منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - محبة الله
الموضوع: محبة الله
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-10-09, 13:43   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أيهما أحب إلى الله : بكاء التائبين ، أم بكاء العابدين ؟

السؤال:


أيما أحب إلى الله : بكاء المذنبين التائبين الذين يجدون فى بكائهم ألما ومرارة أم بكاء المطيعين الخاشعين الذين يجدون فى بكائهم لذة وحلاوة ؟

الجواب :

الحمد لله

بكاء المذنبين التائبين أحب إلى الله في مقام التوبة والإنابة

وبكاء المطيعين الخاشعين أحب إلى الله في مقام الإخبات والخشوع

فلكل بكاء مقامه

وليس بكاء هو أفضل من بكاء

فالكل فاضل محبوب

وكل بحسب منزلته ومقامه .

فالمفاضلة إنما تكون بين الأمرين يجمعهما جامع مشترك ، فيقال - مثلا - : أيهما أفضل : حفظ القرآن أم تلاوته ؟ صلاة الليل أم الجلوس للتسبيح والذكر ؟

فمقام التوبة والندم من أجلّ المقامات ، روى البخاري (6308) ، ومسلم (2744) عن ابن مسعود قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِن ِ، مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلِكَةٍ

مَعَهُ رَاحِلَتُهُ ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ

فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ، فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ) .

ومقام العبادة والإخبات من أجل المقامات أيضا ، وهو طريق أولياء الله العابدين . روى البخاري (6502) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (

إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ

فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ : كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ) .

وكل من التائب ، والعابد الخاشع ، يستشعر الخوف من الله ، ويؤمل في الرجاء في وجهه الكريم ، فهو لا يزال يبكي من خشية الله

ويبكي من استشعار عظمته وجلاله وحسن الظن به ، فهما مقامان مستصحَبان ، لا يتخالفان ، ولا يتغايران .

وحياة القلب كحياة البدن ، فكما أن الإنسان إذا استشعر العطش قدم الشراب على الطعام ، وإذا استشعر الجوع قدم الطعام على الشراب ، فكذلك إذا استشعر القلب الخوف قدم البكاء من خشية الله

وإذا استشعر لذة العبادة كان بكاء استشعار القرب ولذة الطاعة . ولا يتخالفان ، كما لا يتخالف الطعام والشراب ، ولكل لكل منهما وقته الذي يكون فيه هو المقدم .

فمتى تذكر العابد ذنوبه كان بكاء الخوف أفضل وأحب إلى الله ، ومتى تذكر حسن الظن بالله ، واستشعر لذة العبادة ، كان بكاء الرجاء أفضل وأحب إلى الله ، فالعبد المؤمن بين الخوف والرجاء .

قل ابن باز رحمه الله :

" يجب على المؤمن أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء حتى يلقى ربه " .

انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (4/ 33) .

والحاصل : أن حاجة العبد ، متى كان صادقا مقبلا على ربه : إلى المقامين جميعا ، وسيره إلى ربه لا يستقيم إلا بهما جميعا .

ثم : إن فضائل الأعمال في نفسها ، والمفاضلة فيما بينها : لا تدرك بنظر ، ولا قياس ؛ إنما مردها إلى الخبر الصادق .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس