الآية الخامسة:
قال تعالي ﴿ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7].
وجه الدلالة:
وجوب الأخذ بكلِّ ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، والانتهاء عن كل ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، سواء جاء ذلك في القرآن أو لم يأت فيه، مما يدلُّ على حجية السنة النبوية.
(مسألةٌ وجوابُها):
وقد يسأل سائل، فيقول: كيف نُحَكِّمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بيننا، والتَّحكيمُ يقتضي الوجود؟ وكيف نُطِيعُه وننقادُ له، وقد مات صلى الله عليه وسلم؟
وجواب ذلك، أنَّ المراد هو الاحتكام والانقياد إلى أقوالِه صلى الله عليه وسلم وأفعالِه وتقريراتِه، والتي ثَبَتَتْ، وحَفِظَها عنه علماءُ الأُمَّة، فكانت مَثَارَ إعجابِ كلِّ الأمم، ومَحَطَّ تقديرِ كلِّ العلماء من المسلمين وغير المسلمين
فإذا كان الله تعالى قد قضى على نبيِّه صلى الله عليه وسلم بالموت كسائر الخلق، فإنه قد ضَمِنَ حِفْظَ سُنَّتِه وشريعتِه من أقواله وأفعاله، إذْ هي جزءٌ لا يتجزَّأ من الدِّين
وحِفْظُ الدِّين منوطٌ بِحِفْظِها؛ فالطاعة والانقياد إذن هي لأقواله وما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم.
والآياتُ الكريمات تحمِل بُشرى حِفْظِ السُّنة؛ إذْ لا معنى لطاعةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم والانقيادِ لأمره إلاَّ بِحِفْظِ هذا الأمر، وهي السُّنة
ومن ثَمَّ كان أمْرُ الله تعالى المؤمنين في كلِّ زمانٍ ومكانٍ بطاعة رسولِه وتحكيمِه والانقيادِ لأمره دلالةً قاطعةً على حِفْظِ الله لِسُنَّتِه صلى الله عليه وسلم.