منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - معنى اسم الله تعالى الرزاق
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-12-03, 17:37   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة


ثمراتُ الإيمان بهذين الاسمينِ:

1- إِنَّ المُتفَرِّدَ بالرزقِ هو اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ له

قال عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [فاطر: 3].

وقال سبحانه: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [سبأ: 24]

يُنبِّه اللهُ عبادَهُ إلى الاستدلالِ على توحيدِهِ وإفرادِهِ بالعبادَةِ، أَنّه سُبحانه هو المُسْتقلُّ بالخلْق والرِّزقِ لا يُشاركُه أحدٌ في ذلك، وإذا كان كذلك

فليُفرَد بالعبادةِ ولا يُشْرَكَ به غيرُه من الأصنام والأندادِ

ولهذا قال تعالى بعد ذلك: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾

أي: كيف تُصرَفون بَعْدَ هذا البيانِ عن عبادَةِ اللهِ وَحْدَهُ.

وقد أنكر اللهُ على المشركينَ عبادتَهم للأوثانِ والأصنامِ مع أَنَّها لا تملِكُ لهم رزقًا ولا تملكُ لهم ضرًّا ولا نفعًا

قال سبحانه: ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ [النحل: 73].

فأخبر تعالى أَنَّها لا تملِكُ لهم رِزقًا ولا تستطيعُ ذلك ثُمَّ

قال سبحانه: ﴿ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ﴾ [النحل: 74

أي: لا تجعلوا له الأندادَ والأشباهَ والأمثالَ ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 74]

أي: أَنَّه يعلمُ ويَشْهدُ أَنَّه لا إله إلا هو المتفَرِّدُ بالخلْقِ والرِّزقِ وأنتم بجهلِكُم تُشركون به

جامع البيان (29/ 6).

وكذا قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الروم: 40]

أي: لا يَقْدر شركاؤُكم على شيءٍ مِن ذلك أبدًا، بل لو أَمْسَكَ اللهُ سبحانه الرزقَ عن النَّاسِ، فلا يملك أحدٌ أَنْ يفتحَهُ عليهم من دُونِ اللهِ.

قال تعالى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فاطر: 2].

وقولُهُ جلَّ وعلا: ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ﴾ [الملك: 21]

أي: أمَّن هذا الذي يُطعمُكم ويَسْقِيكُم ويأتي بأقواتِكم إِنْ أمسَكَ ربُّكم رزقَهُ الذي يرزقُكم عنكم

جامع البيان (29/ 6).

وقد وَرَدَ عن النبي صلى الله عليه وسلم؛

أنه كان يقولُ إذا انصرفَ مِن الصَّلاةِ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللُه وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ"

رواه البخاري (6615)، ومسلم (593) عن المغيرة بن شعبة.

2- إِنَّ الله عز وجل متكفِّلٌ برزقِ مَنْ في السماواتِ والأرضِ

قال سبحانه: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6].

وقال: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ﴾ [العنكبوت: 60].

قال ابنُ كثير:

"أي: لا تُطيقُ جمعَهُ ولا تحصيلَهُ، ولا تَدَّخِرُ شيئًا لغدٍ، ﴿ اللَّهُ يَرْزُقُهَا ﴾

أي: يُقَيِّضُ لها رزقَها على ضَعْفِها ويُيَسِّره عليها، فيَبعثُ إلى كُلِّ مخلوقٍ من الرِّزْقِ مَا يُصْلِحُهُ حتَّى الذَّرَّ في قرارِ الأرضِ، والطيرُ في الهواءِ، والحيتانُ في الماء"

تفسير ابن كثير (3/ 420).

3- قال القرطبيُّ: "والفَرْق بين القُوتِ والرِّزق، أَنَّ القُوتَ ما به قَوامُ البنْيةِ مما يُؤكلُ ويَقعُ به الاغتذاءُ.

والرِّزقُ كلُّ ما يَدْخُل تحت مِلْكِ العبدِ: مما يُؤكلُ ومما لا يُؤكلُ، وهو مراتبُ أعلاها ما يُغذي.

وقد حَصَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وجوهَ الانتفاعِ في الرِّزق

في قوله: "يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ"

رواه مسلم (2958، 2959)، ولفظه هنا في الموضع الأول دون قوله: "وما سوى ذلك..." فهو في الموضع الثاني مع اختلافٍ في أوَّله.

وفي معنى اللِّباسِ يَدخُلُ المركوبُ وغيرُ ذلك مما يَنْتَفعُ به الإنسانُ، والقوتُ رِزْقٌ مخصوصٌ، وهو المضمونُ من الرِّزقِ الذي لا يَقطعُه عجزٌ

ولا يجلبُه كيْسٌ، وهو الذي أرادَ تعالى بقولِهِ: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6]

فلا ينقطعُ هذا الرزقُ إلا بانقطاعِ الحياةِ"

الكتاب الأسنى (ورقة 326 ب – 327 أ).

4- وكلُّ ذلك بلا ثِقَلٍ ولا كُلفَةٍ ولا مَشقَّةٍ، قال الطحاويُّ رحمه الله: "رازقٌ بلا مُؤْنةٍ" اهـ

العقيدة الطحاوية (ص: 125).

بل لو سألوه جميعًا فأعطاهم لم ينقُصْ ذلك مِن مُلكه شيئًا، كما جاء في قوله تعالى في الحديث القدسي:

"يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمِ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ البَحْرَ"

رواه مسلم (2577)، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن الله تبارك وتعالى.

5- إِنَّ اللهَ سُبحانه لم يَخْتصَّ برزقِهِ مَنْ آمن فِي الحياة الدُّنيا، وإنما كان الرِّزقُ فِي الدنيا للجميعِ، للمؤمنين والكافرين، وهذا مِنْ عظيمِ لُطْفِهِ سُبحانه

كما قال: ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ [الشورى: 19].

وعن أبي موسى الأشعري قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذَىً سَمِعَهُ مِنَ اللهِ، يَدْعُونَ لَهُ الوَلَدَ، ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ"

رواه البخاري (6099، 7378)، ومسلم (2804).

ومعناه أَنَّ الله سبحانه واسعُ الحِلْمِ حتى مع الكافرِ الذي يَنْسُبُ له الولدَ؛ فهو يُعافيه ويرزقُهُ.

6- إِنَّ الله سُبْحانَهُ متحكِّمٌ فِي أرزاقِ عبادِهِ فيجعلُ مَنْ يشاءُ غنيًّا كثيرَ الرِّزْقِ، ويقترُ على آخرين، وله فِي ذلك حِكَمٌ بالغةٌ

قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ﴾ [النحل: 71]

وقال سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 30].

قال ابنُ كثيرٍ:

"أي: خبيرٌ بصيرٌ بمَنْ يستحِقُّ الغِنى ومَنْ يستحِقُّ الفَقرَ"

تفسير ابن كثير (3/ 38).

فمِنَ العبادِ مَنْ لا يَصْلحُ حالهُ إلا بالغنى فإن أصابَهُ الفقرُ فسَدَ حالهُ، ومنهم العكسُ ﴿ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 30].

وقال ابنُ كثيرٍ

في معنى قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ﴾ [الشورى: 27]: "

ولو أعطاهُمْ فوقَ حاجتِهم من الرِّزقِ لحملَهُمْ ذلك على البَغْي والطُّغيانِ مِنْ بعضِهم على بَعْضٍ أَشَرًا وبَطَرًا".

ثم قال تعالى: ﴿ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27

وهذا كقوله سبحانه: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾[الحجر: 21].

7- كثرةُ الرِّزْقِ فِي الدُّنيا لا تدلُّ على محبَّةِ اللهِ تعالى، ولكنَّ الكفارَ لجهلهم ظنُّوا ذلك

قال تعالى عنهم: ﴿ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ *

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ: 35 - 37].

فظنَّ الكُفَّارُ والمُترَفونَ أَنَّ كثرةَ الأموالِ والأولادِ دليلٌ على محبَّةِ اللهِ لهم واعتنائِهِ بهم، وأَنَّه ما كان ليُعطيَهُمْ هذا فِي الدُّنيا ثم يعذّبَهُم فِي الآخرة

وقد رَدَّ اللهُ هذا بقوله: ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 55، 56]

ثم قال تعالى: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى ﴾،

أي: ليسَتْ كثرةُ الأموالِ والأولادِ، هي التي تقرِّبُ مِنَ اللهِ أو تُبعِدُ ﴿ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾، أي: إنما يُقرِّبُ من اللِه الإيمانُ به، وعملُ البِرِّ والصالحاتِ.

وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الَله لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَامِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ"، وفِي رواية: "وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ"

الروايتان لمسلم (2564/ 33، 34) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

وَبَيَّنَ تعالى أنهم يَرْضَوْنَ بالحياةِ الدُّنيا وأرزاقِها، ويطمئِنُّون إليها، ويَفرحون بها؛ لأنهم لا يَرْجُون بعثًا ولا حسابًا، غافلون عن الآخرِة وأهوالِهَا.

قال سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يونس: 7، 8].

وقال سبحانه: ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾ [الرعد: 26].

ولمْ يعلموا أَنَّ الدُّنيا عندَ اللهِ لا تَزِنُ شيئًا، كما جاء فِي حديثِ سَهْلِ بن سعدٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ"

رواه الترمذي (2422)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 46)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 253) من حديث عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم، عن سهل مرفوعًا، وعبد الحميد ضعَّفَهُ غيرُ واحد ولكن للحديث طُرُق منها:

1- ما أخرجه الخطيب في التاريخ (4/ 92)، والقضاعي في مسند الشهاب رقم (1439) من حديث مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا به.

2- ما أخرجه القضاعي في مسند الشهاب رقم (1440) من حديث محمد بن عمار، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا، وصالح صدوق اختلط، فالحديث صحيح لِطُرُقه

وانظر: السلسلة الصحيحة (686، 943).

ولذلك فإنَّ اللهَ يُعطيها لمن يُحِبُّ، ولَمِنْ لا يحبُّ؛ فليس كثرةُ الرِّزقِ دليلًا على الكرامَةِ

ولا قِلَّتُه دليلًا على الإهانةِ ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ [الفجر: 15، 16].

وقوله سُبْحَانَهُ فِي آخرِ آيةِ الرَّعدِ السَّابقةِ: ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾ [الرعد: 26]

دليلٌ على قِصَرِ عُمر الدُّنيا، وقلّةِ خَطَرِها بالنسبةِ للآخرة كما قال صلى الله عليه وسلم: "وَمَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ أُصْبُعَهُ فِي اليَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ"

رواه مسلم (2858) عن المستورد بن شداد.

وقال: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96].

وقال جل شأنه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، أي: مِنْ جهةٍ لا تخطر ببالهِ.

وقال سبحانه: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16].

وتَأَذَّنَ بالزيادةِ لمَنْ شَكَر: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7].

9- والعكسُ صحيحٌ أيضًا؛ فإنَّ المعصيَةَ تنقصُ الرِّزقَ والبركَةَ، لأن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعتِه

قال سبحانه: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].

قيل: الفسادُ فِي البَرِّ القَحْطُ وقلَّةُ النباتِ وذَهَابُ البركةِ، والفسادُ فِي البحر انقطاعُ صيدِهِ بِذنوبِ بني آدمَ.

وقيل: هو كسادُ الأسعارِ وقلَّةُ المَعاشِ.

8- إِنَّ تقوى اللهِ وطاعتَهُ سببٌ عظيمٌ للرِّزقِ والبَركَةِ فيه

قال سُبحانه عن أهل الكتابِ: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾ [المائدة: 66].

وقال: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96].

وقال جل شأنه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، أي: مِنْ جهةٍ لا تخطر ببالهِ.

وقال سبحانه: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16].

وتَأَذَّنَ بالزيادةِ لمَنْ شَكَر: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7].

9- والعكسُ صحيحٌ أيضًا؛ فإنَّ المعصيَةَ تنقصُ الرِّزقَ والبركَةَ، لأن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعتِه

قال سبحانه: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].

قيل: الفسادُ فِي البَرِّ القَحْطُ وقلَّةُ النباتِ وذَهَابُ البركةِ، والفسادُ فِي البحر انقطاعُ صيدِهِ بِذنوبِ بني آدمَ.

وقيل: هو كسادُ الأسعارِ وقلَّةُ المَعاشِ.

10- أعظمُ رزقٍ يَرْزُقُ اللهُ به عِبادَهُ هو (الجَنَّةُ) التي أَعدَّها اللهُ لعبادِهِ الصالحين، وخلق فيها ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أُذنٌ سمِعَتْ، ولا خَطَرَ على قلبِ بشرٍ.

وكلُّ رزقٍ يَعِدُ اللهُ به عبادَهُ الصالحين فِي القرآن فغالبًا ما يُراد به الجَنَّةُ

كقوله تعالى: ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [سبأ: 4]

وقوله: ﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [الحج: 58].

وقوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﴾ [الطلاق: 11].

فهو أحسنُ الرِّزقِ وأكملُه وأفضلُه وأكرمهُ، لا ينقطعُ ولا يزولُ ﴿ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴾ [ص: 54].

اللهم ارزْقنا جَنَّتَكَ ورِضْوانَك وأنتَ خَيْرُ الرَّازقين.









رد مع اقتباس