الجنسية الجزائرية من جهة أخرى ،يندرج تحتها الزواج المختلط ،و هو طريق جديد لاكتساب الجنسية الجزائرية لم يكن ينص عليه أمر 70/86 استحدثه المشرع الجزائري بموجب التعديل الجديد ،مسايرا بذلك أغلب التشريعات المقارنة التي أخذت بالنظرية المعاصرة لاستقلال الجنسية في العائلة،نظرا لما تمليه عليها معطياتها الإيديولوجية السياسية و الاجتماعية ،فمن الدول من أخذت بها بصفة مطلقة بحيث لم ترتب أي أثر لزواج الأجنبي بوطني على جنسيتها ،تاركة له بذلك سلوك طريق التجنس إن أراد اكتساب جنسية تلك الدولة ، و على النقيض من ذلك تبنى المشرع الجزائري بموجب أحكام المادة 09مكرر،الاتجاه الثاني الذي أخذ صورة أقل تشددا من الأولى بحيث جعل الأصل أنه لا أثر للزواج على جنسية الأجنبي ، بل يبقى محتفظا بجنسيته ولكن يحق له طلب اكتساب جنسية زوجه طبقا للشروط التي يقررها قانون الزوج بخصوص التجنس مع بعض التخفيف .
وعليه سنتطرق في هذا الفصل إلى دراسة ثلاث نقاط بشكل من التفصيل و الإيضاح لاسيما في ظل التعديلات التي جاء بها الأمر 05/01 نوردها في ثلاث مباحث وفق الآتي:
- شروط اكتساب الجنسية عن طريق الزواج و سلطة الدولة في تنظيم الجنسية(المبحث الأول).
- آثار اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج (المبحث الثاني).
- إشكالية تعدد الجنسيات التي يثيرها الزواج المختلط(المبحث الثالث).






المبحث الأول: شروط اكتساب الجنسية عن طريق الزواج و سلطة الدولة في تنظيم الجنسية
هجر المشرع الجزائري بموجب أحكام المادة 09 مكرر من أمر 05/01 مبدأ استقلالية الجنسية المطلقة في العائلة و تبنى اتجاها وسطا بين نظريتي التبعية و الاستقلال في الجنسية ،إذ نص على إمكانية اكتساب الزوج الأجنبي جنسية زوجه الجزائرية متى توافرت جملة من الشروط ، إلا أنه قد يثور تساؤل فيما يخص مدى حرية الدولة في تنظيم قواعد جنسيتها و منحها فهل هي مقيدة أم حرة في ذلك،هذا ما سنحاول الإجابة عنه في المطلبين التاليين:
المطلب الأول: شروط اكتساب الجنسية عن طريق الزواج
مكن المشرع الجزائري ، الزوج الأجنبي سواء كان رجلا أو امرأة اكتساب الجنسية الجزائرية بسبب الزواج متى توفرت مجموعة من الشروط تشبه إلى حد بعيد الشروط المطلوبة لاكتساب الجنسية عن طريق التجنس،لكن بشكل مخف نوردها في الفرعين التاليين بشكل من التفصيل:
الفرع الأول: الشروط المتعلقة بالزواج المكسب للجنسية
اشترط المشرع الجزائري أن تتوفر عدة شروط في الزواج المختلط حتى يؤثر على الجنسية و يكون سببا في اكتساب الزوج الأجنبي الجنسية الجزائرية،نتناولها فيما يأتي:
1- أن يكون زواجا صحيحا، و قائما منذ ثلاث سنوات على الأقل:
نص المشرع الجزائري في الفقرة الأولى من المادة09 مكرر من أمر05/01 على شرطين حتى يتمكن الزوج الأجنبي من اكتساب جنسية زوجه الجزائري سواء كان رجلا أو امرأة يتمثلان في صحة الزواج و استمراره لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات.
ففيما يخص صحة الزواج نص المشرع على أن يكون الزواج قانونيا، بمعنى أن يكون قد تم صحيحا مستوفيا لجميع أركانه و شروطه طبقا لما يستلزمه القانون المختص.
و حيث أن صحة الزواج بين مختلفي الجنسية يثير مسألة تحديد القانون الذي يرجع إليه للفصل في مسألة صحة هذا الزواج، فهل يرجع إلى القواعد الداخلية في القانون الجزائري أو لقواعد تنازع القوانين؟
ذهب فريق من الفقه إلى القول بوجوب انعقاد الزواج صحيحا وفقا للقانون الجزائري أي وفق أحكام قانون الأسرة الجزائري حتى يرتب أثره بالنسبة لجنسية الزوج الأجنبي، كون أن هذه المسألة تتعلق بالقانون العام مادام أن المشرع رتب على الزواج الصحيح إمكانية اكتساب الجنسية الجزائرية، و بهذا المفهوم لا يعتبر تقدير انعقاد الزواج و صحته من مسائل القانون الخاص لأن هذا الأمر يتعلق بسيادة الدولة و مصالحها العليا ومنه لا يمكن إخضاع مسألة صحة الزواج أو بطلانه، ولو بطريق غير مباشر إلى قانون دولة أجنبية.
و أما الفقه الراجح ذهب إلى اعتبار مسألة التحقق من صحة انعقاد الزواج مسألة أولية تخضع سواء من حيث الشكل أو من حيث الموضوع للقانون المختص بمقتضى قواعد الإسناد الجزائرية سواء كان هذا القانون هو القانون الوطني أو قانون الزوج الأجنبي أو القانونين معا .
و بالرجوع إلى قواعد الإسناد الجزائرية نجد أن المشرع الجزائري يميز بين قاعدة الإسناد الواجبة الإعمال على الشروط الموضوعية للزواج و قاعدة الإسناد الواجبة التطبيق بصدد الشروط الشكلية للزواج، بالإضافة إلى قاعدة الإسناد الخاصة بالأهلية.
فقد أخضع الشروط الموضوعية للزواج لقانون جنسية كل من الزوجين طبقا لنص المادة11 من القانون المدني، إلا أن هذه القاعدة ليست مطلقة بل يقيدها الحكم الوارد في المادة 13 من نفس القانون و مفاده أنه لو كان أحد الزوجين جزائريا وقت انعقاد الزواج فإن القانون الجزائري هو الذي يطبق.
و لما كان أحد الزوجين بخصوص كسب الجنسية الجزائرية بالزواج، حتما جزائريا، فإن القانون الجزائري وحده هو المرجع في تقدير صحة الزواج من عدمه على ضوء أحكام قانون الأسرة الجزائري.
بينما قد أخضع المشرع الجزائري صحة عقد الزواج من الناحية الشكلية لإحدى القوانين التي حددتها أحكام المادة 19 من القانون المدني كان يكون صحيحا طبقا لقانون البلد الذي أبرم فيه عقد الزواج، أو قانون المواطن المشترك للمتعاقدين أو لقانونهما المشترك أو لقانون الذي يسري على أحكامه الموضوعية.
و أما شرط أهلية الزواج، فإنه يخضع وفقا لقواعد الإسناد المقررة في المادة 10 من القانون المدني إلى القانون الجزائري بالنسبة لأهلية الزوج الجزائري و إلى القانون الأجنبي بالنسبة إلى أهلية الزوج الأجنبي، فلم يرد المشرع استثناءا في هذا المجال.
إلى جانب وجوب انعقاد الزواج قانونيا وفقا لقواعد الإسناد الجزائرية ، استلزمت الفقرة الأولى من المادة 09 مكرر أن يكون الزواج قائما فعليا منذ ثلاث سنوات على الأقل عند تقديم طلب التجنس.
و تكمن الحكمة من تقرير هذا الشرط في إعطاء للجهة المختصة الفرصة الكافية للتعرف على هوية الأجنبي و كذا الاستدلال على جدية العلاقة الزوجية و قابليتها للدوام، حتى يتسنى لها انتقاء الحالات التي يتخذ فيها الزواج مجرد حيلة للانضمام إلى المجتمع الوطني للقيام بنشاط سياسي أو اجتماعي لا يتفق و مصلحة البلاد.
و تجدر الإشارة أن معظم التشريعات المقارنة تشترط استمرار قيام الزوجية فترة معينة، مع اختلافها في تحديد هذه المدة تبعا لحاجة الدول أو عدم حاجتها للسكان، و بهذا نجد بعضها يقصر هذه المدة و البعض الآخر يفضل إطالتها.
فالقانون الكويتي مثلا تشدد و أطال المدة، باشتراط مدة خمس سنوات من تاريخ إعلان المرأة رغبتها في الحصول على جنسية زوجها الكويتية، إلا انه و تداركا لهذه القسوة أجاز القانون لوزير الداخلية أن يعفي الأجنبية المتزوجة من كويتي من كل هذه المدة أو بعضها على سبيل الاستثناء مراعاة لارتباط المرآة و ظروفها.
أما القانون العراقي اشترط لتقديم الأجنبية غير العربية المتزوجة عراقي طلب الحصول على جنسية زوجها مضي ثلاث سنوات على الزواج، في حين أعفى العربية من شرط استمرارية الزواج، ففي مقدورها تقديم الطلب في أي وقت تشاء أثناء قيام الزوجية.
بينما أخضع القانون الليبي المرأة غير العربية المتزوجة من ليبي إلى شرط استمرار الزواج سنتين بعد اكتسابها الجنسية الليبية فإذا انتهت الزوجية قبل اكتمال هاتين السنتين يمكن للدولة سحب الجنسية لذا اعتبر البعض هذا الشرط، شرط سحب الجنسية لا لاكتسابها.
و أما المشرع الجزائري اشترط استمرار الرابطة الزوجية مدة ثلاث سنوات عند تقديم طلب التجنس في حين أنه في ظل قانون 63/96 كانت المدة المشترطة بنص المادة 12 منه لاكتساب الزوجة الأجنبية جنسية زوجها الجزائري بسبب الزواج لا تتعدى ستة أشهر.
و يستدل على استمرارية الرابطة الزوجية لمدة ثلاث سنوات فما فوق بمستخرج من سجلات الحالة المدنية أو بموجب حكم في حالة عدم تسجيله إذا أبرم الزواج في الجزائر.
أما إذا أبرم عقد الزواج في الخارج فإنه يثبت بعقد الزواج المبرم في البلد الأجنبي أو بمستخرج من السجلات القنصلية إذا حرره الأعوان الدبلوماسيون و القناصل طبقا للقانون الجزائري.
و عليه يعد عقد الزواج مستمرا ما لم يصدر حكم يقضي بالطلاق مؤشر عليه على هامش العقد، و ما لم يتوفى أحد الزوجين قبل انقضاء مدة ثلاث سنوات، إذ ليس بمقدور الزوج الأجنبي الحصول على جنسية زوجه الجزائري إذ انتهت العلاقة الزوجية بالوفاة أو الطلاق قبل انقضاء هذا الأجل.
2- أن يكون زواجا مختلطا:
يعتبر الزواج المختلط من أقدم الظواهر الاجتماعية التي عرفتها البشرية و يعود السبب في ذلك إلى حاجة الناس الأزلية للتنقل خارج حدود بلادهم لقضاء حاجاتهم كالتجارة ، الدراسة ، العمل أو السياحة ......إلخ.
وقد شغلت هذه الظاهرة بال الكثير من الفقهاء و المفكرين لاسيما رجال القانون و الاجتماع الذين حاولوا أن يعطوا للزواج المختلط تعريف دقيق و مناسب.
فعرفه الكاتب ياسين شايب على أنه : " الاتحاد الذي يعقد بين طرفين مختلفي الثقافة و الجنسية و الديانة ".
كما عرفه اللواء محمد فتحي قاضي كون: " الزواج عقد يربط أحد الزوجين بالآخر برباط قانوني و اجتماعي، و إذا تم بين زوجين مختلفي الجنسية سمي بالزواج المختلط"
وعرفه آخر على أنه: " الزواج الذي ينتمي إليه كل أطرافه إلى جنسية مختلطة، و هذا الاختلاف يتحقق ساعة إبرام الطرفين لعقد الزواج "
تعكس لنا هذه التعاريف التطور التاريخي لفكرة الانتماء ، فقد كان في بداية الأمر قبل ظهور مفهوم الجنسية بالمعنى القانوني المتعارف عليه الآن الدين هو الضابط الذي يحدد على أساسه انتماء الشخص، و الدليل على ذلك معرفة ونص الديانات السماوية على الزواج المختلط.
فالشريعة اليهودية قد حرمت و أبطلت بكل مذاهبها كل عقد زواج يكون أحد طرفيه يدين بغير اليهودية حتى لا يختلط و لا يضيع العرق الإسرائيلي و هذا رغم زواج سيدنا إبراهيم مع هاجر المصرية.
أما الشريعة المسيحية بجميع مذاهبها اعتبرت الزواج المختلط باطلا كأصل عام، لكنها أجازته استثنائيا متى توفرت بعض الشروط تضمن بقاء الطرف المسيحي على دينه، و كذا تربية الأولاد على هذه الديانة.
أما فيما يخص الشريعة الإسلامية السمحاء فقد نصت في القرآن الكريم على الزواج المختلط و قيدته بشروط مضبوطة و محكمة إذا أباحت زواج المسلم دون المرأة المسلمة بغير مسلم
1- حكم زواج المسلم :
أجاز الجمهور زواج المسلم من المرآة الكتابية، أي التي تعتنق دينا سماويا، ولها كتاب منزل سواء كانت ذمية أو حربية .
لكن ذهب غالبية الفقه إلى اعتبار زواج المسلم من الكتابية المستوطنة ي دار الحرب مكروها، إذ يخشى منه إفشاء سر المسلمين.
و أما زواج المسلم بالشركة بالمشركة محرم لقوله لقوله تعالى: " و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ، و لا أمة مؤمنة خير من مشركة و لو أعجبتكم "
والحكمة من التحريم تكمن في كون أن هذا الزواج لا يحقق الهدوء و السكينة المنشودين من الزواج عادة ، كما أن الزوجة يمكنها الخيانة بسهولة مادامت لا تؤمن بأي كتاب و لا بوحدانية الله.
2- حكم زواج المسلمة بغير مسلم :
اتفق جمهور الفقهاء على عدم زواج المسلمة بغير المسلم سواء كان كتابي أو مشرك استنادا لقوله تعالى : " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ، ولا عبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار، و الله يدعو إلى الجنة و المغفرة بإذنه، و يبين آيات للناس لعلهم يتذكرون"
و الحكمة من هذا التحريم المطلق التأكد على سمو المرأة المسلمة، و كذا خوفا من ردتها كون المرأة سريعة التأثر.
لكن مع مرور الزمن و التطور القانوني و الفقهي في مجال القانون الدولي الخاص استبدل الضابط الديني بفكرة الجنسية القانونية كالأساس الوحيد الذي يبين ارتباط الفرد بدولته في عقد الزواج المختلط بعيدا عن الاعتبارات الدينية لاسيما مع ظهور الدول اللائكية.
وقد تضاعفت مؤخرا نسبة الزواج المختلط مع تطور وسائل النقل لاسيما بين دول المغرب العربي و الدول الغربية الأوروبية خاصة فرنسا ، ويعود ارتفاع هذه النسبة لعدة أسباب منها:
1- الأسباب السياسية :
مثالها تشجيع الاستعمار الفرنسي عند احتلاله بلدان المغرب العربي الزواج المختلط بين المواطنين الأصليين و المستعمرين، و ذلك عن طريق مشروع "Soustelle"، إذ كان يعفيهم من الضرائب و يقدم لهم أراضي و مساعدات مالية بهدف محو الفوارق الدينية و الثقافية و لاسيما أن الأطفال المنحدرين من هذا الزواج سيكون أكثر تفتحا للثقافة الغربية.


2- الأسباب الاقتصادية:
أهم هذه الأسباب:
أ- هجرة مواطني دول الجنوب إلى دول الشمال هروبا من الفقر و تدني المستوى المعيشي في بلادهم لكسب الرزق إذ غالبا ما تتوج هذه الهجرة بزواج هؤلاء مع الأجنبيات حتى يتسنى لهم تسوية وضعيتهم القانونية.
ب- استغلال الدول الاستعمارية الظروف الاقتصادية و الاجتماعية المتدهورة للدول المستعمرة بسبب النهب و الفقر و الحرمان لإجبار أبنائها إلى الهجرة كسياسة لجلب اليد الرخيصة و مساعدتها في نمو اقتصادها، و أحسن مثال على ذلك ما فعلته فرنسا مع الجزائريين خلال فترة الاحتلال الفرنسي.
هذه الهجرة غالبا ما تؤدي إلى اندماج أولاد المهاجرين في المجتمع الأوربي و ما يحتوي على عادات و تقاليد.
وهذا الاندماج أدى بدوره إلى كثرة ظاهرة الزواج المختلط إذ سجل في سنة 1930 سبعمائة (700) حالة زواج مختلط في العاصمة الفرنسية و 10% من الجزائيين يعيشون كخلان مع الفرنسيات.
3- الأسباب الاجتماعية :
هناك عدة عوامل اجتماعية تؤدي إلى ربط آلاف الرجال و لنساء من مختلف أنحاء العالم رغم الاختلاف الحضاري و الثقافي و الديني الذي غالبا ما يؤدي إلى الطلاق، كالهجرة للعمل، للدراسة أو السياحة في فترة العطل إذ يسهل التعارف في هذه المواقف، و أحيانا تتوج هذه المعرفة بزواج مختلط.
إلى جانب هذه الأسباب العامة هناك أسباب خاصة تختلف من بلد إلى آخر، ومن جنس لآخر، و على العموم تنحصر هذه الأسباب لدى بلدان المغرب العربي فيما يلي :
أ – بالنسبة للرجال:
يلجأ رجال المغرب العربي للزواج المختلط غالبا للأسباب التالية :
* الهروب من غلاء المهور.
* للتباهي أما الأصدقاء بجمال و أناقة زوجته الأجنبية
* لتفتح المرأة الأجنبية مقارنة بنساء الوطن العربي اللاتي يتمتعن بالحياء.
* ركب الحضارة الأوروبية و التقدم و الرقي .

ب – أما بالنسبة للنساء :
سجلت الإحصائيات أن ربع النساء المسلمات من المغرب العربي المقيمات في أوربا يتزوجن برجال غير مسلمين للأسباب التالية:
غالبا ما تعتقد نساء المغرب العربي زواجا مختلطا بدافع خيبة الأمل نتيجة غربة طويلة، و للهروب من العنوسة
بحثا عن معاملة احترام و مساواة في كل الميادين، إذ يتمتع الرجال الأجنبيين بالتفتح بالنتيجة يعطون للمرأة حرية كبيرة مقارنة بالعرب
الفرع الثاني: الشروط المتعلقة بالدولة و طالب الجنسية
بالإضافة إلى الشروط الواجب توافرها في الزواج المختلط ،يجب أن تتوفر شروط أخرى تتعلق إحداها بالدولة و أخرى تتعلق بطالب الجنسية الجزائرية نتعرض لها فيما يأتي:
1- الإقامة المعتادة و المنتظمة:
يعتبر شرط الإقامة من أهم الشروط لاكتساب الجنسية عم طريق الزواج ذلك على الصعيدين الداخلي و الدولي .
بحيث تتجلى الحكمة من هذا الشرط على الصعيد الداخلي كونه يعبر بشكل صريح عن الرابطة الموجودة بين الأجنبي طالب الجنسية و الدولة باعتبار الإقامة " رابطة حقيقية و واقعية بين الدولة و المتجنس "
فمن شأن هذا الاستقرار أن ينير و يمنح السلطات المختصة من خلال هذه الفترة التجريبية فرصة لمراقبة سلوك طالب الجنسية و مدى اندماجه في لمجتمع الجزائري و درجة تراخي روابطه بالدولة الأجنبية.
فأما على الصعيد الدولي فالإقامة تمنح لرابطة الجنسية واقعية و حجية في مواجهة الدول الأخرى، بحيث دون هذا الشرط لا توجد أية رابطة تبرر منح الدولة جنسيتها لطالبها ، إذ لا يمكن لدولة أن تفرض جنسيتها لشخص غير مقيم فيها لأن ذلك يشكل مساس بحقوق دولة ذلك الأجنبي .
وقد نص المشرع الجزائري على هذا الشرط ضمن الفقرة الثانية من المادة 09 من أمر 05/01 بقولها : "الإقامة المعتادة و المنتظمة بالجزائر مدة عامين (02) عل الأقل". و الإقامة المقصودة في هذا المقام هي تلك الإقامة المتكونة من عنصرين أحدهما مادي متمثل في الإقامة الفعلية و الحقيقية بالجزائر و أما الثاني فهو معنوي يتمثل في توافر نية الاستقرار عليها .
واشترط المشرع الجزائري أن تستمر هذه الإقامة عامين كحد أدنى، في حين أنه اشترط مدة سبع (07) سنوات على الأقل لطالب التجنس إذن خفف المشرع من شدة شروط الحصول على الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج مقارنة للحصول عليها عن طريق التجنس ذلك مراعاة لظروف الزوجين و حرصا على الوحدة العائلية.
و تتباين مدة الإقامة من دولة لأخرى حسب السياسة السكانية و مصالح كل واحدة فبعض الدول تطيلها و أخرى تقللها.
و الأصل أن تكون مدة الإقامة مستمرة و منتظمة لا يشوبها أي انقطاع لكن استقر الفقه على أن الانقطاع المؤقت للإقامة لظروف خاصة مادامت هذه الغيبة عارضة أو طارئة كالسفر للخارج للسياحة أو العلاج أو الدراسة لا يقطع الإقامة طالما اقترن السفر بنية العودة إلى الجزائر، بمعنى أن المسافر مازال ينوي الاستقرار بالجزائر.
و قضت محكمة القضاء الإداري بمصر في هذا الصدد على أن الإقامة العادية :" لا تستلزم البقاء على الأراضي المصرية طول المدة المشار إليها في هذه المادة (10 سنوات) و لا يتنافى معها السفر إلى الخارج لأغراض مؤقتة كطلب العلم أو الاستشفاء أو التجارة مادامت نية العودة إلى الديار المصرية واضحة لا شبهة فيها ".
و أما نية الاستقرار أو العودة إلى الجزائر فهي مسألة موضوعية يستنبطها قاضي الموضوع من الظروف الملابسة لكل حالة على حدا كأن يسجل طالب الجنسية الجزائرية أبناءه في المدارس الجزائرية أو يقيم مشروع استثماري بها.
يرى بعض الفقهاء أن غياب الأجنبي عن الجزائر لقيام قوة قاهرة تمنع الأجنبي طالب الجنسية من العودة للجزائر أو السفر الأجنبي لدولته لقيام بواجبه نحوها كأداء الخدمة الوطنية مثلا لا يعد انقطاع للإقامة مادامت نية العودة متوفرة لديه، ويمكن استخلاص وجود هذه النية من خلال عودته بعد زوال القوة القاهرة ،أو أداء الواجب الذي تغيب لأجله.
كما أنه و رغم عدم نص المشرع الجزائري صراحة على مشروعية الإقامة إلا أنه يشترط أن تكون هذه الأخيرة مشروعة و مرخص بها كي ترتب أثارها بمعنى انه يجب أن يكون الأجنبي قد دخل الجزائر و أقام فيها وفقا لتنظيم الساري المفعول بالنسبة للأجانب على أرض الجزائر، و بالتالي فالإقامة الغير المشروعة لا يعتد بها مهما طالت مدتها.
لكن هناك تيار فقهي يرى عكس ذلك أي عدم ضرورة اشتراط مشروعية الإقامة بحجة أن الحكمة من الإقامة هو التأكد من اندماج الأجنبي في الجماعة الوطنية و هذه الحكمة يكفي لتحققها الإقامة الفعلية.
كما يضيف أن الاكتفاء بالإقامة الفعلية دون شرعيتها لا يؤدي إلى عناصر غير مرغوب فيها للدولة، لأن المشرع أضاف شروط أخرى للحصول على الجنسية خاصة أن قرار موافقة أو رفض الطلب يعود في الأخير للسلطة المختصة في الدولة.
غير أنه يمكن نقد هذا الرأي بالقبول بالإقامة الشرعية لا تمكن الفرد من الاندماج في المجتمع لأنه يعيش في قلق و خوف دائم من أن يقبض عليه، و بالتالي لا يمكنه المشاركة في الحياة الاجتماعية.
كما أن الدولة لا يمكنها مراقبة مدى اندماجه في المجتمع طوال المدة التي أقامها كون أن السلطات لا تعلم بوجوده على أرض الوطن و من المعروف أن هذه الفئة من المهاجرين غالبا ما يضطرون للسرقة أو القيام بأعمال الشغب للعيش، فإذا سلمنا بهذا الرأي سنفتح المجال للهجرة السرية.
و تجدر الملاحظة أن الشريعة الإسلامية رتبت بدورها على زواج المسلم أو الذمي بغير المسلمة اكتسابها الجنسية الإسلامية متى توافر شرطان يتمثلان في:
• صحة الزواج و قيامه وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
• التوطن الدائم أي استقرار الزوجة في دار الإسلام بحيث إذا بقيت في دار الحرب لا تحصل على الجنسية و لو كان زوجها مسلما.
و نستخلص أن معرفة المجتمع الإسلامي لحكمة الإقامة ما هو إلا دليل قاطع على تكامل و شمولية الشريعة الإسلامية الحنفية.
2- الشرطين الخاصين بحماية الدولة:
يضم هذين الشرطين حسن السيرة و السلوك و القدرة على تغطية نفقات المعيشة المنصوص عليهما في الفقرات 3، 4 ،5 من المادة 09 من أمر 05/01.
و الهدف من تقرير هذين الشرطين هو حماية سلامة المجتمع الجزائري من الناحية الأخلاقية و المادية، لذا اشترط المشرع الجزائري:
- من الناحية الأخلاقية: أن يتمتع الأجنبي بحسن السيرة و السلوك و ذلك حرصا منه على استبعاد العناصر غير الصالحة ذات السمعة السيئة و الأخلاق الرديئة كونها قد تشكل خطورة تهدد أمن و هدوء المجتمع.
فضلا على أن حسن السمعة و السلوك دلائل تعبر عن صلاحية الشخص للانضمام إلى المجتمع الجزائري و مدى اندماجه فيه.
وتجدر الملاحظة أن المشرع الجزائري لم ينص على شرط عدم سبق الحكم على الأجنبي بعقوبة مخلة بالشرف عكس ما فعل بالنسبة لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق التجنس.
و في رأينا من الأحسن لو أشار المشرع إلى الماضي الإجرامي للأجنبي صراحة حتى و لو كان هذا الأخير يدخل ضمن سوء الخلق لأن ذلك من شانه أن يزيد نوع من التأكيد على أهمية هذا الشرط، خاصة أن المعيار المعتمد لتقدير حسن السيرة و السلوك نسبي غير واضح و يشوبه نوع من الغموض، و هو بذلك يعود إلى قناعة السلطة التنفيذية البحتة التي تستند في ذلك إلى تقارير مقدمة لها، عكس الأساس المعتمد عليه لمعرفة الماضي الإجرامي للأجنبي فهو واضح و سهل اكتشافه بما أنه يكفي الرجوع لذلك إلى صحيفة السوابق العدلية للأجنبي.
و لربما أن المشرع الجزائري قد أسقط تلك الفقرة سهوا، بما أنه في الفقرة الخامسة من المادة 09 من أمر 05/01 قد نص على أنه" يمكن ألا تؤخذ بعين الاعتبار العقوبة الصادرة في الخارج."
فبمفهوم المخالفة نستنتج أن المشرع قد أخذ بشرط عدم إدانة الأجنبي بعقوبة ضمنا كدليل لسوء السيرة و السلوك، غير أنه لم يبين لا نوع الجريمة المعاقب عليها إن كانت جنحة أم جناية و لا موضوعها إن كانت مخلة بالشرف أم لا بل اكتفى بالتأكيد على السلطة المطلقة الممنوحة للسلطة المختصة لتقدير حسن السيرة و السلوك، مبينا أنه يمكنها أن تتجاهل الأحكام الجزائية الصادرة ضد الأجنبي بالخارج.
و نلاحظ أن المشرع الجزائري لم يتطرق إلى مسألة رد الاعتبار للأجنبي مع أن غالبية التشريعات قد تعرضت لهذه لمسألة و جعلت الحكم كأن لم يكن كالتشريع المصري مثلا.
- و أما من الناحية المادية : فقد اشترط المشرع أن يثبت طالب الجنسية الوطنية الوسائل الكافية للمعيشة و تكمن الحكمة من سن هذا الشرط في التأكد من أن طالب الجنسية الوطنية لن يكون عبئ على المجتمع الجزائري، فلا يعقل أن تمنح الدولة الجزائرية جنسيتها لأشخاص ليس لهم مورد ثابت كونهم يشكلون خطرا على المجتمع الوطني فيمكن أن يرتكبوا جرائم السرقة و النصب.
و يقصد بهذا الشرط أن يثبت الشخص قدرته على الكسب المشروع كاحترافه حرفة أو تجارة أو إقامته مشروع، أو أن يثبت أن بحوزته مبلغ معين من الأموال يسد حاجته و حاجة من يعولهم دون الإعتماد على الدولة.
و أما بالنسبة للدول التي تتوفر على فرص العمل فتكتفي عادة بإثبات القدرة على الكسب المشروع كأن يقدم الأجنبي شهادات تمكنه من الحصول على عمل.
و تجدر الملاحظة أن هذا الشرط ينطبق كذلك على المرأة الأجنبية التي تود اكتساب جنسية زوجها الأجنبي بسبب الزواج، فعليها أن تثبت الوسائل الكافية لمعيشتها، و لو أن نفقتها تقع على زوجها الجزائري طبقا لقانون الأسرة الجزائري، ذلك أنه من الممكن أن يكون زوجها الجزائري معوز أو متكفلا به فيما يتعلق بنفقته و مستلزماته.
3- تقديم الزوج الأجنبي طلب لاكتساب الجنسية الجزائرية بالزواج
لم يرتب المشرع الجزائري على الزواج من جزائري أو جزائرية أثرا مباشرا على جنسية الزوج الأجنبي، إذ لم يجعل من واقعة الزواج أثر بقوة القانون بشأن اكتساب الجنسية الوطنية للزوج الأجنبي ،فلا تفرض الجنسية الجزائرية تلقائيا على الزوج الأجنبي سواء كان رجلا أو امرأة جنسية زوجه الجزائري كأثر للزواج خلال فترة معينة من إبرام عقد الزواج ،بل قيد المشرع الجزائري اكتساب الزوج الأجنبي اكتساب الزوج الأجنبي الجنسية الجزائرية بالزواج بتوافر ثلاثة عناصر أساسية.
يتمثل العنصر الأول في إبرام عقد زواج بين جزائري و أجنبي و توفر الشروط السالفة الذكر.
و أما الثاني يتمثل في إعلان الزوج الأجنبي عن رغبته في اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق تقديم طلب إلى وزير العدل مشفوعا بالمستندات و الوثائق التي تثبت استفاء الشروط القانونية.
و تجدر الإشارة أن المشرع الجزائري لم يشترط بلوغ الزوج الأجنبي سن الرشد عند تقديمه طلب اكتساب جنسية زوجه الجزائري عكس ما فعل بخصوص التجنس بموجب أحكام المادة العاشرة من قانون الجنسية الجزائرية.
لذا ذهب البعض من الفقهاء إلى القول أنه يكفي أن يتمتع الزوج الأجنبي بالأهلية اللازمة لانعقاد الزواج صحيحا عند إعلان الرغبة في اكتساب الجنسية الجزائرية.
و ذهب البعض الآخر من الفقهاء إلى القول بوجوب بلوغ الزوج الأجنبي سن الرشد عند تقديمه طلب اكتساب جنسية زوجه الجزائرية كون أن هذا الطلب يعد تصرفا قانونيا يتطلب بلوغ سن الرشد.
و نحن نميل إلى الرأي الثاني نظرا لأهمية و خطورة آثار اكتساب الجنسية على الشخص، إذ أنه يكون بموجبها أهلا لتحمل الأعباء العامة.
و لعل سبب عدم ذكر المشرع هذا الشرط يعود إلى بداهة الأمر، كون أنه في أغلب الأحيان إن لم يكن الزوج بالغا سن الرشد وقت إبرام الزواج كأن يرخص له بذلك، فإنه بعد مرور ثلاث سنوات اللازمة لتقديم الطلب يكون قد بلغ سن الرشد.
مع الملاحظة أن المشرع الجزائري لم يشترط في ظل قانون 63/96 بلوغ الأجنبية سن الرشد وقت الإعلان عن رغبتها في كسب جنسية زوجها الجزائري، إذ نص صراحة في المادة 12 أنه يمكن للمرأة القاصرة أن تعلن في رغبتها في ذلك بدون ترخيص.
و أما العنصر الثالث و الأخير يتمثل في موافقة الدولة الجزائرية صراحة على طلب الدخول في جنسيتها بصدور مرسوم يتضمن قبول الطلب.
إلا أن الدولة لا تقبل الطلب كلما توافرت الشروط القانونية المطلوبة، كون أن المشرع الجزائري اعتبر اكتساب الجنسية الجزائرية بالزواج منحة و ليس حق للشخص تمنحها الدولة متى شاءت، هذا ما سنتطرق له بالتفصيل في المطلب الموالي.
المطلب الثاني: سلطة الدولة في تنظيم الجنسية
باعتبار الدولة أحد أشخاص القانون الدولي العام، فهي تتمتع بالشخصية الدولية، و هذه الصفة تخول لها وحدها سلطة منح جنسيتها لرعاياها لتحديد ركن من أركان قيامها وهو الشعب.
لكن هل الدولة حرة أم مقيدة في تنظيم قواعد جنسيتها ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في الفرعين التاليين:

الفرع الأول : مبدأ حرية الدولة في تنظيم الجنسية
الأصل أن كل دولة حرة في وضع قواعد تنظيم جنسية رعاياها و هذه الحرية تستند إلى المنطق مادام رعايا الدولة يمثلون أحد أركانها التأسيسية و هم الذين تمارس عليهم سيادة الدولة.
فبمقتضى هذا المبدأ يحق لكل دولة أن تضع القواعد القانونية المناسبة لأسسها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية مراعية في ذلك أيضا سياستها السكانية و الديمغرافية دون مراعاة القواعد الداخلية للدول الأخرى في هذا الصدد، كما أنه على الدول الأخرى احترام هذا التشريع.
ومنه فلهذا المبدأ مظهران ، أحدهما داخلي يتمثل في اعتبار الجنسية نظام قانوني يستقل المشرع وحده بوضع قواعد الجنسية الوطنية فيحدد أساس قيام الجنسية الأصلية فيبنيها إما على رابطة الدم أو الإقليم أو على الرابطتين معا، كما يبين شروط منح الجنسية المكتسية تشديدا أو تسهيلا حسبما إذا كانت الدولة مصدرة أو مستوردة للسكان و يحدد أخيرا أسباب فقد الجنسية و التجريد منها.
وقد أكدت كل الدول على هذا المبدأ في مواثيقها الأساسية كالمادة 30 من الدستور الجزائري و المادة 30 من القانون المدني الجزائري و المادة 01 من قانون الجنسية الحالي .
وثانيهما مظهر دولي يتضح من ٌقرار القانون الدولي حق الدولة في الاختصاص التشريعي لتحديد وطنييها بما يتفق مع مصالحها، فعلى الدول الأخرى احترام تشريعها الداخلي ، بحيث لا يحق لأي دولة أخرى مهما كانت عظمتها أو قوتها أو درجة تطورها أو أي منظمة عالمية أو إقليمية أن تفرض على مواطني دولة جنسية غير جنسيتها و ذلك لاعتبارات سياسية مؤداها السيادة الإقليمية و الشخصية للدولة .
وقد كرس هذا المبدأ الفقه و القضاء الدوليين، إذ نصت المادة الأولى من اتفاقية لاهاي المنعقدة بتاريخ 12/04/1930 الخاصة بتنظيم بعض مسائل التنازع في الجنسية على أنه "لكل دولة الحق في تحديد وطنيتها بتشريعها الداخلي......"
وتبنى القضاء الدولي هذا المبدأ حيث أصدرت محكمة العدل الدولية الدائمة في 07/02/1920 الرأي الاستشاري رقم 04 بصدد النزاع الفرنسي البريطاني المتعلق بمراسيم الجنسية في كل من تونس و المغرب و الذي أقرت فيه "......في الوضع الحالي للقانون الدولي العام، فإن مسائل الجنسية تدخل من حيث المبدأ في المجال المخصص لقانون كل دولة "
لكن حرية الدولة في منح جنسيتها محاطة بعدة قيود يقرها القانون الدولي العام نتطرق لها في الفرع الموالي.

الفرع الثاني: القيود الواردة على مبدأ حرية الدولة في تنظيم الجنسية :
إذا كانت حرية الدولة في وضع قواعد جنسية رعاياها أمر مسلم به و مؤكد في نظر مبادئ القانون العام لتعلق الجنسية بكيان الدولة، فإن الجنسية ليست أمر داخلي بحت يهم الدولة التي تنظمها فحسب، بل تهم النظام الدولي كذلك كونها الأداة القانونية لتوزيع الأفراد بين الدول المختلفة.
و لذلك فمن شأن إطلاق هذه الحرية خلق اضطراب في توزيع الجنسيات، إما عن طريق تعددها للشخص الواحد أو انعدامها.
ولحماية الأفراد من هاتين الظاهرتين –الانعدام و التعدد– فرض القانون الدولي قيود على حرية الدول في مادة الجنسية، حيث نصت اتفاقية لاهاي المنعقدة سنة 1930 على عدة قيود في الجزء الثاني من نص المادة الأولى بقولها: " ....على كل دولة احترام هذا التشريع الداخلي بشرط أن يكون متماشيا مع الاتفاقيات الدولية و العرف الدولي و المبادئ المعترف بها على العموم في مادة الجنسية ".
وعليه فهذه القيود إما أن تكون قيود اتفاقية أة غير اتفاقية مستمدة من العرف الدولي.
1- القيود الاتفاقية : تنص المادة الأولى من اتفاقية لاهاي المبرمة في 12/04/1930 المتعلقة بالجنسية أنه
" لكل دولة أن تحدد بمقتضى تشريعها من هم وطنيوها ...في حدود عدم تعارضها مع الاتفاقيات الدولية " وعليه الأصل أن تلتزم الدولة في سياستها التشريعية في مجال الجنسية مبدأ حسن النية و الواقعية حتى توفق بين مصالحها الوطنية وفقا لسياستها السكانية و التزاماتها الدولية
وعليه تفقد الدولة حريتها في مجال الجنسية إذا اتفقت في هذا لشأن مع دول أخرى و أبرمت اتفاقيات دولية ثنائية أو متعددة الأطراف أو صادقت على اتفاقيات سابقة وانضمت إليها، ومن ثمة فهي تلتزم باحترامها ولا تحيد عنها إلا باتفاقيات لاحقة و إلا أصبحت مسؤولة دوليا.
ذلك أنه من الثابت في القانون الدولي أنه لا يحق للدولة أن تحتج بقوانينها الداخلية بغية التحرر أو التخلص من التزاماتها الدولية التي تفرضها الاتفاقيات الدولية التي هي طرف فيها .
و الموضوع الرئيسي لهذه الاتفاقيات هو تفادي مشكل ازدواج أو انعدام الجنسية فقد تبرم اتفاقية دولية لحل مشكل ازدواج الجنسية الناتج بسبب الزواج في حالة زواج وطنية يقضي قانونها باحتفاظها بجنسيتها مع رعية دولة معينة ينص تشريع الجنسية فيها على اكتساب الأجنبية المتزوجة بوطني جنسية الزوج مباشرة و كأثر حتمي للزواج فيحل هذا المشكل بواسطة اتفاقية دولية ثنائية مثال ذلك الاتفاقية الفرنسية البلجيكية المؤرخة في 09/01/1947 التي تقضي أن القانون المطبق على جنسية المرأة البلجيكية المتزوجة بفرنسي و الفرنسية المتزوجة ببلجيكي هو قانون محل إبرام الزواج .
و قد نص المشرع الجزائري على وجوب احترام أحكام الاتفاقيات التي صادقت عليها الجزائر بموجب المادة 01 من قانون الجنسية الجزائرية.
ومن أمثلة هذه الاتفاقيات الدولية، اتفاقية لاهاي المبرمة في 12/04/1930 و اتفاقية نيويورك الخاصة بعديمي الجنسية المبرمة في 28/09/1954 و اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بجنسية المرأة المتزوجة المؤرخة في 23/01/1957.
2- القيود غير الاتفاقية :
تعتبر هذه القيود قواعد دولية مصدرها العرف الدولي و المبادئ المعترف بها عادة في مادة الجنسية التي يجب على كل دولة أن تراعيها عند وضع قواعد جنسيتها .
فنظرا لاختلاف الدول في الأخذ بالاتفاقيات من عدمه، كان من الواجب فرض احترام حد أدنى من المبادئ تقيد حرية الدولة في تنظيم أحكام جنسيتها.
وقد أكدت اتفاقية لاهاي لسنة 1930 هذا المبدأ في مادتها الأولى بقولها: "إنه من المصلحة العامة للمجموعة الدولية أن تعمل كل دولة ليحصل كل فرد على جنسية، و جنسية واحدة"،ويصعب حصر هذه المبادئ و تحديد مضمونها لتعددها و من أهمها :
1- حق كل فرد في ملك جنسية:
نصت المادة 15 من إعلان حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1948 على هذا المبدأ بقولها: " لكل فرد الحق في أن تكون له جنسية ...." فلا يجوز للدولة حرمان شخص من جنسيته عند وضع تشريعها ، و تتمثل أهمية هذا المبدأ في الآثار الناتجة عن التمتع بالجنسية، ذلك أن الشخص المنعدم الجنسية يعد أجنبيا في كل دول العالم بحيث لا يتمتع بالحماية الدبلوماسية وبالتالي لا يتمتع بالحقوق المدنية و السياسية كغيره من أفراد المجتمع . 2- حق الفرد في الاحتفاظ بجنسيته و تغيرها :
نصت على هذا المبدأ المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة لسنة 1948 بقولها: "......لا يجوز أن يحرم شخص بطريقة تعسفية من جنسيته ، و لا من الحق في تغيير جنسيته ، و لا يحق تجريده منها بطريقة تحكيمية" و مؤدى هذا المبدأ وجوب احترام الدولة حق الفرد في تمتعه بالجنسية و عدم التعرض له عن طريق الإسقاط أو التجريد إلا إذا توفرت الشروط القانونية لذلك كإبداء الشخص رغبته في تغيير جنسيته أو ارتكاب الشخص بعض الجرائم، ففي هذه الحالة تتحرر الدولة من هذا القيد و لا تتمسك بمبدأ الجنسية المقرر للفرد.
3- عدم الجمع بين جنسيتين :
نصت على هذا المبدأ المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادرعن الأمم المتحدة سنة 1948 بقولها : "....وأن لا تكون له جنسية إلا جنسية واحدة " إذ أن مخالفة هذا المبدأ مصيره ظهور مشكلة تعدد الجنسيات التي تنقل الفرد بأعباء الخدمة العسكرية إذ يؤدي خدمات في هذا الصدد بعدد الدول التي يحمل جنسيتها.
كما أنه تكمن خطورة هذه الظاهرة في حالة نشوب حرب بين دولتين يحمل جنسيتهما، فإذا دافع في صفوف دولة ضد الأخرى يتهم بخيانة الدولة الثانية.
ويحصل الازدواج أيضا في الدول الأخرى التي ترتب على الزواج اكتساب الزوجة جنسية زوجها كأثر مباشر و حتمي .
4- لا يحق للدولة أن تفرض جنسيتها بناء على رابطة الإقليم على أولاد الأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية.
5- كما أقرت محكمة العدل الدولية ف حكمها الصادر في 06/04/1955 في قضية نتوبوهم بوجود عرف دولي يقضي بأنه في المجال الدولي، الجنسية التي يعتد بها هي الجنسية التي تقوم على رابطة حقيقية وواقعية بين الفرد و الدولة.
6- المساواة بين الرجل و المرأة في مجال الجنسية من حيث الاحتفاظ بها أو تغييرها فقد كرست المادة 09 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1979 على هذا المبدأ بقولها: " تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل في اكتساب جنسيتها أو الاحتفاظ بها أو تغييرها، و تضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبي أو تغيير جنسية الزوج أثناء الزواج، أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية أو تفرض عليها جنسية الزوج.
أن تمنح الدولة الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها".
ويترتب على الأخذ بهذا المبدأ عدم فرض جنسية الزوج على الزوجة تلقائيا بمجرد الزواج، و قد تبنى المشرع الجزائري هذا المبدأ سنة 1970 و حتى قبل صدور مرسوم الانضمام إلى الاتفاقية الخاصة بالمساواة بين الرجل و المرأة، حيث ترك للمرأة الأجنبية المتزوجة بجزائري حرية اختيار البقاء على جنسيتها أو طلب الجنسية الجزائرية و منه ليس للزواج أثر تلقائي في اكتساب الجنسية.
وفي الأخير نخلص إلى القول أن الأصل هو تمتع الدولة في ضبط قواعد جنسيتها إلا أن هذه الحرية مقيدة بموجب الاتفاقيات الدولية و العرف الدولي و مبادئ القانون الدولي حفاظا على حقوق الأفراد و تفاديا لتعدي دولة على سيادة دولة أخرى كأن تفرض دولة جنسيتها على شعب دولة أخرى، و هذا ما يساهم في خلق جو من التعايش على الصعيد الدولي.

المبحث الثاني : آثار اكتساب الجنسية عن طريق الزواج:
تقر مختلف تشريعات الجنسية في العالم بتفاوت على أن اكتساب الجنسية عن طريق الزواج المختلط يترتب عليه مركز قانوني تتعلق به آثار قانونية و سياسية تخص الفرد و تتأثر بها أسرته.
سوف نتطرق من خلال المطلبين المواليين إلى الآثار الفردية و الجماعية لاكتساب الجنسية عن طريق الزواج في ضوء التعديلات التي عرفها قانون الجنسية الجزائرية.
المطلب الأول : الآثار الفردية لاكتساب الجنسية عن طريق الزواج
تنحصر هذه الآثار في تلك الآثار المترتبة على كل من الزوج الأجنبي الذي يتزوج وطنية أو الزوجة الأجنبية التي تتزوج جزائري.
صدر أول تقنين للجنسية الجزائرية في ظرف أقل من 06 أشهر عقب الاستقلال الوطني بتاريخ 27/03/1963 و يكتسي هذا التقنين أهمية عظمى إذ جاء ليجيب عن التساؤلات التي طالما شغلت الأذهان آنذاك المتعلقة بالهوية الجزائرية ، كما تتجلى أهميته كذلك في تعبيره عن الصلة الوثيقة التي تربط بين الجنسية و فرض السيادة الوطنية، كونها تحدد ركن الشعب الذي تمارس عليه هذه السيادة .
وقد عبر المشرع الجزائري من خلال أحكام هذا القانون رغبته العميقة في تحقيق وحدة المجتمع الجزائري خاصة بعد الحقبة الاستعمارية التي حاول الاستعمار أثناءها تشتيت صفوف الجزائريين، كما عبر من جهة أخرى عن تفتحه وتساهله في الشروط اللازمة لاكتساب بعض العناصر الأجنبية الجنسية الجزائرية سواء تعلق الأمر بالتجنس أو بالزواج المختلط.
و لم يرتب المشرع الجزائري في ظل هذا القانون أثر مباشر على جنسية الأجنبية التي تتزوج جزائريا إذ نص بموجب المادة الثانية عشر، على احتفاظها بجنسيتها السابقة مبدئيا ما لم تبد صراحة رغبتها في اكتساب جنسية زوجها.
ونص على جملة من الشروط لاكتساب الزوجة الأجنبية جنسية زوجها الجزائري تمحور كلها حول كيفية إعلان الأجنبية رغبتها في الدخول في جنسية زوجها و تتمثل هذه الشروط تحديدا في:
1- اقتران الأجنبية بجزائري بموجب عقد زواج صحيح.
2- إعلان الزوجة الأجنبية صراحة رغبتها في الدخول في جنسية زوجها بموجب طلب موجه لوزير العدل.
3- إعلان الزوجة الأجنبية ولو كانت قاصرا تخليها عن جنسيتها الأصلية قبل إبرام عقد الزواج.
4- عدم رفض وزير العدل طلب اكتساب الجنسية في ظرف 06 أشهر.
5- أن لا يكون الزواج قد أبطل أو انحل وقت القبول الصريح أو الضمني لوزير العدل، في حالة قبول وزير العدل الطلب تكتسب الزوجة الأجنبية الجنسية الجزائرية بأثر رجعي أي من يوم تاريخ انعقاد الزواج و ليس من تاريخ صدور مرسوم الموافقة على الطلب.
ومنه اقتصر المشرع في النهاية في ظل هذا القانون لمنح الجنسية الجزائرية للأجنبية المتزوجة من جزائري على مجرد واقعة الزواج من جزائري بالإضافة إلى بعض الشروط الشكلية، مهملا بذلك بعض الشروط الموضوعية الهامة كشرط مدة الإقامة و مدة استمرار الحياة الزوجية، خاصة و أن مدة 6 أشهر زواج قليلة لمعرفة جدية للرابطة الزوجية، و لا تبين مدى اندماج الزوجة في المجتمع الجزائري لاسيما و أن للمرأة دور هام في تربية الأولاد وغرس لديهم حب الوطن.
وعلى العكس من ذلك تماما التزم المشرع الجزائري الصمت حيال إمكانية اكتساب الأجنبي الجنسية الجزائرية من جراء زواجه بوطنية فلم يرتب على هذا الزواج أي أثر مكسب للجنسية ولم يعتبره حتى سبب للإعفاء أو التخفيف من شروط التجنس.
فما على الزوج الأجنبي الذي يود اكتساب الجنسية الجزائرية إلا سلوك طريق التجنس العادي متى توافرت فيه الشروط المطلوبة لذلك طبقا لأحكام المادة 13 من نفس القانون .
ونظرا لكون أن قانون الجنسية الجزائرية الصادر بتاريخ 27/03/1963 كان أول قانون للجنسية الجزائرية يصدره المشرع الجزائري بعد الاستقلال فجاء مشتملا على أحكام انتقالية اقتضتها حداثة الاستقلال، رأى المشرع الجزائري بعد أن زالت مقتضيات هذه الأحكام الانتقالية أن يصدر قانون الجنسية الجزائرية بموجب الأمر 70/86 المؤرخ في 15/12/1970 الذي ألغى القانون رقم 63/96.
تبنى المشرع في ظل أمر 70/86 مبدأ استقلال الجنسية في العائلة على إطلاقه، إذ لم يرتب على زواج الأجنبي أو الأجنبية بجزائرية أو جزائري إمكانية اكتسابهما جنسية الزوج الوطنية رغبة منه في تقييد و تقليص الدخول في الجنسية الجزائرية.
فما على الزوجة الأجنبية المتزوجة بجزائري، أو الأجنبي المتزوج بجزائرية إلا سلوك طريق التجنس العادي المنصوص عليه في المادة 10 من نفس القانون متى توافرت فيهما الشروط المطلوبة، ما دام لم يحظيا بأي ظرف مسهل يقضي بتخفيف شروط التجنس و يعفيهما من بعضها أو كلها.
وتعود صرامة هذا التنظيم إلى أمرين، يتمثل الأول في اهتمام المشرع الجزائري بوحدة المجتمع الجزائري عن طريق منع بعض الفئات غير المرغوب فيها من الدخول في الجنسية الجزائرية، خوفا من ظهور جماعات مختلفة الخواص و العادات داخل المجتمع، وكذا حرصا منه على ضرورة الحفاظ على الطابع التقليدي للمجتمع الجزائري.
وأما العامل الثاني فيتمثل في ضرورة الحفاظ على المصلحة الاقتصادية للدولة، إذ أنه لتحقيق المخطط الرباعي المسطر من طرف الحكومة الجزائرية كان من اللازم تخصيص بعض الوظائف و المناصب النوعية للمواطنين، و لذا تدارك المشرع ليونة قانون 63/96.
ومنه المشرع الجزائري في ظل هذا القانون لم يجعل للزواج من جزائري أو جزائرية، أي أثر سواء كان مباشر أو غير مباشر في حصول الزوجة الأجنبية أو الزوج الأجنبي على الجنسية الجزائرية ومنه لم يجعل المشرع الجزائري من هذا الزواج قرينة على اندماجهما في المجتمع الجزائري.
إلا أنه في بعض الحالات اعتبر اندماج الزوجة الأجنبية المتزوجة بجزائري مفترض وعاملها مثل الوطنية، و الدليل على ذلك صدور التعليمة رقم 20 عن وزارة المالية التي نصت على أنه: " لا يجب قبول أي طلب يهدف إلى تحويل المرتب إلى الخارج صادر عن أجنبيات متزوجات بجزائريين" .
إلا أن هذا الاندماج المفترض مرفوض من الناحية المنطقية و القانونية حتى ولو كان يرمي إلى تحقيق مصلحة اقتصادية، إذ من المفروض معاملة الزوجة الأجنبية كأجنبية أخرى مادمت لم تفصح عن رغبتها في اكتساب جنسية زوجها الوطنية.
و بعد مضي أكثر من ثلاثة عقود على صدور أمر 70/86 ، عرفت فيها الجزائر تحولات كبرى على الصعيدين الوطني و الدولي، لم يعد يساير هذا الأمر التطور الحاصل في المجتمع الجزائري، فاضطر المشرع الجزائري إلى تعديل قانون الجنسية الجزائرية إذ يجب أن يواكب قانون الجنسية التطورات الحاصلة في المجتمع.
فعلى الصعيد الوطني، نجد أن الجزائر تبنت الديمقراطية نهجا لها و اختارت إيديولوجية وطنية قوامها المصالحة الوطنية مع التاريخ و مع الذات دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو الرأي و العقيدة أو أي ظرف آخر شخصي أو اجتماعي و فسحت مجال الحريات الفردية و الجماعية.
كما عرفت العلاقات فيما بين الجزائريين أنفسهم أو فيما بينهم، و بين الأجانب في الداخل و الخارج تطورا ملحوظا، فظهرت فئات في المجتمع الجزائري تسعى إلى طلب انتساب الجنسية الجزائرية لزواجهم مثلا مع جزائريات أو زواجهن من جزائريين لذلك كان القصد من إصلاح أحكام الجنسية الجزائرية هو مواكبة التطور الحاصل في تركيبة العنصر البشري في الجزائر و مسايرة النهج السياسي و الاقتصادي الذي تبناه المجتمع الجزائري و كذلك مراعاة التفتح و التوسع في مجال الحريات الفردية و الجماعية ذات الصلة بالجنسية وإزالة كل العقبات التي تعيق تفتح شخصية الإنسان و تحول دون المشاركة الفعلية للجميع في بناء مجتمع إنساني ينبذ كل أشكال التمييز.
وعلى الصعيد الدولي، حدث تغيير في التوجهات الإيديولوجية و السياسية و الاقتصادية، إذ تغيرت العلاقات بين الدول لتتحول من علاقات تطبعها النزعة نحو الانغلاق على الذات إلى علاقات تتسم بالانفتاح و التكامل مع الأخر، و ذلك عن طريق مراجعة الدول لقوانينها و مطابقتها مع المعايير الموحدة للقيم الإنسانية المشتركة لاسيما ما تعلق منها بحقوق الإنسان و كرسته المواثيق و الاتفاقيات الدولية .
وكان من اللازم تكييف قانون الجنسية و تعديله بما يتفق مع تلك الأحكام و المعايير، سيما أن النصوص الأساسية الجزائرية تعطي الأولوية في التطبيق للنصوص القانونية ذات المصدر الدولي، إذ راعى المشرع في تعديل قانون الجنسية تكييف قانون الجنسية مع القانون الدولي الاتفاقي لاسيما ثلاثة مواثيق أساسية هي:
1- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية الذي نص في مادته الثالثة على ضرورة التزام الدول الأطراف ضمان المساواة بين الرجل و المرأة في ممارسة الحقوق المدنية و السياسية المذكورة في العهد.
2- اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي نصت في مادتها السابعة على حق الطفل في اكتساب الجنسية.
3- اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة إذ نصت على المساواة بين الرجل و المرأة في مجال الجنسية و كذا على أثر الزواج على جنسية المرأة .

وعليه صدر الأمر رقم 05/01 المؤرخ في 27/02/2005 ليعدل و يتمم قانون الجنسية الجزائرية، و قد جاء بأحكام جديدة فيما يخص أثر الزواج على الجنسية بمقتضى المادة 09 مكرر من هذا الأمر .
ففيما يخص أثار الزواج المختلط على جنسية الزوجة تبنى المشرع في ظل هذا الأمر مبدأ احترام إرادة المرأة و استقلال الجنسية في الأسرة السائد في الربع الأول من القرن الماضي نتيجة تنديد التنظيمات النسوية بعدة أفكار أساسها المساواة بين الرجل و المرأة في جميع الميادين، ومن بين هذه الأفكار النظر إلى مفهوم الجنسية على أنها رابطة بين الدولة و الفرد دون تمييز بين الرجل و المرأة، وتطبيق عليها نفس أسس كسب وفقد الجنسية سواء كانت أصلية أو مكتسبة، ومنه استبعاد التأثير المباشر للزواج على جنسية الزوجة.
إذ جعل المشرع الجزائري في ظل هذا الأمر من الزواج أثرا غير مباشر ومجرد ظرف مسهل لاكتساب الجنسية الجزائرية، فمكن الزوجة الأجنبية الاحتفاظ بجنسيتها السابقة وخول لها إمكانية الدخول في جنسية زوجها إن أبدت رغبتها في ذلك، و إذا ما توفرت فيها بعض الشروط يمكن حصرها في أربعة عناصر:
1- أولهم عنصر غير مباشر يتمثل في الزواج من جزائري بعقد صحيح.
2- ثانيهم عنصر مباشر إجرائي يتمثل في إعلان الزوجة الأجنبية عن رغبتها في الدخول في الجنسية الوطنية.
3- ثالثهم يتمثل في توفر بعض الشروط القانونية السابق ذكرها للتأكد إما من جدية الزواج أو من مدى اندماج الأجنبية في المجتمع الجزائري، و إما لحماية مصالح الدولة عن طريق منع بعض النساء غير المرغوب فيهن اكتساب الجنسية الجزائرية.
4- وأما الشرط الرابع يتمثل في موافقة الدولة الجزائرية و عدم اعتراضها على دخول الأجنبية في الجنسية الوطنية.
و لم يغفل المشرع الجزائري في ظل هذا الأمر أثر الزواج المختلط على جنسية الزوج، عكس القوانين السابقة ، إذ منح للأجنبي المتزوج من جزائرية كذلك حق اكتساب الجنسية الجزائرية مثله مثل الأجنبية المتزوجة بجزائري متى أبدى الرغبة في ذلك، و توفرت فيه الشروط المنصوص عليها في المادة 09 مكرر من نفس الأمر، وهي نفسها الشروط المذكورة أعلاه المتعلقة باكتساب الأجنبية جنسية زوجها.
فقد سهل له المشرع ظروف اكتساب جنسية زوجته عن طريق التخفيف من كثرة الشروط و شدتها مقارنة بالتجنس.
لكن توفر كل هذه الشروط المنصوص عليها بموجب هذا الأمر لا يعني تحصل الأجنبي أو الأجنبية تلقائيا على الجنسية الجزائرية، إذ احتفظت الدولة الجزائرية بسلطتها في منح الجنسية أو رفض طلب التجنس.
وتكتسب الجنسية الجزائرية بصدور المرسوم القاضي بقبول الطلب في الجريدة الرسمية و من هذا التاريخ يصبح الأجنبيان المتزوجان بوطني أو وطنية مواطنان جزائريان ويتمتعان بموجب هذه الصفة بكل حقوق المواطنة المدنية و السياسية ، إذ يمكنهما الدخول إلى و الخروج من التراب الوطني بكل حرية، وكذا ممارسة حقوقهما السياسية كالانتخاب و الترشح للمناصب السياسية متى توافرت فيهما الشروط المنصوص عليها طبقا للتشريع الداخلي كما يمكنهما بناء على طلبهما تغيير اسميهما و ألقابهما، فيتضمن مرسوم اكتساب الجنسية الجزائرية ذلك التغيير طبقا لنص المادة 27 من نفس الأمر.
ويتولى ضابط الحالة المدنية التأشير في السجلات الحالة المدنية بالبيانات المتعلقة باكتساب الجنسية، وعند الاقتضاء تغيير الاسم و اللقب بناء على أمر النيابة العامة.
ومنه طبقا للفقرة 2 من نفس المادة المذكورة أعلاه، فإن طلب التصحيح يتم بأمر من النيابة العامة، و حسنا فعل المشرع بضبط هذه المسألة، إذ وحد الإجراء على المستوى الوطني تحت إشراف النيابة العامة بوصفها طرفا أصليا في قضايا الجنسية .










رد مع اقتباس