منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أثر الزواج على الجنسية في ظل القانون الجزائري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-11, 11:37   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 تابع للفصل الثاني

و أما المشرع الجزائري فإنه لم ينص على الأثر الذي يرتبه انحلال الرابطة الزوجية عن طريق الطلاق بعد اكتساب الزوج الأجنبي جنسية الزوج الوطني.
وعليه نستنج أنه لم يجعل لانحلال الرابطة الزوجية بالطلاق أو التطليق أو الخلع بعد اكتساب الزوج و الزوجة الأجنبيان جنسية زوجهما الوطني أثر مفقد لجنسيتهما الجزائرية المكتسبة.
و حسنا فعل المشرع مادام أن تلك الجنسية الوطنية المكتسبة أصبحت حقا مكتسبا لا يجوز للدولة الجزائرية مساسه بغير نص، و خاصة وأن فقد الجنسية أمر ذا أهمية وخطورة بالغة مما يستوجب ترتيبه إلا بنص صريح لا ضمني.
أما فيما بخص جنسية الأولاد فإن المشرع الجزائري لم يرتب على انحلال الرابطة الزوجية عن طريق الطلاق أثر مفقد لجنسيتهم، إذ أن العبرة لاكتساب الأولاد جنسية أبائهم هي اكتساب الوالدين تلك الجنسية وقت ميلاد الأبناء.
ومادام أن المشرع لم يرتب على انحلال الزواج أي أثر مفقد على جنسية الزوجين، فإن ذلك سوف يرتد على جنسية الأولاد، ومنه تبقى جنسيتهم دون تغيير، كما أن المشرع الجزائري بموجب التعديل الجديد أصبح يعترف للأم مثلها مثل الأب بالحق في نقل جنسيتها لأبناء ها.
عكس أولاد المرأة المصرية التي تتزوج أجنبيا، فإن طلاقها يؤدي إلى خلق مشاكل اجتماعية ذات دافع اقتصادي خطيرة تتعلق بجنسية أبناءها الذين يعيشون في الإقليم المصري كالغرباء، إذ أنه غالبا بعد الطلاق يخفى الآباء المستندات الخاصة بالأبناء أو ينكروا نسب أبناءهم نكاية في الأم، فيبقون الأولاد عديمي الجنسية لأن جنسية أمهم لا تكفي لمنحهم الصفة الوطنية، كما أن الارتباط الفعلي بالإقليم المصري لا يكفي وحده لإسباغ الجنسية المصرية على غير الراشدين في غير حالة جهالة الأبوين.
ثانيا : أثر الوفاة على جنسية أحد الزوجين و الأبناء:
تعد وفاة أحد الزوجين سببا غير إراديا لانحلال رابطة الزواج بالنسبة للزوج الآخر، و قد نظم المشرع المصري عكس المشرع الجزائري الذي التزم الصمت الآثار التي ترتب من جراء وفاة أحد الزوجين على جنسية الزوج الباقي على قيد الحياة و الأولاد سواء تحققت الوفاة قبل أو بعد اكتساب الجنسية المصرية بسبب الزواج، إذ نص بموجب المادة السابعة من القانون رقم 26/75 المتضمن قانون الجنسية المصرية على إمكانية اكتساب الزوجة الأجنبية التي تتزوج من مصري الجنسية المصرية إذا أعلنت عن إرادتها في الحصول على الجنسية، حتى و لو حدثت وفاة الزوج بعد هذا الإعلان بوقت قصير، إذا ما توافرت بقية الشروط التي يتطلبها القانون للمتمتع بالجنسية، وقد بررت المذكرة الإيضاحية هذا الحكم المستحدث في القانون المصري بقولها أن: "حرمان الزوجة من حق طلب الدخول في الجنسية المصرية بسبب وفاة زوجها ....يؤدي إلى الإضرار بالزوجة وأبناءها القصر بدون مبرر، ولسبب لا يد لها فيه".
أما إذا تحققت وفاة أحد الزوجين بعد اكتساب الزوج الآخر جنسية زوجه المتوفى المصرية بسبب الزواج لم يرتب المشرع المصري أي أثر على ذلك، فمن حق الزوج الآخر التمتع بجنسية دولة الزوج المتوفى مادام لم يرتكب أية مخالفة تبرر زوال هذه الجنسية عنه.
كما أن المشرع المصري لم يرتب أي أثر على وفاة الأجنبي زوج المصرية على جنسية الأبناء، باعتباره الأب بالنسبة لهم، سواء تحققت الوفاة قبل ميلاد الأبناء أو في فترة الحمل كون أن الأب لا يمكنه تغيير جنسيته بعد وفاته، أو سواء تحققت الوفاة بعد تمام اكتساب الأبناء للجنسية استنادا إلى ثبوت نسبهم إلى هذا الأب مادام في هذه الحالة تثبت لهم الجنسية الأصلية منذ الميلاد على أساس حق الدم من جهة الأب.
و أما في حالة وفاة الأم المصرية و كان الأولاد يتمتعون بجنسية الأب الأجنبي، فإنه يمكن لهؤلاء الأولاد اكتساب جنسية أمهم المتوفاة متى توافرت الشروط القانونية المنصوص عليها.
في حين أن المشرع الجزائري، كما قد سبقت الإشارة، فإن التزام الصمت حيال هذه المسألة و هذا شيء مؤسف خاصة و أنه عدل قانون الجنسية حديثا، و كان عليه أن يغتنم هذه الفرصة لتدارك هذا الفراغ التشريعي.
إذ أنه قد فوت بسكوته هذا فرصة اكتساب الزوج الأجنبي الذي يتوفى عنه زوجه الجزائري قبل اكتمال مدة ثلاث سنوات من إبرام عقد الزواج الجنسية الجزائرية، خاصة و أن الحكمة من تقرير هذه المدة هي التحقق أولا من جدية الرابطة الزوجية.
فلو انحلت هذه الرابطة بالطلاق قبل اكتمال المدة المحددة قانونا لاكتساب الجنسية الجزائرية يكون عدم منح الجنسية الجزائرية للزوج الأجنبي مبرر كون أنه لم يثبت اندماجه في المجتمع الجزائري و كذا لهشاشة علاقته الزوجية.
و أما الوفاة فهي أمر غير إرادي لا يد للزوج الآخر فيه، و لا يمكن التنبؤ بها، كما أنه قد تقتضي مصلحة الأسرة اكتساب الزوج الأجنبي جنسية زوجه المتوفى الجزائرية إقتضاءا لمصلحة الأطفال و مصلحة والدهم الأجنبي، إذ بحصول الزوج الأجنبي جنسية زوجه المتوفى يشعر باندماجه في المجتمع الجزائري، و عليه يربي أولاد الوطن المتوفى في مجتمع والدهم على دينه و وفقا لتقاليده.
و عليه حرمان الزوج ا لأجنبي من الجنسية الجزائرية بسبب انفصام الرابطة الزوجية بوفاة الزوج الأجنبي يكون بليغ الأثر على أسرته في هذه الحالة، لذا حبذا لو ينص المشرع الجزائري على حكم مفاده أنه يمكن للزوج الذي توفى عنه زوجه الجزائري قبل مرور ثلاث سنوات أن يقدم طلب لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج.
في حين أنه إدا توفى الزوج بعد اكتساب الزوج الأخر الجنسية الجزائرية أو بعد فوات ثلاث سنوات فهذا لا يؤثر في جنسية الزوج الآخر المكتسبة.
و أما بالنسبة للأولاد فإنه مادام المشرع قرر اكتساب الجنسية الجزائرية من جهة الأم أو الأب على حد السواء، فموت أحدهما لا يغير من اكتساب الجنسية الجزائرية للأولاد سواء توفى قبل أو بعد الميلاد فالعبرة بواقعة ثبوت الجنسية و ليس بالوفاة أو الحياة.
المبحث الثاني: إمكانية استرداد الجنسية المفقودة بسبب الزواج
لقد سبق و أن ذكرنا بأن الجنسية لا تعتبر رابطة أبدية، فقد يفقد الشخص جنسيته لعدة أسباب قد تكون إرادية أو غير إرادية.
و لكن قد يعاود هذا الشخص الحنين إلى جنسيته السابقة التي فقدها، فيود استردادها و التمتع بها من جديد.
و عليه يراد باسترداد الجنسية إعادتها إلى شخص سبق له و أن تمتع بها أو فقدها، أو هو رخصة خولها القانون للشخص الذي فقد جنسية دولة ما، يسترد بمقتضاها جنسيته المفقودة، ومنه فهو كما يقول البعض "عودة لاحقة لجنسية سابقة".
و قد اختلف الفقه و التشريعات المقارنة في تكييف الطبيعة القانونية للاسترداد، فذهب البعض منهم إلى عدم اعتبار الاسترداد طريق لاكتساب الجنسية، بحجة أن مفهوم الاكتساب يتمثل في الحصول على جنسية جديدة لم يسبق للشخص أن تمتع بها متى توافرت الشروط القانونية المطلوبة، في حين أن الاسترداد يتطلب توافر الشروط أخرى غير الشروط العادية لاكتساب الجنسية، فهو متوقف غالبا على شرطين هما إبداء الشخص بصفته وطني سابق رغبته في العودة إلى جنسيته السابقة و كذا سلوك هذا الأخير طريق أسهل لاسترداد جنسيته السابقة.
و أما البعض الآخر اعتبر الاسترداد سبب من أسباب اكتساب الجنسية الطارئة، ولو سبق للشخص و أن تمتع بتلك الجنسية بصفة أصلية بحجة أنه ليس للاسترداد اثر رجعي، إذ أن الشخص يبقى أجنبيا في الفترة الممتدة بين فقد الجنسية و استردادها.
و قد تبنى المشرع الجزائري هذا الاتجاه الأخير بموجب أحكام المادة 14 من الأمر 70/86 المعدل و المتمم بموجب الأمر رقم 05/01 .
كما أن شروط و آثار استرداد الجنسية، تختلف من قانون لآخر، و عليه سوف نتطرق إلى ذلك من خلال المطلبين المواليين مقارنة بأحكام القانون الجزائري.


المطلب الأول : شروط استرداد الجنسية المفقودة بسبب الزواج
سبق و أن ذكرنا أن الاسترداد يعتبر تمتع الشخص من جديد بجنسيته السابقة التي فقدها و قد نص المشرع الجزائري على الشروط اللازمة لاسترداد الجنسية الجزائرية بموجب أحكام المادة 14 من أمر 70/86 المعدل و المتمم بموجب الأمر 05/01 على أنه: ''يمكن استرداد الجنسية الجزائرية بموجب مرسوم لكل شخص كان متمتعا بها كجنسية أصلية و فقدها، و ذلك عن طريق تقديم طلب بعد 18 شهرا على الأقل من الإقامة المعتادة و المنتظمة.''
و نستخلص من هذا النص العام و الشامل أن المشرع الجزائري قد سوى بين الرجل و المرأة في حق طلب الاسترداد، كما وحد الشروط الواجب توافرها لاسترداد الجنسية الجزائرية، إذ جعلها موحدة في كل حالات فقدان الجنسية الجزائرية خلافا للتشريعات المقارنة التي أفردت كل حالة من حالات فقدان الجنسية بشروط خاصة بها لاسترداد الجنسية.
فقد نص القانون المصري على إمكانية استرداد الوطنية جنسيتها المصرية التي فقدتها بسبب الزواج من أجنبي، و فرق في هذا الصدد بين نوعين من الاسترداد، أحدهما جوازي معلق على إجازة السلطة المختصة و الآخر وجوبي يتحقق بمجرد إبداء الرغبة فيه.
فأما الاسترداد الجوازي، فقد نصت عليه المادة 13 من قانون الجنسية المصرية فأجازت المرأة المصرية المتزوجة أجنبيا، أن تسترد جنسيتها أثناء قيام الزوجية إذا طلبت ذلك و وافق وزير الداخلية على ذلك.
و بما أنه في هذه الحالة يفترض أن علاقة زواج المصرية من أجنبي مازالت قائمة، فإنه لا يلفت النظر إلى إقامة الزوجة في مصر أو خارجها، ذلك أن الظروف العملية أظهرت أن الكثير من المصريات يستمرن في الإقامة بمصر و يصبحن أجنبيات في بلادهن و لا يستفدن من الحماية الدبلوماسية المصرية، لذلك مكن المشرع المصري المصرية استرداد جنسيتها.
و هذا الاسترداد الجوازي لا يحدث أثره إلا من تاريخ صدور قرار وزير الداخلية بالموافقة، ولا يتم بمجرد إبداء رغبة الزوجة فيه، و على هذا النحو لا يكون له أثر رجعي.
و أما الاسترداد الو جوبي تسترد بموجبه المرأة المصرية جنسيتها بمجرد إعلان رغبتها في ذلك و بقوة القانون دون أي سلطة تقديرية للسلطة التنفيذية فلا يحق لوزير الداخلية الاعتراض على هذا الاسترداد طالما تحققت شروطه فهو لا يحتاج إلى صدور قرار من الجهة المختصة.
و قد قسم المشرع المصري هذا النوع إلى أربعة فروض، يتمثل الأول في استرداد المصرية المتزوجة أجنبيا جنسيتها المصرية و جوبيا إذا أصبح زوجها الأجنبي مصريا على فرض استمرار الزوجية أو إذا تزوجت مصري على فرض انتهاء زواجها من أجنبي.
و أما الثاني يتحقق متى انتهت الزوجية بين المصرية و الأجنبي و أبدت رغبتها في ذلك، و كانت مقيمة بمصر أو عادت إليها.
و الحكمة من تقرير هذه الحالة هو انتهاء علاقة الزواج التي كانت تربط المصرية بالأجنبي و عودتها إلى أرض الوطن، ومنه لم يبقى شيء يربطها بالجماعة الأجنبية و من ثمة لم يبق مبرر لعدم عودتها إلى مصر.
و أما الفرض الثالث يتعلق بالمصرية غير المقيمة بمصر المتزوجة أجنبي و أصبح زوجها مصريا أو تزوجت مصريا و أبدت رغبتها في ذلك.
و أما الفرض الرابع الأخير يتحقق متى تزوجت المصرية من أجنبي و اكتسبت جنسيته و كان عقد زواجها منه باطلا طبق لأحكام القانون المصري و صحيحا طبقا لأحكام قانون الزوج إلا أن وزير الداخلية كان قد أصدر قرارا باعتبارها فاقدة للجنسية المصرية .
و قد ميز القانون الفرنسي كذلك بين نوعين من الاسترداد أحدهما يكون بموجب صدور مرسوم و الآخر بمجرد تصريح المعني على رغبته في ذلك.
تتعلق الحالة الأولى بالشخص الذي فقد جنسيته الفرنسية بالتجريد و زالت أسباب الفقد، بشرط أن تتوفر فيه كل شروط التجنس العادي ماعدا شرط مدة الإقامة.
و أما الحالة الثانية تتعلق بالشخص الذي سبق و أن كان فرنسي أصلي و فقد جنسيته بسبب الأثر الجماعي للزواج أو باكتساب جنسية أجنبية بصفة منفردة.
في حين أنه في ظل القانون الجزائري، فإن الجزائري أو الجزائرية اللذان اكتسبا جنسية دولة زوجهما الأجنبي بسبب الزواج و تخليا عن جنسيتهما الجزائرية لاشتراط الدولة الأجنبية ذلك للدخول في جنسية الزوج الأجنبي، يخضعان لنفس الشروط التي يخضع لها فاقد الجنسية الجزائرية لسبب آخر لاسترداد جنسيتهما السابقة.
و عليه لاستردادهما جنسيتهما الجزائرية السابقة التي فقداها، يجب أن تتوفر جملة من الشروط تتمثل في الآتي:
1- يجب أن يكون طالب الاسترداد وطني سابق يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية، إذ أن المشرع الجزائري حصر نطاق الاسترداد على الجزائريين الأصلاء فقط المنصوص عليهم في المادتين 6 و 7 من أمر 05/01 و هم:
أ‌- الولد المولود من أب جزائري أو أم جزائرية.
ب‌- الولد المولود في الجزائر من أبوين مجهولين، ما لم يثبت أثناء قصوره انتسابه إلى أجنبي أو أجنبية.
ت‌- الولد المولود في الجزائر من أب مجهول و أم مسماة في شهادة ميلاده دون بيانات أخرى تمكن من إثبات جنسيتها.
ث‌- و من ثمة إذا كان الشخص اكتسب الجنسية الجزائرية الطارئة، ثم فقدها، لا يمكنه استردادها، و لو تم الفقد بغير إرادته و لو زال سبب الفقد.
2- إقامة طالب الاسترداد بالجزائر بصفة معتادة و منتظمة و شرعية مرخص بها من الجهة المختصة بإقامة الأجانب لمدة لا تقل عن 18 شهرا بتاريخ تقديم طلب الاسترداد.
و الملاحظ أن المشرع الجزائري اشترط مدة قصيرة للإقامة مقارنة بما هو مطلوب في التجنس العادي و حتى لاكتساب الجنسية عن طريق الزواج، و يعود السبب في ذلك إلى أخذ المشرع بعين الاعتبار صفة الشخص طالب الاسترداد، باعتباره جزائري سابق، و اعتبار ذلك قرينة على سهولة إعادة اندماجه في المجتمع الجزائري.
3- تقديم المعني بالأمر طلب الاسترداد إلى الجهة المختصة، كون أن الاسترداد يعد اكتساب جنسية طارئة، ومن ثمة فهي لا تثبت للشخص تلقائيا، بل هو تصرف قانوني يستوجب بلوغ الشخص سن الرشد و كمال الأهلية و خلو الإرادة من كل العيوب التي يمكن أن تشوبها ، فعلى الشخص أن يبدي صراحة رغبته في اكتساب الجنسية الجزائرية من جديد عن طريق تقديم طلب إلى وزير العدل حسب المادة 25 من أمر 05/01 مصحوب بالعقود و الوثائق و المستندات التي تثبت من جهة سبق تمتع الطالب بالجنسية الجزائرية الأصلية و من جهة أخرى إقامة الطالب مدة 18 شهرا بالجزائر بصفة منتظمة و شرعية.
4- قبول السلطة المختصة طلب الاسترداد، كون أن المشرع الجزائري لم يعتبر الاسترداد حق للشخص، بل رخصة تخضع للسلطة التقديرية لوزير العدل، إذ نص بموجب المادة 26 أنه يمكن لهذا الأخير رفض الطلب بموجب قرار معلل إذا لم تتوافر الشروط القانونية، كما له أن يرفض الطلب و لو توافرت كل الشروط القانونية بموجب قرار.
و أما في حالة قبول الطلب فإنه ينشر المرسوم في الجريدة الرسمية و ينتج هذا الاسترداد أثره تجاه الغير ابتداء من تاريخ النشر.
5- و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري كان يشترط في ظل الأمر السابق رقم 70/86 بنص المادة الثالثة تقديم تصريح بالتخلي عن الجنسية السابقة في كل حالات اكتساب الجنسية الجزائرية.
و منه كان يشترط إضافة إلى الشروط السابق ذكرها وجوب تقديم طالب الاسترداد تصريح بالتخلي عن جنسيته السابقة مادام أن الاسترداد هو اكتساب جنسية طارئة، و الحكمة من تقرير هذا الشرط هو تأكد الدولة الجزائرية من حرص طالب الاسترداد في الحصول من جديد على جنسيته الجزائرية، كما تتحرى من خلاله على ولائه و إخلاصه للجزائر و مدى اندماجه في المجتمع الجزائري و قطعه روابطه مع الجماعة التي كان ينتمي إليها.
إلا أن المشرع الجزائري ألغى هذه المادة بموجب التقرير الأخير، و هذا من شانه أن يشجع ازدواج الجنسية، و لذا كان من الأحسن لو ترك المشرع هذه المادة لتفادي هذه الظاهرة.


المطلب الثاني: آثار الاسترداد
يرتب استرداد الجنسية عدة آثار قانونية إحداها فردية، و الأخرى جماعية.
ففيما يخص الآثار الفردية، فإنها تتعلق بالشخص المسترد فقط، و قد نص المشرع الجزائري كأغلب التشريعات المقارنة أن استرداد الجنسية يحدث أثره في عودة الصفة الجزائرية للشخص و تمتعه بكل حقوق المواطنة الجزائرية طبقا للمادة 15 من أمر 70/86 من تاريخ نشر مرسوم الموافقة على طلب الاسترداد في الجريدة الرسمية دون أي أثر رجعي على الماضي.
و منه يبقى المسترد أجنبي في الفترة الممتدة بين فقد جنسيته و استردادها، و لذا يذهب البعض إلى القول أن هذا الأثر الفوري يؤكد أن '' الاسترداد ما هو إلا اكتساب جنسية طارئة ''.
في حين يرى البعض الآخر من الفقهاء أن الاسترداد ليس طريقا لكسب الجنسية الطارئة مادام أن المسترد لا يعتبر دخيلا عن الجماعة، إذ أنه كان ينتمي إليها من قبل، كما أنه لا يخضع لفترة الإختبار المقررة عادة للوطني الدخيل، بل يتمتع بكافة حقوق مواطني الدولة حتى السياسية منها.
و نحن نميل إلى الرأي الأول خاصة و أن المشرع الجزائري ألغى بموجب أمر 05/01 المادة 16 التي كانت تقضي بجواز حرمان مؤقتا و لمدة خمس سنوات المتجنس بالجنسية الجزائرية من مزاولة نيابة انتخابية.
كما أنه لو كان الاسترداد هو استرجاع جنسية أصلية لرتب المشرع آثاره بأثر رجعي منذ ميلاد الشخص و عليه يمكن تجريد الشخص من جنسيته الجزائرية طبقا للمادة 22 مادام استرداد الجنسية يثبت بأثر فوري، و قد نص المشرع الفرنسي على إمكانية تجريد المسترد من جنسيته الفرنسية.
و أما الآثار الجماعية للاسترداد، فهي تلك الآثار التي تتعدى الشخص المسترد و ترتد على زوجته و أولاده، وقد نص عليها المشرع الجزائري بموجب نص المادة 17 من قانون الجنسية الجزائرية، و يجب التمييز في هذا الصدد بين مرحلتين، تتعلق الأولى بالفترة ما قبل صدور أمر 05/01 و أما الثانية تتعلق بالفترة التي تلت صدور و تعديل قانون الجنسية الجزائرية.
أولا: مرحلة ما قبل صدور أمر 05/01:
نص المشرع الجزائري بموجب المادة 17/2 من أمر 70/86 على الآثار الجماعية للاسترداد و لم يرتب في هذا الصدد أي أثر على جنسية زوجة المسترد، متأثرا بذلك بمبدأ استقلالية الجنسية في العائلة.
كما أنه لم يرتب على جنسية الأولاد الراشدين أي أثر لاسترداد والدهم جنسيته الجزائرية المفقودة و لو فقدوها بسبب الأثر الجماعي لفقد أبيهم جنسيته.
و منه ترك لهم المشرع حرية التعبير عن رغبتهم في استرداد جنسيتهم الجزائرية شخصيا ماداموا راشدين عن طريق تقديم طلب استرداد مستقل عن طلب أبيهم متى توافرت فيهم الشروط القانونية المطلوبة.
في حين أنه نص على امتداد أثر استرداد الوالد الجنسية الجزائرية إلى أولاده القصر بشرط أن يكونوا قصر أي غير بالغين سن الرشد و أن يكونوا مقيمين فعلا مع والدهم وقت صدور مرسوم الاسترداد و أن لا يكونوا متزوجين كون أن القاصر يصبح راشدا بالزواج و مستقلا عن والده في معيشته.
و قد ميز المشرع الجزائري بشأن الأولاد القصر بين طائفتين، تشمل الأولى القاصر الذي فقد الجنسية الجزائرية الأصلية بفقد أبيه لها و يسترد القاصر في هذه الحالة مثل والده الجنسية الجزائرية بقوة القانون.
و أما الطائفة الثانية تتعلق بالقاصر الذي يولد بعد فقد أبيه الجنسية الجزائرية، ففي هذه الحالة يكتسب الولد الجنسية الجزائرية بواسطة الأثر الجماعي للاسترداد بقوة القانون و لو لم يشملهم طلب الاسترداد لأنه لم يتمتع بها من قبل.
ثانيا: مرحلة ما بعد صدور تعديل 05/01:
عدل المشرع الجزائري بموجب الأمر 05/01 المادة 17 من أمر 70/86 و ألغى فقرتها الثانية التي كانت تنص على الأثر الجماعي للاسترداد.
و عليه لم يعد قانون الجنسية الجزائرية الحالي ينص على الأثر الجماعي للاسترداد رغم أهميته و خطورة هذه المسالة خاصة عندما يتعلق الأمر بالأولاد لاسيما القصر منهم كونهم هم أحوج للرعاية و كون أنه غالبا ما تزول عنهم جنسيتهم تلقائيا بسبب لا دخل لهم فيه و دون أن يتمكنوا من التعبير عن إرادتهم نظرا لقصرهم، لذا فمن مبادئ العدالة أن يستردوا جنسيتهم الجزائرية خاصة إذا فقدوها كأثر تبعي لفقد والدهم جنسيته الوطنية.
كما أن حذف المشرع النص المتعلق بالآثار الجماعية للاسترداد من شانه أن يؤدي إلى خلق ظاهرة انعدام الجنسية كما لو فقد القاصر جنسيته الجزائرية تبعا لفقد والده جنسيته و كان قانون جنسية الأم لا يدخله قي جنسيتها لاعتداده مثلا برابطة الإقليم، حينئذ يبقى القاصر عديم الجنسية و لا يتمتع بحماية أي بلد في العالم، لذا على المشرع الجزائري أن يتدارك هذا الفراغ التشريعي في أقرب الآجال، تفاديا للنتائج الوخيمة التي قد تنجر عنه، مسايرا بذلك مختلف التشريعات المقارنة التي أقرت باسترداد الأولاد القصر و حتى البالغين منهم جنسيتهم المفقودة نتيجة استرداد والدهم لجنسيته.
فقد نص المشرع الفرنسي بموجب أحكام المادة 24 مكرر 03 من قانون الجنسية الفرنسية الصادر بتاريخ 22/07/1993 على الأثر الجماعي لأبناء مسترد الجنسية الفرنسية الذين لم يبلغوا سن الثامنة عشر، إذ يكتسبون تلقائيا جنسيتهم الفرنسية التي فقدوها كأثر لفقد أبيهم جنسيته، و نص كذلك القانون السعودي بموجب أحكام المادة 19 منه على إمكانية استرداد القاصر دون قيد أو شرط جنسيته السعودية التي فقدها بالأثر الجماعي لفقد أبيه لها، إذا كان مقيما خارج السعودية وقت فقد والده الجنسية السعودية.
كما أن جل القوانين العربية أقرت بإمكانية استرداد الأولاد الراشدين جنسيتهم التي فقدوها كأثر تبعي لفقد أبيهم جنسيته كون أنه أصبحت لهم إرادة يعتد بها قانونا، بشرط أن يكونوا قد سبق و أن تمتعوا بهذه الجنسية و فقدوها تبعا لفقد أبيهم لها لما كانوا قصرا، كما عليهم أن يبدوا رغبتهم عند بلوغهم سن الرشد خلال مدة محددة عادة بسنة واحدة في استرجاع جنسية الدولة.
و من أمثلة ذلك ما نص عليه القانون المصري إذ منح للقصر إمكانية استرداد جنسيتهم المصرية التي فقدوها بسبب تغيير أبيهم جنسيته و لاكتسابهم لهذه الجنسية الجديدة متى أبدوا الرغبة في اختيار استرجاع الجنسية المصرية في أجل سنة من بلوغهم سن الرشد.
و تجدر الملاحظة أن القانون العماني تشدد في منح القاصر الذي فقد جنسيته نتيجة فقد أبيه لها إمكانية استردادها إذ اشترط أن يعلن عن رغبته في استردادها سنة بعد بلوغه سن الرشد و متى توافرت فيه الشروط المقررة في التجنس العادي ماعدا شرط مدة الإقامة الذي أعفاه منه.

المبحث الثالث: ظاهرة انعدام الجنسية التي يثيرها الزواج
تعد ظاهرة انعدام الجنسية من اخطر الظواهر التي قد تلحق الفرد و تسبب له أضرارا كثيرة، كون أن عديم الجنسية يعد أجنبي في كل بلدان العالم فلا يتمتع بالحماية الدبلوماسية التي تقررها الدول لرعاياها، و يكون دائما عرضة الترحيل و الإبعاد من كل إقليم يحاول الحلول به.
و قد اصطلح الفقه خطأ على تسمية انعدام الجنسية بالتنازع السلبي للجنسيات كون أن هذا المصطلح غير دقيق و غامض لأن انعدام الجنسية لا يثير أصلا تنازعا بين الجنسيات بل يتعلق الأمر بحالة لا تتزاحم فيها دولتان أو أكثر على اعتبار شخص معين من رعاياها، ومنه فهو اسم على غير مسمى.
و عليه يمكن تعريف ظاهرة انعدام الجنسية على أنها الوضع القانوني لشخص لا ينتمي لأية دولة من دول العالم كونه لا تتوفر فيه شروط اكتساب أية جنسية من جنسيات العالم، أو هو الوضع الذي يجد فيه الشخص نفسه منذ ميلاده أو في تاريخ لاحق على الميلاد مجردا من حمل جنسية أية دولة من الدول.
و قد عرفت اتفاقية نيويورك المبرمة بتاريخ 28/09/1954 المتعلقة بحالة و وضع عديمي الجنسية في مادتها الأولى عديم الجنسية على أنه '' الشخص الذي لا تعتبره أية دولة رعية لها بالتطبيق لتشريعها.''
و بهذا المفهوم فإنه يختلف عديم الجنسية apatride عن اللاجئ السياسي politique réfugié كون أن هذا الأخير يتمتع بجنسية دولة معينة إلا أنه هجرها و استقر على إقليم دولة أخرى خوفا من الاضطهاد أو معاقبته بسبب جنسه أو عقيدته أو انتمائه السياسي أو أفكاره الاقتصادية، فهو إن كان لا يتمتع بحماية دولته إما لتنازله عن طلب الحماية أو لرفضها ذلك، فإنه يتمتع غالبا بحماية الدولة المقيم فيها بصفته لاجئ سياسي، فلا يجوز لها تسليمه أو طرده، كما أنه يستفيد من الحماية المقررة للاجئين السياسيين المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية، عكس عديم الجنسية الذي لا يتمتع بأية جنسية على الإطلاق، و عليه يعد في مركز اقل من اللاجئ السياسي و الأجنبي كونه غير مشمول أصلا بالحماية الدبلوماسية.
كما أن عديم الجنسية يختلف أيضا عن الأجنبي، كون أن الأجنبي يعتبر من رعايا دولة ما و أجنبي في الدول الأخرى أما عديم الجنسية يعد أجنبيا في كل دول العالم.
و قد بينت محكمة القضاء الإداري المصري هذا التباين في حكمها الصادر بتاريخ 18/01/1955 الذي جاء فيه أنه: '' إذا صح أن عديم الجنسية ينطوي في المدلول العام لمعنى الأجنبي، فلا ريب أن صفة الأجنبي بالنسبة إليه ليست نسبية كما هو الحال فيما يتعلق بالأجنبي العادي، و إنما هي مطلقة، إذ الواقع أنه أجنبي عند جميع الدول، و هو بهذا الوصف لا يتمتع بأي نظام قانوني دولي مما يتمتع به الأجنبي المعتبر عضوا أصيلا في مجتمع معين يستمد من الرابطة القانونية القائمة على انتمائه إلى هذا المجتمع حقوقا يلتزم مقابلها بواجبات و لا يعني اعتبار عديم الجنسية أجنبيا بالمعنى المتقدم أن يصبح هو و غيره من الأجانب على حد السواء في المركز القانوني، أي حالته و وضعه لا تحكمها مجموعة القواعد القانونية التي تقرر في دولة معينة نظاما خاصا بالأجنبي يختلف به عن الوطني من حيث التمتع بالحقوق العامة أو الخاصة، و إنما يخضعان لنظام لا يسوي في المعاملة أو المركز القانوني بينه و بين الأجنبي ذي الجنسية المحددة.''
و بناء على ما سبق، سنتطرق في هذا المبحث من خلال المطلبين التاليين إلى أسباب انعدام الجنسية و المشاكل التي تطرحها هذه الظاهرة و كيفية علاجها و تفاديها عن طريق الزواج المختلط.
المطلب الأول: أسباب انعدام الجنسية والمشاكل التي تثيرها
تعبر ظاهرة انعدام الجنسية عن عجز القانون الدولي لحماية الأفراد ، نظرا للمشاكل التي تلحق الشخص من جراء هذه الظاهرة، إذ يعتبر عديم الجنسية كما أسلفنا الذكر أجنبي في مواجهة كل الدول فهو كما يقول الفقيه أوبنهايم oppenheim ''كالسفينة التي تسير في البحر بدون علم تتخبط في عرض البحر''.
و بالنتيجة فإن ذلك يثير تساؤل بشأن مدى تمتع عديم الجنسية بالحقوق و إخضاعه للتكاليف في الدولة التي تأويه، مادام لا يعامل معاملة الأجانب العاديين.
و ما يزيد الطين بلة هو مشكلة تحديد القانون الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للدول التي تعتد في ذلك بجنسية الأفراد مثل القانون الجزائري .
و يعود ظهور هذه الظاهرة الخطيرة إلى أسباب كثيرة و متنوعة، و لكن سنقتصر في هذا المقام على ذكر الأسباب التي يثيرها الزواج المختلط و تشمل هذه الأخيرة أسباب ترجع إلى وقت ميلاد الشخص و أسباب أخرى ترد إلى فترة لاحقة لميلاده.
أولا: الانعدام المعاصر للميلاد
تنحصر هذه الأسباب أساسا في الآثار التي يرتبها إبرام عقد الزواج أو انحلاله على جنسية الأولاد لاختلاف المعايير التي تأخذ بها الدول التي ينتمي لها الوالدين في شأن فرض جنسيتها الأصلية.
فتتحقق هذه الظاهرة كلما ولد شخص و لم تثبت له جنسية دولة معينة كأن يولد طفل لأبوين مختلفي الجنسية يأخذ قانوني جنسيتهما بحق الإقليم لمنح الجنسية للأولاد في دولة أخرى تمنح جنسيتها على أساس حق الدم، ففي هذه الحالة لا يكتسب الولد لا جنسية أبويه لأنه ولد في بلد أجنبي عن بلدهما و لا جنسية الدولة التي ولد فوق إقليمها مادام لا يحمل أبويه جنسيتها. كما يمكن أن يتحقق انعدام جنسية الولد بالرغم من اتحاذ دول أبويه في الأسس التي تأخذ بها في فرض جنسيتها كأن تأخذ قانوني أبويه بحق الدم المستمد من الأب فقط و يكون هذا الأخير مجهول أو عديم الجنسية، فيلد الطفل في هذه الحالة عديم الجنسية منذ ميلاده.
و قد يولد كذلك الشخص عديم الجنسية إذا كان مجهول الأبوين و ولد في بلد يمنح جنسيته على أساس الدم فقط دون الاعتداد برابطة الإقليم.
و أخيرا قد يولد الطفل عديم الجنسية إذا كان قانون جنسية الأم يفقدها جنسيتها بالزواج بأجنبي، ولا يكسبها قانون الزوج جنسيته أو يكسبها إياها و لكن يعتد قانون جنسيته برابطة الإقليم إلا أن الولد يولد خارج دولة الأب أو ينكر الأب نسب إبنه فيبقى عديم الجنسية كونه لا يمكنه اكتساب جنسية أمه لأن هذه الأخيرة أصبحت كذلك عديمة الجنسية بسبب زواجها من أجنبي.
ثانيا: انعدام الجنسية الطارئ بعد الميلاد:
يتحقق هذا النوع من الانعدام كلما فقد الشخص جنسيته دون اكتساب جنسية أخرى، و تعود أسباب ظهور هذا النوع من انعدام الجنسية إلى نوعين من الأسباب، إحداهما أسباب غير إرادية تتمثل أساسا في أنانية الدول و مغالاتها في تجريد و سحب جنسيتها دون اكتراثها بمصالح و مصير الأفراد ، و الأخرى أسباب إرادية تتجلى أساسا في تخلي الشخص على جنسيته لاكتساب جنسية زوجه الجديد مثلا إلا أنه لا ينجح في الحصول عليها.
قد ينتج إنعدام الجنسية من تباين موقف بعض التشريعات فيما يتعلق بأثر زواج المرأة، كأن ينص قانون المرأة الوطنية على فقدها جنسيتها تلقائيا بزواجها من أجنبي، بينما لا يكسبها قانون جنسية الزوج جنسيته، فتبقى عديمة الجنسية.
و على العكس من ذلك، فقد يشترط قانون جنسية الزوج لمنح الجنسية للزوجة تخليها عن جنسيتها السابقة مثل نص المادة 12 من قانون 63/96 الملغى إلا أنه بعد صدور مرسوم قبول طلب التخلي عن الجنسية، لا تمنح دولة الزوج الجنسية لتلك الزوجة فتصبح عديمة الجنسية لانحلال الرابطة الزوجية مثلا قبل انقضاء المدة اللازمة لاستمرارية الزواج أو لبطلان الزواج مثلا في نظر دولة الزوج رغم صحة في نظر دولة الزوجة.
و أخيرا قد يجرد الشخص من الجنسية التي اكتسبها بفضل الزواج بعد أن تخلى عن جنسيته السابقة فيصبح عديم الجنسية.
و بعد استعراض كل أسباب ظهور انعدام الجنسية المعاصرة أو اللاحقة للميلاد سوف نتطرق فيما يلي إلى المشاكل التي تثيرها هذه الظاهرة.
المطلب الثاني: الحلول الوقائية و العلاجية لحل مشكلة انعدام الجنسية:
نظرا للمشاكل التي تلحق الفرد من جراء انعدام جنسيته، حاول الفقه و كذا الدول عن طريق تشريعاتها الداخلية و هيئاتها القضائية و حتى عن طريق إبرام المواثيق الدولية إيجاد حلول وقائية و أخرى علاجية للإقلال من حدة المشاكل عند وقوع هذه الظاهرة. سنتطرق لهذه الحلول من خلال الفرعين المواليين:
الفرع الأول: الحلول الوقائية المقترحة:
اقترحت الدولة عدة وسائل لاستئصال ظاهرة انعدام الجنسية من جذورها سواء تم هذا الانعدام وقت ميلاد الشخص أو في وقت لاحق لميلاده نذكر منه ما يأتي:
1- نصت اتفاقية لاهاي بتاريخ 12/04/1930 في مادتيها 14 و 15 على أخذ الدول بحق الإقليم لمنح الجنسية الوطنية للشخص الذي يولد من أبوين مجهولين أو عديمي أو مجهولين الجنسية، و قد تبنت معظم الدول هذا الحل في تشريعاتها الداخلية كالقانون الجزائري إذ نص على اعتبار الولد المولود في الجزائر من أبوين مجهولين جزائري بموجب أحكام المادة 07 من أمر 05/01، إلا أنه لم ينص على الولد المولود من أبوين مجهولين أو عديمي الجنسية عكس القانون السوري الذي أورد حكما بنصه على اعتبار الشخص المولود في الإقليم السوري وطني إذا استعصى عليه اكتساب جنسية دولة أخرى بناءا على حق الدم.
2- كما أنه يمكن تدارك نشوء حالة انعدام الجنسية في الدول التي تأخذ بحق الدم من جهة الأب فقط لمنح جنسيتها بتبنيها معيار حق الدم من جهة الأم كأساس احتياطي يلجأ إليه عند استعصاء كسب الجنسية عن طريق الأساس الأصلي، كأن يجرد الزوج من الجنسية التي اكتسبها عن طريق الزواج فيصبح عديم الجنسية، فتمنح في هذه الحالة الزوجة جنسيتها لأولادها تفاديا لصيرورة أبنائها عديمي الجنسية.
و تجدر الإشارة أن المشرع الجزائري قد قرر بموجب تعديل قانون الجنسية بالأمر 05/01 المساواة بين الأب والأم الجزائريين في منح جنسيتهما لأولادهما.
3- و قد علقت المادة الثامنة من اتفاقية لاهاي السالفة الذكر فقد المرأة جنسيتها لزواجها مع أجنبي على كسب هذه الأخيرة جنسية زوجها الجديدة فعليا بنصها على أنه: ''إذا كان قانون المرأة يفقدها جنسيتها بسبب زواجها بأجنبي، فإن هذا الأثر يعلق على اكتسابها جنسية زوجها'' و قد تبنى القانون الأردني هذا الحل.
4- و اقترح بعض الفقهاء لتفادي انعدام جنسية الزوجة المتزوجة أجنبيا، اكتسابها جنسية زوجها من يوم زواجها، إذا كان قانونها الوطني يجردها من جنسيتها الأصلية إذا تزوجت أجنبيا.
5- و يمكن كذلك تفادي انعدام جنسية احد الزوجين المكتسبة بسبب الزواج بعدم سحبها بعد انحلال الرابطة الزوجية إلا إذا استردا جنسيتهما الأصلية السابقة، و قد نصت اتفاقية مونتيفيدو المبرمة سنة 1933 على حكم مماثل في مادتها السادسة التي نصت على عدم ترتيب إبرام أو انحلال الزواج أي أثر على جنسية أحد الزوجين و الأولاد المكتسبة بسبب الزواج.
6- كما نصت اتفاقية جامعة الدول العربية المبرمة بتاريخ 05/04/1954 الخاصة بالجنسية في مادتها الثانية على استرداد الزوجة جنسيتها السابقة تلقائيا إذا سحبت دولة الزوج جنسيتها عنها تفاديا لانعدام جنسيتها، و تنص كذلك أن جنسية الزوجة العربية لا تتأثر بزواجها من عديم الجنسية بحيث لا تسقط جنسيتها بزواجها منه .
7- بالإضافة إلى ذلك يمكن تفادي انعدام جنسية الزوج الذي يرغب في اكتساب جنسية زوجه بسبب الزواج، بعدم اشتراط دولة الزوج الآخر تخلي الزوج عن جنسيته السابقة لمنحها جنسيتها و تجدر الإشارة أن المشرع الجزائري ألغى المادة 03 من أمر 70/86 بموجب أمر 05/01 التي كانت تشترط تخلي الشخص عن جنسيته الأصلية لاكتساب الجنسية الجزائرية.
8- و نصت المادة 7 من اتفاقية لاهاي حكما مماثلا في هذا السياق، إذ قضت بتعليق تسليم الإذن بالتخلي عن الجنسية السابقة باكتساب الشخص الجنسية الجديدة فعلا، و قد تبنى المشرع الجزائري هذا الحكم في المادة 18 من أمر 70/86 باشتراطه فقد الزوجة الوطنية التي تتزوج أجنبيا جنسيتها الجزائرية اكتسابها فعلا جنسية زوجها بالزواج.
و في الأخير نخلص إلى القول أنه رغم اهتمام المجتمع الدولي بظاهرة انعدام الجنسية بإبرام الاتفاقيات و الأخذ بعين الاعتبار الحلول لتفادي وقوع هذه الظاهرة عند سنها تشريعاتها، إلا أنه يستحيل استئصال هذه الظاهرة جذريا لانفراد كل دولة بتنظيم أحكام جنسيتها، لذا اقترح الفقيه سال scelle لعلاج الانعدام بصفة نهائية إعطاء عديمي الجنسية، جنسية دولية تعادل جنسية الدول، و وضعهم تحت حماية هيئة خاصة أو دولية ترفع الدعاوي باسمهم لدى المحاكم الدولية.
إلا أن هذا الحل يعد ضربا من الخيال لاصطدامه بمبدأ حرية الدول تنظيم أحكام جنسيتها ، لذا عكفت الدول على تنظيم المركز القانوني لعديم الجنسية.






الفرع الثاني: الحلول العلاجية المقترحة:
سبق و أن ذكرنا أنه لا يمكن اجتثاث ظاهرة انعدام الجنسية من جذورها نهائيا، لذا راحت الدول تفكر في تنظيم المركز القانوني لعديم الجنسية الذي يمثل في حقيقته حلول علاجية لأهم المشاكل التي تثيرها هذه الظاهرة، و تنحصر أساسا في تقرير الحماية الدولية لعديم الجنسية و كذا تحديد القانون الواجب التطبيق على أحواله الشخصية عن طريق إبرام اتفاقيات و سن أحكام في التشريعات الداخلية.
ففيما يخص الحماية الدولية المقررة لعديم الجنسية، نظمت اتفاقية نيويورك المبرمة بتاريخ 28/07/1954 المتعلقة بعديمي الجنسية، الوضعية الدولية لعديمي الجنسية، فحثت الدول المتعاقدة على تسهيل إجراءات تجنس عديم الجنسية بجنسية الدولة التي يقيم فوق إقليمها، كما منحت عديم الجنسية تقريبا نفس الحقوق الممنوحة للاجئ السياسي مع بعض الفوارق البسيطة، فمثلا لا يعفى عديم الجنسية من العقاب إذا دخل إقليم بلد معين دون رخصة عكس اللاجئ السياسي.
و قد نصت الجزائر بموجب المرسوم التنفيذي المؤرخ في 25/07/1963 على سريان أحكام اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين المبرمة بتاريخ 28/07/1951 على عديمي الجنسية، و أحدثت بموجب نفس المرسوم مكتبا خاصا بالحماية لدى وزارة الشؤون الخارجية، كون أنه يعاب على اتفاقية نيويورك عدم تضمنها نصوصا خاصة بإنشاء هيئة عليا لمراقبة تطبيقها عكس اتفاقية جنيف المتعلقة باللاجئين السياسيين.
كما يمكن لعديم الجنسية الاستناد إلى العهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية و السياسية و كذا الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية الصادرين عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/12/1966 للتمتع بالحقوق الأساسية للأفراد كالحق في التعليم و الحق في العمل و الحق في التنقل لعدم تمييز العهدين بين الأفراد على أساس جنسهم أو عرقهم أو انتمائهم الديني أو جنسيتهم للتمتع بهاته الحقوق.
في حين أن اتفاقية نيويورك لم تنص على حق عديم الجنسية في ممارسة المهن الحرة أو على حقه في إنشاء الجمعيات، كما أنها لم تتمكن من حل مشكل إقامة عديم الجنسية، إذ لا يمكن إجبار الدول على منح تأشيرة دخول عديم الجنسية إقليمها و السماح له بالاستقرار فوق إقليمها إذا كان ذلك متعارضا مع مصالحها.
أما فيما يخص تحديد القانون الواجب التطبيق على مسائل الأحوال الشخصية لعديم الجنسية بالنسبة للدول التي تأخذ بالجنسية كضابط للاستناد في شأن هذه المسائل كالقانون الجزائري، فإنه يستحيل إعمال ضابط الجنسية عندما يتعلق الأمر بشخص عديم الجنسية، فقد اختلف الفقه و التشريعات في تعيين الضابط البديل و الاحتياطي الذي يستعاض به بدلا من ضابط الجنسية.
فذهب جانب من الفقه إلى القول بتطبيق قانون الدولة التي ولد فوق إقليمها عديم الجنسية إلا أنه يعاب على هذا الرأي تطبيق على عديم الجنسية قانون بلد امتنع عن منحه جنسيته.
و ذهب بعض الفقهاء إلى القول بتطبيق قانون آخر جنسية تمتع بها عديم الجنسية و قد تبنى القانون الألماني هذا الاتجاه قبل تعديله سنة 1938، إلا أنه لا يمكن تطبيق هذا الحل في كل الحالات فقد يولد الشخص عديم الجنسية و يبقى كذلك طوال حياته.
و اقترح آخرون تطبيق قانون الجنسية التي جرد منها الشخص تعسفيا، غير أنه لا يمكن لدولة ما التدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى و تقرير مدى تعسف الدولة في تجريد الشخص من جنسيته إذ لا يوجد هيئة تعلو على الدولة في القانون الدولي.
في حين أن بعض الدول الأخرى نصت على تطبيق قانون القاضي كقانون الإمارات العربية المتحدة و القانون المغربي، إلا أن هذا الموقف منتقد كون أنه قد يؤدي إلى تطبيق قانون على عديم الجنسية لا يرتبط به من الناحية الواقعية وقت قيام الخصومة.
و إزاء قصور المعايير السابقة المقترحة نصت بعض الدول على ترك سلطة تعيين القانون الواجب التطبيق إلى القاضي يستشفه من ظروف و ملابسات كل قضية، فهو كما يقول البعض حل شبيه بفكرة الجنسية الفعلية و قد نص القانون المصري على هذا الحل، كما تبنى المشرع الجزائري هذا الحكم بموجب أحكام المادة 22/2 من القانون المدني قبل تعديله سنة 2005 إذ نص على أنه '' في حالة انعدام الجنسية يعين القاضي القانون الواجب تطبيقه''.
إلا أنه يعاب على هذا الاتجاه عدم تحديد المشرع ضوابط اختيار هذا القانون، مما يفتح الباب لتعسف القضاة.
و أما الرأي الراجح فقها و قضاء ذهب إلى تطبيق قانون دولة موطن عديم الجنسية أو محل إقامته، وقد اعتمدت اتفاقية نيويورك في مادتها الثانية عشر نفس الحل.
و قد تبنت معظم التشريعات الغربية هذا الحل كالقانون الاسباني الصادر سنة 1974 و القانون السويسري الصادر سنة 1987.
كما قضت المادة 22 /3 من القانون المدني بعد تعديله سنة 2005 على نفس الحكم بنصها على أنه ''و في حالة انعدام الجنسية يطبق القانون الموطن أو قانون محل الإقامة ''.
و قد أصاب المشرع عندما عدل هذه المادة كونها كانت تتعارض قبل التعديل مع أحكام اتفاقية نيويورك التي صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم رقم 64/173 المؤرخ في 8/6/1964 مع أن المادة 132 من الدستور الجزائري تنص على سمو المعاهدات المصادق عليها على التشريع الداخلي، لذا على المشرع أن يعدل التشريع الداخلي بما يتوافق مع المعاهدات التي تصادق عليها الدولة الجزائرية.










رد مع اقتباس