في حكم الصلاة على الميِّت في المسجد
الشيخ فركوس حفظه الله
".... فالغالبُ على هديه صلَّى الله عليه وسلَّم في صلاة الجنازةِ إيقاعُه لها في موضعٍ خارجٍ عنِ المسجد مُعَدٍّ للصلاة على الجنائز، وهو المعروفُ ﺑ «مصلَّى الجنائزِ»، وقد كان لاصقًا بمسجد النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ جهةِ الشرق، ويشهد لذلك جملةٌ مِن الأحاديثِ الصحيحة المُثْبِتَةِ لذلك، ولا يخفى أنَّ هَدْيَه صلَّى الله عليه وسلَّم هو الأفضلُ.
لكنَّ هذه الأفضليةَ لا تمنع مِن مشروعية الصلاةِ على الجنازة داخِلَ المسجد لِما رواهُ مسلمٌ وغيرُه أنَّ عائشة رضي الله عنها قالَتْ: «وَاللهِ، لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ: سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ» [وفيه قصَّةٌ](١).
أمَّا حديثُ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ»(٢) فلا يُنافي حديثَ عائشةَ رضي الله عنها؛ لأنَّ النفي فيه لأجرٍ خاصٍّ بصلاة الجنازة في المسجد، لا نفيُ أجرِ الصلاة عليها مطلقًا.
وعليه، فحديثُ عائشة رضي الله عنها يُفيدُ جوازَ صلاةِ الجنازة في المسجد، والأفضلُ أَنْ تكونَ خارِجَ المسجدِ في المصلَّى ـ كما تَقدَّمَ ـ، وممَّا يُقَوِّي المشروعيةَ صلاةُ عُمَرَ بْنِ الخطَّابِ رضي الله عنه على أبي بكرٍ رضي الله عنه في المسجد، وصلاةُ صُهَيْبٍ على عمرَ رضي الله عنه في المسجد ـ أيضًا ـ."
موقع الشيخ