منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - السيرة النبوية.. سؤال وجواب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-02-18, 04:42   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ولا شك أن عدم تمحيص المؤرخين للأخبار كما فعلوا في الحديث، واكتفاءهم بإلقاء العهدة على الرواة المذكورين في أسانيد الروايات ألقى عبئاً كبيراً على "المؤرخ المعاصر المسلم" لأنه يحتاج إلى بذل جهد ضخم للوصول إلى الروايات الصحيحة بعد فهم وتطبيق منهج المحدثين، وهو أمر لم يعد سهلاً ميسوراً كما كان بالنسبة لخليفة بن خياط، أو الطبري، بسبب تضلعهم في مناهج المحدثين، وطريق سبرهم للروايات وتمييزها، وعلى أية حال فنحن لا نبخس قدامى المؤرخين حقهم وفضلهم، فقد جمعوا لنا المادة الأولية بالأسانيد التي تمكننا من الحكم عليها ولو بعد جهد وعناء.

والآن ماذا بعد سبر الروايات وتمييز صحيحها من سقيمها؟

المطلوب اعتماد الروايات الصحيحة وتقديمها، ثم الحسنة، ثم ما يعتضد من الضعيف لبناء الصورة التاريخية لأحداث المجتمع الإسلامي في عصر صدر الإسلام ....

وعند التعارض يقدم الأقوى دائماً ...

أما الروايات الضعيفة التي لا تقوى أو تعتضد فيمكن الإفادة منها في إكمال الفراغ الذي لا تسده الروايات الصحيحة والحسنة، على ألا تتعلق بجانب عقدي أو شرعي، لأن القاعدة "التشدد فيما يتعلق بالعقيدة أو الشريعة" .

ولا يخفى أن عصر السيرة النبوية والخلافة الراشدة ملئ بالسوابق الفقهية، والخلفاء الراشدون كانوا يجتهدون في تسيير دفة الحياة وفق تعاليم الإسلام، فهم موضع اقتداء ومتابعة فيما استنبطوا من أحكام ونظم لأقضية استجدت بعد توسع الدولة الإسلامية على أثر الفتوح.

أما الروايات التاريخية المتعلقة بالعمران، كتخطيط المدن، وريازة الأبنية، وشق الترع ... أو المتعلقة بوصف ميادين القتال ، وأخبار المجاهدين الدالة على شجاعتهم وتضحيتهم : فلا بأس من التساهل فيها.

وقد تعقب ابن حجر العسقلاني إنكار بعض النقاد لخبر غريب فقال: "في طرق هذه القصة القوي والضعيف، ولا سبيل إلى رد الجميع، فإنه ينادي على من أطلقه بقلة الاطلاع، والإقدام على رد مالا يعلمه، لكن الأولى أن ينظر إلى ما اختلفت فيه بالزيادة والنقص، فيؤخذ بما اجتمعت عليه ، ويؤخذ من المختلف ما قوي، ويطرح ما ضعف وما اضطرب، فإن الاضطراب إذا بَعُد به الجمع بين المختلف، ولم يترجح شيء منه : التحق بالضعيف المردود" [العُجاب]

لا شك أن اشتراط الصحة الحديثية في كل رواية تاريخية نريد قبولها : فيه تعسف، لأن ما تنطبق عليه هذه الشروط لا يكفي لتغطية العصور المختلفة للتاريخ الإسلامي، مما يولد فجوات في تاريخنا، وإذا قارنا ذلك بتواريخ العالم ، فإنها كثيراً ما تعتمد على روايات مفردة أو مؤرخين مجهولين، بالإضافة إلى ذلك فهي مليئة بالفجوات ..

لذلك يكفي في الفترات اللاحقة : التوثق من عدالة المؤرخ ، وضبطه لقبول ما يسجله، مع استخدام قواعد النقد الحديثي في الترجيح عند التعارض بين المؤرخين" انتهى باختصار من " السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية" (1/ 39-45)

والله أعلم.









رد مع اقتباس