منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - كتاب عن قبائل حميان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-04-06, 00:15   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
Md Lahmyani
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

-2-4 المجتمع
1-2-4-1 التقسيم الاجتماعي- الإداري
في هذا الموضوع وكما تقدم ذكره سابقا بصفة إجمالية، احميان كانوا ولا يزالون يكوّنون قبيلة واحدة منقسمة إلى قسمين، الأول من خمسة (5) عروش يسمى "شافع" والثاني من سبعة عروش ويسمى "الجنبة". كان المحتل الفرنسي عين علي رأس كل عرش ممثلا له تحت اسم "القايد" وأسند إليه دور رئيس البلدية، مكون من نواة إدارية مقلصة إلي بضعة أعوان لتسيير هذه الكتلة الاجتماعية. كان يساعد "القايد" نائب يسمى "الشاوش" وخادم شخصي يطلق عليه اسم "الوردناس" (l’ordonnance) وكاتب. كان هذا "القايد" يعين ممثلا له على كل مجموعة بشرية منحدرة من أصل واحد يسمى "الكوراط"... كما كان "القايد" يمثل الصلة، في اتجاه واحد على ما يبدو، بين العرش وإدارة الاستعمار الفرنسي لجمع الضرائب وإصدار مختلف المصادرات والتسخيرات لصالحها على الأخص، لأن هذه الأخيرة ما كانت تقوم بفعل شيء في المقابل ( لا صحة ولا تمدرس ولا حتى محو الأمية ولا طرقات ولا توفير الماء للشرب ولا حتى شيء).
كلمة "القايد" التي تعني القائد بالعربية مستعملة استعمالا مغرضا وهي في غير موضعها بل مستعملة ظلما وإجحافا. ربما كان استعمالها يليق بها قبل الاحتلال وكان القايد قائدا فعلا لأن هذا الاسم كان يطلق على الإنسان المكلف، نظرا لمرتبته الاجتماعية الناتجة عن سنه ورزانته وهدوءه، بقيادة قومه وتسيير خلافاتهم وخصوماتهم بحكمة وإنصاف لأنه بكل بساطة تم تعيينه من طرف أهل الحل والربط منهم وليس من طرف عدوهم المحتل. أقل ما يقال في قرار المحتل لاستعمال هذه التسمية لممثليها في المجتمع الجزائري هو قرار مغرض وذو نية مبيتة. إذا كان "الحركي" (جزائري عميل للاحتلال الفرنسي) قد انضم بمفرده للعدو، فإن "القايد" انضم بكامل عرشه وقبل بسلطة المحتل.
من منطلق أكاديمي وديني واضح، ما "القايد" إلا حركي من الوزن الثقيل، خائن بصيغة أخرى، ولا يليق أن يعتبر مسلما بكل بساطة إذا ما طبق عليه النص القرآني حرفيا: "يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين" صدق الله العظيم (سورة المائدة؛ الآية 51).
من ناحية الحكم، فإن معظم هؤلاء القياد اشتهروا بعدم العدل للفصل في النزاعات بين الأشخاص والمجموعات. كما اشتهروا بالنصب والغش والفساد (الرشوة) وبالأخص قضمهم الرعية بدون رحمة ولا شفقة.
1-2-4-2 الإسم العائلي (اللقب)
قبل فتح مكتب للحالة المدنية في المشرية حوالي سنة 1930 كان الاسم الشخصي ذا شكل ومظهر عربيين حيث كانت التعريفة للإنسان تتكون من اسمه واسم أبيه واسم جده فيضاف إلى ذلك اسم القبيلة أو المنطقة كما هو الحال حاليا في مصر وجميع أقطار المشرق العربي. فيما بعد تم تكليف "القياد" من طرف الإدارة الفرنسية على أن تختار كل أسرة اسما يصبح اسمها العائلي أو لقبها وبذالك الشروع في طمس الهوية الوطنية، ومن بين عناصرها التسمية الجزائرية، لتأخذ شكل الحالة المدنية الفرنسية.
"القياد" كما هو معروف عليهم، يتصفون بالتكبر والعناد والطغيان إلى آخر ذالك، قد استدعوا وجهاء العرش المقربين منهم ليختاروا ألقابا لأسرهم. كان هؤلاء غالبا ما يأخذون اسم الجد ويجعلون قبله كلمة "ابن" أو يحولونه إلى نسبة مثل: العيد : ابن العيد أو عيدوي؛ الميلود: ابن الميلود أو ميلودي؛ الطاهر: ابن الطاهر أو طاهري. وتارة يتكون الاسم العائلي من اسم الجد تماما. أما المهمشون من رعاة وفقراء ومعوزينوغيرهم من الطبقات السفلى من المجتمع الذين كانت لهم أنباز أو ألقاب مشينة فقد سماهم "القياد" بتلك الألقاب المشينة دون علمهم، مثل الأعور وابن الأقرع والعقون (الغبي) وألقاب أكثر من ذلك عيبا وإهانة وسخرية لا يليق ذكرها في هذا المقام.
1-2-4-3 اتخاذ القرار والتنقل
كانت الدواوير أو مجموعات الخيم مكونة من أفراد ينتسبون إلى أصل واحد وغالبا ما تمدد إلى الأصهار وكذا الرعاة بالطبع. يؤخذ قرار التنقل من مكان إلى مكان آخر بإشراك جميع العناصر المؤثرة من المجموعة. لا يؤخذ بالاعتبار إلا معيارا الماء وكلأ الماشية لمناقشة الرحيل من مكان إلى مكان آخر أو وجهة أخرى. وإلا فلماذا التنقل؟
إن لم يلاحظ أي تحسن على الماشية في بحر أسبوع من الإقامة في المكان الجديد، يتم التنقل فورا نحو موضع آخر؛ حتى أن الترحال يكاد يكون جد مستمر، خاصة في فصل الربيع. ذلك ما يفسر تخزين حبوب القمح والشعير، أساس عيش البدو، في المطامير السرية ولا يحتفظ بداخل الخيمة إلا بالقليل لتكون خفيفة وبدون أشياء مربكة كي يسهل التنقل الضروري لعيشة الماشية أو على الأقل لتجنبها الموت بسبب الجوع وقلة الكلأ.
1-2-4-4 البداوة وحياة الترحال
البداوة التي تتعاطاها قبيلة احميان بداوة خاصة لأن كل التنقلات بالتقريب تقع داخل منطقة المشرية. النجعة (la transhumanceالتي هي السفر بالماشية إلى أماكن بعيدة للبحث عن الكلأ حيثما وجد، والتي تتعاطاها جل القبائل البدوية في الجزائر، تكاد تكون غير معروفة في منطقة المشرية(طالع التفاصيل لاحقا في جدول: التنقلات في إطار تربية المواشي بالجزائر - 1968 ).
يقول المؤرخ عبد الله لروي: « البداوة ليست حالة طبيعية ولا طابع مميز دائم لا يتغير، ولكنها نظام اجتماعي »[1]. هذا النمط من العيش كان يرتكز بدون أي شك على وجود الجمل الذي يكون هو أساس الترحال. لا بداوة بدون ترحال ولا ترحال بدون إبل. إلا أن السؤال من أجل معرفة إن كان الجمل هو من تولد عنه الترحال، أم أن المزارع تطور إلى بدوي وهو الذي أدخل الجمل من أجل نمط عيش جديد، يبقى مطروحا؛ خاصة وأن الرسوم المنقوشة على الصخور المتواجدة قي المنطقة وحتى جنوب الأطلس الصحراوي لا يوجد من بينها ما يمثل الجمل. هناك رسوم للإنسان طبعا والزرافة والفيل والأروي والبقر وكذا حيوانات أخرى، ولكن ليس هناك رسم للجمل! لذلك يبقى مجال البحث من أجل التوضيحات اللازمة في هذا الشأن مفتوح بكل ما يحتويه هذا الموضوع من عذرية.
إذن، عكس ما يعتقده خطأ المجتمع الحضري (أهل المدن)، الحيوان الذي يكتسبه البدوي أولا وقبل غيره من الحيوانات الأليفة هو الجمل وليست الشاة. من لا جمل له ترك في مكان المخيم يوم رحيل الدوار لأن هذه العملية يقوم بها الجميع في نفس الوقت لاعتبارات عرفية وعملية. يجب أن لا ننسى أن هذا النمط من النظام الاجتماعي ( البداوة في إطار الرعي)، يفرض أصلا على من يمارسه تنقلات جد مستمرة بحثا عن الكلإ الضروري لأنعامه.
كونه الوسيلة الأساسية للبدوي، فإن الجمل، زيادة على استعماله في التنقل، يستعمل كذلك في الأسفار لحمل المواد الغذائية كالحبوب من الشمال والتمر من الجنوب وكذا إعادة التموين مرارا من المطامير.
1-2-5 العقود في رعي المواشي
يتعلق الأمر للتذكير بما كان سائدا أثناء ما قبل استرجاع الجزائر لاستقلالها وسيادتها، أما الآن فالأشياء تطورت وكل شيء تغير جذريا في بعض الحالات.
1-2-5-1 عقد الراعي
إن لم تكن الماشية كثيرة (قطيع من حوالي 300 رأس أو أقل)، فإن تربية المواشي ورعيها يتم بواسطة عائلة البدوي في غالب الأحيان.ما كان يتم توظيف الراعي في هذه الحالة إلا إن لم يكن للبدوي ولد في سن المساعدة. أما عندما تكون الماشية كثيرة فيوظف صاحبها لكل قطيع من الغنم راع يقوم بسرحها. يوظف الرعاة لمدة سنة قابلة للتجديد حسب عقد نموذجي متعارف عليه، قد تم وضع معالمه من طرف المربين وبالتالي فهو على العموم في صالحهم، طبعا على حساب الرعاة. حيثيات هذا العقد كانت معروفة لدى الجميع وويل لمن يتجرأ لإدخال أي تغيير عليها، إلا إذا كان ذلك على حساب مصلحة الراعي. حسب هذه الاتفاقية القابلة للفسخ في أي وقت ومن أي طرف، فإن الراعي يقوم برعي وحراسة القطيع بكل ما تتطلبه المهنة من مهارة (ما كان راعي من هب ودب) مقابل أجرة مكونة من "حڨ" (ينطق القاف مثل حرف الجيم المصري) و"برشالة" و"تزيرة".
ـ الحڨ: ذلك ما كان يتقاضاه الراعي لمدة سنة من السرحة أو رعي المواشي، وهو مكوّن من ثمانية (8) خرفان وأربعة (4) جديان نصفهم ذكور ونصفهم إناث من مواليد ما حملت النعاج أثناء توظيفه من الأنواع الثلاثة من الخرفان (بكري[2] وشتوي[3] وربعي[4]). إذا كانت الشياه حوامل يوم توظيف الراعي، فليس له الحق أن يستلم أجرته مما تلدن من ذلك الحمل. لذلك، فإن فسخ العقد في منتصف السنة لسبب أو لآخر، فإن الراعي يعود إلى عشيرته فارغ اليدين. يجب عليه أن ينتظر حتى تلد الإناث التي رعاها ويكبر الخرفان حتى سن الفطام ليتسلمها في الغالب من أضعفمما وجد.
ـ البرشالة: هو طعام الراعي، وهو مكون من 30 كيلوغرام من الشعير شهريا إن كان مع عياله، وإلا فصاحب المال يوفر له طعامه اليومي المتكون عموما من رغيف خبز شعير.
ـ التزيرة: هو لباس الراعي الذي يكون على عاتق صاحب القطيع ويتكون من جلابة وبرنوس من النوع الرديء الذي يتلاءم مع مرتبته الاجتماعية. كان الراعي يرتدي لرجليه "بومنتل" وهو قطعة من جلد الإبل يحزمها علي رجله ويسير بها كالحذاء في كل الفصول.
كان هذا العقد جائرا ومجحفا بالنسبة للراعي بأسباب البطالة والمجاعة المتفشيتان آنذاك.
1-2-5-2 عقد العَزّال
كانهناك نوع آخر من العقود في تربية المواشي يقع بين المربي وأحد أقربائه من الفقراء غالبا، حيث يعزل لهذا الأخير(لذلك يسمى العزال) قطيع من الغنم يتكون من حوالي 250 خروفة مفطومة (يتم الفطام عموما في سن 6 شهور) و50 نعجة حلوبا في أواخر الربيع بعد عملية الجز (قص الصوف). يتكلف العزال بحراسة ورعي هذا القطيع الصغير لمدة سنة مقابل إنتاج الصوف كليا ونصف إنتاج السمن والنصف من لحم كل شاة ماتت.
في أجل مدته سنة واحدة، يأخذ صاحب القطيع جميع الذكور من الخرفان المولودة التي أفطمت ليبيعها ويترك الحرية للعزال في أخذ الإناث من الخروفات الجدد ليضيفها إلى القطيع. يعتبر العقد مجدد ضمنيا طالما أن أي طرف لم يبد الطلب في فسخه. هذا النوع من العقود هو أكثر ظلم وإجحاف وضرر من الأول، ولكن أمام الفقر وعدم وجود أي بديل، يضطر المرء لقبول ما حضر، خاصة وأن الصوف هو كذالك مادة بالغة الضرورة في البداوة مثل الجمل، لا وجود للبدوي إلا بوجودها. لأنها تستعمل مع القليل من الشعر في صنع بيوت الرحل، ألا وهي الخيام الذي قال فيها مؤسس الدولة الجزائرية ورائدها، الأمير عبد القادر بن محيي الدين الجزائري وهو يمدح حياة البداوة:
يا عاذرا لامرئ قد هام في الحضر وعاذلا لمحب البدو والقفر
لاتذممن بيوتا خف محملها وتمدحن بيوت الطين والحجر !
لو كنت تعلم ما في البدو تعذرني ولكن جهلت وكم في الجهل من ضرر !
أو كنت أصبحت في الصحراء مرتقيا بساط رمل به الحصباء كالدرر
الحسن يظهر في بيتين رونقه بيتٌ من الشِّعْرِ أو بيتٌ من الشَّعَرِ

[1] عبد الله لروي / تاريخ المغرب العربي – 1976 / ص. 66.

[2] بكري: الخروف المولود في فصل الخريف

[3] شتوي: الخروف المولود في فصل الشتاء

[4] ربعي: الخروف المولود في فصل الربيع










رد مع اقتباس