منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - إلتزام المؤمن بتعويض ضحايا حوادث السيارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-28, 10:40   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 إلتزام المؤمن بتعويض ضحايا حوادث السيارات

مـقدمــــــة :
جاء المشرع بقانون إلزامية التأمين على السيارات لتغطية المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات، ففرض الكثير من الأحكام لتغطية الأضرار التي تصيب الذمة المالية للمؤمن له نتيجة رجوع الغير عليه بالمسؤولية، فوجد المسئول في هذا التأمين ملاذا يرفع عن كاهله عبء المسؤولية الثقيل، و يقيه من الإعسار إذا إشتد هذا العبء، كما أن المضرور بفضل هذا التأمين يستطيع أن يحصل على حقه في التعويض، و كان قبل ظهور نظام إلزامية التأمين على السيارات يصعب عليه الحصول على حقه من المسؤول متعثرا بين مماطلته و إعساره.
و بهذا فإن المشرع، و سعيا منه لتوفير أكبر قدر من الحماية للمضرور من حادث سيارة، لم يتوقف عند حد تسهيل عبء إثبات مسؤولية مرتكب الحادث، بل عمل أيضا على ضمان حصول المضرور على حقه في التعويض عن الضرر بأيسر و أسرع الوسائل، فجاء بنظام التأمين على السيارات و جعله إلزاميا، و رتب مسؤولية جزائية على مخالفة هذا الالتزام.
و بناءا على هذا النظام إذا وقع الخطر المؤمن منه، إلتزم المؤمن بتعويض المضرور المستفيد من التأمين، و ذلك عن طريق أدائه تعويض التأمين حسب المعايير و الحدود التي جاء بها قانون إلزامية التأمين على السيارات.
و بهذا فإن نظام التأمين يكون قد أعطى قيمة عملية للإلتزام بالتعويض حسب قواعد المسؤولية المدنية، إذ جنب المضرور مواجهة مدينا معسرا.
و حرصا من المشرع على الحصول المضرور من حوادث السيارات على حقه من التعويض كاملا، منحه الحق في دعوى مباشرة يرجع بها على شركة التأمين بالتعويض المستحق له في ذمة المؤمن له أو في ذمة كل من يغطي التأمين مسؤوليته، فبفضل هذه الدعوى يتجنب المضرور مزاحمة المؤمن له و دائنيه له.
و تجد الدعوى المباشرة مصدرها في قانون إلزامية التأمين على السيارات إذ تتفق مع الغاية الأساسية للتأمين من المسؤولية التي تتمثل في ضمان تغطية المسؤولية المدنية للمؤمن له قبل الغير عن حادث السيارة المؤمن عليها، أي ضمان تنفيذ إلتزام المؤمن له بتعويض الغير المضرور من حادث مرور تسببت فيه سيارة مؤمن عليها .
و لقد حدد المشرع المحكمة المختصة محليا و نوعيا بالفصل في الدعوى المباشرة و بين أطرافها و طبيعتها و آثارها التي تتطلب توضيح مجال إنتقال مبلغ التأمين إلى المضرور و حالة تعدد المضرورين في مواجهة المؤمن، ثم حالة تزاحم المضرور و مؤمنه من الأضرار.
و إمعانا من المشرع في حماية المضرور من حوادث السيارات أعطى للتأمين الإلزامي على السيارات طابعا عينيا، فألزم المؤمن بتغطية المسؤولية المدنية لكل من مالك السيارة و المكتتب بعقد التأمين عليها، و كذلك مسؤولية السارق و مستعمل العنف، كما يغطي أيضا هذا التأمين المسؤولية المدنية لمشتري السيارة وورثة مالك السيارة.
و لقد وسع المشرع من مجال المضرورين المستفيدين من التأمين على السيارات، من حيث أفاد به الغير سواء كانوا من المشاة أو ركاب السيارة التي تدخلت في إحداث الضرر أو ركاب السيارات الأخرى.


و أفاد كذلك السائق المتضرر من السيارة المؤمن عليها سواء كان هو المالك لها أو المكتتب بعقد التأمين عليها أو غيرهما، غير أن إلتزام المؤمن في هذه الحالة ليس إلتزام مطلق بل مقيد بحسب الأصل بأن لا يكون ممن يطالب فيهم بالتعويض مسؤول عن الحادث و أن لا يكون هناك ما يمكن نسبته إليه.
و بالإضافة إلى المتضررين المباشرين من حوادث السيارات، أفاد المشرع المتضررين بالارتداد وهم ذوي الحقوق الأشخاص السالف ذكرهم في حالة وفاتهم.
و لقد تدخل المشرع في تحديد الأخطار التي تدخل في ضمان التأمين الإلزامي على السيارات، فألزم المؤمن بتعويض المضرور عن الأضرار الجسمانية في حالة الإصابة محددا الأضرار القابلة للتعويض في هذه الحالة و كيفية حسابه، كما ألزم المؤمن بتعويض ذوي حقوق المضرور في حالة وفاته، فميز بين حالة وفاة ضحية قاصرة و حالة وفاة ضحية بالغة، و حدد المستفيدون من التعويض في كل حالة و كيفية حسابه بالنسبة لكل مستفيد.
و تدخل المشرع أيضا محددا بدقة الأضرار المستثناة من الضمان بقوة القانون، و الأضرار التي لا تضمن إلا بالإتفاق.
و يلاحظ في الأخير أن قانون التأمين الإلزامي على السيارات ألزم المؤمن بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بالمؤمن له نفسه أو أي شخص غيره مستفيد من غطاء التأمين من المسؤولية المدنية، و في هذه الحالة يفترض أن الحادث وقع بخطأ من الغير أو بفعله الموجب لمسؤوليته، و لا يستطيع المؤمن أن يتنصل من التزامه هذا مستندا في ذلك إلى أن المضرور يملك الرجوع بالتعويض على الغير المسؤول عن الحادث.
و لا ينكر أحد ما ينطوي عليه موضوع التأمين من المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات و نظام التعويض عن الأضرار الناتجة عنها من أهمية، لما ينطوي عليه في بحثه من مشكلات بالغة في دقتها، فالباحث في الموضوع يستشعر فيه جدلا كبيرا، و يلتمس تغييرا يتلاحق لا يقف عند حد، فالقضاء يتطور بشأنه باستمرار استجابة لمنطق العصر بظروفه و متغيراته.
و ما زاد من أهمية الموضوع هو المكانة التي أخذت تحتلها السيارة في حياتنا اليومية، فتوسعت إستخداماتها وتبعا لذلك زادت أهميتها، فأصبحت من أكثر الأشياء إحداثا للضرر إذ لا يمر يوم دون أن توافينا صفحات الجرائد بحوادث السيارات و ما تسببه من وفايات و إعاقات، و الازدياد المطرد لتلك الحوادث جعلها من أهم المشكلات في الوقت الحالي و التي أثارت اهتمام الدول فأعادت النظر في العديد من تشريعاتها،وذلك بما يتماشى و درجة تقدمها الصناعي، كما كان للفقه و القضاء دور في تفسير النصوص بطريقة تعطيها نوع من الليونة لمواجهة مستجدات الحياة، فتم التوصل إلى العديد من الوسائل و الطرق لحماية المضرور من حوادث السيارات، خاصة منها الجزائر التي تحتل أحد المراتب الأولى من حيث كثرة حوادث السيارات فيها.
هذا و رغم اتساع الإشكاليات التي يطرحها هذا الموضوع، فإنه يبدوا لنا أنه يرتبط بالإجابة على بعض التساؤلات و هي : ما هي الوسائل التي جاء بها المشرع لحماية المضرور من حوادث السيارات و ما مدى فعاليتها؟ وما مدى إلتزام المؤمن بالتعويض تجاه المضرور من حوادث السيارات ؟.


للإجابة على هذه التساؤلات، سوف أعتمد في هذا البحث على المنهج الوصفي عن طريق وصف نظام التأمين الإلزامي على السيارات من ناحية إلتزام المؤمن كما أعتمد على المنهج التحليلي الذي يتطلب تحليل هذا النظام وتقييمه، و باعتبار البحث القانوني المتكامل يكون بحثا مقارنا، سأقارن المنهجين الوصفي والتحليلي بالمنهج المقارن، حتى نتعرض لهذا النظام من أصوله التي ظهرت و تطورت في فرنسا، و تتاح لنا فرصة تقويم نظامنا الوطني.
ومن هذا المنطلق، ستشمل دراسة هذا الموضوع الوسائل التي جاء بها المشرع لحماية المضرور من حوادث السيارات بنظام التأمين، بما فيها الحق في الدعوى المباشرة في مواجهة المؤمن، كما تشمل الحالات التي تدخل في الضمان و الحالات التي تخرج من نطاقه و بذلك سأقسم دراستي إلى المبحثين:
المبحث الأول: الدعوى المباشرة للمضرور تجاه المؤمن.
المبحث الثاني: مدى إلتزام المؤمن بالتعويض تجاه المضرور.









 


رد مع اقتباس