منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - استشارات نفسية و اجتماعية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-12-13, 16:06   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تستطيع أن تتحمل أختها ولا أن تعيش معها

السؤال


أبي وأمي متوفيان ، لدي مشكلة عجزت عن حلها ، وهي أختي ، تسكن معنا ومقاطعة لنا ، ولا تحدثنا ، وأشعر أنها تكرهنا ، وأحيانا أشعر أنها مريضة نفسية

أريد طريقة لتجاهلها وعدم مراقبتها ومراقبة تصرفاتها وأفعالها المستفزة

. دائما تستفزنا بتصرفات لا تطاق وأنا عجزت عن التحمل ، أحيانا كثيرة أحس بألم عضوي في الصدر نتيجة تصرفاتها ، وخاصة أني لا أبوح ولا أشكو لأحد

والله تعبت ، والمشكلة أنها لا تحس بأخطائها ، وتدعى دائما أنها مظلومة ؟!


الجواب


الحمد لله


نحن نقدر ما تعانين منه ، وسنقدم لك عدة نصائح تهون الأمر عليك وتجعلك ترتاحين في معاملتك لأختك .

أولا :

كان من خلق الرسول صلى الله عليه وسلم – ونحن مأمورون بالاقتداء به – أنه يقابل من أساء إليه بالإحسان إليه . وهذا أدب قرآني أدبنا الله تعالى به

قال الله تعالى : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فصلت/34.

ومعنى هذا : أن مقابلة السيئة بالحسنة ، ستزيل عداوة ذلك العدو ، وتجعله صديقا حميما .

هكذا يفعل الإحسان في النفوس ويغيرها من العداوة والبغض إلى الصداقة الحميمة والمحبة .

ثانيا :

هوني على نفسك أختي السائلة ، لماذا كل هذا الانفعال والتأثر والغضب

ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ، فرسولنا صلى الله عليه وسلم لم يغضب لنفسه قط ؛ كم أساء إليه المشركون وآذوه وسبوه

بل حاولوا قتله عدة مرات ؟ ومع ذلك كان سليم الصدر صلى الله عليه وسلم

لم يحمل ضغينة ولا حقدا ولا غلا على أحد ، ولا غضب من أحد لكونه اعتدى عليه صلى الله عليه وسلم ، وإنما كان يغضب إذا انتهكت حدود الله وتعالى .

فجاهدي نفسك على عدم الغضب لنفسك ، وقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَغْضَبْ، لَا تَغْضَبْ، لَا تَغْضَبْ .... كررها مرارا ) رواه البخاري (6116) .

ثالثا :

من تتحدثين عنها هي أختك ، التي يجب عليك صلتها وبرها والإحسان إليها ، وهي أولى الناس بحسن معاملتك ، وأن تتحملي منها ما لا تتحملين من غيرها .

وصلة الرحم الحقيقية تكون مع الأقارب الذين يسيئون إلى الإنسان ، وليست مع الذين يحسنون إليه ؛ لأن من يحسنون إليه هو مأمور بمكافأتهم على معاملتهم الحسنة لهم .

رابعا :

هناك أسباب كثيرة تجعلك تتحملين أختك ، هي أختك التي يطلب منك صلتها والإحسان إليها .

وأيضا : برا بأبويك ، فإن من البر الذي يستمر بعد وفاة الوالدين

: أن يراعي الولد حرمة أبويه ، فيحسن إلى أصدقائهما وأقاربهما وأحبابهما . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيه ) رواه مسلم (2552) . وانظري إلى تطبيق الصحابة لهذا الحديث :

فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ لَقِيَ عبد الله بن عمر بِطَرِيقِ مَكَّةَ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ ، وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ . فَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ : فَقُلْنَا لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ ! إِنَّهُمْ الْأَعْرَابُ

وَإِنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِالْيَسِيرِ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ... وذكر الحديث المتقدم .

فتأملي ، كيف أكرم عبد الله هذا الرجل وأعطاه حماره وعمامته ، لا من أجل أنه كان صديقا لعمر ، بل كان أبوه صديقا لعمر وودا له ؟!

خامسا :

المسلم سليم القلب تجاه إخوانه المسلمين ، لا يحمل في قلبه حقدا ولا غلا ولا كراهية لأحد ، إلا أن يكرهه بسبب معصيته لله تعالى ، وفي الوقت ذاته يحبه لما معه من إيمان وإسلام وطاعة لله تعالى .

هذا موقف المسلم من المسلمين عموما ، فكيف بأقرب الناس إليه ؟

سادسا :

لماذا لا تحاولين أن تعيشي مع أختك بالحب والرفق واللين بدلا من المنازعات والعداوة والشكاوى للناس ؟

لماذا لا تظهرين لها أنك تحبينها وتحبين لها الخير؟

لماذا لا تصارحينها بذلك ؟ أنك تحبينها ، وتحبين أن تعيشي معها في هدوء ، وأن لا يدخل الشيطان بينكما فيفسد علاقتكما ، مما يترتب عليه القلق والحيرة والحزن والكراهية .... وكل ذلك يفرح به الشيطان .

ثم لا شك أن تلك العلاقة المتوترة سوف تؤثر على دينك وصلاتك وعبادتك لله ، وذلك أيضا مما يفرح به الشيطان .
وانظري إلى يوسف عليه السلام رغم كل ما فعله معه إخوته

قال : ( مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ) يوسف/100. وسامحهم وعفا عنهم حينما تمكن منهم وقال : ( قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) يوسف/92.

أي : لا لوم عليكم . ثم دعا لهم بالمغفرة على ما فعلوه .

فلماذا لا تقتدين بيوسف عليه السلام ؟ وقد قص الله لنا قصته لنأخذ منها العبرة ونستفيد منها .

لماذا لا تغيظين الشيطان الذي يريد أن يفسد علاقتك بأختك ؟

لماذا لا تكثرين من الدعاء لها بالهداية والصلاح والمغفرة ؟

لماذا لا تحاولين أن تعيشي معها في هدوء رغم كل ما تفعله وتشتكين منه ؟

سابعا :

ثم اعلمي أن كل ما يصيب المؤمن من هم أو حزن أو تعب حتى أقل شيء ... كل ذلك يكفر الله به من خطاياه

. فحتى لو أساءت أختك إليك ، فانظري إلى عاقبة تلك الإساءة ، وأن الله ساقها إليك لتكون سببا لتكفير ذنوبك ، حتى تلقي الله وما عليك خطيئة .

فأيهما أفضل لك ، وما الذي تختارين : أن تتحملي إساءتها ، ويكفر الله عنك ذنوبك

أو أن تلقي ربك بذنوبك كاملة ؟ قال الله تعالى : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/216.

وأخيرا ... إننا لا نوصيك بالصبر والتحمل فحسب ، بل نوصيك بالإحسان إليها على قدر ما تستطيعين ، وعلى قدر إحسانك إليها يكون ثوابك عند الله تعالى ، مع ما ترجين من تبدل أخلاقها ومعاملتها لك .

وبدلا من الدعاء بالموت ، أو انتظار الموت ، أو الشر ، بأختك ، أو بك أنت نفسك ، ضيقا منها ومن عيشها ؛ بدلا من ذلك كله : ادعي ربك أن يرزقك زوجا صالحاً ، وأن يرزق أختك هي الأخرى

: زوجا صالحا ؛ وساعتها تفترقان إلى أمر خير ، لك ولها ، وتزول الشحناء ، ويبارك الله لكما ، بمنه وكرمه .

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم وأن يجمع بينكم في خير .

والله أعلم .









رد مع اقتباس